الأخبار الكاذبة ونقص الخبرة يجبران «فيسبوك» على هجر زاوية الأخبار... فما البديل؟

في عام 2016 قررت إدارة «فيسبوك» الاستغناء عن خدمات فريق المحررين والاستعاضة بدلا منهم بالذكاء الاصطناعي
في عام 2016 قررت إدارة «فيسبوك» الاستغناء عن خدمات فريق المحررين والاستعاضة بدلا منهم بالذكاء الاصطناعي
TT

الأخبار الكاذبة ونقص الخبرة يجبران «فيسبوك» على هجر زاوية الأخبار... فما البديل؟

في عام 2016 قررت إدارة «فيسبوك» الاستغناء عن خدمات فريق المحررين والاستعاضة بدلا منهم بالذكاء الاصطناعي
في عام 2016 قررت إدارة «فيسبوك» الاستغناء عن خدمات فريق المحررين والاستعاضة بدلا منهم بالذكاء الاصطناعي

ستتخلى شركة «فيسبوك» عن نشرات الأخبار السريعة (Trending News) من على صفحاتها، وتتعاون بدلا منها مع عدد من شركات النشر المتخصصة لكي تتولى المهمة بعد تحديث المحتوى والتأكد من صحته وإضافة أخبار بالفيديو.
وقالت الشركة بأن الإطار الحالي لتقديم نشرات أخبار سريعة على المنصة، والذي بدأته منذ أربع سنوات لم يعد يساير العصر وأن الإقبال عليه من مستخدمي الموقع أضحى ضعيفا ويتراجع. كما أن الموقع تسبب في بعض المشاكل للمؤسسة بعد تسرب بعض الأنباء الكاذبة إليه. كما وجهت إليه اتهامات بأنه لا يعتمد الحياد السياسي كما يجب. ومن الواضح أن عوامل مثل نقص الخبرة الإعلامية والاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي كانت من أسباب عدم جاذبية الموقع ما أدى في النهاية إلى إغلاقه.
وكان الموقع قد بدأ الخدمة في عام 2014 تحت اسم «تريندنغ» كقائمة من العناوين تظهر على جانب الصفحة الرئيسية وكان الهدف منها جذب قراء «تويتر» بتوفير خدمة أخبار سريعة لهم. وكان من بين الأخبار التي نشرت في العام الأول للخدمة انتحار الممثل روبن ويليامز وانتشار مرض الإيبولا ونتائج مباريات كأس العالم حينذاك.
وابتكر «فيسبوك» هذه الخدمة بعد وعد مؤسس الشركة مارك زوكربرغ بأن يحول «فيسبوك» إلى صحيفة شخصية للمستخدمين. ولكن المناخ قبل أربع سنوات لم يكن يعرف معضلات لاحقة مثل الأخبار الكاذبة وتأثير جهات أجنبية على الانتخابات الأميركية.
وبدأت مشاكل قسم الأخبار السريعة على «فيسبوك» في عام 2016 عندما اتهم المحافظون في أميركا الموقع بالانحياز ضدهم بسبب بعض التعليقات التي وردت في تقرير كتبه متعاقد سابق مع «فيسبوك». وذكر المتعاقد أن «فيسبوك» يتجاهل أخبار المحافظين ويركز أكثر على أخبار «الليبراليين».
وفي نهاية عام 2016 قررت إدارة «فيسبوك» الاستغناء عن خدمات فريق المحررين العاملين في قسم الأخبار السريعة والاستعاضة بدلا منهم بنظام إلكتروني يعتمد على الذكاء الاصطناعي من أجل التخلص من اتهامات الانحياز.
ولكن بدلا من توازن التغطية الإخبارية لجأ النظام الإلكتروني إلى اختيار الأخبار التي تلقى أكبر عدد من القراء عليها، حتى لو كانت المعلومات غير صحيحة. وكان من الواضح أن الاعتماد على أنظمة إلكترونية أو «سوفتوير» ذكاء اصطناعي من شأنه أن يرتكب أخطاء محرجة وقد تكون خطيرة في تداعياتها.
وفي عام 2017. حاولت إدارة «فيسبوك» إصلاح الوضع في قسم الأخبار السريعة بنشر الأخبار التي ترد في وكالات الأنباء ووسائل الإعلام المعتمدة فقط. واعتمدت الأخبار على أكثر من مصدر حتى تتجنب تماما الأخبار الكاذبة ذات المصدر الواحد. واستنتجت الشركة أن محاولات إصلاح قسم الأخبار السريعة لا يستحق عناء الموارد التي يستهلكها خصوصا مع ضعف الإقبال عليه. فقررت إنهاء هذه الخدمة ومنح مؤسسات إعلامية متخصصة المجال لكي تقدم الأخبار السريعة بالأسلوب المناسب والجذاب الذي تراه.
يدرس «فيسبوك» حاليا خدمات جديدة بالتعاون مع مؤسسات إخبارية وصحف يومية بحيث تنشر هذه الجهات الأخبار الحديثة الخاصة بها تحت عناوينها لكي يعرف القراء مصدرها. كما تريد إدارة «فيسبوك» منح الأخبار المحلية أهمية أكبر.
وتدرس إدارة «فيسبوك» إمكانيات التعاون مع 80 ناشرا للأخبار منها «واشنطن بوست» التي سوف تسمح لها باستخدام إشارات حمراء على أخبارها تدل على أنها أخبار ساخنة. وسوف تكون المؤسسات الإعلامية التي تقدم خدمة الأخبار مقابل الانتشار الواسع على «فيسبوك»، مسؤولة عن صحة أخبارها. وبالتالي تأمل إدارة «فيسبوك» بأن ينتهي صداع الأخبار الكاذبة.
وقال رئيس قطاع الأخبار في «فيسبوك» أليكس هارديمان بأن المؤسسة ما زالت ملتزمة بتقديم الأخبار فوريا ولكن بدلا من أن يقوم جهاز المؤسسة بالإشراف على هذه الأخبار سوف تترك المهمة لجهات محترفة لنشر الأخبار بمعرفتها. ويشير مركز «بيو» للأبحاث أن نسبة 44 في المائة من البالغين يحصلون على بعض أو كل الأخبار من «فيسبوك».
وفي جانب الاهتمام بالأخبار المحلية بدأ «فيسبوك» في نشر ركن اسمه «توداي إن» يوفر جولة عن أهم الأحداث المحلية بالتعاون مع ناشري الصحف المحلية. وتمت تجربة الفكرة في 30 منطقة محلية في أميركا قبل تعميمها. وقال هارديمان بأن الهدف هو رفع شأن الأخبار المحلية لكي تكون جذابة للقراء.
أيضا سوف يتم تمويل أخبار فيديو ينتجها ناشرون محترفون بحيث تكون حصرية لصالح «فيسبوك». وسوف تبدأ هذه الخدمة الجديدة خلال أشهر قليلة وفقا للمؤسسة.


مقالات ذات صلة

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

العالم شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
العالم انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)

عطل يضرب تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام»

أظهر موقع «داون ديتيكتور» الإلكتروني لتتبع الأعطال أن منصتي «فيسبوك» و«إنستغرام» المملوكتين لشركة «ميتا» متعطلتان لدى آلاف من المستخدمين في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق تامونا موسيريدزي مع والدها (صورة من حسابها على «فيسبوك»)

بعد 40 سنة... سيدة تكتشتف أن والدها الحقيقي ضمن قائمة أصدقائها على «فيسبوك»

بعد سنوات من البحث عن والديها الحقيقيين، اكتشفت سيدة من جورجيا تدعى تامونا موسيريدزي أن والدها كان ضمن قائمة أصدقائها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»

«الشرق الأوسط» (تبليسي )
العالم رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (رويترز)

أستراليا تقر قانوناً يحظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم أقل من 16 عاماً

أقر البرلمان الأسترالي، اليوم (الجمعة) قانوناً يحظر استخدام الأطفال دون سن الـ16 عاما لوسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما سيصير قريباً أول قانون من نوعه في العالم.

«الشرق الأوسط» (ملبورن)
العالم يلزم القانون الجديد شركات التكنولوجيا الكبرى بمنع القاصرين من تسجيل الدخول على منصاتها (رويترز)

أستراليا تحظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً

أقرت أستراليا، اليوم (الخميس)، قانوناً يحظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.