النقد في العراق... أجراس الحضور وأسرار الغيبة

أكثر ما كان يعول عليه الشعراء

بدر شاكر السياب - عبد الوهاب البياتي - شجاع العاني - علي جواد الطاهر
بدر شاكر السياب - عبد الوهاب البياتي - شجاع العاني - علي جواد الطاهر
TT

النقد في العراق... أجراس الحضور وأسرار الغيبة

بدر شاكر السياب - عبد الوهاب البياتي - شجاع العاني - علي جواد الطاهر
بدر شاكر السياب - عبد الوهاب البياتي - شجاع العاني - علي جواد الطاهر

تحدثنا في مقالة سابقة نشرتها صحيفة «الشرق الأوسط» عن أهمية النقد الأدبي، شبهّت فيها بعض النقاد الأدبيين بالملحنين الموسيقيين، الذين يخرج من عباءتهم الفنانون، بحيث ارتبط بعض الفنانين ببعض الملحنين مثل ارتباط المطرب عبد الحليم حافظ بالملحن بليغ حمدي في مصر، وفي العراق ارتبط الملحن طالب القرغولي بالمطرب ياس خضر، ومحمد جواد أموري بحسين نعمة، ومحسن فرحان بالمطرب قحطان العطار، وهكذا نجد نوعاً من المتلازمة التي تربط بين نوعين إبداعيين.
وحين نعكس هذا الأمر على النقد الأدبي، والشعر أو السرد، تذهب الذاكرة بنا إلى متلازمة الناقد إحسان عباس، وبدر شاكر السياب والبياتي، فقد كتب عن كل واحد منهما كتاباً مستقلاً، وهما لم يطبعا إلا عملاً أو عملين شعريين، ولكن كتابته شكلت جوازاً للعبور عربياً، ونذكر ما كتبه الدكتور شجاع العاني عن القاص محمد خضير، حيث عُدّت كتابته فاتحة مهمة لانطلاق محمد خضير قاصّاً عراقياً، ومن ثم عربياً، حظي بمباركة نقدية مهمة، ولدينا نموذج آخر، وهو الكتابة عن الجيل كاملاً، فقد كتب حاتم الصكر كتابه «مواجهات الصوت القادم»، وهو كتاب مخصَّص عن الجيل السبعيني في العراق، حيث أخذ نماذج من معظم شعرائه، وكتب عنهم واحداً واحداً، مما شكّل مدخلاً رئيسياً لهؤلاء الشعراء، الذين لم يكتمل عودهم في وقتهم، ولكن كتابة الناقد هي التي أخرجتهم للضوء أو أسهمت بإخراجهم.
وقد سبقه وبالطريقة ذاتها كتاب مشترك لفاضل ثامر وياسين النصير «معالم في الطريق» عن القصص العراقي في جيل الستينات، وهو كتاب عرَّف الوسط الثقافي بأن جيلاً قصصياً قادماً من خلال هذا الكتاب المشترك، وهذا ما فعله علي جعفر العلاق في جمعه لبعض الشعراء وكتابة مقدمة ودراسة طويلة عنهم، وكذلك صنع طراد الكبيسي ومحمد الجزائري، ونقاد آخرون.
إنّ هذه الطريقة في الكتابة هي أشبه بالسنة النقدية التي يشعر النقاد إزاءها بالمسؤولية، فكل جيل يظهر وينتشر ويبدأ بالتشكل، تكون مسؤولية تشذيبه مناطة بالنقاد الذين عليهم أنْ يقولوا كلمة الفصل في اندفاعات الشباب، وهذا ما نفتقد معظمه هذه الأيام.
الطريقة الأخرى التي كانت سائدة هي كتابة المقالات النقدية في الصحف العراقية، وهي ظاهرة مهمة جداً، حيث يتابع النقاد ما يكتبه الشعراء، أو القصاصون، أو الروائيون، فيرون نتاجهم في عيون النقد العراقي، وهو جزء من الاعتراف بهم أولاً، والجزء الآخر الالتفات للمشروع الفني، من خلال التصحيحات الرصينة التي ينبه لها هؤلاء النقاد.
وما زلتُ أذكر المقالة التي كتبها الناقد الراحل عبد الجبار داود البصري عن ديوان الشاعر عماد جبار «وكانت هناك أغانٍ» 1998 على ما أذكر، وقد كان أول ديوان يُطبع بين مجموعتنا الشبابية آنذاك.
إن تلك اللحظة واحدة من اللحظات المهمة بالنسبة لعماد جبار ولنا أيضاً، إنها لحظة اعتراف مختلفة من ناقد كرَّس جل اهتمامه لجيل «الريادة» ونتاجهم، وإذا به يكتب عن شاب لم يطبع إلا عملاً واحداً، وهذا ما فعله الناقد الراحل د. علي جواد الطاهر مع الشاعر وليد الصراف حيث كتب مقالة مهمة، وتبشيرية، بوليد من خلال نصٍّ واحدٍ قرأه له.
وهنا أتذكر جيداً أواسط التسعينات، عندما كان يطبع الشعراء الشباب آنذاك مجموعاتهم الشعرية، بطريقة الاستنساخ، وهي طريقة انتشرت أيام الحصار على العراق في تسعينات القرن الماضي، فما على الشباب إلا أن يطبعوا مجموعاتهم في «مكاتب الاستنساخ»، بطريقة بسيطة، وإلى الآن تحتفظ مكتبتي بعدد لا بأس به من كتب أصدقائي المطبوعة بطريقة الاستنساخ في ذلك الوقت، لأن لها قيمة تاريخية وفنية أيضاً.
أعود إلى الأصدقاء الذين كانوا يطبعون أعمالهم البسيطة من «قصيدة النثر» في الاستنساخ، كانوا ينتظرون بشغف عجيب ما يكتبه الناقد والشاعر خالد علي مصطفى على صفحات جريدة «الثورة»، حيث تكفَّل بمراجعة هذه الأعمال نقدياً، علماً بأنَّ له موقفاً مضاداً في معظم ما كتب عن منجز هؤلاء الشباب، ولكن للأمانة كان الشعراء ينتظرون بلهفة مقالاته! ويتداولونها كمنشور إيماناً منهم بأهمية الكتابة النقدية، وأنه على الرغم من حدة قلمه فإنه كان يفتح لهم بوابة الاعتراف، والدخول لهذا الوسط الصلد في ذلك الوقت.
إنَّ الكتابة من النقاد هي أكثر ما كان يعول عليه الشعراء، لأن الشعراء على ما يبدو لا يكتبون عن بعضهم البعض، بل لا يعترفون ببعضهم، لذلك ينتظر الشعراء كلمة الفصل من النقاد، حتى إن هناك مقولة متداولة هي أقرب إلى الضحك تُروى عن الشاعر خزعل الماجدي، يقول فيها: «إننا أبناء الجيل السبعيني وصلت أعمارنا وتعدت الخمسين عاماً، وما زال الشاعر الستيني حميد سعيد يسمينا بـ(الشعراء الشباب)!»، والشعراء الشباب هي كلمة تصغيرية على ما يبدو ومصادرة للمنجز الذي يكتبه هؤلاء الشعراء، لذلك فعيونهم دائما باتجاه ما يكتبه النقاد لا الشعراء.
أما الآن، فيكاد يختفي ذلك الهاجس، وتنطفئ تلك الشهوة، شهوة المتابعة والكتابة عن كل جديد، وعلى ما يبدو فإن تعدد الصحف والمجلات، كان سبباً مهماً في هذا الاختفاء، لأن الكتابة سابقاً في عدد محدد من الصحف، يضمن لك آلاف القراء والمتابعين، وكذلك الرقابة الحادة، والصارمة، أشبه بالغربال، الذي لا ينشر إلا ما يصمد فيه، بينما هذه الأيام، نجد الصحف التي لا تُعد ولا تُحصى، كما أن «السوشيال ميديا» عوضت كثيراً ثقافة الصحف التقليدية، فتعددت منابع النشر ومنابره، وكل ذلك حوَّل عدداً كبيراً من النقاد إلى التقاعد عن الكتابة، واكتفوا بمراقبة المشهد الذي يظهر لهم فقط دون أن يكلفوا أنفسهم بمتابعة المشهد الثقافي، كما أن شهوة الشعراء في الكتابة عن منجزهم، انطفأت على ما يبدو فلم يعد الشعراء مشغولين كثيراً باعتراف النقاد، والإعلان عنهم، لأن صفحة واحدة في «فيسبوك»، وبإعلان ممول تتكفل بالوصول إلى مئات الآلاف من المتابعين.
السؤال هو، هل ستعوض «اللايكات» والتعليقات السريعة، ما كان يكتبه علي جواد الطاهر وعبد الجبار داود البصري؟



القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
TT

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

عاماً بعد عام وبدأب وطموح كبيرين يُثبت معرض فن أبوظبي مكانه في خارطة المعارض الفنية العربية، وهذا العام احتفل بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم في مقره بجزيرة السعديات الملتفة برداء الفنون. التجول في أروقة المعرض الفني يحمل الكثير من المتعة البصرية والفنية، نعيد مشاهدة أعمال لفنانين كبار، ونكتشف أعمالاً لم نرها من قبل لفنانين آخرين، ونكتشف في وسط ذلك النجوم الصاعدة. ولم يختلف الوضع هذا العام بل أضاف أقساماً جديدة ليستكشف الزائر من خلالها أعمالاً فنية بعضها عتيق وبعضها حديث، من الأقسام الجديدة هناك «صالون مقتني الفنون» و«فن جريء، فن جديد» و«طريق الحرير، الهويات المتبادلة» إضافة إلى معرض منفصل من مجموعة فرجام عن الفن الحديث والتحرر من الاستعمار سنعود له لاحقاً.

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

صالون مقتني الفنون

يُعد إضافة مميزة لنسخة هذا العام، ويعرض المخطوطات والأسطرلابات والتحف التاريخية والكتب النادرة بتنظيم من روكسان زند. نطلق الجولة من غرفة أنيقة حملت جدرانها خريطة ضخمة أحاط بها من اليمين واليسار قطعتان مثبتتان على الحائط، ونقرأ أنها كانت تُستخدم لحمل العمامة في العهد العثماني، في كوات حائطية نرى أطباقاً من الخزف أحدها يعود للقرن الـ16، ويصور فارساً عربياً على صهوة جواده، وفي أخرى إبريق ذهبي اللون يعود للعهد العثماني. في جناح «شابيرو للكتب النادرة» من بريطانيا نرى نسخاً من مصاحف تاريخية مزخرفة ومذهبة بجمال وحرفة لا تتخطاها العين، ما يجذب الزائر هو أن الكتب والمصاحف كلها في متناول اليد مفتوحة الصفحات ومنتظمة في عرض جميل.

مصاحف أثرية (الشرق الأوسط)

تستعرض القائمة على العرض بعض القطع المميزة، وتقول: «إنها المرة الأولى التي نشارك فيها في معرض أبوظبي. نعرض بعض المخطوطات والكتب النادرة من متجرنا في لندن، منها صفحة من مصحف بالخط الحجازي يعود للقرن السابع، وبعض المصاحف المصغرة أحدها يعود للقرن الـ19». وعن الأسعار تقول إنها تتراوح ما بين آلاف الدولارات لبعض اللوحات التي تعود لعهد الحملة الفرنسية على مصر، أما المصاحف فتتراوح أسعارها حسب تاريخها ونسبة مالكيها السابقين، كمثال تشير إلى نسخة تعود لبلاد فارس في القرن الـ16 سعرها 335 ألف دولار، وصحائف من القرآن تتراوح أسعارها ما بين 20 و30 ألف دولار. هنا أكثر من مثال للمصاحف المصغرة منها مصحف مكتوب بدقة متناهية بالذهب على أوراق خضراء اللون مشكلة على نحو ورق الشجر، وبجانبه نرى مصحفاً مصغراً آخر محفوظاً في علبة ذهبية تتوسطها عدسة مكبرة. الكتابة دقيقة جداً، وهو ما يفسر وجود العدسة المكبرة، تقول: «هذا المصحف ليس مكتوباً باليد مثل المصاحف الأخرى هنا، بل مطبوع من قبل دار نشر في غلاسكو في عام 1900 باستخدام تقنية جديدة للطباعة الفوتوغرافية. ومثل هذا النوع من المصاحف المصغرة كانت تطبع لاستخدام الجنود البريطانيين المسلمين في الحرب العالمية الأولى، وكانوا يرتدونها معلقة في قلائد كتعويذة، يقدر سعر المصحف بـ3.5 ألف دولار أما المصحف على هيئة ورقة الشجر فيقدر سعره بـ40 ألف دولار.

مصحف مصغر مطبوع في غلاسكو عام 1900

نمر على «غاليري آري جان» الذي يعرض لوحات المستشرقين من القرن الـ19، ومنها أعمال جاك ماجوريل، ثم نصل إلى جناح «كتب دانيال كاروش النادرة» الذي يعرض مكتبة تضم أكثر من 500 ألبوم صور تحتوي على صور تاريخية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعالم العربي الأوسع. هنا نرى مجموعة من الصور النادرة المكبرة معروضة على كامل الحائط، من ضمنها صور من الجزيرة العربية قديماً، بعضها لأشخاص مشهورين مثل الرحالة غيرترود بيل ولورانس العرب، وغيرها لأشخاص لا نعرف أسماءهم، نرى أيضاً صوراً للكعبة المكرمة وصوراً عامة لأشخاص يرتدون الزي العربي. في الصدارة مجموعة من المجلدات، يقول عنها المشرف على الجناح إنها المجموعة الكاملة التي تضم 33 ألف صورة من 350 ألبوماً، يقول: «إنَّ المجموعة تعود لسيدة من لندن تُدْعَى جيني ألزوث، وإنها جمعت الصور على مدى 25 إلى 30 عاماً. الشيء المثير للاهتمام في هذه المجموعة هو أنها تعبّر عن لمحات من الحياة اليومية في الجزيرة العربية التقطها زوار أوروبيون بريطانيون على مدار 130 عاماً».

صور تاريخية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعالم العربي

يضيف محدثنا أن الصور لم تنشر من قبل، «نأمل أن تقدم هذه الصور سرداً لتاريخ المنطقة لم يوثقه أحد من قبل»، ويقدر سعرها بمبلغ 2 مليون دولار.

ولفت جناح دار «كسكينار - كنت آنتيكس» الأنظار إليه بمجسم لحصان وضع عليه سرج صُنع للسلطان العثماني سليم الثالث (1789-1807) ومزين بـ1036 شكلاً مذهباً، منها أكثر من 500 نجمة فضية، وكل نجمة يصل وزنها إلى 11 غراماً تقريباً، ويصل سعر السرج إلى 3 ملايين دولار.

«فن جريء، فن جديد»

«فن جريء، فن جديد»، بإشراف ميرنا عياد، يعيد عرض أعمال لفنانين مهمين كان لهم أدوار محورية في تاريخ الفن في المنطقة. من خلاله تستعرض صالات من تونس ومصر وفلسطين ولبنان والمملكة العربية السعودية وإيران وفرنسا، مجموعة ملهمة من أعمال الفن الحديث لفنانين وفنانات رواد من أوائل الستينات، وحتى أوائل الثمانينات»، وفي هذا الإطار نستمتع بنماذج رفيعة لرواد أمثال إنجي أفلاطون من مصر ونبيل نحاس من لبنان وسامي المرزوقي من السعودية وغيرهم. الأعمال المعروضة في هذا القسم لها ألق خاص فهي تعيد فنانين حفروا أسماءهم في تاريخ الفنون في بلادهم، وفي الوطن العربي بعضهم انحسرت عنه أضواء السوق الفنية، وأعادها العرض مرة أخرى لدائرة الضوء.

عمل للفنانة المصرية إنجي أفلاطون (الشرق الأوسط)

في «غاليري ون» نرى أعمالاً للفنانة الأردنية الفلسطينية نبيلة حلمي (1940-2011)، يصف موقع المتحف الوطني الأردني أسلوب الفنانة الراحلة بأنه خليط من «الكولاج والألوان المائية والحبر الصيني. تتميز أعمالها الزيتية بشفافية حالمة وعفوية، فيها تجريد تعبيري يتسم بالغموض والنضج الفني». نرى هنا نماذج لأعمالها، ونتحدث مع المشرف على القاعة عنها، يقول إنَّ الفنانة لها أعمال في متاحف عالمية وعربية، ولكنها قليلة في السوق التجارية. الفنانة الثانية هي إميلي فانوس عازر (فلسطينية، مواليد الرملة عام 1949)، ويعرض لها الغاليري أكثر من عمل منها بورتريه لامرأة تنظر إلى الأمام بينما عقدت ذراعيها أمامها، العمل يجبر الزائر على التوقف أمامه والتأمل فيما يمكن أن تخفيه تلك المرأة خلف نظرتها الواثقة والعزيمة التي تنبعث منها.

بورتريه للفنانة إميلي فانوس عازر (الشرق الأوسط)

من مصر يقدم «أوبونتو آرت غاليري» المشارك للمرة الأولى عدداً من أعمال الفنان المصري إيهاب شاكر (1933-2017)، المألوفة للعين، فالفنان له خطوط مميزة رأيناها في أعمال الكاريكاتير التي نشرها في الصحف المصرية. يقول المسؤول عن الغاليري إن شاكر انتقل للعمل في مسرح العرائس مع شقيقه ناجي شاكر قبل أن يسافر إلى فرنسا في عام 1968 حيث عمل في مجال أفلام الرسوم المتحركة، ونال عدداً من الجوائز عن أحد أفلامه. تلفتنا تعبيرات شاكر التي تحمل عناصر شعبية مصرية يقول عنها محدثنا إنَّها تبعث البهجة، ويشير إلى أن الحس الموسيقي يميز أعمال الفنان أيضاً، ويظهر ذلك في الوحدة والتناغم بين العناصر، ويؤكد أن «لديه خطوطاً مختلفة عن أي فنان آخر».

من أعمال الفنان إيهاب شاكر (الشرق الأوسط)

 

في «غاليري بركات» من بيروت نجد مجموعة من الأعمال المتنوعة ما بين اللوحات والمنحوتات الخشبية والبرونزية، يتحدث معنا صالح بركات مالك الغاليري عن الأعمال المعروضة، ويبدأ بالإشارة لعمل ضخم من البرونز للفنان معتصم الكبيسي يمثل أشخاصاً يتهامسون: «يعكس خلفيات المسرح السياسي، الكل يتهامس، وما لا يقال قد يكون أكثر أهمية مما يقال». للفنان جوزف الحوراني منحوتات خشبية تحمل كتابات بالخط العربي، تنتظم ببراعة، وتتضافر في تشكيلات خشبية مدهشة تجعلنا ندور حولها، ونحاول قراءة الجمل المكتوبة، ومنها «مصائب قوم عند قوم فوائد» و«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ». «عبقرية!» يصفها صالح بركات، ويتحدث عن الخط العربي ونقله للعالم المعاصر: «أنا اليوم يعنيني أن نحافظ على تراثنا بطريقة عصرية. نريد أن نأخذ تراثنا للمستقبل».

من أعمال الفنان العراقي سيروان باران (الشرق الأوسط)

ينتقل إلى عملين للفنان سروان بهما الكثير من الحركة، نرى أشخاصاً يتحركون في اتجاهات مختلفة، يحملون حقائب وأمتعة، ليست حركة مرحة بل متعجلة، يعلق: «الفنان لا يتحدث فقط عمّن يرحل، بل أيضاً عمّن يعود، حالات ذهاب وعودة وضياع».

 

الفن السعودي حاضر

عبر مشاركات في «غاليري أثر» و«غاليري حافظ» نرى عدداً من الأعمال الفنية السعودية المميزة، فيعرض «غاليري أثر» مجموعة من أعمال الفنانة المبدعة أسماء باهميم تفيض بالحيوانات الأسطورية وقصص من الخيال مرسومة على الورق الذي تصنعه الفنانة بيدها. للفنانة باهميم هنا مجموعتان جذابتان: «ملاحظات في الوقت» و«فانتازيا». تستكشف الأخيرة الفروق الدقيقة والتعقيدات في سرد القصص. وتتعمق «ملاحظات في الوقت»، وهي سلسلة أحدث، في الفولكلور العربي، وتفحص الأدوار الجنسانية في الحكايات التقليدية وتأثيرها اللاحق على الهوية الثقافية.

من أعمال الفنانة أسماء باهميم (الشرق الأوسط)

كما يقدم «أثر» عدداً من أعمال رامي فاروق الفنية وسلسلة للفنانة سارة عبدو بعنوان «الآن بعد أن فقدتك في أحلامي، أين نلتقي». أما «غاليري حافظ» فيقدم صالتين تتضمنان أعمال مجموعة من الفنانين المعاصرين والحديثين، فيقدم عدداً من أعمال الفنان سامي المرزوقي تتميز بألوانها وخطوطها التجريدية. وفي قسم الفن المعاصر يعرض أعمال الفنانة بشائر هوساوي، التي تستمد فنونها من بيئتها الغنية وذاكرتها البصرية العميقة، باستخدام مواد طبيعية مثل النخيل، وتعبر عن موضوعات مثل الانتماء، والحنين، والهوية الإنسانية المتغيرة. بجانبها يستعرض سليمان السالم أعماله التي تتعمق في الطبيعة الزائلة للوجود. باستخدام تقنيات الطباعة العدسية والفيديو ووسائط أخرى، تستكشف أعماله التفاعل بين الشعور والإدراك والتواصل الإنساني.