تزايد المخاوف من فراغ دستوري في العراق

معصوم استضاف قادة الكتل لبحث الأزمة... والعبادي قاطع الاجتماع

صورة من موقع رئاسة جمهورية العراق للرئيس فؤاد معصوم خلال اجتماعه مع رئيس البرلمان وقادة الكتل السياسية أمس
صورة من موقع رئاسة جمهورية العراق للرئيس فؤاد معصوم خلال اجتماعه مع رئيس البرلمان وقادة الكتل السياسية أمس
TT

تزايد المخاوف من فراغ دستوري في العراق

صورة من موقع رئاسة جمهورية العراق للرئيس فؤاد معصوم خلال اجتماعه مع رئيس البرلمان وقادة الكتل السياسية أمس
صورة من موقع رئاسة جمهورية العراق للرئيس فؤاد معصوم خلال اجتماعه مع رئيس البرلمان وقادة الكتل السياسية أمس

في مسعى للخروج من شبح الفراغ الدستوري، الذي يمكن أن يعيشه العراق بعد الأول من الشهر المقبل، عقدت رئاستا الجمهورية والبرلمان العراقي اجتماعاً في مقر رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، حضره رئيس البرلمان سليم الجبوري ونوابه ونواب رئيس الجمهورية وعدد من أبرز قادة الكتل السياسية، بينما غاب رئيس الوزراء حيدر العبادي عن الحضور لمناقشة تداعيات الأزمة التي ترتبت على تصويت البرلمان بشأن تعديل قانون الانتخابات، بما في ذلك إعادة العد والفرز اليدوي وإلغاء أصوات الخارج والنازحين.
وقال بيان صادر عن الرئاسة، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنه «جرى خلال الاجتماع طرح نقاشات صريحة بشأن ظروف ونتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، والتعديلات القانونية التي أجراها مجلس النواب وما تبعها من إجراءات». كما أكد المجتمعون «أهمية العمل بشكل مسؤول وحثيث من أجل تطويق أي تداعيات، والحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني، واحترام أصوات الناخبين، والتقيد بالدستور والقوانين السارية، وتعزيز مبدأ الفصل ما بين السلطات، والحيلولة دون حدوث أي فراغ».
وأقر رئيس البرلمان بوجود خلافات بين المجتمعين بشأن ما اتخذه البرلمان من قرارات، سواء على مستوى بقاء الجلسة مفتوحة، ومن ثم تعديل قانون الانتخابات.
الجبوري، وبعد خروجه من الاجتماع، أقر بعمق الخلافات بين المجتمعين، لا سيما وأن الجبوري نفسه الذي خسر الانتخابات بفارق 76 صوتاً كان من أشد المدافعين عن دستورية ما اتخذه البرلمان من إجراءات. ففي تصريح له قال إن «وجهات النظر لم تكن متطابقة»، مبيناً في الوقت نفسه أهمية «احترام الإجراءات القانونية والتوجهات التي تم اعتمادها»، مستدركاً: «ولكن بالقدر الذي نحاول به الحفاظ على البناء الديمقراطي، نسعى ألا يؤدي ذلك إلى حالة من الفوضى والإرباك، لا نستطيع معالجتها». وأضاف الجبوري أنه «تم النقاش بشكل مستفيض بهذه المسائل، والتأني بإيجاد المخارج القانونية».
من جهته، فإن أمير الكناني، مستشار رئيس الجمهورية، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاجتماع الذي ترأسه رئيس الجمهورية ناقش ما صدر عن البرلمان من إجراءات لا بد من التوصل إلى حلول لها، ولما يمكن أن تتركه من آثار». وكشف أن «الاجتماع أقر بوجود مخالفات دستورية وضرورة التصدي لها، لا سيما أن الأطراف التي كانت سبباً في جزء من هذه المخالفات أقرت بها هي الأخرى، مع الإقرار بأن الجميع بات ينتظر الآن ما يمكن أن يصدر عن المحكمة الاتحادية العليا، خشية أن تدخل البلاد في فراغ دستوري».
وأوضح الكناني أن عملية العد والفرز، التي صدر بشأنها قانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات «سوف تأخذ وقتاً، وبالتالي فإننا حيال مشكلة دستورية وسياسية حيث إن الحكومة وحدها ممثلة برئاسة الوزراء هي التي سوف تبقى وحدها تتصرف بمصير البلاد، بلا حسيب ولا رقيب، وقد يستمر ذلك لبضعة شهور».
ورداً على سؤال بشأن عدم حضور العبادي الاجتماع الرئاسي، قال الكناني إن «مواقف العبادي باتت إلى حد كبير سلبية من رئاسة الجمهورية، برغم أن رئاسة الجمهورية تتعاطى معه بإيجابية»، مبيناً أن «هذه ليست هي المرة الأولى التي يغيب فيها العبادي عن اجتماعات مهمة من هذا النوع يحضرها كل قادة البلاد من الخط الأول».
إلى ذلك، أعلن نوري المالكي، نائب رئيس الجمهورية رئيس «ائتلاف دولة القانون»، التوصل لمجموعة من المقترحات والحلول بشأن نتائج الانتخابات خلال اجتماع أمس، مؤكداً أن إقرار هذه المقترحات والعمل بها يتطلب التفاهم مع مجلس النواب العراقي والمحكمة الاتحادية العليا. ونقلت شبكة «رووداو» الإعلامية عن المالكي تأكيده أنه «لا بد من إجراءات تصحيحية للانتخابات، لكن يجب أن تنتهي في مواعيدها المحددة من أجل أن ننتقل إلى إجراءات تشكيل الحكومة المقبلة». وتابع: «وصلنا إلى مجموعة مقترحات وحلول تحتاج إلى تفاهم مع القضاء ومجلس النواب والمحكمة الاتحادية لإقرارها والعمل بها».
ومن المنتظر البدء قريباً في عملية إعادة فرز وعدّ الأصوات يدوياً تحت إشراف القضاء، إلا في حال تم إبطال قرار البرلمان من قبل المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في البلاد.
يذكر أن تحالف «سائرون»، المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، حل في المرتبة الأولى في الانتخابات التي جرت في 12 مايو (أيار) الماضي بـ54 مقعداً من أصل 329، يليه تحالف «الفتح»، المكون من أذرع سياسية لفصائل «الحشد الشعبي»، بزعامة هادي العامري بـ47 مقعداً. وبعدهما جاء ائتلاف «النصر» بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي بـ42 مقعداً، بينما حصل ائتلاف «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي على 26 مقعداً.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.