ليبيا: حفتر يتهيأ لإعلان تحرير درنة قبل عيد الفطر

المتطرفون محاصرون في مساحة لا تزيد على كيلومتر مربع

مهاجرون مسلمون ينتظرون وجبة إفطار رمضان خارج أحد مراكز اعتقال المهاجرين غير الشرعيين في طرابلس (رويترز)
مهاجرون مسلمون ينتظرون وجبة إفطار رمضان خارج أحد مراكز اعتقال المهاجرين غير الشرعيين في طرابلس (رويترز)
TT

ليبيا: حفتر يتهيأ لإعلان تحرير درنة قبل عيد الفطر

مهاجرون مسلمون ينتظرون وجبة إفطار رمضان خارج أحد مراكز اعتقال المهاجرين غير الشرعيين في طرابلس (رويترز)
مهاجرون مسلمون ينتظرون وجبة إفطار رمضان خارج أحد مراكز اعتقال المهاجرين غير الشرعيين في طرابلس (رويترز)

بينما أعلنت القيادة العامة للجيش الليبي إحكام سيطرتها على منطقة شيحا الغربية في مدينة درنة، ومباشرة القوات تمشيطها من الألغام والعبوات الناسفة، قال بعض قادته إنهم باتوا يحاصرون المتطرفين على مساحة لا تزيد عن كيلومتر مربع واحد فقط. فيما قال مسؤول عسكري بارز لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «قوات الجيش اقتربت إلى حد كبير من وضع نهاية لأسطورة المتطرفين، الذين هيمنوا على المدينة بقوة السلاح خلال السنوات الماضية. وقائد الجيش المشير خليفة حفتر يتهيأ لإعلان تحرير كامل للمدينة قبل العيد».
وتعد منطقة شيحة الغربية من أهم مناطق مدينة درنة، وواحدة من آخر ثلاثة مناطق تبقت للجماعات «الإرهابية» المتحصنة بين السكان في أحياء شيحة الشرقية والمغار ووسط البلاد.
ونفى المسؤول العسكري الليبي لـ«الشرق الأوسط»، ما أشيع عن مشاركة قوات مصرية إلى جانب قوات الجيش الوطني الليبي في عملية تحرير درنة، وقال إن «هناك تنسيقاً وتعاوناً بين السلطات المصرية والجيش الوطني على أعلى مستوى، لكن لا صحة لما يشاع عن وجود قوات مصرية مطلقاً داخل مدينة درنة»، معتبراً مشاركة طرف عربي أو أجنبي مجرد «شائعات تطلقها جماعة الإخوان والمتطرفون لتشويه الإنجاز الذي يحققه الجيش، والتشويش على النصر الذي يقترب إعلانه».
في غضون ذلك، كشف الهلال الأحمر في درنة عن انتشال 9 جثامين مجهولة الهوية، تم دفنها في مقبرة الفتائح، قبل أن يعلن عن تخصيص عدد من الأرقام الهاتفية للطوارئ لمساعدة المدنيين الراغبين في مغادرة المدينة، بسبب توسع دائرة الاشتباكات.
وأعرب رضا العوكلي، وزير الصحة في الحكومة الموالية للجيش، لـ«الشرق الأوسط»، عن مخاوفه من لجوء المتطرفين إلى الأنفاق مؤقتاً للهروب من حملة الجيش، قبل أن يعاودوا شن هجمات إرهابية مميتة، مضيفاً أن «المتطرفين حفروا شبكة من الأنفاق في الجبال المجاورة، وخزنوا فيها من السلاح والعتاد ما يكفيهم للدمار»، معتبراً أن نهاية التطرف في درنة قد يتطلب سنوات من الصراع والتضحية، على حد قوله.
في المقابل، أعربت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن قلقها العميق إزاء المخاطر المتزايدة التي يتعرض لها السكان في درنة، بعد أن اشتد القتال في الأيام الأخيرة عقب استيلاء مجموعة الجيش الوطني الليبي على المدينة المكتظة بالسكان.
وأشارت إليزابيث ثروسيل، المتحدثة باسم المفوضية، إلى تزايد ادعاءات بأن المدنيين تعرضوا للاحتجاز التعسفي، بينما منع آخرون من مغادرة المدينة. وقالت إن الحالة الإنسانية في درنة، البالغ عدد سكانها نحو 125 ألف نسمة، تتعرض للتدهور بسبب نقص الغذاء والماء والدواء. كما تم إغلاق المستشفى الوحيد في المدينة.
وحثت ثروسيل جميع أطراف النزاع في درنة، بما في ذلك الجيش الوطني الليبي وقوة حماية درنة، على اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدنيين، داعية إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية وغيرها دون عوائق إلى المدينة.
من جهتها، أعلنت الحكومة الانتقالية التي تدير الأمور من داخل المنطقة الشرقية أن عميد بلدية درنة سيمارس مهامه قريباً من داخل المدينة. وقال محمد المهدي، وزير الحكم المحلي بالحكومة، إنه دعا عميد بلدية درنة عبد المنعم الغيثي إلى مباشرة عمله فوراً من داخل المدينة بعد تحرير معظم أحيائها من الجماعات الإرهابية، لافتاً إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار عمل الحكومة على إعادة الحياة المدنية، وتوفير كافة الخدمات لمختلف القطاعات الحكومة والخدمية في بلدية درنة، بما يكفل تذليل العقبات والصعوبات، التي عاناها السكان طيلة سيطرة الجماعات الإرهابية على المدينة.
إلى ذلك، كشفت وزارة الخارجية الفرنسية النقاب عن أن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بفرض عقوبات على أشخاص تورطوا في الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين في ليبيا، جاء بناء على مبادرة فرنسية.
وشملت العقوبات ستة ليبيين سيتم تجميد أموالهم، وفرض حظر سفر عليهم من قبل كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بشكل فوري، وذلك في سابقة هي الأولى من نوعها التي تفرض فيها الأمم المتحدة عقوبات ضد متاجرين بالبشر.
ومن جهته، قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، إن بلاده استطاعت مع شركائها تأمين اتفاق في مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات ضد ستة أشخاص رئيسيين متورطين بالاتجار بالبشر في ليبيا، مشيراً هو الآخر إلى أن القرار جاء استناداً إلى جهود بدأتها المملكة المتحدة نهاية العام الماضي، بعد ورود أنباء عن عقد مزادات للاتجار بالرقيق في ليبيا.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.