تغييرات في إثيوبيا ومصالحة مع إريتريا وزيارة لمصر

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال زيارته نيروبي الشهر الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال زيارته نيروبي الشهر الماضي (رويترز)
TT

تغييرات في إثيوبيا ومصالحة مع إريتريا وزيارة لمصر

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال زيارته نيروبي الشهر الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال زيارته نيروبي الشهر الماضي (رويترز)

أصدر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، خلال الأيام الماضية، قرارات مهمة، تضمنت إقالة أقوى رجلين في الائتلاف الحاكم، وهما قائدا الجيش والمخابرات، وأعلن قبول ترسيم الحدود مع جارته إريتريا وتطبيع علاقات بين البلدين، بعد عقدين من الحرب والجفاء، ويقوم اليوم بزيارة مفاجئة للعاصمة المصرية القاهرة، ما لفت الأنظار إلى أن هناك سياسات جديدة تتشكل في إثيوبيا، داخلياً وإقليمياً.
فقد فاجأ آبي أحمد المراقبين أول من أمس، بتعيين سيري ميكونن قائداً للجيش بديلاً لسامورا يونس، وقائد القوات الجوية آدم محمد رئيساً لجهاز الاستخبارات والأمن الوطني خلفاً لغيتاتشو أسافا، اللذين ظلا في منصبيهما الحساسين لعقود دون تغيير. قرار الإطاحة بأقوى رموز الحرس القديم، كما يراه الخبير في شؤون القرن الأفريقي عبد المنعم أبو إدريس، هو محاولة من الرجل لإحكام سيطرته على الأوضاع عن طريق الإتيان بقيادات جديدة تنسجم مع خطواته الإصلاحية.
ويقول في إفادته لـ«الشرق الأوسط»: «القرارات بإطلاق المعتقلين، وبدء التفاوض مع المعارضة، واتخاذ خطوة تصالحية مع الجارة إريتريا التي تعد أعدى أعداء إثيوبيا، كلها تؤشر إلى حاجة إثيوبية لقيادات عسكرية وأمنية جديدة، تنسجم مع التوجه السياسي لرئيس الوزراء». ويتابع: «هناك بعض مكونات التحالف الحاكم لا توافق بنسبة مائة في المائة على الخطوات التي اتخذها آبي أحمد، وهي تملك مراكز نفوذ داخل الأجهزة الأمنية يمكن أن توظفها في معارضة هذا التوجه، لذلك أقدم آبي أحمد على إقالة الرجلين».
ويقطع أبو إدريس بأن إطلاق برنامج الإصلاح وبناء الثقة بين أجهزة الحكم والشعوب الإثيوبية، يجعل من الإتيان بقيادات جديدة قضية جوهرية.
يذكر أن آبي أحمد كان قد قطع بعد توليه المنصب في أبريل (نيسان) الماضي، بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية، مستجيباً لمطالب الاحتجاجات التي شهدتها بلاده منذ 2015، أطلق بموجبها سراح معتقلين سياسيين، وأعلن عن بادرة تصالحية أسقط بموجبها التهم عن زعيم حركة «قنبوت سبات» المعارضة برهانو نيقا، التي كانت تصنفها الحكومة الإثيوبية «حركة إرهابية».
ونقلت تقارير صحافية أن أحمد ومنذ توليه الحكم بدأ تحركات جدية لتغيير رموز في التحالف الحاكم، والعمل على ضخ دماء جديدة بديلاً للقيادات التي أججت السخط الشعبي مطالباً بتغييرها، وكان إعلانه الجمعة، إطاحة قائد الجيش سامورا يونس، بسيري ميكونن، وإطاحة رئيس جهاز المخابرات والأمن جيتاتشو أسافا، وتعيين قائد القوات الجوية آدم محمد بديلاً عنه مفاجأة كبيرة للمراقبين.
وعلى الرغم من آبي أحمد لم يقدم أي تفسيرات للقرارات التي اتخذها وأطاح بموجبها بيونس وأسافا، اللذين ظلا في منصبيهما لقرابة عقدين من الزمن، فإن التحليلات الصحافية اللاحقة اعتبرت القرار خطوة باتجاه تحقيق وعود قطعها الرجل قبل توليه المنصب، استجابة لمطالبات المحتجين في المظاهرات التي بدأت منذ عام 2015.
على المستوى الإقليمي، فإن دعوة آبي أحمد لإنهاء التوتر بين بلاده وإريتريا وتعزيز العلاقات بين الجارتين، وتنفيذ اتفاقية السلام الإثيوبية - الإريترية، وتطبيق قرارات لجنة التحكيم بشأن النزاع الحدودي مع إريتريا. وأنهت اتفاقية الجزائر 2000 الحرب بين إثيوبيا وإريتريا (1998 – 2000)، ودعت لعدم اللجوء إلى القوة، وأقرت تكوين مفوضية من 5 قضاة دوليين لترسيم حدود الدولتين قضت بتبعية المنطقة المتنازعة المعروفة بـ«مثلث بادمي» لإريتريا، لكن أديس أبابا لم تنفذ القرار.
وفي هذا الصدد، نقلت التقارير عن أحمد قوله: «إثيوبيا تتحمل مسؤولية الحفاظ على السلام في المنطقة، ومن الضروري توحيد الشعبين الإريتري والإثيوبي عبر تعزيز العلاقات بين البلدين، وإنهما لم يحققا أي مكاسب من العلاقات المتوترة». ويقول الكاتب محمد الدابولي في دراسة نشرها مركز البديل للتخطيط والدراسات الاستراتيجية، إن المساومات التي أتت بآبي أحمد لرئاسة الوزارة تثير أسئلة كثيرة، من بينها ما إن كانت اختيارات الرجل امتداد طبيعي للسياسات التي أرسى دعائمها رئيس الوزراء السابق ملس زيناوي، أم أنه يحمل رؤى جديدة حول مستقبل السياسة الإثيوبية.
ويضيف: «لكونه أول رئيس وزراء إثيوبي من عرقية الأورومو ذات الأغلبية، فإن اختياره يضع السياسة الإثيوبية الداخلية والخارجية أمام محكات وتحديات كبيرة وحقيقية»، يقع في مركز القلب منها ملف «النزاع على سد النهضة» الذي يتوقع أن يبحثه الرجل بتعمق مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مباحثاتهما التي تجري اليوم.
وفي هذا المنحى يرى الخبير بشؤون القرن الأفريقي عبد المنعم أبو إدريس، أن زيارة آبي أحمد «الغريبة والمفاجئة» للقاهرة من عنتيبي وليس من أديس أبابا، يمكن أن تفهم ضمن سياق الأمور المرتبطة باتفاقية «عنتيبي» لتقاسم مياه النيل التي ترفضها القاهرة والخرطوم. كما توقع أبو إدريس أن يقدم الجانب الإثيوبي أثناء الزيارة تنازلاً لصالح مصر في الجانب المتعلق بسنوات ملء بحيرة سد النهضة، لأن المسافة قريبة بين مقترحي الطرفين، فالإثيوبيون يرون أن يتم الملء خلال 7 سنوات، فيما يرى المصريون أن يتم الملء خلال 10 سنوات، حتى لا يؤثر كثيراً في حصتهم من مياه النيل.
ويصف أبو إدريس شكل الزيارة وتوقيتها بأنه محاولة لإيصال رسالة إيجابية للقاهرة بأن أديس أبابا تتعامل معها باعتبارها دولة حدودية، انطلاقاً من الزيارات التي قام بها آبي أحمد إلى كل الدول المحادة لبلاده، ورسالة أخرى لطمأنة حلفاء إثيوبيا الخليجيين، الذين هم في الوقت ذاته حلفاء لمصر. في الملفات الداخلية، يقول الدابولي إن إثيوبيا تواجه تحديات حقيقية تتمثل في مواجهتها اختلالات بنيوية واضطرابات سياسية كامنة في بنية نظامها السياسي الإثيوبي، نتيجة فشل تطبيق نظرية «الديمقراطية التوافقية» وتحقيق العدالة بين الإثنيات المختلفة وأدت في النهاية إلى سيطرة مجموعة محددة على السلطة والثروة.
وعلى الرغم من تحقيق إثيوبيا معدلات نمو سريعة، فإن معدلات الفقر لم تتأثر بها وظلت مرتفعة، ما عزز مشاعر الحرمان الاقتصادي داخل الجماعات الإثنية ودفعها للاحتجاج والتظاهر وخلق التوتر، وهو ما يضع حكومة آبي أحمد أمام امتحان مصداقية حقيقي. مطلوب من حكومة آبي أحمد بحسب الخبراء، العمل بجد لاحتواء توتر جماعتي الأورومو والأمهرا وتحقيق مطالبهما، وتطبيق سياسات اقتصادية للقضاء على البطالة، وتضمين التعاطف مع ضحايا الاحتجاجات ضمن الأجندة السياسية، وتجديد دماء النظام والدفع بقيادات جديدة... بدأها الرجل من أعلى سلمها بإعفاء قائدي الجيش والمخابرات.



المتمردون يدخلون بلدة استراتيجية بالكونغو مع انهيار اتفاق السلام

متمردو حركة 23 مارس المدعومة من رواندا دخلوا بلدة أوفيرا شرق الكونغو الديمقراطية (أ.ف.ب)
متمردو حركة 23 مارس المدعومة من رواندا دخلوا بلدة أوفيرا شرق الكونغو الديمقراطية (أ.ف.ب)
TT

المتمردون يدخلون بلدة استراتيجية بالكونغو مع انهيار اتفاق السلام

متمردو حركة 23 مارس المدعومة من رواندا دخلوا بلدة أوفيرا شرق الكونغو الديمقراطية (أ.ف.ب)
متمردو حركة 23 مارس المدعومة من رواندا دخلوا بلدة أوفيرا شرق الكونغو الديمقراطية (أ.ف.ب)

قالت مصادر لـ«رويترز»، اليوم (الأربعاء)، إن متمردي حركة 23 مارس، المدعومة من رواندا، دخلوا بلدة أوفيرا، شرق الكونغو الديمقراطية، بالقرب من الحدود مع بوروندي، في أكبر تصعيد منذ أشهر خلال الحرب المستمرة منذ فترة طويلة.

وتُعدّ أوفيرا، الواقعة على ضفاف بحيرة تنجانيقا، مقراً للحكومة التي عيّنتها كينشاسا في إقليم ساوث كيفو، وقاعدتها العسكرية منذ سقوط بوكافو، عاصمة الإقليم، في يد الحركة في فبراير (شباط). وقد تُمكّن السيطرة على أوفيرا المتمردين من التقدم إلى ما وراء ساوث كيفو، وفقاً لـ«رويترز».

يأتي هذا التقدم الكبير لحركة 23 مارس، عبر المنطقة الغنية بالمعادن، بعد أقل من أسبوع من لقاء رئيس الكونغو فيليكس تشيسكيدي، ونظيره الرواندي بول كاجامي، مع الرئيس دونالد ترمب في واشنطن، وتأكيد التزامهما باتفاق سلام، توسطت فيه الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الحين، تتبادل الكونغو ورواندا الاتهامات بانتهاك ذلك الاتفاق.

وحثّ وزير خارجية الكونغو واشنطن على توسيع نطاق العقوبات على رواندا، بهدف «استعادة مصداقية» جهود الوساطة التي تبذلها. وتنفي رواندا دعمها لحركة 23 مارس، وتتهم قوات الكونغو وبوروندي بأنهما السبب في تجدد القتال.

نزاع للسيطرة على أوفيرا

تقول الأمم المتحدة إن نحو 200 ألف شخص فرّوا من منازلهم في الأيام القليلة الماضية، وقُتل عشرات المدنيين.

ولم يتضح حتى بعد ظهر اليوم (الأربعاء) ما إذا كانت حركة 23 مارس تسيطر سيطرة كاملة على مدينة أوفيرا، التي أفاد السكان فيها بسماع دوي إطلاق نار.

وصرّح مصدر حكومي في الكونغو لوكالة «رويترز» بأن الجيش لن يتدخل حرصاً على سلامة المدنيين. وقال لورانس كانيوكا، المتحدث باسم ائتلاف يضم حركة 23 مارس على منصة «إكس»: «تحررت مدينة أوفيرا الآن». لكن وزير خارجية بوروندي، إدوارد بيزيمانا، قال لـ«رويترز» إن أوفيرا «لم تسقط بعد».

مخاوف من اندلاع أعمال عنف إقليمية

شنّت حركة 23 مارس تقدماً خاطفاً في شرق الكونغو في يناير (كانون الثاني)، واستولت على مساحة أكبر من أي وقت مضى، بما في ذلك جوما وبوكافو، أكبر مدينتين في المنطقة.

ومنذ ذلك الحين، شدّد المتمردون قبضتهم على السلطة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، لكنهم لم يحققوا أي تقدم كبير في أثناء مشاركتهم في محادثات سلام بقيادة قطر في الدوحة.

وأفادت وكالة «رويترز»، يوم الاثنين، بأن حركة 23 مارس سيطرت على لوفونجي، وهي بلدة كانت تشكل خط المواجهة منذ فبراير (شباط)، وأن قتالاً عنيفاً يدور بالقرب من سانجي وكيليبا، وهما قريتان تقعان على الطريق المؤدي إلى أوفيرا من الشمال.

وعبّرت الولايات المتحدة و9 أعضاء آخرين في مجموعة الاتصال الدولية للبحيرات العظمى، أمس (الثلاثاء)، عن «القلق العميق» إزاء الاشتباكات المتجددة في ساوث كيفو، محذرين من أن العنف قد يزعزع استقرار المنطقة على النطاق الأوسع.

وفي مقابلة مع «رويترز» في وقت متأخر أمس، قالت وزيرة خارجية الكونغو، تيريز كاييكوامبا فاجنر، إن على واشنطن تشديد العقوبات على رواندا، بحيث تستهدف «الأفراد في سلسلة القيادة» والمؤسسات، مثل الجيش الرواندي، للحدّ من قدرتها على شراء الأسلحة.

وأضافت فاجنر: «يتعين على واشنطن استعادة مصداقية إجراءاتها من خلال المساءلة. لا يكفي الإدانة، ولا يكفي (إبداء) الاهتمام أو (الشعور) بالقلق».

رواندا تدافع عن موقفها

تقول رواندا إن قواتها موجودة في شرق الكونغو من أجل «إجراءات دفاعية»، على الرغم من أن واشنطن والأمم المتحدة تقولان إن الأدلة على دعم رواندا للمتمردين واضحة.

وقال وزير خارجية رواندا، أوليفييه ندوهونجيريه، لـ«رويترز»، اليوم (الأربعاء)، إن فرض مزيد من العقوبات لن ينهي القتال، منحياً باللائمة على كينشاسا في عدم تنفيذ اتفاقيات السلام أو الالتزام بوقف الغارات الجوية، الذي قال إنه جرى الاتفاق عليه في واشنطن الشهر الماضي.

وأضاف أن قوات الكونغو كانت تهاجم مواقع المتمردين والمجتمعات المحلية في إقليم ساوث كيفو على مدى «أسابيع وأشهر» قبل التصعيد في الآونة الأخيرة.

وقالت وزارة الخارجية الرواندية: «لم يطالب المجتمع الدولي بإنهاء هذه الهجمات، التي أعدّتها جمهورية الكونغو الديمقراطية لأشهر، وحرضت عليها في الأسبوع الماضي»، مضيفة أن بوروندي كانت تساعد قوات الكونغو في قصف المدن القريبة من حدودها. وتابعت: «حشد جيش بوروندي ما يقرب من 20 ألف جندي في ساوث كيفو في خدمة حكومة الكونغو الديمقراطية».

ولم ترد بوروندي على بيان رواندا على الفور.


احتجزوا 18 عاماً من دون محاكمة... إريتريا تفرج عن 13 سجيناً

رحّبت منظمة «هيومن رايتس كونسيرن - إريتريا» بالإفراج الأسبوع الماضي عن 13 شخصاً (رويترز)
رحّبت منظمة «هيومن رايتس كونسيرن - إريتريا» بالإفراج الأسبوع الماضي عن 13 شخصاً (رويترز)
TT

احتجزوا 18 عاماً من دون محاكمة... إريتريا تفرج عن 13 سجيناً

رحّبت منظمة «هيومن رايتس كونسيرن - إريتريا» بالإفراج الأسبوع الماضي عن 13 شخصاً (رويترز)
رحّبت منظمة «هيومن رايتس كونسيرن - إريتريا» بالإفراج الأسبوع الماضي عن 13 شخصاً (رويترز)

رحبت منظمة إريترية غير حكومية معنية بحقوق الإنسان، اليوم (الأربعاء)، بالإفراج عن 13 شخصاً احتجزوا من دون محاكمة نحو 18 عاماً، لكنها حذّرت من أن نحو 10 آلاف سجين رأي ما زالوا وراء القضبان، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويحكم الرئيس أسياس أفورقي (79 عاماً) الدولة الواقعة في منطقة القرن الأفريقي بقبضة من حديد منذ استقلالها عن إثيوبيا عام 1993، وتحتل مرتبة متدنية في كل مؤشرات حقوق الإنسان.

ورحّبت منظمة «هيومن رايتس كونسيرن - إريتريا» بالإفراج، الأسبوع الماضي، عن 13 شخصاً، من بينهم رياضي أولمبي سابق وعناصر شرطة سابقون، كانوا مسجونين طوال نحو 18 عاماً من دون توجيه تهمة أو محاكمة أو السماح لهم بتوكيل محامٍ.

وأضافت، في بيان: «خلال فترة احتجازهم، عانى كثير منهم الحبس الانفرادي وظروفاً ترقى إلى التعذيب».

وأوضحت أنه خلال فترة احتجازهم في سجن ماي سيروان، قرب العاصمة أسمرة، تم حبس بعضهم في حاويات معدنية وتعريضهم لظروف مناخية قاسية.

وبينما رحبت المنظمة غير الحكومية بالإفراج عن هؤلاء المساجين، حذّرت من أن إريتريا لا تزال تحتجز «أكثر من 10 آلاف سجين رأي». ولفتت إلى أن «أزمة حقوق الإنسان الأوسع نطاقاً لا تزال من دون تغيير».

وغالباً ما ينتهي الأمر بالمعارضين في معسكرات اعتقال في الدولة التي يناهز عدد سكانها 3.5 مليون نسمة، كما يواجه المدنيون التجنيد العسكري أو العمل القسري، وهو ما تعتبره الأمم المتحدة ضرباً من العبودية.

ولم يرد وزير الإعلام الإريتري، يماني غيبريمسكيل، على الفور على سؤال وجّهته له وكالة الصحافة الفرنسية عن عدد سجناء الرأي في البلاد وظروف احتجازهم.


بنين: فرنسا تنشر قوات خاصة إثر محاولة انقلابية فاشلة

مؤيدون يحملون لافتة خلال تجمع لدعم رئيس بنين باتريس تالون (أ.ف.ب)
مؤيدون يحملون لافتة خلال تجمع لدعم رئيس بنين باتريس تالون (أ.ف.ب)
TT

بنين: فرنسا تنشر قوات خاصة إثر محاولة انقلابية فاشلة

مؤيدون يحملون لافتة خلال تجمع لدعم رئيس بنين باتريس تالون (أ.ف.ب)
مؤيدون يحملون لافتة خلال تجمع لدعم رئيس بنين باتريس تالون (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات في دولة بنين، الأربعاء، أن فرنسا نشرت قوات خاصة في البلد الواقع غرب أفريقيا، إثر محاولة انقلابية فاشلة الأحد الماضي، لعب الفرنسيون دوراً في إحباطها إلى جانب نيجيريا.

قال مسؤول كبير في الحكومة، لـ«رويترز»، الأربعاء، إن قائد الانقلاب الفاشل طلب اللجوء لتوغو المجاورة، ودعا المسؤول إلى تسليمه فوراً. وسيطر عسكريون لفترة وجيزة على محطة التلفزيون الحكومية في بنين صباح الأحد وقالوا إنهم أطاحوا بالرئيس باتريس تالون. إلا أن القوات المسلحة في بنين، المدعومة بقوة عسكرية نيجيرية ودعم مخابراتي ولوجيستي فرنسي، أحبطت المحاولة.

مجموعة من الجنود يدلون ببيان على التلفزيون الوطني في بنين زعموا فيه استيلاءهم على السلطة وذلك عقب ورود أنباء عن محاولة انقلاب جارية ضد حكومة رئيس بنين باتريس تالون (رويترز)

صباح الأحد، ظهر ثمانية عسكريين على التلفزيون البنيني، معلنين أنهم أطاحوا الرئيس باتريس تالون. وبعد يوم من عدم اليقين في كوتونو، أعلن رئيس الدولة أن الوضع «تحت السيطرة تماماً». وأفادت السلطات البنينية لاحقاً بوقوع «عدة إصابات»، لا سيما في الاشتباكات بين المتمردين والقوات الموالية للحكومة.

وحدد العسكريون الكولونيل تيجري باسكال قائداً للانقلاب. ولم تعلق وزارة الخارجية في توغو بعد على طلب التسليم. وجاء في بيان صادر عن حكومة بنين يوم الاثنين أن منفذي الانقلاب حاولوا حصار تالون. وأضاف البيان أنهم تمكنوا من خطف اثنين من كبار المسؤولين العسكريين وأُطلق سراحهما صباح الاثنين. وقال ويلفريد لياندر هونجبيدجي المتحدث باسم حكومة بنين يوم الأحد إن السلطات اعتقلت 14 شخصاً على صلة بمحاولة الانقلاب.

وقال قائد الحرس الجمهوري في بنين، ديودونيه دجيمون تيفودجري، في اتصال هاتفي مع «وكالة الصحافة الفرنسية» إن فرنسا نشرت قوات خاصة لدعم الجيش في صد محاولة الانقلاب، فضلاً عن تدخل القوات الجوية النيجيرية بشن ضربات داعمة. وأضاف الكولونيل تيفودجري: «لقد استبسل الجيش البنيني حقاً وواجه العدو طوال اليوم»، ثم أضاف: «تم إرسال قوات خاصة فرنسية من أبيدجان (ساحل العاج)، شاركت في عمليات التمشيط بعد أن أنجز جيش بنين المهمة».

وكانت الرئاسة الفرنسية أفادت، الثلاثاء، بأن باريس ساندت حكومة بنين «فيما يتعلق بالمراقبة والرصد والدعم اللوجيستي»، من دون تأكيد أو نفي نشر قوات فرنسية في البلد، رغم أن فرنسا بدأت منذ سنوات تقليص وجودها العسكري في غرب أفريقيا.

آلية عسكرية قرب مقر تلفزيون بنين الوطني في كوتونو (أ.ف.ب)

خسائر وأضرار

الكولونيل تيفودجري الذي قالت «وكالة الصحافة الفرنسية» إنه قاد شخصياً عمليات التصدي لهجوم الانقلابيين على مقر إقامة الرئيس في وقت مبكر من صباح الأحد، قدّر عدد المتمردين بنحو مائة «مع العديد من الإمكانيات والمركبات المدرعة».

لكنه أشار إلى أن مدبري الانقلاب الذين اعتمدوا على «عنصر المفاجأة» لم يتلقوا دعماً من وحدات أخرى، مشدداً على أن الجيش البنيني تبنى موقفاً «جمهورياً». وأضاف: «لقد تلقينا دعماً تلقائياً من وحدات أخرى تم استخدامها على مدار اليوم لاستعادة السيطرة على المناطق والنقاط الاستراتيجية في كوتونو».

وتابع قائد الحرس الجمهوري أنه في نهاية المطاف، عندما تحصن المتمردون في معسكر يقع في منطقة سكنية بالعاصمة الاقتصادية، ساعدت الغارات الجوية من نيجيريا المجاورة والقوات الخاصة الفرنسية بنين خصوصاً «لتجنب تسجيل أضرار جانبية».

لم يقدم الكولونيل إحصاء لعدد الضحايا في أحداث الأحد، لكنه أوضح أن المتمردين «غادروا ومعهم جثث وجرحى» إثر محاولتهم الهجوم على مقر إقامة الرئيس، بعد «معركة شرسة».

أزمة الطائرة

على صعيد آخر، هبطت طائرة تابعة للقوات الجوية النيجيرية اضطرارياً في بوركينا فاسو، الاثنين، أي بعد يوم واحد من المحاولة الانقلابية في بنين، المجاورة لكل من نيجيريا وبوركينا فاسو.

وقالت السلطات النيجيرية إن الطائرة هبطت في مطار مدينة (بوبو ديلاسو) وسط بوركينا فاسو، بسبب حالة طارئة في أثناء التحليق، حين كانت في مهمة نحو البرتغال، وكان على متنها 11 من قوات سلاح الجو النيجيري.

ولكن هبوط الطائرة تسبب في أزمة بين نيجيريا وبوركينا فاسو، حين قررت الأخيرة احتجاز الطائرة وطاقمها، واتهمتها بانتهاك مجالها الجوي دون ترخيص، فيما قال تحالف دول الساحل، الذي يضم بوركينا فاسو ومالي والنيجر، إن ما حدث يمثل «انتهاكاً للمجال الجوي للاتحاد».

بائع يرتب نسخاً من الصحف التي تصدرت المحاولة الانقلابية صفحاتها الأولى في كوتونو الاثنين (أ.ف.ب)

وفيما يستمر احتجاز الطائرة النيجيرية، أعلنت دول الساحل أنها وضعت قواتها الجوية والدفاعات المضادة للطيران في حالة تأهب قصوى، مع تفويضها بـ«تحييد أي طائرة تنتهك المجال الجوي للاتحاد».

من جهتها، أكدت القوات الجوية النيجيرية (الثلاثاء) أن طائرتها المتجهة كانت في مهمة نحو البرتغال، واضطرت للهبوط في مدينة (بوبو ديولاسو) غرب بوركينا فاسو، لكونها أقرب مطار للطائرة.

ولم تكشف نيجيريا عن طبيعة الطارئ الذي واجهته، فيما أكد إيهيمن إيجودامي، المتحدث باسم سلاح الجو النيجيري، أن الهبوط تم وفق الإجراءات الدولية ومعايير السلامة المتبعة، مشيراً إلى أن «طاقم الطائرة بخير وقد تلقى معاملة ودية من السلطات المضيفة».

تأتي هذه الحادثة في ظل توتر العلاقات بين تحالف دول الساحل ونيجيريا، التي شاركت في إحباط انقلاب بنين، حيث نفذت القوات الجوية النيجيرية ضربات استهدفت الانقلابيين. وتقع بوركينا فاسو على الحدود الشمالية الغربية لبنين، بينما تحدّ نيجيريا بنين من الشرق. وتحدث مراقبون بأنه من المحتمل أن تكون الطائرة شاركت في مهمة إحباط الانقلاب، رغم عدم وجود أي دليل يثبت ذلك.

ويزيد من تعقيد الوضع أن دول الساحل الثلاث تحكمها أنظمة عسكرية، على خلاف قوي مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التي تقودها نيجيريا، ويرى مراقبون أن إحباط المحاولة الانقلابية في بنين من طرف نيجيريا وفرنسا أزعج دول الساحل التي كانت تتطلع لأن تنضم دولة بنين إلى معسكرها الموالي لروسيا.