أهالي عين العرب يعيدون إعمار منازلهم من عرق جبينهم

TT

أهالي عين العرب يعيدون إعمار منازلهم من عرق جبينهم

أعاد أحمد صالح بناء منزله المتواضع من عرق جبينه وبدعم من أقربائه المغتربين دون انتظار مساعدة الإدارة الذاتية في عين العرب (كوباني)، مدينة تشهد بيوتها المدمرة على أولى أبرز المعارك التي انتصر فيها أكراد سوريا على المتطرفين، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية من المدينة.
ويقول صالح (45 عاماً) «كنا مجبرين على السكن في منازلنا وعدم انتظار الوعود الفارغة»، مضيفا: «ساعدني ابني في ألمانيا وأخي في كردستان العراق لأعود أنا وأطفالي إلى منزلي».
فرّ صالح، الذي يعمل في تصليح الأحذية، في العام 2015 من كوباني قاطعاً الحدود إلى تركيا، ليعود بعد عام ويجد بيته وقد طاله الدمار.
لم ينتظر كثيراً وبدأ تدريجياً بإصلاح منزله، الذي كلفه وفق قوله «نصف مليون ليرة سورية» (نحو 1150 دولاراً) من دون أن ينتهي العمل به حتى الآن، ولا تزال آثار الرصاص بادية على جدران المنزل المؤلف من ثلاث غرف فقط.
في حي البوطان، أحد الأحياء الشعبية في كوباني، تنتشر المنازل المدمرة وأخرى الخالية من السكان، فيما رمم البعض بيوتهم من دون أن يزيلوا عن جدرانها آثار الرصاص.
ويقول صالح «فقدنا الأمل من إعادة الإعمار».
بعد أربعة أشهر من المعارك الضارية، طردت وحدات حماية الشعب الكردية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن في الـ26 من يناير (كانون الثاني) 2015 تنظيم داعش من مدينة كوباني ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا.
وفي أحد أزقة حي الشهيد كاوا، يجلس محمد نعسان (76 عاماً) قرب منزله يقرأ القرآن.
على غرار آخرين، لم ينتظر نعسان مساعدة السلطات المحلية بل عمد إلى ترميم منزله المؤلف من طابق أرضي من أمواله الخاصة.
ويقول الرجل وقد تجمع حوله أحفاده «لم يساعدنا أحد، دمر «داعش» منزلنا وكما ترون هناك الكثير من المنازل المدمرة ولم يقوموا بإعمارها»، مضيفا: «إعادة الإعمار مكلفة جداً، وقد كلفتني كثيراً».
يعرب الرجل عن استيائه من الوعود التي يتلقونها من الإدارة الذاتية الكردية أو حتى المنظمات الدولية العاملة في المنطقة.
ويوضح «جاءت البلدية وأخذوا المقاسات وسجلوا الخسائر في الأبنية، ولم يفعلوا شيئا»، مضيفا: «قالوا لنا بأن المنظمات ستأتي لإعادة إعمارها، ولم نر أي شيء، كلمات فارغة فقط».
يدير الأكراد مناطق سيطرتهم في شمال وشمال شرقي سوريا عبر مؤسسات تابعة للإدارة الذاتية التي أعلنوها في العام 2012. ووضعوا نظاماً سياسيا واقتصاديا ينظم المجتمعات في تلك المناطق.
ويقول المسؤول رفيع المستوى في كوباني أنور مسلم: «بلغت نسبة الدمار 48 في المائة»، وتركزت في وسط وشمال كوباني، موضحاً «تدمر خمسة آلاف منزل في كوباني، وقد بلغت نسبة الإعمار نحو 70 في المائة».
ويضيف «لم يكن لدينا الإمكانيات لنساعد في ترميم البيوت، المغتربون في الخارج يساعدون أهلهم وهذا أمر جيد لعودة الحياة إلى كوباني».
وتصب الإدارة الذاتية جهودها على تأهيل البنى التحتية من شبكات مياه وكهرباء وطرقات، وفق مسلم الذي يقول: «قمنا بإعادة الخدمات بنسبة سبعين في المائة وما زلنا مستمرين».
ويوضح «ما زال لدينا مشكلة كهرباء، يجري تقنينها، ولدينا خطة لتصليح الطرقات وشبكة المياه»، مشيراً إلى أنه جرت إعادة إعمار 12 مدرسة دمرتها المعارك.
ويعيش في كوباني حالياً، وفق قوله، 250 ألف نسمة مقارنة مع 400 ألف قبل الحرب. ولم يتمكن كثيرون من العودة حتى الآن.
ويقول المسؤول «في العام 2015. لم يكن هناك أي شيء في كوباني»، معرباً عن خيبة أمله من عدم تلقي أي مساعدة حتى الآن من التحالف الدولي، شريك الأكراد الأول في محاربة تنظيم داعش.
ويضيف مسلم «حتى الآن لم يقدم التحالف أي دعم برغم أننا تطرقنا للحديث معهم عشرات المرات بأننا كما هزمنا «داعش» معاً يجب أن نعيد الإعمار معاً».
ولا يتمكن الكثيرون من إعادة إعمار منازلهم أو حتى ترميمها فهم ببساطة لا يملكون الأموال اللازمة.
يتجول مسلم نبو، وهو مدرس للغة الكردية في الـ32 من العمر، في شوارع المدينة ويشير إلى الأبنية المدمرة، ويقول: «تدمر منزلي في الحرب، وأتنقل منذ ذلك الوقت بين بيوت بالإيجار»، مضيفا: «نواجه صعوبات مادية تمنعنا من بناء منازلنا».
في الأحياء القريبة من الحدود التركية، تنتشر أيضاً المنازل المدمرة والسيارات المحترقة وحتى المدفعيات التي استخدمت في العام 2015، لكن هذه المنطقة لن تشهد إعادة إعمار، بل قررت الإدارة الذاتية تحويلها إلى متحف يكون شاهداً على معركة كوباني.
وتضم المنطقة، وفق مسلم، 500 منزل «تم تعويض 258 منها» حتى الآن. وتقدر قيمة التعويضات الكلية بخمسة ملايين دولار.
بنت فيدان خليل (45 عاماً) وزوجها منزلها المتواضع من عرق جبينهما لكنهما يخشيان اليوم فقدانه مجدداً كونه يقع في منطقة المتحف.
تجلس المرأة السمراء على الأرض في بناء قيد الإنشاء مقابل منزلها، وتقول: «زوجي عمل بأجرة يومية إلى أن قمنا بإعادة بنائه لنسكن فيه لكنهم يقولون إنهم سيجعلونه متحفاً وعلينا أن نتركه مجدداً».
وتضيف «أخبرونا بأنهم سيمنحوننا أرضاً كتعويض لكننا لا نملك أموالاً لبناء منزل للمرة الثالثة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».