تفاهم أولي بين الصدر وعلاوي والحكيم لتشكيل «الكتلة الأكبر»

احتمال انضمام العامري وبارزاني والنجيفي إليهم

مقتدى الصدر لدى استقباله عمار الحكيم في بغداد أواخر الشهر الماضي (أ.ب)
مقتدى الصدر لدى استقباله عمار الحكيم في بغداد أواخر الشهر الماضي (أ.ب)
TT

تفاهم أولي بين الصدر وعلاوي والحكيم لتشكيل «الكتلة الأكبر»

مقتدى الصدر لدى استقباله عمار الحكيم في بغداد أواخر الشهر الماضي (أ.ب)
مقتدى الصدر لدى استقباله عمار الحكيم في بغداد أواخر الشهر الماضي (أ.ب)

بعد يوم من تصويت البرلمان العراقي على تعديل قانون الانتخابات، الذي تضمن إعادة شاملة للعد والفرز لكل صناديق الاقتراع، ووسط خلافات حادة بانتظار ما يمكن أن يصدر عن المحكمة الاتحادية العليا بشأن مدى دستورية جلسة البرلمان، فاجأ زعماء ائتلافات «سائرون»، مقتدى الصدر، و«الوطنية»، إياد علاوي، و«الحكمة»، عمار الحكيم، الجميع، بتوقيع وثيقة بهدف تشكيل ما سموه «تحالف الأغلبية الوطنية الأبوية» لمرحلة ما بعد الانتخابات 2018.
وتنص الوثيقة على «الحفاظ على وحدة العراق والالتزام بالدستور وترسيخ الديمقراطية والحريات العامة». كما تضمنت الوثيقة الإشارة إلى أن التحالف الجديد «لا يقتصر على الأغلبية الوطنية الأبوية في تشكيل الحكومة فقط، وإنما يستمر في بناء الاستراتيجيات التي تتطلبها المرحلة المقبلة بتوافق القوى المشكلة للتحالف وفق آليات تحدد لاحقاً». كما تعهد التحالف بإعداد «برنامج حكومي قابل للتحقيق ضمن سقوف زمنية محددة يتضمن إصلاحات اقتصادية، ومعالجة الدولة الريعية، وتنشيط القطاع الخاص، وتنمية الاستثمار». كما تتضمن التأكيد على «اللامركزية وعدم تسييس المفاصل الحكومية والإدارية، وكذلك المؤسسة العسكرية». ومن بين ما تم الاتفاق عليه بين ممثلي هذه الكتل هو «حصر السلاح بيد الدولة ومنع عسكرة المجتمع، وإعادة النظر في النظام الإداري والقوانين والقرارات الموروثة عن النظام السابق خلال سقف زمني محدد، فضلاً عن إعادة النازحين وتوفير ظروف العودة الملائمة لهم. وتشكيل مجلس الخدمة الاتحادي خلال ستة أشهر من تاريخ تشكيل الحكم».
وفي هذا السياق، يقول كاظم الشمري عضو البرلمان عن «ائتلاف الوطنية»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الكتل الثلاث «كانت لديها تفاهمات منذ مدة طويلة، وقد قطعت شوطاً في هذا الاتجاه، وتمت صياغة تلك التفاهمات بهذه الوثيقة التي لا ترتقي إلى أن تكون تحالفاً، إنما صياغة مبادئ تؤسس لتحالف أكبر انطلاقاً من المشتركات التي تجمع هذه الكتل، والتي تمثل قوى أساسية في الساحة السياسية والوطنية».
وأضاف الشمري أن «ما صدر عن هذه الكتل الثلاث إنما يمثل بداية للانطلاق باتجاه القوى الأخرى التي تؤمن بهذا النهج، وما قد يترتب عليه من التزامات متبادلة»، مبيناً أن «من يلتحق من الكتل الأخرى لن يكون تابعاً، بل سيكون جزءاً من آلية التفاهم على الكتلة الأكبر التي وضعت هذه الوثيقة التي تتضمن مبادئ عامة، نواتها، لكنها تحتاج إلى إنضاج من قبل القوى الأخرى التي لدينا الآن تفاهمات معها في إطار الفضاء الوطني».
وحول أبرز الكتل والقوى التي يجري التفاهم معها حالياً، أكد الشمري أن «من بين القوى التي هي الأقرب إلينا ولدينا معها تفاهمات جيدة (الحزب الديمقراطي الكردستاني) بزعامة مسعود بارزاني، بالإضافة إلى (كتلة الفتح) بزعامة هادي العامري و(كتلة القرار) بزعامة أسامة النجيفي، ونرى أن التفاهم مع هذه الكتل يمكن أن يشكل الكتلة الأكبر التي تشكل الحكومة، وباقي الكتل تذهب إلى المعارضة».
ورداً على سؤال عما إذا كانت هذه التفاهمات تعني عزل «ائتلاف دولة القانون» الذي انشق إلى جناحين «النصر» بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي، و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، قال الشمري إن «الباب مفتوح أمام كل من يؤمن بهذا المشروع وفق هذه الآليات ومن لا يقتنع يمكنه الذهاب إلى المعارضة».
وبشأن إعادة العد والفرز، وما إذا كان ذلك يمكن أن يؤثر على هذه التفاهمات، أوضح الشمري أن «كتلنا لن تتأثر لأننا نعرف حجمنا بشكل جيد، وإذا أردت الكلام عن (الوطنية) التي أنتمي إليها، فإننا تعرضنا إلى عمليات تزوير مقصودة، وبالتالي فإن حجمنا سوف يزداد بعد ظهور نتائج العد والفرز اليدوي».
من جهته أكد الدكتور قحطان الجبوري، الناطق الرسمي باسم تحالف «سائرون»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما حصل حتى الآن هو تفاهمات أولية كانت في البدء بين (الحكمة) و(الوطنية) ثم (سائرون)، حيث أصبحنا نحن الراعي لهذا التحالف بوصفنا القائمة الفائزة الأكبر، وبالتالي نحن الآن وفي سياق هذه التفاهمات نتجه لتشكيل الكتلة الأكبر».
وأضاف الجبوري أن «الكتل الثلاث التي وقعت على وثيقة التفاهم هذه تؤكد انفتاحها على كل من يؤمن بهذا البرنامج، الذي تضمن نقاطاً واضحة ومحددة سوف ينتج عنها أيضاً البرنامج الحكومي، ومن أبرزها وحدة العراق وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص أمام كل المواطنين دون استثناء». وحول ما إذا كانت مسألة إعادة العد والفرز يمكن أن تؤثر على هذه التفاهمات، يقول الجبوري إن «العد والفرز إذا كان له تأثير علينا، فإنه سيكون تأثيراً إيجابياً انطلاقاً من أننا نعرف جمهورنا بشكل جيد، وإذا كان هناك عدل وإنصاف فإن حجمنا الانتخابي هو أكبر مما حصلنا عليه، وبالتالي فإن أي تفاهمات سياسية لن تتأثر بما صدر عن مجلس النواب».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».