لبنان: مخاض الحكومة عالق بتوزيع الحقائب

مصادر عون والحريري تسعى إلى تبديد الأجواء التشاؤمية

لبنان: مخاض الحكومة عالق بتوزيع الحقائب
TT

لبنان: مخاض الحكومة عالق بتوزيع الحقائب

لبنان: مخاض الحكومة عالق بتوزيع الحقائب

لم يمض أسبوعان على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، حتى سرت المخاوف من دخول عملية التشكيل نفق المراوغة والتعطيل. أما السبب فهو المطالب التعجيزية لمختلف الأطراف، الراغبة في الحصول على حجم تمثيلي كبير وحقائب وزارية أساسية.
إلا أن أجواء قصر بعبدا (رئاسة الجمهورية) والسرايا الحكومي (رئاسة الحكومة) سارعت إلى تبديد هذه المخاوف وطمأنت إلى أن مداولات التأليف ما زالت ضمن المهلة المقبولة جداً، وكشفت عن لقاءات ومشاورات تجري بعيداً عن الأضواء لإزالة عقد الأحجام والحقائب، وتذليل العراقيل السياسية المتصلة بالبيان الوزاري. وبينما تتزايد التحذيرات السياسية والاقتصادية من الشروط التي تضعها كتل نيابية على الرئيس المكلّف لقاء مشاركتها في الحكومة، وارتداداتها على الوضع الاقتصادي المنهك أصلاً، فإن مصادر مطلعة على أجواء القصر الجمهوري، أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن «لا أجواء تشاؤمية بشأن ولادة الحكومة، طالما لا نزال ضمن المهلة المعقولة، ولم يمض على تكليف الرئيس الحريري أسبوعان». ولفتت هذه المصادر إلى أنه «لا توجد عراقيل أو محاذير تؤخر ولادة الحكومة، بل هناك مطالب الكتل التي يجري بحثها، والمتعلّقة بحجمها التمثيلي ونوعية الوزارات التي تريدها».
وتتقاطع الأجواء الإيجابية لرئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة على كلّ الصعد، إذ طمأن النائب السابق عقاب صقر، المقرّب من الرئيس سعد الحريري، إلى أن «عملية التأليف تسير بخطى ثابتة ومن خارج التداول الإعلامي». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن الحريري «يسير بمفاوضات التأليف على خطّين، الأول إزالة العقبات الناجمة عن الحصص والحقائب، والثاني تذليل العقد السياسية، وترتيب خطاب سياسي واضح العالم في البيان الوزاري».
صقر يقول بأنه طالما أن كلّ المطالب قابلة للاستيعاب، لا داعي للمبالغة في التحليلات والتكهنات. ويرى أن الحديث عن عقد تواجه الرئيس المكلّف قد تطيل مخاض التأليف، ثم ذكر أن «لقاءات ومشاورات الرئيس الحريري مع كافة الأطراف لم تنقطع، وهو يجريها بعيداً من الإعلام ومن خارج المزايدات السياسية، حتى لا يكون رهينة السقوف العالية التي يضعها البعض، من أجل جوجلة كل الأفكار التي تؤدي إلى وضع تشكيلة حكومية لا تلقى اعتراضات». ولفت صقر إلى أن رئيس الحكومة «يحرص على عدم انعكاس التجاذبات الانتخابية على وضع الحكومة، وهو يعمل على مدار الساعة بصمت وهدوء».
من جانب آخر، لا تخلو تصريحات رئيس الجمهورية ميشال عون من التأكيد على بذل كل الجهود لتسريع ولادة الحكومة «لأن التحديات التي ينتظرها لبنان تتطلب وجود حكومة وحدة وطنية قادرة وفاعلة على تحقيق الإنجازات». ووفق المصادر المطلعة على أجواء قصر بعبدا، فإن «ثمة مفاوضات لإيجاد قواسم مشتركة، وهي الآن في مرحلة تدوير الزوايا، خصوصاً، وأن الكلّ يريد حقائب سيادية وخدماتية، وهذا يستحيل تأمينه للجميع، لأننا أمام حكومة لا تتعدى الـ30 وزيراً ويتم توزيع المقاعد على الكتل من ضمن هذا العدد مع مراعاة الأوزان، وبما يرضي كل الأطراف». وكشفت المصادر الرئاسية عن «لقاءات جانبية تعقد بين الأطراف لبلورة رؤى مشتركة، ومعرفة مطالب كلّ منهم، وتذليل العقبات الناجمة عن المطالب، لكن حتى الآن لم تنضج الطبخة الحكومية»، معتبرة أن «خيار حكومة الوفاق الوطني شيء وحكومة الأكثرية شيء آخر. وبالتالي، يجب فهم حقيقية ما يجري، وأن يطمأن اللبنانيون إلى أن موضوع التأليف ما زال ضمن المهلة المعقولة جداً، ولا أجواء تشاؤمية، طالما أن الكل مدرك لحجم المسؤولية».
في هذه الأثناء، تتهم بعض الأطراف رئيس «التيار الوطني الحرّ» ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، بأنه يمثل أبرز عقدة في وجه الحكومة، وذلك بالنظر لتمسكه بالحصول على عدد كبير من الحقائب ووزارات سيادية وخدماتية. إلا أن عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ماريو عون (العضو في «التيار»)، أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن التكتل «أكثر من يدفع باتجاه تسهيل ولادة الحكومة». وأضاف أن باسيل «لم يضع شروطاً تعجيزية، لكن من حقنا الحصول حصة تتناسب مع حجمنا، ومن حقنا حقيبة سيادية وأخرى أساسية بالإضافة إلى وزارات خدماتية». وعمّا إذا كان «التيار الوطني الحرّ» ما زال يرفض إسناد أربع وزارات لحزب «القوات اللبنانية»، قال ماريو عون «إذا كانت القوات تطالب بحقائب يوازي حجمها لا مشكلة، أما إذا كان مطلبها خارج المعقول، تصبح مشكلتها مع رئيس الحكومة، وربما تدفع بنفسها لتكون خارج مجلس الوزراء».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.