جامعة الأزهر محاصرة بين «المولوتوف» ووابل «قنابل الغاز»

طلاب يحاصرون مدخل الجامعة («الشرق الأوسط»)
طلاب يحاصرون مدخل الجامعة («الشرق الأوسط»)
TT

جامعة الأزهر محاصرة بين «المولوتوف» ووابل «قنابل الغاز»

طلاب يحاصرون مدخل الجامعة («الشرق الأوسط»)
طلاب يحاصرون مدخل الجامعة («الشرق الأوسط»)

«رائحة الغاز ومشاهد الدخان لا تغادر المكان.. والحجارة وأصوات إطلاق النار في كل مكان.. وكأننا في مشهد حرب.. ولم نعد نأمن على أنفسنا في المدينة الجامعية أو في المحاضرات.. أهالينا يعتصرون قلوبهم قلقا علينا وينتظرون عودتنا إليهم كل صباح في نعوش.. ومضطرون إلى حضور المحاضرات وعدم مغادرة المدينة بسبب قرب موعد امتحانات الفصل الدراسي الأول».. عبارات بسيطة وصف بها الطالب محمد زياد، الذي لا ينتمي إلى أي تيار سياسي في مصر، حال جامعة الأزهر والمدينة الجامعية (شرق القاهرة).. وتابع قائلا إن «أحداث الكر والفر بين الشرطة وطلاب وطالبات جماعة الإخوان المسلمين تتعدى كل حدود الوصف.. والوضع في الأزهر خطير جدا.. الأمن يتعامل مع جميع الطلاب كأنه يتعامل مع عدو خارجي في استخدام قنابل الغاز والخرطوش».
حال الطالب زياد يشبه حال الآلاف من طلاب «الأزهر»، ثاني أقدم جامعة عالميا، التي تقدم الخدمات التعليمية لنحو 400 ألف طالب وطالبة يمثلون نحو خُمس طلاب التعليم العالي بمصر، وبها نخبة من الأساتذة والعلماء تصل إلى نحو 11 ألف عضو هيئة تدريس ومعاونيهم.
ودفعت وزارة الداخلية بعشرات المدرعات والمصفحات أمس، ونشرت قواتها على جميع مداخل ومخارج جامعة الأزهر ومحيطها بدعم قوي من وحدات عسكرية، للتصدي لطلاب وطالبات «الإخوان» خلال مظاهراتهم اليومية، للمطالبة بتوقف الدراسة والممارسات الأمنية ضد الطلاب، وعودة الرئيس المعزول محمد مرسي للحكم، والإفراج عن الطلاب المعتقلين، وسط أعمال عنف وتخريب للمنشآت وسقوط قتلى ومصابين، فضلا عن القبض على المئات.
«الشرق الأوسط» كانت في قلب مظاهرات جامعة الأزهر، ورصدت اللحظات الفارقة في عمر الجامعة، التي كان يأتي إليها طلاب العالم من كل مكان لتعلم وسطية الإسلام.. كما رصدت على الجانب الآخر مهمة قوات الأمن «التابعة للانقلاب» لإخلاء الجامعة من «الحرائر (بنات الإسلاميين) ومثيري الفتن»، على حد وصف أحد طلاب الإخوان.
وبالتزامن مع تأكيدات إدارة جامعة الأزهر بأن الدارسة لن تتوقف والامتحانات في موعدها 28 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، شهدت الجامعة على مدار اليومين الماضيين أحداثا ساخنة، اعتدى خلالها ملثمون على أفراد الأمن والأساتذة والسائقين وحطموا زجاج السيارات.
وطيلة يوم كامل، سيطرت على المدينة الجامعية (بنات وبنين) وحرم جامعة الأزهر حالة ترقب وتوجس، فضلا عن الانتشار الأمني الرهيب، الأمر الذي دفع بالكثير من أسر الطلاب للقدوم إلى المدينة للاطمئنان على أبنائهم، بينما اعتدى عدد من الأهالي وأصحاب المحال التجارية على طالبات الإخوان لقطعهن الطريق أمام المدينة في ضاحية مدينة نصر (شرق القاهرة).
ويقول مسؤول أمني، ضمن ضباط وزارة الداخلية التي حضرت لتأمين الجامعة، إن «شارة (رابعة) هي طريقة النداء والتجمع عند الطلاب والطالبات»، ويضيف أنه «لاحظ خلال وجوده في الجامعة أن الطالبات يتناولن مادة بيضاء في زجاجات فيما بينهن». ورجح المسؤول أن تكون المادة في الزجاجات لبنا «رائبا» لتقويتهن على مواصلة الاشتباكات، لافتا إلى أنه عندما اقترب من الطالبات وجدهن يتحدثن عن مبالغ مالية كبيرة يحصلن عليها من إحدى السيدات».
ومن جانبهن تتهم طالبات «الإخوان» السلطات باستخدام العنف ضدهن من قبل نساء لا يتبعن الشرطة، وتقول الطالبة «ن.م» من كلية التجارة إن «الكثيرات من زميلاتنا جرى توقيفهن داخل حرم الجامعة من قبل سيدات بزي مدني، واعتدين عليهن بالضرب المبرح». وتضيف «ن.م»: «نعيب على (إدارة) الجامعة عدم تدخلها لمنع ملاحقتنا داخل وخارج أسوارها». وتقول إن «قوات الأمن تطارد الذين خرجوا في مسيرات من داخل الجامعة، إلى ميدان رابعة، حيث تطلق قنابل الغاز بكثافة».
ويطالب طلاب جامعة الأزهر المتظاهرون بتوقف تدخل التعامل الأمني معهم، والإفراج عن زملائهم الذين جرى ضبطهم خلال المظاهرات الأخيرة، وخلال فض اعتصامي «رابعة» و«النهضة» في أغسطس (آب) الماضي، ومحاسبة المتسببين في مقتل ثلاثة طلاب من الجامعة (بحسب زعمهم).. وكذا وقف الدراسة نهائيا وإنهاء ما سموه «الانقلاب العسكري» وعودة الرئيس المعزول.
لكن الدكتور أسامة العبد رئيس الجامعة يؤكد أن «ما يحدث من بعض الطلاب لن يؤثر على سير العملية التعليمية.. والدراسة منتظمة.. والامتحانات في موعدها».
ويقول محمد ربيع، من شباب «الإخوان» بالأزهر، إن «الأمن يطاردنا في المدرجات.. ويطلقون قنابل الغاز في البداية علينا، ثم يدفعون بقواتهم للتعامل معنا بقوة ويعتقلون العشرات منا». ويضيف: «الأمن يضربنا كأن بيننا وبينه ثأرا».
في غضون ذلك، قرر المستشار هشام بركات النائب العام المصري أمس إحالة 29 طالبا من الجامعة إلى محكمة الجنايات، لاتهامهم باقتحام مكتب رئيس الجامعة في 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتعدي عليه بالسب والقذف، وإحراق محتوياته، وتكسير أجهزة الكومبيوتر والتكييف بالمبنى الإداري. كما أشعلوا النيران بمكتب الأمن وتعدوا على الموظفين بالضرب وقذفوا قوات الشرطة بالحجارة، مما أسفر عن إصابة عدد من المواطنين وقوات الشرطة.
من جانبه، أكد مسؤول في جامعة الأزهر، طلب عدم تعريفه، أن «الأمن ألقى القبض على 58 طالبا خلال أحداث أول من أمس، والجامعة سوف تحيلهم جميعا إلى مجالس تأديب»، مضيفا أن 23 طالبا آخرين شاركوا في أحداث أول من أمس، وجرى إخلاؤهم من المدينة الجامعية، بالإضافة إلى 18 طالبا جرى إخلاؤهم قبل يومين.
وكشف المسؤول عن أن الجامعة لديها مقاطع فيديو مصورة ترصد تورط الطلاب في الاعتداء على قوات الأمن وخطف أسلحتهم أثناء تناولهم وجبة الغداء، ومن ثم تهريب تلك الأسلحة إلى داخل المدينة الجامعية، لافتا إلى أن الكثير من دول العالم سحبت أبناءها من الأزهر خوفا على حياتهم.
وفي إحدى المظاهرات رصدت «الشرق الأوسط» أحد الطلاب يبيع شارة «رابعة»، اقتربنا منه لنسأله عن سعر الواحدة، قال أبيع الواحدة بـ«خمسة جنيهات» في المظاهرات.. لكن لم يحدد الطالب من أين يحصل عليها ولحساب من يبيعها، قائلا: «هي مجرد أكل عيش.. فالكثير من الطلبة ليس معهم شارة رابعة ويحتاجون إلى رفعها في المظاهرات.. وأنا أوفر عليهم ذلك». وتابع وهو ينادي على الشارات رافضا الإفصاح عن اسمه: «أبيع كل الكميات التي معي يوميا.. وأدخل بها إلى الجامعة من أماكن لا تعلمها الشرطة بمساعدة صديق لي».. رافضا الإفصاح عن المكان الذي يدخل منه، ولكنه قال: «لا يهمني أن تصورني كاميرات الجامعة.. فمستقبلي في الجامعة لم يعد يهمني.. المهم هو القضاء على الانقلابيين»، على حد وصفه، وهنا تبين أنه من طلاب الإخوان.
على الجانب الآخر، يقول شاهد عيان داخل إحدى الكليات بالجامعة إن «الاعتداء علينا متكرر يوميا من طلاب الإخوان.. والطلاب يقومون بالصعود إلى المكاتب الإدارية والاحتكاك بنا». وأضاف الشاهد، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن «قنابل الغاز في كل مكان.. والمنديل الأبيض (الذي يستخدمونه للإشارة إلى زملائهم من العاملين ورجال الشرطة) هو طريقة الخروج الآمنة لنا خلال مغادرة الجامعة»، واستطرد بقوله: «طلاب الإخوان تدفعهم قنابل الغاز للصعود داخل الكليات، لرشق قوات الشرطة بالحجارة وقنابل المولوتوف (الزجاجات الحارقة) من أعلى المباني، مما يدعو الشرطة لملاحقتهم.. ما يدعونا للتواصل معهم بطريقة المنديل الأبيض كوسيلة للتعرف على الأشخاص المسالمين (واعتاد المصريون على استخدام المنديل الأبيض للدلالة على السلمية خلال الأحداث المتوالية منذ ثورة 25 يناير). ونظم طلاب لا ينتمون إلى الإخوان أمس وقفات شارك فيها المئات تأييدا للشرطة، ورفض تعطيل الدراسة في جامعة الأزهر. ويقول تامر يسري، وهو طالب في كلية الدعوة، إن «وقفتنا للمطالبة بعدم تعطيل الدراسة.. وتأييد الشرطة في مواجهة طلاب الإخوان، الذين يهدفون فقط إلى ضياع العام الدراسي»، على حد تعبيره.
أما المواطنون في حي مدينة نصر فتسيطر عليهم حالة من الرعب منذ بدء الدارسة في جامعة الأزهر مطلع أكتوبر الماضي.. يوميا يطاردهم الخوف على ذويهم من المصادمات خارج الجامعة. وتسرد السيدة تيسير خلف قائلة: «حرب الشوارع لا تنتهي بالقرب من الجامعة والمدينة.. ونعاني من الحجارة وحرق السيارات بشكل يومي.. ونخاف على أبنائنا عند ذهابهم وعودتهم.. ونضطر في أيام كثيرة إلى عدم الخروج إلى الشارع خوفا من القنابل وأصوات الرصاص الذي لا يغادر محيط الجامعة». وأمس تتبعت قوات الجيش طالبات الإخوان حتى شارع يوسف عباس، وذلك بعد قطعهن شارع الطيران وإلقاء الحجارة على قوات الجيش، وانضم إليهن عدد من الطلاب أمام المدينة الجامعية. وفي المقابل، انضم المئات من المواطنين إلى قوات الشرطة والجيش بشارع يوسف عباس، مرددين هتافات مناهضة لجماعة الإخوان، وأغنية «تسلم الأيادي»، التي تشيد بالجيش، والتي صارت رمزا شعبيا لمقاومة الإخوان. ووجهت قوات الجيش الموجودة في شوارع مدينة نصر نداءات إلى الطلاب المتظاهرين بشارع يوسف عباس حتى يفتحوا الطريق أمام حركة السيارات.. واستجاب بعض الطلاب، بينما صعد آخرون إلى أسطح المدينة الجامعية الخاصة بالفتيات ورشقوا قوات الجيش بالحجارة.
لكن السيدة زينب، والدة الطالبة هبة التي تقيم في المدينة الجامعية، والتي جاءت للاطمئنان على ابنتها، حملت الجامعة مسؤولية سلامة ابنتها. وقالت إن «الأمن يدخل المدينة الجامعية للبنات، وهذا غير مسموح، لمطاردة المتظاهرات.. والأمر لا يسلم من تحرش بالبنات»، على حسب ادعائها.. مطالبة بالكف الفوري عن ملاحقة طالبات الأزهر، ومؤكدة: «إننا لا ننام من مشاهد الخراب التي نشاهدها والمظاهرات في الجامعة». وأعربت زينب، وهي تقيم في مدينة المنصورة (بدلتا مصر)، عن قلقها من تفاقم الأوضاع، وتقول إن «ابنتي هبة ليست من الإخوان، ورغم ذلك من الممكن أن تتعرض للأذى، لأن الأمن عندما يطلق القنابل لا يفرق بين طالبة إخوانية وغير إخوانية».
في المقابل، قال مصدر أمني إن قوات الأمن تراقب الحالة الأمنية من خارج أسوار الجامعة والمدينة وتطبق القانون على مثيري الشغب الذين يحاولون قطع الطرق والتجمهر والتظاهر دون الحصول على تصريح من وزارة الداخلية، بينما استمر الأمن بتعزيز وجوده خارج الجامعة لمنع خروج أي مظاهرات خارج الحرم الجامعي.
وتفاقمت الأوضاع في الأزهر منذ يومين، بعدما زعمت جماعة الإخوان مقتل طالبين في الجامعة، هما الطالب أحمد ممدوح بالفرقة الثانية تجارة إنجليزي، والطالب محمد يحيى بالفرقة الرابعة فرنسي بكلية التربية.. لكن إدارة الجامعة نفت ذلك، مؤكدة أن الطالبين ضمن أربعة طلاب مصابين نقلوا إلى مستشفى التأمين الصحي بمدينة نصر، وأن ثلاثة من الطلاب تلقوا العلاج وخرجوا من المستشفى، بينما بقي الطالب محمد يحيى وحالته مطمئنة.
«الشرق الأوسط» زارت الطالب يحيى في المستشفى أمس، فأكد أن حالته بخير، وأن إدارة الجامعة بذلت جهودا كبيرة لإسعافه، شاكرا الجميع على ما بذلوه من أجل الحفاظ على صحته. والطالب يحيى لا ينتمي إلى جماعة الإخوان، ويقول بكلمات بسيطة: «كنت في المحاضرة وخرجت مع الطلاب، عندما اشتبك الأمن مع طلاب الإخوان الذين صعدوا للمدرجات.. ولم أدرِ بنفسي إلا وأنا في المستشفى.. ولا أعرف من أطلق علي الرصاص (الخرطوش)».
ورغم تفاقم المشهد يوميا، تواصل جامعة الأزهر الدراسة في كلياتها. وقال الدكتور أحمد حسني، نائب رئيس جامعة الأزهر لشؤون الوجه البحري، إن «الدراسة بفرع الوجه البحري والبالغ عدد الكليات به 26 كلية منتظمة، وجرى الاستعداد لامتحانات الفصل الدراسي الأول». وقال حسني إن «أسئلة امتحانات الفصل الدراسي الأول مباشرة وخالية من التعقيد، ولن تتخطى المقرر الذي جرى شرحه».
وأكد الدكتور محمد عبد الشافي، نائب رئيس الجامعة للوجه القبلي، أنه «سوف يؤخذ في الاعتبار نسبة حضور الطالب 75% من أيام الدراسة.. ومن لم يحضرها فسوف يحرم من الامتحانات»، لافتا إلى أن الطالب الذي سوف يتغيب عن الامتحانات سوف يعد راسبا.



​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
TT

​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كان الصياد اليمني محمد يحصل بسهولة على رزقه اليومي، وتوفير احتياجات أسرته الغذائية، حيث يذهب إلى البحر في سواحل محافظة شبوة الواقعة إلى الشرق من مدينة عدن، لكن هذا الأمر أصبح صعباً بعد أن اضطر للجلوس بجوار طفله الذي أصيب بالكوليرا.

تعلّم محمد الصيد في سن مبكرة، وورث معرفة البحر من أسلافه، ويُكافح لتوفير احتياجات أسرته المكونة من تسعة أفراد، حيث تقع قرية حورة التي يسكنها على بُعد 50 كيلومتراً من أقرب مركز طبي، وكانت هذه الرحلة تمثل سفراً مرعباً لمعظم القرويين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف التنقل أو العلاج. ويقول الرجل إنه عندما يمرض أحد من السكان، يصبح توفير الرعاية الصحية اللازمة له عبئاً ثقيلاً.

اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا بعد تسجيل أكثر من 100 ألف إصابة (الأمم المتحدة)

وتؤكد الأمم المتحدة أن عودة انتشار الكوليرا تسبب في تسجيل عشرات الآلاف من حالات الاشتباه، منها أكثر من 30 ألف حالة منذ بداية العام، ورصدت ازدياد عدد الحالات في محافظة شبوة بشكل مُلاحظ ضمن أكثر الفئات ضعفاً ممن لديهم وصول محدود للخدمات الصحية الأساسية أو ليس لهم القدرة على الوصول إلى هذه الخدمات أصلاً.

وفي حين أن الأمطار الغزيرة والفيضانات زادت من انتشار الكوليرا، يذكر الصياد أنه شهد وفاة امرأة في الطريق إلى أقرب مركز صحي بسبب توقف الحركة بفعل الفيضانات الأخيرة، ولهذا ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أنها استجابت لهذه الأزمة وقامت بإعادة فتح مركز «حورة» الطبي الذي صُمم لمعالجة مجموعة واسعة من المشكلات الصحية، مع التركيز بشكل رئيسي على الكوليرا.

تطوع مجتمعي

بينت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير حديث أنه وفي سبيل تمكين المجتمعات أسهمت جهودها في مكافحة الكوليرا بأكثر من مجرد تقديم الخدمات الطبية، حيث حشدت فريقها من متطوعي المجتمع المحلي لرفع الوعي بمكافحة الوباء، والالتزام بمساعدة المجتمعات في إدارة مواجهة تفشيه.

وتقول المتطوعة جميلة إنها تأثرت بشدة بمعاناة المجتمع، لذا قررت أن تصبح عاملة صحية لمساعدتهم. وذكرت أنه وطوال فترة تفشي الكوليرا تضمنت الأهداف الرئيسية تقديم الخدمات الصحية الأساسية، وتحسين الثقافة الصحية للمجتمع، والترويج لممارسات الصحة العامة، من خلال المتطوعين الذين ساعدوا بشكل كبير في تقديم الإرشادات الصحية العامة.

متطوعون يمنيون يتولون توعية السكان بطرق الوقاية من الكوليرا (الأمم المتحدة)

ووفق التقرير الأممي، فإن تغيير ممارسات المجتمع والتأسيس لعادات جديدة كانت مهمة مليئة بالتحديات، ولكن هِمّة المتطوعين كانت عالية، وإنه ومن خلال الزيارات المنزلية، شجعوا العائلات على تنفيذ أنشطة تحمي صِحتهم وسلامتهم، ابتداء من الترويج للوعي بنظافة اليدين وانتهاء بالدعوة لتطبيق ممارسات المياه النظيفة، وتعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية.

وبحسب الهجرة الدولية بدأت فرق التطوع أنشطتها في مركز «حورة» الطبي، ولكن تفشي الكوليرا تعدى سكان القرية، حيث أثر أيضاً على المهاجرين من القرن الأفريقي الذين يواجهون تحديات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، وللتعامل مع هذه الاحتياجات طلبت المنظمة مساعدة فرقها الطبية المتنقلة الموجودة على طرق الهجرة الرئيسية.

تعاون وثيق

طبقاً لما ذكرته منظمة الهجرة الدولية، فإنها وبالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن والمكاتب الصحية المحلية، وسّعت جهودها بشكل مستمر لتقديم المساعدات الفورية للمناطق المتأثرة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد.

وتضمنت استراتيجية المنظمة إيجاد خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة داخل المراكز لمنع انتقال العدوى بين المرضى والطاقم الطبي. وتقديم أجهزة الكلورة ذاتية العمل، ومواد معالجة المياه، وحقائب النظافة والتعامل مع الكوليرا للمجتمعات الضعيفة.

وزير الصحة اليمني يتفقد مركز عزل الكوليرا في محافظة أبين (إعلام حكومي)

وتبين «الهجرة الدولية» أن المتطوعين في مركز «حورة» الطبي تعاملوا مع المشاكل الصحية الفورية بخاصة الكوليرا، ولم يقتصر دورهم على إحداث تغيرات إيجابية لتعزيز الرعاية الصحية للجماعات الضعيفة فحسب، ولكن ومنذ بدء التفشي، كان المتطوعون يقدمون خدمات الرعاية الصحية والجلسات التثقيفية للنساء والأطفال والرجال الذين لطالما حُرموا من هذه الخدمات في السابق.

وتواصل الحكومة اليمنية الكفاح بالتعاون مع المنظمات الدولية لمواجهة هذا الوباء، خاصة مع بدء موسم الأمطار الحالي، إذ سارعت إلى افتتاح مراكز لعلاج حالات الإصابة بالكوليرا في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرتها، إلا أن الحوثيين يواصلون التكتم على أرقام الإصابات ويرفضون تخصيص مراكز لعلاج هذا الوباء.

وتظهر أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية أن عدد الإصابات في مناطق سيطرة الحوثيين بلغت أكثر من 93 ألف حالة، حتى مطلع شهر يوليو (تموز) الحالي، فيما تم تسجيل بقية الحالات وتمثل نسبة 17 في المائة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.