العراق: لجنة قضائية تجهز للفرز اليدوي

مفوضية الانتخابات تطعن دستورياً في قرار مجلس النواب

TT

العراق: لجنة قضائية تجهز للفرز اليدوي

باشرت لجنة قضائية عراقية رفيعة، أمس، تهيئة «الأعمال المناطة بالقضاء» بموجب تعديل قانون الانتخابات الذي أقره البرلمان أول من أمس، وقضى بإجراء عد وفرز يدوي لكل بطاقات الاقتراع في الانتخابات البرلمانية التي جرت الشهر الماضي وتجميد عمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
وقال المتحدث باسم مجلس القضاء الأعلى عبد الستار بيرقدار في بيان، أمس، إن «اللجنة المشكلة من السادة رئيس جهاز الادعاء العام ورئيس هيئة الإشراف القضائي وأحد السادة المشرفين القضائيين انتقلت إلى مبنى مفوضية الانتخابات تنفيذاً لأمر السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى».
وأضاف أن «اللجنة بدأت الإجراءات الموكلة إليها بتهيئة المستلزمات اللوجيستية لقيام السادة القضاة بالأعمال المناطة بهم بموجب التعديل الثالث لقانون الانتخابات».
وكان مجلس القضاء الأعلى أعلن قرارات عدة بعد صدور التعديل الثالث لقانون الانتخابات، أول من أمس، تضمنت العمل على تسمية القضاة الذين سيتم انتدابهم للقيام بأعمال مجلس المفوضين والإشراف على عملية إعادة العد والفرز اليدوي لنتائج الانتخابات وتسمية القضاة الذين سيتولون مهمة إدارة مكاتب مفوضية الانتخابات في المحافظات.
وشملت قرارات مجلس القضاء إيقاف عمل الهيئة القضائية للانتخابات المختصة بالنظر في الطعون المقدمة على نتائج العد والفرز الإلكتروني، إلى حين حسم إجراءات العد والفرز اليدوي وتقديم الطعون الجديدة في شأنها.
في المقابل، أعلن مجلس المفوضية العليا للانتخابات أنه سيستخدم حقه الدستوري والقانوني للطعن في التعديل الثالث لقانون الانتخابات. وقال بيان للمفوضية إن «القانون تضمن العديد من المخالفات في فقراته والتي لا تنسجم مع الدستور وتتعارض مع قانون المفوضية رقم 11 لسنة 2007 المعدل».
غير أنه أكد في الوقت نفسه أنه سيتعاون مع مجلس القضاء الأعلى «في تسهيل مهمة عمله، وفق ما يتخذ من إجراءات قضائية كفلها القانون». وأكد أن «المفوضية ليست ضد إعادة عمليات العد والفرز يدوياً إذا ما توافر فيها الجانب القانوني، وهذا ما بينه مجلس القضاء الأعلى في بيانه».
وفي حين يرى خبير قانوني أن «القانون الذي صدر عن مجلس النواب يعد شرعياً وينفذ من تاريخ صدوره، وأن الجهة الوحيدة القادرة على رده هي المحكمة الاتحادية»، فإن السياسي المستقل نديم الجابري يعتبر أنه «لا يوجد في العراق احترام للسياقات والتوقيتات الدستورية».
وقال الجابري لـ«الشرق الأوسط» إن «الإجراءات التي صدرت عن البرلمان هي من حيث الظاهر سليمة، وبمثابة رد فعل على ما حصل من تزوير واسع النطاق، ولذلك كنا قد قاطعنا الانتخابات لقناعتنا بعدم جدواها في ظل مثل هذه الأوضاع». وأضاف أنه «في وقت لا يبدو أن هناك احتراماً للتوقيتات الدستورية في العراق، فإنه على الأرجح أن تنتهي العملية إلى تسوية بين الأطراف السياسية بحيث لا يتم في النهاية الكشف عن عمليات التزوير... دائماً تعلو الاعتبارات السياسية على الاعتبارات الدستورية».
ولم يستبعد «حصول صفقة بين الخاسرين والرابحين مقابل صعود بعض الشخصيات البارزة، حيث إنه من غير المتوقع أن يحصل اختلال في موازين النسب بالنسبة إلى الكتل الفائزة». وعما إذا كانت هناك مخاوف من حصول فراغ دستوري بعد نهاية ولاية البرلمان أواخر الشهر الحالي، يقول الجابري إن «المخاوف من الفراغ الدستوري تحصل في الدول التي تؤمن بمكانة الدستور، بينما في العراق لا معنى للحديث عن فراغ دستوري لأن الطبقة السياسية ستتعامل مع الأمر على إنه أمر واقع».
في السياق نفسه، يقول الخبير القانوني طارق حرب إن «كل قانون يصدر من مجلس النواب يعد شرعياً، إلا في حال إلغائه أو إبطاله من قبل المحكمة الاتحادية العليا، كما حدث مع قانون الموازنة، حيث ألغيت منه 38 فقرة من قبل المحكمة. لكن القانون بصدوره يعد قانون نافذاً». وأضاف أن «من يريد الطعن بالجلسة أو النصاب أو طريقة التصويت أو بالأحكام الواردة، عليه الذهاب إلى المحكمة الاتحادية».
ويرى النائب عن «ائتلاف دولة القانون» علي العلاق، وهو من بين الشخصيات البارزة التي خسرت الانتخابات، أن «التأخير الذي قد يحصل في عملية العد والفرز اليدوي، رغم أنه سيؤثر بعض الشيء على المواعيد الدستورية لانعقاد البرلمان الجديد، فإن ضرره لا قيمة له مقارنة بدفع الضرر الأكبر بإنهاء حالات التزوير التي حصلت في الانتخابات».
واعتبر العلاق في تصريح صحافي أن «تعديل قانون الانتخابات خطوة مهمة قام بها مجلس النواب للحفاظ على العملية السياسية، ويعطي اطمئناناً للشعب والعالم بأن العراق وتجربته الديمقراطية ما زالا بخير». ولفت إلى أن «الشكوك التي حصلت حول الانتخابات كانت كبيرة وخطيرة والتغاضي عنها كان سيمثل نقطة سلبية تؤثر على مجمل العملية السياسية في البلد».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».