بوتفليقة يوقف إصلاحات اقتصادية لتعزيز سلطته

قال محللون أمس إن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أوقف زيادات ضريبية وإصلاحات لا تحظى بشعبية من أجل تأكيد سلطته، وأيضاً لمواجهة شكوك تتعلق بحالته الصحية، وسط تكهنات متزايدة بأنه سيسعى لفترة رئاسية خامسة.
وسادت حالة من الغموض بشأن المسار الذي تنتهجه الجزائر، العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، والمورد الرئيسي للغاز لأوروبا، مع غياب بوتفليقة، الذي تولى السلطة في عام 1999، عن الأنظار إلا نادراً، وذلك منذ إصابته بجلطة عام 2013.
وحثت المعارضة وبعض المثقفين بوتفليقة (81 عاماً)، الذي يستخدم الكرسي المتحرك، على عدم خوض الانتخابات المقررة العام المقبل لاعتبارات صحية.
وفرض بوتفليقة سلطته عندما ألغى في وقت متأخر من الثلاثاء خطة لرئيس الوزراء أحمد أويحيى لزيادة رسوم استخراج جوازات السفر، ووثائق أخرى لمواجهة تراجع إيرادات النفط والغاز بمقدار النصف في الفترة من 2014 إلى 2017. كما أوقف في السابق اقتراحاً آخر بفتح قطاع الزراعة أمام المستثمرين الأجانب من أجل تنويع الاقتصاد وزيادة الإيرادات.
ويقول محللون إن بوتفليقة أوقف هذه الخطط، مع انتعاش أسعار النفط، وأعلن عن إنفاق اجتماعي وعلى البنية الأساسية بقيمة 500 مليار دينار (4.31 مليار دولار) من أجل تعزيز فرصه قبيل إعادة ترشحه المحتمل.
وقال محلل محلي لوكالة «رويترز»، طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المسألة «إنه (بوتفليقة) يريد أن يظهر أنه حاكم البلاد».
وتأتي خطوته هذه بعد أسبوع من دعوة مجموعة من المثقفين والمعارضين بوتفليقة لعدم السعي لفترة رئاسية خامسة. وكتبوا في رسالة مفتوحة يقولون إن تقدم سنة وتردي حالته الصحية يفرضان عليه التوقف عن الاضطلاع بشؤون الدولة.
ولم يعلن بوتفليقة بعد ما إذا كان سيترشح. لكن الحزب الحاكم حثه على ذلك. رغم أن «كتلة الموالاة»، التي تطلق على الأحزاب المساندة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تواجه انقساماً حادّاً بسبب اختلاف مواقفها من الترشح المفترض للرئيس لولاية خامسة. فبينما تكثَف «جبهة التحرير الوطني» من نشاطها الميداني لحشد التأييد لاستمراره في الحكم، على أمل أن يعلن ذلك في أقرب وقت، ترفض 3 أحزاب أخرى الخوض في هذه القضية، ما لم يعبر صاحب الشأن بنفسه عن رغبت في التمديد.
وبدأ جمال ولد عباس، أمين عام «جبهة التحرير»، خطة تتمثل في ممارسة ضغط على الرئيس، لـ«لفت انتباهه بأن مسألة ترشحه لرئاسية 2019 المرتقبة، ليس له أن يقبلها أو يرفضها، لأن الجزائريين فصلوا فيها... إنهم يريدون منه استكمال المسار الناجح الذي بدأه عام 1999».
وقد جدد ولاءه للرئيس خلال زيارته الأخيرة للعاصمة أمام عدد كبير من الصحافيين، جاءوا لتغطية لقائه بمسؤولي الإعلام بمئات الهياكل التي تتبع للحزب بالولايات والبلديات. وكان اللقاء مناسبة له، للترويج لـ«إنجازات الرئيس».
وتتعامل بقية الأحزاب التي تدعم الرئيس بفتور كبير مع مسعى ولد عباس، الذي يبحث عن قيادة «قاطرة الولاية الخامسة»، وأن يفرض نفسه أمراً واقعاً، عندما يعلن بوتفليقة الترشح (في حال تم ذلك). ومن الأحزاب غير المتحمسة لذلك، «الحركة الشعبية الجزائرية» بقيادة وزير التجارة سابقاً عمارة بن يونس، الذي انتقد بشدة غياب التعاون والتشاور بين «مجموعة الموالاة» بخصوص التعامل مع الانتخابات المنتظرة بعد عام. وقال بن يونس إنه سيدعم الرئيس لو ترشح من جديد، ورفض مناشدته الاستمرار في الحكم كما فعل ولد عباس «لأن هذه القضية بالذات شخصية مرتبطة بالمعني بالأمر وحده».