سجال في البرلمان العراقي.. و«داعش» يدعو «مسلمي العالم» للهجرة إلى «دولته»

بارزاني: استفتاء على الاستقلال خلال أشهر * قصف بالهاون يستهدف مرقدي سامراء

سجال في البرلمان العراقي.. و«داعش» يدعو «مسلمي العالم» للهجرة إلى «دولته»
TT

سجال في البرلمان العراقي.. و«داعش» يدعو «مسلمي العالم» للهجرة إلى «دولته»

سجال في البرلمان العراقي.. و«داعش» يدعو «مسلمي العالم» للهجرة إلى «دولته»

فشل البرلمان العراقي الجديد في جلسته الأولى أمس في انتخاب رئيس له، وسط فوضى دستورية عارمة وتراشق كلامي حاد، ليستنسخ بذلك الانقسام الذي ظلل عمل البرلمان السابق لأربع سنوات، في وقت تقاتل فيه البلاد لوقف زحف مسلحين باتوا يحتلون أجزاء واسعة منها.
ورغم أن مسألة تشكيل حكومة جديدة وإمكانية بقاء نوري المالكي على رأسها لولاية ثالثة بدت في الأسابيع الماضية وكأنها أكبر تحديات البرلمان الجديد، إلا أن فشل الالتزام بالدستور أمس، والتفسيرات المتناقضة له، أظهر أن الخلاف السياسي أعمق من ذلك.
وينص الدستور العراقي على أن «ينتخب مجلس النواب في أول جلسة له رئيسا، ثم نائبا أول ونائبا ثانيا، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس، بالانتخاب السري المباشر»، من دون أن يوضح كيفية التعامل مع فشل انتخاب هؤلاء في الجلسة الأولى. ورغم أنه ليس مذكورا في الدستور، فإن العرف السياسي السائد في العراق ينص على أن يكون رئيس الوزراء شيعيا، ورئيس البرلمان سنيا، ورئيس الجمهورية كرديا.
وقال النائب مهدي الحافظ الذي ترأس الجلسة لكونه أكبر الأعضاء سنا بعد تشاوره بشكل علني مع نواب قدموا تفسيرات متناقضة للدستور: «تعقد جلسة الأسبوع المقبل إذا ما توفرت إمكانية للاتفاق»، مضيفا أن موعد الجلسة المقبلة سيكون الثامن من يوليو (تموز) الحالي.
وكانت الجلسة التي حضرها المالكي وقياديون آخرون بينهم رئيس «الائتلاف الوطني» إبراهيم الجعفري ورئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي، بدأت بأداء اليمين الدستورية التي تلاها الحافظ على النواب، ورددها هؤلاء من بعده. ثم تلت النائب الكردية إلا طالباني اليمين الدستورية باللغة الكردية ليرددها من بعدها النواب الأكراد في البرلمان. وقال الحافظ إن 255 نائبا حضروا الجلسة من بين 328 نائبا، معلنا بذلك تحقق النصاب القانوني وبدء عملية اختيار رئيس المجلس النيابي الجديد.
وطلبت النائبة الكردية نجيبة نجيب التحدث، فدعت رئيس الوزراء إلى «فك الحصار» عن إقليم كردستان عبر دفع المستحقات المالية للإقليم من الموازنة العامة المجمدة منذ أشهر. وما إن تدخل الحافظ ليبلغ النائبة الكردية بأن هذه الجلسة مخصصة لموضوع انتخاب رئيس المجلس ونائبيه فقط، حتى صرخ النائب محمد ناجي المنتمي إلى منظمة «بدر» الشيعية: «تريدون أن نفك الحصار عن داعش؟»، في إشارة إلى تنظيم «الدولة الإسلامية».
وذكر مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في القاعة أن نوابا سنة انسحبوا من الجلسة بعد عبارة ناجي.
ثم تدخل النائب كاظم الصيادي المنتمي إلى «ائتلاف دولة القانون» بزعامة المالكي ليقول إن رئيس إقليم كردستان «مسعود بارزاني أكبر عميل وخائن. تصدرون النفط إلى إسرائيل وتنزلون العلم العراقي. سنسحق رؤوسكم وسنريكم ماذا نفعل بعد انتهاء الأزمة».
وأعلن بعدها الحافظ عن استراحة لمدة نصف ساعة. وعاد إلى القاعة بعد انتهاء الاستراحة 175 نائبا، لتعصف بها فوضى عارمة، حيث قال نواب إن النصاب لم يتحقق؛ إذ إن عدد النواب الحاضرين أقل من الثلثين، بينما قال نواب آخرون إن النصاب متوفر لأن الجلسة بدأت صباحا بحضور 255 نائبا.
ثم بدأ يتناقش رئيس الجلسة مع النواب حيال إمكانية تأجيلها، أو إبقائها مفتوحة، أو فضها، فكان لكل من النواب الذين تحدثوا تفسيره الخاص للدستور، قبل أن يعلن الحافظ عن فض الجلسة والاجتماع مجددا بعد أسبوع.
وإلى جانب انتخاب رئيس مجلس النواب، ينص الدستور العراقي على أن يجري انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوما من تاريخ أول انعقاد للمجلس. ويكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية، على أن يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية أعضاء وزارته خلال مدة أقصاها ثلاثون يوما من تاريخ التكليف.
وتطغى مسألة ترشح المالكي الذي يحكم البلاد منذ عام 2006 لتولي رئاسة الحكومة لولاية ثالثة على العملية السياسية في العراق، إلا أنه بدا أمس أنه حتى رئاسة البرلمان مسألة معقدة تحتاج إلى توافقات سياسية عابرة للكتل. وفاز ائتلاف المالكي بأكبر عدد من مقاعد البرلمان (92 من بين 328) مقارنة باللوائح الأخرى في الانتخابات التشريعية التي جرت في أواخر أبريل (نيسان) الماضي، إلا أن هذا الانتصار لا يضمن للمالكي البقاء على رأس الحكومة.
ويتعرض رئيس الوزراء إلى انتقادات داخلية وخارجية خصوصا حيال استراتيجيته الأمنية في ظل التدهور الأمني الكبير في البلاد وسيطرة المسلحين المتطرفين على مساحات واسعة من العراق، ويواجه كذلك اتهامات بتهميش السنة واحتكار الحكم.
ويطالب خصومه السياسيون كتلة «التحالف الوطني»، أكبر تحالف للأحزاب الشيعية، بترشيح سياسي آخر لرئاسة الوزراء، فيما يصر هو على أحقيته في تشكيل الحكومة، علما بأنه ترأس حكومته الثانية رغم أن لائحته النيابية لم تفز في 2010 بأكبر عدد من مقاعد البرلمان.
وعد الخبير القانوني طارق حرب، رئيس جمعية الثقافة القانونية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «مجرد عقد الجلسة وحضور عدد كبير من الأعضاء الجلسة الأولى وترديد القسم يعد إنجازا بحد ذاته يجب أن لا نغمطه حقه. وبشأن ما إذا كان رفع الجلسة بالطريقة التي بدت قسرية إنما يمثل التفافا على قرار المحكمة الاتحادية بعدم إبقائها مفتوحة على غرار ما حصل عام 2010 حيث بقيت الجلسة مفتوحة لمدة سبعة أشهر، قال حرب إن «المسألة الأولى هنا أنه إذا كان النواب الذين أدوا القسم هدفهم هو منحهم الحصانة النيابية والامتيازات من رواتب ومخصصات وحمايات فقط فإنه يعد التفافا على إرادة الشعب الذي انتخبهم، أما إذا كان الهدف هو إتاحة الفرصة ولمدة معينة للخروج باتفاق حول مرشحيهم للمناصب السيادية فهذا أمر لا غبار عليه»، مبينا أنه «في حال استمر رفع الجلسات بدعوى عدم الاتفاق لأكثر من مرة ولمدد مختلفة فإنه بلا شك يمثل التفافا لأن المحكمة الاتحادية أصدرت قرارها لكي تلزم القيادات والكتل السياسية نفسها بأوقات دستورية محددة لإنهاء الأزمة السياسية والاتفاق على الرئاسات الثلاث».
وبينما أخفق التحالف الوطني الشيعي في التوصل إلى مرشحه لرئاسة الحكومة فإن كلا من كتلتي التحالف الكردستاني وتحالف القوى الوطنية العراقية امتنع عن تقديم مرشحه لرئاستي الجمهورية والبرلمان وذلك بهدف «ممارسة أقصى قدر من الضغط على التحالف الوطني لحسم أمره»، طبقا لما أبلغ به «الشرق الأوسط» قيادي كردي طلب عدم الكشف عن اسمه. وأضاف القيادي أن «الأكراد والعرب السنة رأوا حتى ربما دون تنسيق مسبق أن طرح المرشح لرئاسة البرلمان (سني) والجمهورية (كردي) يعني مجازفة من قبلهما خشية أن يكون المرشح لرئاسة الحكومة هو رئيس الوزراء الحالي وزعيم دولة القانون نوري المالكي المرفوض من قبلهما». وأوضح القيادي الكردي أن «العرب السنة والكرد يريدون معرفة مدى قدرة كل من الصدريين والمجلس الأعلى الإسلامي على الضغط على باقي قوى التحالف الشيعي لاختيار بديل عن المالكي، عندها فإنهم لن يجدوا رغم الخلافات بين مكوناتهم صعوبة كبيرة في الاتفاق على مرشحيهم لرئاستي الجمهورية والبرلمان». وأكد أن «لدى العرب السنة والكرد خيارات أخرى قد تصل إلى عدم المشاركة في الحكومة في حال بقاء المالكي».
من جهة ثانية، نصح مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، المالكي بعدم الترشح، وذلك عشية عقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد. وقال الصدر في بيان: «أنصح الأخ المالكي بأن يكون مقدما للمصالح العامة على الخاصة بأن لا يرشح نفسه لولاية ثالثة، فإن ذلك ما يرغب فيه الشركاء أجمعون، بل هي رغبة المرجعية أيضا والكثير من أطياف الشعب، فإذا فعل فهو يستحق منا الشكر لتقديمه مصالح العراق، وستحفظ مكانته الجديدة على كل حال».
في السياق نفسه، أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري حاكم الزاملي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ائتلاف دولة القانون لم يقدم أي مرشح بديل عن المالكي وما قيل بشأن ترشيح طارق نجم وعلي الأديب مجرد تكهنات من أطراف أخرى؛ لأن ائتلاف دولة القانون يصر على ترشيح المالكي في وقت لم تتمكن فيه اللجنة المشكلة من قيادات التحالف من حسم المرشح لرئاسة الحكومة من بين المرشحين الثلاثة المالكي وعبد المهدي والجلبي». وأضاف الزاملي أنه «في حال لم يجر اختيار المرشح وفق الآليات التي وضعت لهذا الغرض فإنه قد يجري اللجوء إلى البرلمان بالمرشحين الثلاثة للتصويت على واحد منهم، إذ إنه من ضمن الضوابط التي وضعت لاختيار رئيس الوزراء أن يكون مقبولا من الكتل الأخرى وليس من داخل التحالف الوطني فقط».



الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.


مصر تستكمل ماراثون الانتخابات البرلمانية وسط جدول مزدحم

المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
TT

مصر تستكمل ماراثون الانتخابات البرلمانية وسط جدول مزدحم

المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)
المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)

تستكمل مصر ماراثون الانتخابات البرلمانية بانطلاق جولة الإعادة للمغتربين بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب، الاثنين، وسط جدول انتخابي مزدحم، عدّه خبراء «منهكاً» لكل من المرشحين والناخبين، مع استحداث جولات جديدة طرأت على أجندة الانتخابات بسبب إلغاء نتائج انتخابات بعض الدوائر لـ«مخالفات»، والطعن على نتائج دوائر أخرى.

وانطلقت عمليات الاقتراع في جولة الإعادة بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري «الغرفة الأولى للبرلمان» يومي الاثنين والثلاثاء، بينما يجري التصويت بالداخل يومي الأربعاء والخميس المقبلين.

جولات انتخابية جديدة في اقتراع مجلس النواب المصري (حزب الدستور)

وفي سابقة لافتة يصوت المصريون في انتخابات مجلس النواب على مراحل ممتدة، تصل إلى 7 جولات انتخابية، على خلفية إلغاء نتائج عدد من الدوائر، حيث أصدرت «المحكمة الإدارية العليا» بمجلس الدولة، وهي أعلى محكمة إدارية، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أحكاماً ببطلان الانتخابات في نحو 30 دائرة بانتخابات المرحلة الأولى، عقب فحصها طعوناً تقدم بها مرشحون.

وسبق ذلك قرار «الهيئة الوطنية للانتخابات» بإلغاء نتائج الانتخابات في 19 دائرة بالمرحلة الأولى، عقب حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن «مخالفات»، بالمرحلة الأولى التي انطلقت في 10 نوفمبر الماضي.

وكان مقرراً إعلان النتيجة النهائية لانتخابات مجلس النواب في 25 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بحسب الخريطة الزمنية التي أعلنتها «هيئة الانتخابات» قبل انطلاق الاقتراع، غير أنها أدخلت تعديلات عليها ليكون الإعلان النهائي عن النتيجة في 10 يناير (كانون الثاني) المقبل.

في سابقة استثنائية يصوت المصريون في انتخابات النواب عبر 7 جولات (حزب الدستور)

ويرى نائب مدير مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، عمرو هاشم ربيع، أن تعدد وطول جولات التصويت والإعادة يصيب الناخبين بـ«الملل» و«الإحباط»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «7 جولات مرهقة جداً للناخبين والمرشحين، كما أصيبت الأحزاب المشاركة بالإنهاك والارتباك»، وبحسب ربيع، فإن «طول الجولات لن يؤثر في النتائج النهائية للانتخابات»، لكن تأثيره واضح في «نسبة المشاركة المتدنية».

وتثير انتخابات مجلس النواب المصري جدلاً واسعاً قبل بدايتها؛ إذ طالبت أحزاب عدة بتطبيق نظام «القائمة النسبية» لضمان تمثيل عادل لجميع الأحزاب والقوى السياسية، بديلاً عن النظام المطبَّق حالياً، ويعتمد قانون الانتخابات الحالي نظاماً انتخابياً مختلطاً، بواقع انتخاب نصف المقاعد فردياً، في حين أن النصف الآخر يُنتخب بنظام «القوائم المغلقة المطلقة»؛ ما يعني فوز أعضاء القائمة بالكامل حال تحقيقها أعلى الأصوات.

أحزاب مصرية تحشد قوتها لاستكمال جولات الانتخابات (حزب مستقبل وطن)

وفي رأي خبير النظم والتشريعات البرلمانية عبد الناصر قنديل، فإن تعدد وامتداد جولات الإعادة أفرزا مشهداً انتخابياً «مرتبكاً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وصول مراحل الإعادة إلى 7 جولات ماراثون وعملية استثنائية لم تحدث في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، فهي أطول عملية اقتراع في تاريخ مصر، وهو مشهد سيغير الكثير، ويطيح بثوابت عدة».

وبحسب قنديل: «اضطر كثير من المرشحين إلى تغيير تكتيكاتهم الانتخابية التي كانوا يعتقدون أنها ستضمن لهم الفوز منذ الجولة الأولى».

وتقتصر جولات الإعادة على المقاعد الفردية، التي طالها إلغاء النتائج؛ إذ سبق أن أعلنت «الهيئة الوطنية للانتخابات» فوز «القائمة الوطنية من أجل مصر»، التي تضم 12 حزباً، بمقاعد المرحلة الأولى، وخاضت المنافسة منفردة دون وجود قوائم منافسة.

ويعتقد قنديل أن «المشهد الانتخابي الحالي ضاغط على الأحزاب السياسية، التي لم تتعود أيضاً على هذا التطويل، وهو ما أثر سلباً في قدرتها حشد الناخبين»، وبحسب قنديل، فإن «الهيئة الوطنية للانتخابات تعاملت بكفاءة فنية واضحة مكنتها من وضع جدول زمني استثنائي لجميع المراحل رغم ضيق الوقت».

ويشهد البرلمان المقبل وجود 596 نائباً، بينهم 568 عضواً بالانتخاب، و28 عضواً بنسبة 5 في المائة يعينهم رئيس الجمهورية. ولا يزال يدور التنافس حول 195 مقعداً داخل دوائر الإعادة في المرحلتين الأولى والثانية بجانب الدوائر المُلغاة التي تُعاد انتخاباتها، وفقاً لـ«هيئة الانتخابات».