بنثيو دل تورو لـ«الشرق الأوسط»: تجاربي الشخصية تتغلغل في أدواري

هوليوود خافت منه قبل أن تحبه فتوالت عليه الأدوار

بنثيو دل تورو (يسار) مع جوش برولين  في «سيساريو»
بنثيو دل تورو (يسار) مع جوش برولين في «سيساريو»
TT

بنثيو دل تورو لـ«الشرق الأوسط»: تجاربي الشخصية تتغلغل في أدواري

بنثيو دل تورو (يسار) مع جوش برولين  في «سيساريو»
بنثيو دل تورو (يسار) مع جوش برولين في «سيساريو»

في حين أن غالبية الممثلين والممثلات الذين يحتلون صفاً متقدّماً من الشهرة والنجومية، يصرّون على الاحتفاظ بحواراتهم المكتوبة، وبل يسعى بعضهم لإضافة حواراته الخاصة إذا ما وجد أن السيناريو يغفل عن ذلك، يحب الممثل بنثيو دل تورو إلغاء قدر ما يستطيع إلغاءه من حواراته. يكتفي بالقليل ويحب أن يصمت كثيراً… أو هذا ما قيل عنه وما تنبئ به أدواره.
يضحك عندما أسأله عن السبب ويجيب:
«لماذا عليَّ أن أقول شيئاً واضحاً في أساسه؟ شيئاً ليس بحاجة لأن يُقال حتى يفهم المشاهد ما يدور أمامه؟ القليل مما أقوله يتيح للشخصية أن تتبلور أفضل مما لو شرحت ما تفكر به، أو ما تراه في الموضوع المطروح».
لكن القيمة الفعلية الكبيرة لاستبدال الصمت (غير المطبق) بالحوار هي في أن الممثل، إذا ما كان متمكناً من قدراته، كما هو حال بنثيو دل تورو، يستطيع أن يوفر للمشهد الذي يقوم به بديلاً فعلياً، وفي الوقت ذاته مباشراً للكلمة. لماذا عليه، مثلاً، أن يعلن أنه خائف إذا ما كان يستطيع أن يترجم هذا الخوف على ملامح وجهه وتصرفاته؟ وكالخوف يمكن للمرء أن يضيف عوامل ومشاعر القلق والثقة والحنان أو القسوة والحب أو مجرد العطف.
وفي مايلي نص الحوار:

بنثيو هو من ذلك الفصيل الذي يمكن للمرء أن يثق بما يقرر الممثل منحه من أداء. دائماً مختلف ودائماً ما يتحرّك في نطاق مغاير لما تتوقعه. في ذلك هو امتداد لممثلي الأمس أو على الأقل لبعضهم من غير النجوم. ليس أنه خال من مهام العمل في أفلام تتطلب جهد منفذي المؤثرات أكثر مما تتطلب بذل الممثلين الفعلي.

خلفية مثيرة
وُلد في التاسع عشر من فبراير (شباط) في مدينة سان جرمان في بويترو ريكو ابناً لمحاميين التقيا في قاعة المحكمة، ووقعا في الحب. عندما توفيت والدته، وكان لا يزال شاباً مراهقاً، انتقل الأب، واسمه الكامل غوستافو أدولفو دل تورو برموديز، إلى الولايات المتحدة مهاجراً. أول ما اعتنقه بنثيو من مهارات كان لعب كرة السلة (وكان لاعباً ماهراً). التمثيل جاء ثانياً ثم كبر ليحتل المقام الأول سريعاً. أخذ دروساً عند ستيلا أدلر في لوس أنجليس وأكمل في نيويورك، وأمّ، ممثلاً، بعض حلقات «ميامي فايس» التلفزيونية في منتصف الثمانينات. أول ظهور له في السينما كان عبر فيلم كوميدي سخيف وفي دور صغير جداً هو «بيغ توب بي - وي» سنة 1988، ثم هو المجرم في الفيلم الجيمس بوندي «رخصة للقتل». مع مادونا في فيلمي فيديو في العامين 1987 و1990. بعد ذلك في التسعينات رأيناه في الأسترالي بيتر وير «بلا خوف» وفي «تشاينا مون» (1994) وكان دوره لافتاً في «باسكوات» لجوليان شنابل (1996).
في العام 2000 لفت الانتباه أكثر في فيلم ستيفن سودربيرغ «ترافيك» وكان رائعاً في «العهد»، الفيلم الممتاز (والمنسي تماماً الآن) من إخراج شون بن الذي قال عن ممثله هذا: «فنان حقيقي في عمله. لا أحد يحاذيه في كيفية ابتكاره الشخصية التي يؤديها».
الأدوار لم تتوقف والرجل وجد نفسه في «21 غرام» لأليخاندرو إيناريتو (2003) وفي «سيساريو» لدنيس فلينييف (2015) وبينهما 23 فيلماً آخر في عدادها دور تشي غيفارا في فيلم آخر لسودربيرغ (2008) وفيلم فيديو ثالث مع مادونا.
التقينا قبل 24 ساعة من عودته إلى لوس أنجليس. كان بشوشاً للغاية عاكساً طيبة شهد بها من عمل معه في أفلامه التي تربو الآن عن الخمسين.

مهنة مهددة
> كيف كان مهرجان «كان» بالنسبة لك؟
- مدينة ألعاب. أقول ذلك بإيجابية. في هذا المهرجان كل شيء تريده وأكثر. إذا اهتممت بالسبب الذي من أجله جئت إلى هنا كان عليك أن تغفل عن أشياء أخرى. إذا جئت هنا لتشاهد الأفلام كما تخبرني، فأنا متأكد أنك لن تستطيع مشاهدة أكثر من حفنة منها. كم شاهدت حتى الآن؟
> ثلاثة وعشرون منها 18 في المسابقة. أنت؟
- ربما سبعة. الليلة أشاهد فيلماً آخر (قصد فيلم نوري بيلج شيلان «شجرة الإجاص البري»).
> تدخل تصوير مسلسل تلفزيوني قصير بعد عودتك؟
- صورت معظم حلقات «هروب عند دانمورا» (Escape at Dannemora) قبل مجيئي.
> …. وهذا أول عمل تلفزيوني لك منذ 1995، هل التمثيل مختلف بالنسبة لما تتطلبه الأدوار التلفزيونية عن تلك السينمائية؟
- تختلف من نواحٍ لا علاقة للممثل بها. أشعر بأن التمثيل للتلفزيون ينصاع لمتطلبات معينة تتعلق بكيفية التصوير للتلفزيون. هذا إذا كان البرنامج مصوّراً في الاستوديو أو بطريقته. حالياً هناك خروج واضح عن المألوف التلفزيوني مع دخول محطات ومؤسسات جديدة. التمثيل للسينما يتعلق أكثر برؤية واسعة. طبعاً إذا تطلب الفيلم ذلك.
> هل تمارس تعاليم ستيلا أدلر في كل ما تقوم به من أدوار؟
- ما تعلمته هو الأساس الذي لا بد له لأي ممثل جاد. بعد ذلك تجد أنك ستستجيب لأدوار تتطلب منك ألا تمارس كل منهج ستانسلافسكي، لكنك ستحاول الحفاظ على بعض الإجادة مهما كان الأمر.
> هل تقصد قبولك أدواراً في أفلام مثل «ثور: العالم الداكن» أو «ستار وورز: آخر جيداي»؟
- إلى حد كبير نعم، لكن عليَّ أيضاً أن أقول: إنني أتسلى بتمثيلها. إنها متعة.
> هل مرّت عليك فترة وجدت مهنتك كممثل لا تتقدّم كما تتمنى؟
- نعم. هل تذكر «خوف وبغضاء في لاس فيغاس» لتيري جيليام؟ بعده شعرت أن مهنتي مهددة يا رجل. أعتقد أن بعض المنتجين خافوا مني معتقدين أنني كالصورة التي مثلتها في الفيلم. (يضحك).
> فيلم الختام هنا هو لتيري جيليام.
- أتمنى له التوفيق. هو مخرج جيد فيما يحب القيام به.
> هل وجدت نفسك، تبعاً لما ذكرت، مهدداً بأن تعود أدراجك إلى حيث بدأت؟
- تماماً. الفترة التي امتدت من 1995 إلى 2000 كانت فترة صعبة.
> لماذا؟
- لأنك تجد نفسك تحارب في سبيل إثبات أنك لست مخيفاً إذا ما اختلفت عما يتوقعونه منك. حسناً، يريدونك في دور شرير، لكنهم يريدونك شريراً كما يعتقدون أن تمثيل الشر يجب أن يكون. عندما لا تفعل ذلك يعتقدون أنك كثير الاختلاف لدرجة أنك لست مؤهلاً للنجاح.

مسافة واضحة
> هل استنتجت ذلك بنفسك أو سمعته من أحد؟
- استنتجته بنفسي وسمعته من البعض، وهذا كله قبل أن تراني هوليوود على حقيقتي. ما هي حقيقتي؟ أهتم جداً بما أقوم بتمثيله حتى في «ثور» و«ستار وورز». هما متعة كما ذكرت لكني آخذ أدواري كلها جدياً. لا أستطيع أن أفعل أقل من ذلك.
> في أحد أفلام بستر كيتون الصامتة يسحب أحدهم مسدساً عليه، ويطلب منه أن يبتسم. يقول له، بالكلمات المطبوعة على الفيلم، لا أعرف كيف…
- (يضحك) صحيح. أنا أيضاً لا أعرف كيف أمثل ما لا أراه تلقائياً. لا أعني أنني صعب أو لا أتعاون مع المخرجين. هدفي دائماً أن أصل إلى المستوى الذي يرضي حبي للتمثيل. يرضيني كممثل. وأنا لا أكترث للمسلمات. لا أعتقد أن النجاح دائم والفشل دائم. إنها طريق تصعد وتهبط.
> نظرتي إليك هي أن الكثير مما تقوم به على الشاشة هو أنت رغم حرصك على تجسيد الشخصية على نحو يعكس جوانب مختلفة.
- أتعلم شيئاً؟ هذا صحيح إلى حد كبير وفكرت به منذ البداية. في رأيي أن ما أقوم به في كل مرّة أقف فيها أمام تلك الكاميرا هو نتاج حياتي الخاصة. أضع في الدور، قصداً أو من دون قصد، كل تجاربي الشخصية. كل نشأتي وعلاقاتي ووجودي كإنسان. هذا أول ما ينتقل مني إلى الدور. هذا صحيح تماماً.
> بينما يسعى الكثير من الممثلين ليصبحوا نجوماً مشهورين، تحافظ أنت على مسافة واضحة.
- لا تفهمني خطأ. أحب وأستمتع بأن أكون مشهوراً لكني لا أريد أن أمارس ذلك على نحو يؤدي بي إلى تغيير سلوكي بين الناس أو حيال نفسي. لا أحد في العالم يعرف ما الذي سيحدث معه غداً. كيف ستتبلور حياته وإلى أي مدى سينجح. بالنسبة لي ولدت في بويترو ريكو، وترعرعت في أميركا، وكان يمكن لي أن أبقى حيث ولدت لو تغيرت الظروف. وكما ذكرت قبل قليل، كل دور مثلته هو أنا على نحو كبير.
> كيف جئت إلى أميركا؟
- أوه… حكاية طويلة ولم يعد لدينا وقت لأحكيها كاملة لذلك سأختصرها. لم تكن علاماتي في المدرسة مشجعة. كنت تلميذاً خائباً في الثالثة عشرة من عمري. مربيتي سألتني ذات مرة إذا ما كنت أمانع في السفر إلى أميركا. قلت لها لا. لم أكن أعلم أن والدي كان قرر الهجرة، وما هي إلا أيام قليلة وكنا على متن الطائرة إلى هناك.
> ماذا توقعت لنفسك حينها؟
- أعتقد أنني كنت أصغر من أن أتوقع. كنت سعيداً على ما أذكر. تعلمت ألا أتوقع الكثير على أي حال. إذا قررت أن تفعل شيئاً تحبه افعله ولا تتوقع، لكن أفعله بصدق. أحب أن أرى العالم يسير ببطء. لست مستعجلاً ولا أنظر إلى نفسي كممثل كبير الشأن. إذا فعلت ذلك أعلم أنني انتهيت.

In the Box

> أفضل أدواره: The Indian Runner
> أول دور له تحت إدارة شون بن (1991): Traffic
> دراما حول الحرب على المخدرات لعب فيها دور شرطي مكسيكي شريف (2000): The Pledge
> مع جاك نيكولسون في ثاني دور له تحت إدارة شون بن (2001):
Che‪:‬ Part 1‪,‬ Che Part 2
> دور الثائر اللاتيني المعروف غيفارا في فيلم آخر لسودربيرغ (2008): Inherent Vice
> دور صغير ولافت في فيلم بول توماس أندرسون الجيد (2014): Cicario
> عميل «إف بي آي» في مهمّة عبر الحدود المكسيكية (2015)



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.