لبنان يتحدى الأمم المتحدة وأوروبا ويهدد بـ«خطة» لإعادة النازحين

عون: نصف السكان من السوريين والفلسطينيين

أطفال سوريون ضمن دفعة من نحو 500 شخص خرجت من بلدة شبعا في جنوب شرقي لبنان إلى بيت جن السورية أبريل الماضي (أ.ف.ب)
أطفال سوريون ضمن دفعة من نحو 500 شخص خرجت من بلدة شبعا في جنوب شرقي لبنان إلى بيت جن السورية أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT

لبنان يتحدى الأمم المتحدة وأوروبا ويهدد بـ«خطة» لإعادة النازحين

أطفال سوريون ضمن دفعة من نحو 500 شخص خرجت من بلدة شبعا في جنوب شرقي لبنان إلى بيت جن السورية أبريل الماضي (أ.ف.ب)
أطفال سوريون ضمن دفعة من نحو 500 شخص خرجت من بلدة شبعا في جنوب شرقي لبنان إلى بيت جن السورية أبريل الماضي (أ.ف.ب)

أطلق لبنان خطة عمل تصعيدية لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، تشمل المستويات السياسية والتنفيذية، وتتبع نظام العمل «التدريجي» لكن «بمقاربة إنسانية»، وسط تصعيد رسمي تجاه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومفوضية اللاجئين؛ إذ قالت مصادر رسمية، إن هناك «تحفظاً» من الإجراءات التي تتبعها المفوضية وتؤدي إلى تخويفهم من العودة إلى بلادهم، وهو ما سيدفع وفداً من وزارة الخارجية لزيارة عرسال اليوم لتقصي الحقائق.
وصعّد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون أمس من لهجته تجاه المجتمع الدولي، متهماً الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بـ«الممانعة في عودة النازحين». ودعا عون دول الاتحاد الأوروبي إلى «مساعدة لبنان من خلال إقناع الدول الأوروبية بالعمل لتحقيق عودة النازحين السوريين إلى بلدهم، والحد من الخسائر الكبيرة التي أصابت لبنان اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً نتيجة استمرار بقائهم على أراضيه».
وأشار عون خلال استقباله رئيس حزب «التحالف من أجل السلام والحرية» روبيرتو فيوري مع وفد برلماني أوروبي، إلى أن «هذه الأزمة طال أمدها، وزادت من معاناة لبنان الاقتصادية، وفي حال تطورت واستفحلت، فقد يندفع النازحون نحو أوروبا. لذلك، لا بد من حل لهذه المشكلة يكون من خلال عودة النازحين إلى سوريا التي قمتم بزيارتها وعاينتم وجود الكثير من المناطق الآمنة فيها، إلا أن قرارات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي أخيراً أثارت استغرابنا بسبب الممانعة في عودة النازحين وربطها بإرساء حل سياسي قد يطول أمده. وهناك أمثلة كثيرة تؤيد هذا الكلام، ومنها التجربة القبرصية، والقضية الفلسطينية التي لا يزال لبنان يعاني من تداعياتها، حيث يستقبل على أرضه منذ 70 عاماً عدداً كبيراً من اللاجئين الفلسطينيين».
وقال عون، إن نتائج الحرب السورية «انعكست عبئاً على لبنان، خصوصاً من خلال النزوح السوري الكثيف الذي بات يشكل مع اللاجئين الفلسطينيين، نسبة 50 في المائة من عدد السكان في لبنان، وأدى إلى تضخم هائل للكثافة السكانية، في حين يعاني لبنان من مساحة جغرافية صغيرة وموارد متواضعة».
وأطلق لبنان الخطة التصعيدية بعد أكثر من عامين من المطالبة بإعادة النازحين، وفشل استئناف الخطة التي انطلقت في الصيف الماضي لإعادة النازحين عبر وسيط سوري، وفي ظل تراجع أعداد اللاجئين التي خرجت من لبنان إلى توطين ثالث وتضاؤلها وتناقصها سنوياً.
وكشف مدير الشؤون السياسية والقنصلية في الخارجية اللبنانية، السفير غادي الخوري، عن أن لبنان «وضع خطة عمل جدية تنفذ تدريجياً بسقف مرتفع جداً، وتراعي المعايير الإنسانية وسلامة اللاجئين وأمانهم بالكامل، لحل معضلة اللاجئين»، مشيراً إلى أن مفوضية اللاجئين إذا لم تتحرك خلال 15 يوماً «فإن الدولة اللبنانية ستبدأ تنفيذ خطتها على مراحل».
وأكد الخوري لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان لم يقفل باب التعاون و«نحن مستعدون للتعاون شرط أن تكون النتيجة عودة اللاجئين وليس بقاءهم». وقال الخوري إنه أبلغ المفوضية بتحضير خطة العودة، وإلا سيبدأ لبنان في تطبيق خطته.
وكانت المفوضية ردت بأن عملها ينحصر بالشقّ الإنساني فقط، واستعرضت ممثلة مكتب المفوّضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، ميراي جيرار، جوانب المفاوضات التي تقوم بها مع الجانب السوري لضمان توفير ظروف مواتية لهم من الناحية الإنسانية حين تتوفر شروط العودة.
ونسق لبنان عبر المديرية العامة للأمن العام مع السلطات في دمشق لإعادة النازحين الراغبين بالعودة طوعياً إلى بلادهم، كان آخرها دفعة مؤلفة من نحو 500 شخص خرجت من بلدة شبعا في جنوب شرقي لبنان، إلى بيت جن السورية. وقال الخوري، إن «ممثلين عن مفوضية اللاجئين قابلوا بعض الراغبين بالنزوح، وطرحوا عليهم أسئلة وطالبوهم بالانتباه، وأكدوا لهم أن ظروف الحياة ليست مضمونة»، مشيراً إلى أن أسئلة من هذا النوع «تزيد المخاوف في صفوف النازحين، علماً بأننا لا يمكن أن نرسلهم إلى مناطق غير آمنة ومن غير ضمانات، ونصرّ على عودتهم إلى مناطق توفرت فيها ظروف الأمان، وهو الأمر الذي يتكرر في عرسال أخيراً»، لافتاً إلى أن وفداً من المديرية سيذهب إلى عرسال اليوم الخميس لتقصّي الواقعة.
ويمارس موظفو المفوضية مهمتهم بتقديم شرح وافٍ عن الانتقال وظروف الانتقال؛ منعاً لأن يكون هناك أي إكراه، وهو أمر لا ينكره لبنان بوصفه «وظيفة إنسانية، وهذه مهمتهم». لكن تكرار الأسئلة ونتائجها التي دفعت الكثير من السوريين للتراجع عن العودة، زادت بعض الشكوك، بحسب مسؤولين لبنانيين.
من جهة أخرى، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، أمس، بأن لبنان أبدى تحفظاً على سياسة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة تجاه هذا الملف؛ إذ «تعمد المفوضية على تسجيل أسماء الراغبين بالعودة بعد لقاء الأب والأم والبالغين من كل عائلة، وتوجيه سلسلة أسئلة إليهم تثير ريبتهم وتدفعهم إلى عدم العودة»، بحسب ما ذكرت الوكالة. وقالت الوكالة، إنه «بعد طرح الأسئلة على النازح الراغب بالعودة، تغيّر الغالبية رأيها»، لافتة إلى أن «النازحين شعروا بأن المسؤولين في المفوضية لا يريدون أن يعود النازحون إلى سوريا، كما أنهم ليسوا ضد عودتهم، وهي تعمل بأسلوب أممي حول تأمين حقوق النازح لدى عودته، لكن الطريقة المستعملة لن تحرك أي نازح من لبنان».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.