أوروبا لا تزال منقسمة حول إيواء اللاجئين

موظفون من الصليب الأحمر يقدمون الطعام لمجموعة من اللاجئين في غرب البوسنة (أ.ف.ب)
موظفون من الصليب الأحمر يقدمون الطعام لمجموعة من اللاجئين في غرب البوسنة (أ.ف.ب)
TT

أوروبا لا تزال منقسمة حول إيواء اللاجئين

موظفون من الصليب الأحمر يقدمون الطعام لمجموعة من اللاجئين في غرب البوسنة (أ.ف.ب)
موظفون من الصليب الأحمر يقدمون الطعام لمجموعة من اللاجئين في غرب البوسنة (أ.ف.ب)

تسعى دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 28 دولة للتوصل لاتفاق حول موقف مشترك من أجل إصلاح نظام اللجوء الأوروبي حتى انعقاد القمة الأوروبية في نهاية يونيو (حزيران) الحالي. وأقرت دول التكتل أمس الثلاثاء أنها لا تزال بعيدة عن التوصل إلى تسوية للخروج من المأزق المستمر منذ عامين تقريبا حول إصلاح نظام اللجوء، وذلك في أجواء سياسية أكثر تجهما مع وصول الشعبويين إلى سدة الحكم في إيطاليا.
ولم تشهد عملية الإصلاح أي تقدم منذ عام 2016 بسبب وجود خلاف بشأن الحصة الممكنة لتوزيع لاجئين على دول الاتحاد. ويأتي الاعتراض على نظام الحصص من دول شرق أوروبا بصفة خاصة مثل المجر وبولندا، ومؤخرا من النمسا أيضا.
وصرحت وزيرة الهجرة السويدية هيلين فريتزون الثلاثاء «نحن بحاجة إلى تسوية»، مضيفة أن «الأجواء السياسية الأكثر تشددا حاليا تعقد الوضع»، في إشارة خصوصا إلى الحكومة الجديدة في إيطاليا. وترى دول على غرار إيطاليا واليونان أنه لا بد من توزيع أكثر إنصافاً للوافدين.
الحكومة الألمانية قالت إن الاقتراح الحالي الذي تقدمت به رئاسة مجلس الاتحاد في الخلاف حول إصلاح يعد غير كاف. وقال وكيل وزارة الداخلية الألمانية للشؤون البرلمانية شتيفان ماير أمس الثلاثاء قبل اجتماع وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ: «من منظورنا، لا يزال هناك أوجه قصور كبيرة حتى الآن». وأضاف ماير قائلا: «وفقا لوضع التفاوض الحالي يعد نظام اللجوء الأوروبي المشترك على هذا النحو غير مقبول بالنسبة لنا». وانتقد ماير بشكل مباشر عدم السماح حاليا بإعادة إرسال أشخاص بحاجة لحماية إلى أول دولة دخلوها في الاتحاد الأوروبي، وفقا لوضع التفاوض الحالي. وأضاف أن هناك حاجة حاليا في كل الدول لشروط استقبال موحدة لطالبي اللجوء، وشدد أيضا على ضرورة ضبط إجراءات اللجوء، قائلا: «سنرى الموقف الذي ستتخذه إيطاليا»، مضيفا: «في دول أخرى، هناك معارضة أشد»، وأعطى مثالاً دول فيسغراد (بولندا والمجر وجمهورية تشيكيا وسلوفاكيا)، ودول جنوب أوروبا.
ولا تزال عدة دول من شرق أوروبا في مقدمتها بولندا والمجر تعارض بشدة أي إجراء شبيه بحصص توزيع طالبي اللجوء التي أثارت انقساما كبيرا داخل التكتل بين 2015 و2017.
وكان وزير الداخلية الإيطالي الجديد ماتيو سالفيني (يمين متطرف) الذي لم يتوجه إلى لوكسمبورغ، حذر الأحد من أن إيطاليا وصقلية «لا يمكن أن تصبحا مخيم اللاجئين في أوروبا»، مبديا معارضته للوضع الحالي للمفاوضات حول إصلاح نظام اللجوء.
ولم يخف وزراء داخلية الاتحاد تشاؤمهم رغم تقدم الرئاسة البلغارية الدورية للاتحاد باقتراح من المفترض أنه يراعي التطلعات المتناقضة لمختلف الدول الأعضاء. وبعد زيادة قصوى في عدد طلبات اللجوء التي بلغت 1.26 مليون طلب في 2015، تراجع عدد المهاجرين الواصلين إلى السواحل الأوروبية بشكل ملحوظ. لكن الأوروبيين لا يزالون يتعثرون أمام إصلاح «تسوية دبلن» لتفادي أن تظل الدول التي تشكل محطات الوصول الأولى تتحمل عبء الهجرة دون تكافل الدول الباقية. واستمع الوزراء إلى اقتراحات جديدة من بلغاريا حول كيفية إنهاء الخلاف قبل قمة الاتحاد المقررة يومي 28 و29 يونيو الحالي في بروكسل.
وينص الاقتراح البلغاري على عدم اللجوء إلى «إعادة الإيواء» الإلزامي إلا كحل أخير في حال لم تكف إجراءات أولية تقوم على تقديم دعم مالي وفني والتي يتم العمل بها بشكل تلقائي في فترات الأزمات. وسيتطلب الأمر عندها تصويتا بـ«الغالبية الموصوفة» للدول الأعضاء.
وتتضمن الاقتراحات توزيع طالبي اللجوء في دول الاتحاد كما تطالب بذلك أثينا وروما ورغم المعارضة المباشرة لوارسو وبودابست اللتين تعتبران أنه من غير الوارد أن يفرض عليهما استقبال أجانب وتشددان على أن الحصص المثيرة للجدل التي تم تطبيقها في 2015 لم تؤد سوى إلى إعادة توزيع أقل من ربع 160 ألفا كان يجب توزيعهم في الأساس.
رئيس الحكومة الإيطالي الجديد جوزيبي كونتي قال في كلمة أمام مجلس الشيوخ: «نطالب بقوة بتجاوز تسوية دبلن من أجل الحصول على احترام فعلي لتقاسم عادل للمسؤوليات ولإيجاد أنظمة تلقائية لإعادة إيواء إلزامي لطالبي اللجوء». إلا أن مجموعة فيسغراد لا تزال تعتبر ذلك كثيرا وهي تحظى في موقفها بدعم من فيينا، بينما ترى الدول التي تطالب على غرار البرلمان الأوروبي بتقاسم أعباء الاستقبال بشكل دائم وليس في فترات الأزمات أن هذا الإجراء غير كاف.
وتدافع ألمانيا حول هذه النقطة على غرار فرنسا عن موقف قريب من المفوضية الأوروبية وهي أن تظل مسؤولية طلب اللجوء أساسا لدى بلد الوصول عدا في فترات الأزمات وعندها لا بد من القيام بـ«إعادة إيواء» قسري في إطار إجراءات «التضامن».
وتفرض التسوية التي اقترحتها بلغاريا من جهة أخرى قيودا على دول الوصول من أجل تسجيل الوافدين. ومن المفترض أن تظل مهلة مسؤولية معالجة طلب اللجوء بعد تحديدها لمدة ثماني سنوات وهي مدة تعتبرها دول الجنوب طويلة جدا بينما ترى دول أخرى من بينها ألمانيا أنها قصيرة إذ تريد التصدي «للتحركات الفرعية» لطالبي اللجوء بين دول الاتحاد.



جزر المحيط الهادئ تعزز أمنها بعد اجتماع القادة... وترفض قطع العلاقة بتايوان

زعماء دول المحيط الهادئ خلال الاجتماع الثالث والخمسين لزعماء منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكو ألوفا، تونغا 29 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
زعماء دول المحيط الهادئ خلال الاجتماع الثالث والخمسين لزعماء منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكو ألوفا، تونغا 29 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
TT

جزر المحيط الهادئ تعزز أمنها بعد اجتماع القادة... وترفض قطع العلاقة بتايوان

زعماء دول المحيط الهادئ خلال الاجتماع الثالث والخمسين لزعماء منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكو ألوفا، تونغا 29 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
زعماء دول المحيط الهادئ خلال الاجتماع الثالث والخمسين لزعماء منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكو ألوفا، تونغا 29 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

أقر منتدى جزر المحيط الهادئ خطة لتعزيز أعداد الشرطة بين أعضائه، مما يقلل الحاجة إلى الاعتماد على القوى الخارجية في الأزمات، حيث أيدت جزر سليمان حليفة الصين الأمنية المبادرة التي تمولها أستراليا، اليوم (الجمعة)، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال رئيس وزراء جزر كوك مارك براون، رئيس المنتدى، في اليوم الأخير من اجتماع سنوي لزعماء دول جزر المحيط الهادئ، إن الكتلة المكونة من 18 دولة لديها القدرة على الاضطلاع بدور قوي ونشط في الأمن الإقليمي.

وأضاف في مؤتمر صحافي في تونغا، إن جزر المحيط الهادئ «منطقة تعاون ودعم وعمل مشترك، وليس منطقة تنافس ومنطقة حيث تسعى الدول الأخرى إلى محاولة اكتساب ميزة علينا».

ورفض زعماء دول المحيط الهادئ دعوات تدعمها بكين إلى قطع العلاقات مع تايوان، قائلين إن التحالف الإقليمي سيبقي سياساته المستمرة منذ عقود. وفي البيان الختامي أعاد زعماء الكتلة تأكيد اتفاق وُقّع عام 1992 سمح بإجراء محادثات مع تايبيه.

وكانت جزر سليمان، الشريك الرئيسي للصين في جنوب المحيط الهادئ، مارست ضغوطا لتجريد تايوان من وضعها كشريك في منتدى جزر المحيط الهادئ، ما أثار غضب بعض حلفاء تايبيه.

وهذا المنتدى منقسم بين دول تقيم علاقات دبلوماسية مع بكين وأخرى، مثل جزر مارشال وبالاو وتوفالو، حليفة لتايوان التي أرسلت نائب وزير خارجيتها تيان تشونغ-كوانغ إلى تونغا سعيا لتعزيز العلاقات مع حلفائها في جزر المحيط الهادئ، الذين يتناقص عددهم.

وفي السنوات الخمس الماضية، قطعت جزر سليمان وكيريباتي وناورو علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان لصالح الصين.

ومن المقرر تنظيم الانتخابات في بالاو هذا العام، وستكون علاقاتها مع تايوان، وتحول محتمل لصالح الصين، من أبرز قضايا الحملة الانتخابية.

ويرى بعض المحللين أن الخطة لإنشاء وحدة شرطة إقليمية لجزر المحيط الهادئ، يتم نشرها للتعامل مع الحوادث الكبرى هي خطوة من جانب أستراليا لمنع الوجود الأمني المتزايد للصين في المنطقة، وسط تنافس استراتيجي بين بكين وواشنطن.

وقالت جزر سليمان خلال المنتدى الجمعة، وهي دولة تربطها علاقات أمنية بأستراليا، أكبر عضو في المنتدى، وكذلك الصين، التي ليست عضواً في المنتدى، إنها وافقت على مبادرة الشرطة في المحيط الهادئ.

وصرّح رئيس وزراء جزر سليمان جيريميا مانيلي: «نحن نؤيد أيضاً، كجزء من تطوير هذه المبادرة، أهمية التشاور الوطني... لذلك نحن نقدّر حقاً المبادرة».

وقال رئيس وزراء تونغا سياوسي سوفاليني، إن ذلك من شأنه أن يعزز بنية الأمن الإقليمي الحالية. وأضاف أن الزعماء وافقوا أيضاً على شروط مهمة تقصّي الحقائق إلى كاليدونيا الجديدة، التي مزقتها أشهر من أعمال الشغب، لإجراء محادثات مع الأطراف المعنية لمحاولة حل الأزمة.

وأظهر البيان الختامي أن المنتدى قَبِل الإقليمين الأميركيين غوام وساموا الأميركية كعضوين مشاركين.

وأكد سوفاليني رئيس وزراء تونغا، الحاجة إلى المزيد من الموارد لمنطقة المحيط الهادئ للتخفيف من آثار تغير المناخ، وحض الدول المانحة على المساهمة للوصول إلى هدف تمويل أعلى يبلغ 1.5 مليار دولار.