جدل في الجزائر بسبب دعوة أويحيى إلى التعاون مع «الأقدام السوداء»

TT

جدل في الجزائر بسبب دعوة أويحيى إلى التعاون مع «الأقدام السوداء»

احتج أبرز حزب إسلامي معارض في الجزائر على تصريحات لرئيس الوزراء أحمد أويحيى حول «ضرورة البحث عن صيغة للتعاون بين رجال الأعمال الجزائريين والأقدام السوداء»، وهم مئات من الفرنسيين ولدوا بالجزائر وغادروها عند الاستقلال عام 1962، وحققت فئة من هؤلاء نجاحاً في مجال المال والأعمال بأوروبا وأفريقيا، ويعتبرهم أويحيى «نموذجاً يحتذى به».
وقالت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية المعارضة، بعد اجتماع مكتبها التنفيذي أمس، إنها «تدين الدعوة إلى الاستعانة بالأقدام السوداء، وفتح المجال لمن غدروا الشعب الجزائري، وعذّبوه ورعّبوه أثناء الاستعمار الفرنسي، بينما يمنع الشرفاء من المساهمة في خدمة بلدهم، بالاعتماد على المحسوبية والجهوية والتزوير الانتخابي، والتعامل التفضيلي لرجال الأعمال المحظوظين».
وجمع أويحيى، الأربعاء الماضي، عدداً كبيراً من المستثمرين ورجال الأعمال في العاصمة، في سياق مسعى الحكومة إلى «تنويع الاقتصاد» والحد من التبعية المفرطة للنفط والغاز. وأثناء شرحه خطة رفع الصادرات خارج قطاع المحروقات، نصح رئيس الوزراء رجال الأعمال بـ«استغلال الفرص التي يتيحها مواطنون جزائريون سابقاً، وهم من يسمون بالأقدام السوداء، بغرض التعاون معهم في مشروعات بحكم تواجدهم بكثرة في أوروبا». وأشار إلى أنهم «يملكون خبرة كبيرة في المال والأعمال».
وجلب هذا التصريح لأويحيى سخطاً كبيراً في أوساط سياسية وفي شبكة التواصل الاجتماعي. واتهمه ناشطون بـ«البحث عن تعاون مع أعداء الجزائر»، بذريعة أن «الأقدام السوداء»، ممن لا يزالون على قيد الحياة، وآباءهم كانوا ضد استقلال الجزائر. ويطالب هؤلاء وأحفادهم حالياً بأحقيتهم في العقارات والأراضي التي تركوها في الجزائر، غير أن السلطات تواجه ذلك برفض قاطع. ويشكّل هذا الملف نقطة خلاف مع الجانب الفرنسي.
وشجب جمال ولد عباس الأمين العام لـ«جبهة التحرير الوطني»، وهو حزب الغالبية ويرأسه شرفياً الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، موقف أويحيى، ودعاه إلى «تقديم اعتذار للشعب الجزائري الذي عانى من ويلات الاستعمار، ومطلوب منا أن نحافظ على ذاكرتنا ونتصدى لمحاولات تشويهها». يشار إلى أن أويحيى يرأس حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يعدّ القوة السياسية الثانية في البلاد.
وقال صديق شهاب المتحدث باسم «التجمع» لـ«الشرق الأوسط»: «لأسباب غير بريئة، تم تأويل كلام السيد أويحيى. فقد كان يتحدث من موقع الذي يريد مصلحة بلاده، وذلك باستغلال كل الفرص المتوافرة لإنقاذ البلاد من أزمتها المالية. على أي حال لا يمكن لأحد أن يزايد على أويحيى في وطنيته، فقد أثبت أنه على استعداد لوضع خبرته في التسيير، في خدمة البلاد عندما يناديه الواجب الوطني، فكفانا تهريجاً لأن بلدنا بحاجة إلى جهد لتطويره». ولم يصدر عن أويحيى شخصياً رد فعل على الانتقادات التي يتعرض لها.
وبخصوص اجتماع قيادات «مجتمع السلم»، قال الحزب الإسلامي إنه يحمّل الحكومة «الفشل الذريع في تحقيق التنمية، بسبب السياسات الترقيعية الفاشلة وغير الرشيدة التي تنتهجها، ومحاولات اللجوء إلى الإجراءات العقابية في فرض الضرائب والرسوم على عموم المواطنين، بدل البحث عن بدائل اقتصادية حقيقية خارج إطار المحروقات». وأضاف الحزب أن «مشكلة المحروقات لا تتعلق بالأسعار فقط، وإنما تكمن في تراجع الإنتاج وزيادة الاستهلاك، وأنّ أي رهانٍ على ارتفاع الأسعار هو رهانٌ فاشل، وغير مجدٍ في حلّ الأزمة».
وحذَر الحزب «من حالات تفشّي الفساد بكل أنواعه، وعلى كافة المستويات، وفي مختلف المجالات، فقد تحوّل الفساد إلى أداة لتسيير البلاد، وكذلك التطوّر الخطير في تهديد الجزائر بالمخدرات، الذي كشفت عنه حمولة الكوكايين الأخيرة، وانعكاسات ذلك على المجتمع الجزائري وقيمه، وعلى الاقتصاد الوطني»، وذلك في إشارة إلى مصادرة 7 قناطير من المخدر الصلب، نهاية الأسبوع الماضي، بميناء في غرب الجزائر.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».