دمشق تبلغ بيروت تمديد مهل قانون أملاك اللاجئين

TT

دمشق تبلغ بيروت تمديد مهل قانون أملاك اللاجئين

مؤشرات لبنانية عدة بدأت تتضح أكثر فأكثر في الفترة الأخيرة حول نيّة لبنان العمل على عودة أكبر عدد ممكن من اللاجئين السوريين إلى بلداتهم، تحت عنوان «العودة الطوعية»، وهي الآلية التي كانت قد اتبعت قبل نحو شهرين مع المئات من نازحي بيت جن في بلدة شبعا الحدودية.
وقد أتى الرد السوري على لبنان أمس، حول تمديد مهلة إثبات اللاجئين لملكياتهم قبل تأمينها لتصبح عاماً بالقانون رقم 10، عاملاً إضافياً مساعداً في تسريع هذه العودة، بعدما كانت قد بدأت عملية تسجيل أسماء العائلات التي ترغب في المغادرة بوقت سابق، لينطلق التنفيذ خلال أسابيع قليلة، بحسب ما أكدت مصادر مطّلعة لـ«الشرق الأوسط».
وكان مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم أعلن قبل أيام أن التنسيق بين السلطات اللبنانية والسورية متواصل بشأن عودة آلاف السوريين، قائلاً: «لن تلبثوا أن تروهم في الباصات».
من جهتها، أكدت المتحدثة باسم مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان ليزا بو خالد لـ«الشرق الأوسط»، أن المفوضية على اطلاع بالخطط التي يعد لها لبنان لعودة النازحين إلى سوريا، وهي على تواصل دائم بهذا الشأن مع المديرية العامة للأمن العام، رافضة إعطاء المزيد من التفاصيل. مع العلم أن المفوضية كانت قد أعلنت أن الأوضاع الأمنية غير ملائمة لعودة اللاجئين في تعليقها على مغادرة نازحي بيت جن، وهو ما رفضته وزارة الخارجية، معتبرة أن المفوضية لا تشجع اللاجئين للعودة.
وسلّم السفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم علي، أمس، وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، ردَّ وزير الخارجية السوري وليد المعلم على الرسالة التي كان وجهها باسيل إليه حول القانون رقم 10. ولفت علي إلى أنه تم تمديد العمل به عاماً واحداً، معلناً أن التنسيق في ملف النازحين سيتفاعل، ولبنان مستعد للتعاون، وذلك يصب في مصلحة السوريين الذين يريدون العودة.
وفيما من المتوقع أن تتسارع الخطوات العملية اللبنانية لعودة اللاجئين إلى المناطق التي خضعت لـ«المصالحة الوطنية»، وهو ما تعكسه تصريحات المسؤولين اللبنانيين، أكد كل من رئيس بلدية شبعا محمد صعب ورئيس بلدية عرسال باسيل الحجيري، أن هناك آلاف الأشخاص الذين سجلوا أسماءهم للعودة إلى منازلهم، وينتظرون الحصول على الموافقة للمغادرة. وقال صعب لـ«الشرق الأوسط»: «بعدما غادر 500 شخص في شهر أبريل (نيسان) الماضي، بات يقدر عدد النازحين في شبعا بنحو خمسة آلاف، معظمهم سجّلوا أسماءهم أيضاً للعودة، وقدمت اللوائح إلى الأمن العام اللبناني بانتظار حصول الموافقة على مغادرتهم من السلطات السورية، وهم في معظمهم من بيت جن في ريف دمشق والبلدات المجاورة»، لافتاً في الوقت عينه، إلى أن معظم هؤلاء العائلات أرجأوا عودتهم بانتظار إيضاح صورة الأوضاع بشكل أكبر، إضافة إلى أن عدداً كبيراً منهم خسروا منازلهم نتيجة الحرب. الآلية نفسها أيضاً اتبعت مع اللاجئين في عرسال، بحسب الحجيري، الذي رجّح أن تبدأ خطوات العودة، قريباً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنه قبل نحو شهرين طلب تسجيل أسماء العائلات التي تريد المغادرة، وقد أبدى نحو 3 آلاف شخص رغبتهم بالمغادرة، من أصل 30 ألفاً من القلمون الغربي، لافتاً كذلك إلى وجود 30 ألفاً آخرين في عرسال يتحدرون من القصير وحمص، لكن هؤلاء لا حديث أو معلومات عن أي عودة قريبة لهم. وأكد الحجيري أن معظم العائلات النازحة في عرسال تبدي رغبتها بالعودة، وبالتالي فإن عودة بعضهم في المرحلة الأولى ستكون حافزاً لمواطنيهم لاتخاذ هذه الخطوة بعد أن يطمئنوا للأوضاع والظروف الآمنة لهم.
وكان السفير السوري علي عبد الكريم علي، قد قال بعد لقائه باسيل، إن القانون رقم 10 كان تصويباً وتصحيحاً لحقوق السوريين، وهذا ما جاء في مضمون الرسالة التي وجهها المعلم لباسيل، والأخير كان مرتاحاً لأن الرسالة بددت القلق، وهي تضمنت تطميناً. أما التطبيق فيحصل بالتنسيق بين البلدين الذي تقتضيه مصلحة الجانبين، وهذا التنسيق هو ضمانة العودة.
وإذ أشار إلى أن مهلة إثبات الملكية الواردة في القانون 10 مددت لتصبح عاماً كاملاً، قال إن «سوريا حريصة على كل أبنائها وتريد عودتهم قبل مرحلة إعادة الأعمار»، مشيراً إلى أن «التنسيق مع لبنان في ملف النازحين سيتفاعل، ولبنان مستعد للتعاون».
من جهتها، أشارت مديرة مكتب «هيومن رايتس ووتش» في بيروت لمى فقيه، من وزارة الخارجية بعد لقائها باسيل، إلى أن «الحكومة السورية استخدمت قوانين مماثلة للقانون 10 لتستملك أراضي لمعارضين»، آملة تنفيذ ما ذكره المعلّم عن تمديد لفترة الإثبات لتصبح سنة.



منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.