الأدب المقارن ومستقبل الدراسات الأدبية

من القرن التاسع عشر إلى رحاب القرن الحادي والعشرين

الأدب المقارن ومستقبل الدراسات الأدبية
TT

الأدب المقارن ومستقبل الدراسات الأدبية

الأدب المقارن ومستقبل الدراسات الأدبية

يعكس اتفاق ثلاثة من الأكاديميين المعروفين على تأليف كتاب مشترك، عدة دلالات، يمكن أن يكون أبرزها أهمية الموضوع الذين يتصدون لتناوله، ووجود مشكلات أو إشكالات بصدده. وهكذا جاء كتاب «تقديم الأدب المقارن: اتجاهات وتطبيقات جديدة» الذي صدرت طبعته الأولى في لندن ونيويورك ضمن منشورات دار «روتلدج»، ليناقش الموضوع من جوانبه المختلفة. وبين أيدينا، اليوم، أول ترجمة له إلى اللغة العربية، صدرت ضمن سلسلة «عالم المعرفة» من منشورات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت.
مؤلفو هذا الكتاب هم سيزر دومينغيز، أستاذ الأدب المقارن في جامعة سانتياغو دو كوموستيلا في إسبانيا، وداريو فيلانويفا أستاذ نظرية الأدب والأدب المقارن في الجامعة نفسها، وهاون سوسي، أستاذ الأدب المقارن في جامعة شيكاغو في الولايات المتحدة الأميركية. وقد قام بترجمته إلى اللغة العربية الدكتور فؤاد عبد المطلب الذي يعمل حالياً عميداً لكلية الآداب في جامعة جرش الأردنية وأستاذاً في قسم اللغة الإنجليزية وآدابها فيها، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة في الأدب الإنجليزي من جامعة إسكس - بريطانيا.
صدرت الترجمة العربية للكتاب في 273 صفحة من القطع الوسط، متضمنة ثمانية فصول، يستعرض عبرها مؤلفو الكتاب اتجاهات الدراسات الأدبية المقارنة وتطبيقاتها الجديدة –في محاولتها التأسيس لواقع نظرية جديدة في هذا الحقل المعرفي- والتي انبثقت كما يؤكدون من المأزق النظري والتطبيقي الذي وصلت إليه هذه الاتجاهات مع نهايات القرن العشرين.
حمل الفصل الأول من الكتاب عنوان الأدب المقارن ومستقبل الدراسات الأدبية، متناولاً تاريخ الأدب المقارن منذ بداياته حتى الآن، متقصياً الإصرار قليل التبصر والسريع في تأكيده أزمة الأدب المقارن، بل موته أيضاً، الأمر الذي يحفز البحث عن فرص لتشكيل قاعدة جديدة لهذا الفرع المعرفي.
وتناولت الفصول الثمانية الأخرى قضايا الأدب المقارن بوصفه نظرية أدبية بينية، والأدب المقارن وإنهاء الاستعمار، والأدب العالمي بوصفه ممارسة مقارنة، والأدب المقارن والترجمة، والتاريخ الأدبي المقارن، والمقارنة الفنية البينية. وجرى التطرق في هذه الفصول إلى مفاهيم مثارة حالياً تُعنى بنظرية منهجية في تجربة القارئ والدارس، مع تأكيد أن بداية نظرية العملية الأدبية البينية تنجم عن مناقشات لثلاثة مصادر هي: المدرستان الفرنسية والأميركية، والأدب المقارن بوصفه حقلاً معرفياً على علاقة بالدراسة الأدبية القومية، والأدب المقارن بوصفه هدفاً للأدب المقارن. وتبرز العلاقة بين الأدب المقارن ودراسات إزالة الاستعمار، خصوصاً في أميركا اللاتينية، فعلى الرغم من زوال الاستعمار بوصفه نظاماً سياسيا، فإنه لا يزال طريقاً نشطاً للهيمنة عالمياً. وتقدم دراسات إزالة الاستعمار إسهاماً قيماً في عمليات التغلب على النزعة المركزية الأوروبية في حقل الأدب المقارن عبر تحديدها المفاهيم الغربية للأدب. ويتجلى مفهوم الأدب العالمي بصورة شاملة، عبر اهتمام متجدد يظهر على شكل مثال من أمثلة الأدب المقارن أو فرع معرفي جديد.
ومن الخلاصات التي يتوصل إليها مؤلفو الكتاب أنه نظراً إلى أن استخدام اللغة على نحو إبداعي يرتبط بالسعي الإنساني إلى الاستمرار في العيش، فإن الأدب يتحدث عن موضوعات عيشنا الإنساني عبر الزمان والمكان، أي الطريقة المثلى في الإصغاء إلى الراحلين عبر لغات وآداب قديمة، والتواصل مع عوالم تغنينا بالتجارب والأفكار.
بعد هذا، وانطلاقاً من العلاقة الوثيقة بين الأدب المقارن والترجمة، تجري مناقشة آراء أهم الباحثين حول القضايا الناجمة عن حركة النصوص بين اللغتين المصدر والهدف، وذلك عبر قضايا نظرية، مثل غموض الترجمة، وتحولات العناصر الأساسية في النصوص المترجمة، والأعمال أو المظاهر غير القابلة للترجمة.
وانطلاقاً من وجود إمكانية بناء تواريخ أدبية عالمية، يؤكد مؤلفو الكتاب أن التاريخ الأدبي المقارن أصبح مجالاً تجريبياً خلال العقود الثلاثة المنصرمة جعلته جديراً بالدراسة، بسبب علاقته البديلة مع التقييد الأنموذجي للخطوط القومية، واستمرار إسهام المحور الفني البيني في تطور الأدب المقارن منذ تأسيسه في القرن التاسع عشر.
ونظراً إلى أن قضية مستقبل الأدب المقارن ضمن الظروف التاريخية للقرن الحادي والعشرين، بجوانبه الاقتصادية والاجتماعية والتقنية، تعد هدفاً أساسياً لمؤلفي الكتاب، فقد جرى التطرق إلى موضوعات تتصل بالعلاقة بين الأدب والتقنية، والصراع بين الشفاهية والكتابة، وثورة الاتصالات، وصوغ المعيار الحديث، والأدب والزمن، والقراءة والتربية، والأخلاق الكونية.
وكان مترجم الكتاب الدكتور فؤاد عبد المطلب قد مهّد للترجمة بمقدمة أكد فيها أن مرونة الأدب المقارن وإمكاناته الخاصة، سمحت له بأن يحتفظ بهيبته بوصفه حقلاً معرفياً متميزاً تجاه الدراسات الأدبية والثقافية بأنواعها ومختلف حالاتها، إذ كان لا بد له من أن ينهض لمواجهة التحدي المفروض عليه شاهراً ما لديه من المقومات كي يخرج من مشكلاته وتناقضاته، ويتبنى وجهات نظر جديدة ويكامل بينها، ويتقدم على طريق المعرفة المتنوعة المتكاملة. ويجيء الكتاب الحالي لمخاطبة هذه القضية على نحو مباشر.
ويخلص إلى أن القضايا الحيوية المثارة في الكتاب تمكّن من فهم الأفكار المثارة على نحو محفز يضيء الأفكار العربية الحالية والتطورات المستقبلية لهذا الحقل المعرفي.



مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي
TT

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، وتضمن مواضيع متنوعة، وخصص الملف لصناعة النخب في الوطن العربي، شارك فيه عدد من الباحثين العرب وهم: محمد شوقي الزين: صُورَةُ النُّخَب وجَدَل الأدْوَار. محمد الرميحي: المجتمع الخليجي وصناعة النخب: الوسائل والصعوبات! موليم العروسي: صناعة النخب وآلياتها. علي الشدوي: مواد أولية عن النخبة السعودية المؤسّسة. ثائر ديب: روسيا مطلع القرن العشرين وسوريا مطلع الواحد والعشرين: إنتلجنسيا ومثقفون.

أما حوار العدد فكان مع المؤرخ اللبناني مسعود ضاهر (أجراه أحمد فرحات) الذي يرى أن مشروع الشرق الأوسط الجديد يحل محل نظيره سايكس بيكو القديم، مطالباً بالانتقال من التاريخ العبء إلى التاريخ الحافز. المفكر فهمي جدعان كتب عن محنة التقدم بين شرط الإلحاد ولاهوت التحرير. وفي مقال بعنوان: «أين المشكلة؟» يرى المفكر علي حرب أن ما تشهده المجتمعات الغربية اليوم تحت مسمى «الصحوة» هو الوجه الآخر لمنظمة «القاعدة» أو لحركة «طالبان» في الإسلام. ويحكي الناقد الفلسطيني فيصل دراج حكايته مع رواية «موبي ديك». ويستعيد الناقد العراقي حاتم الصكر الألفة الأولى في فضاء البيوت وأعماقها، متجولاً بنا في بيته الأول ثم البيوت الأخرى التي سكنها.

ويطالع القارئ عدداً من المواد المهمة في مختلف أبواب العدد. قضايا: «تلوين الترجمة... الخلفية العرقية للمترجم وسياسات الترجمة الأدبية». (عبد الفتاح عادل). جاك دريدا قارئاً أنطونان أرتو (جمال شحيّد). عمارة: العمارة العربية من التقليدية إلى ما بعد الحداثة (عبد العزيز الزهراني). رسائل: أحلام من آبائنا: فيث أدييلي (ترجمة: عز الدين طجيو). ثقافات: خوليو كورتاثر كما عرفته: عمر بريغو (ترجمة: محمد الفحايم). عن قتل تشارلز ديكنز: زيدي سميث (ترجمة أماني لا زار). سيرة: أم كلثوم ونجيب محفوظ نسيج متداخل وروابط متعددة (سيد محمود). اليوتوبيا ونهاية العالم: القرن العشرون صحبة برتراند راسل: خاومي نافارو (ترجمة: نجيب مبارك). رحلة أدب الأطفال الروسي من جامع الفلكلور حتى حكايات اليوم (عبادة تقلا). الأدب والفلسفة: جان لويس فييار بارون (ترجمة حورية الظل). بواكير الحداثة العربية: الريادة والحداثة: عن السيَّاب والبيَّاتي (محمَّد مظلوم). بروتريه: بعد سنوات من رحيله زيارة جديدة لإبراهيم أصلان (محمود الورداني). تراث: كتاب الموسيقى للفارابي: من خلال مخطوط بالمكتبة الوطنية بمدريد (أحمد السعيدي). فيلسوفيا: فيليب ماينلاندر: فيلسوف الخلاص (ياسين عاشور). فضاءات: «غرافيتي» على جدران الفناء (هاني نديم).

قراءات: قراءة في تجربة العماني عوض اللويهي (أسامة الحداد). «القبيلة التي تضحك ليلاً»: تشظي الذات بين المواجهات النسقية (شهلا العجيلي). مختارات من الشعر الإيراني المعاصر (سعد القرش). نور الدين أفاية ومقدمات نقد عوائق الفكر الفلسفي العربي الراهن (الصديق الدهبي). تشكيل: تجربة التشكيلي حلمي التوني (شريف الشافعي). تشكيل: غادة الحسن: تجربتي بمجملها نسيج واحد والعمل الفني كائن حي وله دوره في الحياة (حوار هدى الدغفق). سينما: سعيد ولد خليفة: ما يثير اهتمامي دائماً هو المصاير الفردية للأبطال اليوميين (سمير قسيمي). الفلسفة فناً للموت: كوستيكا براداتان (ترجمة أزدشير سليمان). ماذا يعني ألا تُصنف كاتب حواشٍ لأفلاطون؟ (كمال سلمان العنزي). «الومضة» عند الشاعر الأردني «هزّاع البراري» (عبد الحكيم أبو جاموس).

ونقرأ مراجعات لعدد من الكتب: «جوامع الكمد» لعيد الحجيلي (أحمد الصغير). «حقائق الحياة الصغيرة» للؤي حمزة عباس (حسين عماد صادق). «أنا رسول بصيرتي» لسيد الجزايرلي (صبحي موسى). «طبول الوادي» لمحمود الرحبي (محمد الراشدي). «عقلان» لمحمد الشجاع (محمد عبد الوكيل جازم)

وكذلك نطالع نصوصاً لشعراء وكتاب قصة: برايتون (عبد الكريم بن محمد النملة). في طريق السفر تخاطبك النجوم: أورهان ولي (ترجمة: نوزاد جعدان). بين صحوي وسُكْرها (سعود بن سليمان اليوسف). خرائطُ النُّقصان (عصام عيسى). الغفران (حسن عبد الموجود). أنتِ أمي التي وأبي (عزت الطيرى).