«حدود مُتداخلة»... رواية بوليسية عراقية

الحروب وتأثيراتها النفسية والاجتماعية وانهيار القضاء

«حدود مُتداخلة»... رواية بوليسية عراقية
TT

«حدود مُتداخلة»... رواية بوليسية عراقية

«حدود مُتداخلة»... رواية بوليسية عراقية

صدرت عن دار «آشور بانيبال» ببغداد رواية «حدود مُتداخلة» للروائي العراقي أحمد السّامريّ، وهي الرواية الأولى في رصيده السرديّ، فقد عرفناه مُخرجاً سينمائياً من خلال فيلمه القصير «البعثة» عام 2013، وأستاذاً جامعياً في كلية الصيدلة بجامعة بغداد. ويبدو أنه قد وجد ضالته في الرواية.
يمكن تصنيف هذا العمل الأدبي بالرواية البوليسية التي تعتمد على رجل من رجال الشرطة أو التحرّي الذي يقوم باكتشاف الجريمة، وطرق تنفيذها، والدوافع المُحرِّضة على ارتكابها. ولو تأملنا في شخصية «عادل»، ضابط الشرطة لوجدناه العنصر الأساسي في هذه الرواية السوداء «Le roman noir» التي يتتبّع فيها «سامي»، ويُحلِّل فيها نوازعه الإجرامية.
لم تحضر الحروب العراقية المتعددة في هذه الرواية لكنها تشكِّل خلفية واضحة لها، ويمكن تلمّس تأثيراتها على مجمل الشخصيات التي يرتكز عليها هذا العمل الروائي المحبوك بعناية فائقة.
تبدو الرواية أُسَرية وبالكاد تخرج عن إطار الأهل والأقرباء فثمة عوائل ثلاث لا غير إذا اعتبرنا عائلة الحاج عبد السلام أكثر من أسرة واحدة فهي تتألف أصلاً من عائلتين صغيرتين وهما عائلة الابن الأكبر وسام، وزوجته رغد، وابنهما سامي، وعائلة الابن الأصغر كامل، وزوجته كوثر، وابنتهما زينة. وفي دائرة الأقرباء هناك ضابط الشرطة عادل، خال سامي، وزوجته سحر التي أنجبت ابنها «مُنتظر» لكنه فارق الحياة على عجل لأن الدمّ لا يصل إلى دماغه.
تنفتح الرواية على شخصية الأب الصيدلاني عبد السلام الذي يُحب ابنه وسام ويفضِّله كثيراً على كامل الذي يأخذ مصروفه اليومي من أخيه وزوجته الموظّفة في وزارة التربية، فلا غرابة أن تكون علاقة الأب بابنه كامل متوترة دائماً ولا تخلو من انتقادات لاذعة في كثير من الأحيان. لا يتأخر الروائي أحمد السّامري كثيراً قبل أن يزجّ القارئ في اللحظة الحاسمة أو الانعطافة الأولى للحدث الروائي. فما إن تتعطل سيارة الوالد ليلاً في مكان بعيد عن المنزل حتى يتصل بابنه كامل طالباً منه الذهاب إلى بيت «أبو صلاح»، صاحب الرافعة، وبما أنه كان على موعد سابق مع مالك العمارة لكي يستأجر منه محلاً فقد كلّف شقيقه وسام للذهاب إلى بيت «أبو صلاح» بدلاً عنه. وهناك حصل ما لا يُحمد عُقباه، إذ دهمه لص وحزّ عُنُقه بشفرة حلاقة حينما رفض الأخير تسليمه مفتاح السيّارة. لم تأخذ الجريمة وقتاً طويلاً لتتكشّف، فسيارة وسام المسروقة استوقفها ضابط مرور شكّك في عائديتها لنعرف بعد وقت قصير أن القاتل هو مؤيد حازم مُضر، وأنه لم يتعمّد قتله لكن الضحية قاومه فطعنه بالسكين وحزّ رقبته بشفرة حلاقة أخرجها من تحت لسانه. وقد حُكم عليه في خاتمة المطاف بالسجن لمدة عشرين عاماً.
افتتح كامل مطعم «ليالي المدينة» ودعا إليه أفراد العائلة برمتها مما أثار شكوك الوالد وزوجة أخيه رغد وحينما حاصروه في زاوية ضيّقة اعترف بأنه أخذ نقود شقيقه الراحل ولكنه كان يفكر بإرجاعها حينما تتحسن ظروفه المادية.
إذا كان هذا هو حال الجيل الأول كما وصفه الكاتب في النصف الأول من الرواية، فما بالك بالجيل الثاني الذي تربّى في كنف الآباء والأجداد وبخاصة سامي وزينة؟ فالأول فقدَ أباه غيلة، والثانية كانت تُعنَّف من قِبل والدها الذي فشل في كسب الرزق الحلال، وأخفق في إقامة علاقة زوجية متوازنة مع كوثر التي تحملته طويلاً، ولعلها مُصابة بمتلازمة ستوكهولم التي تتمثل بالتعاطف مع الجاني والتناغم مع أفكاره على الرغم مما تنطوي عليه من إساءة وعدوانية.
يتهدّد كامل من طرف مجهول، فيما يترك الحاج عبد السلام قبل وفاته كل ما يملك من إرث لرغد التي تفكر في الرحيل إلى كندا كي تبدأ هناك حياة جديدة لكنها لم تكن تعرف أنّ ابنها الوحيد سامي قد انتقم لأبيه من القاتل وذبحه بسكّين عمّه في زقاق مظلم. ولعل أغرب ما في هذه الرواية «السوداء» أنّ سامي تشبث بالفكرة التي طرحتها «زينة» عليه بعد بضعة لقاءات بأنها تتمنى أن تتخلص من والدها الذي لا يتورع عن ضربها وإهانتها في مناسبات كثيرة. وحينما تجد نفسها شريكة في جريمة قتل الوالد بيد ابن عمها سامي ترتبك أمام السائق قيس الذي ينقلها إلى المدرسة يومياً، ثم تنهار كلياً في وقت لاحق حينما تتذكر الطريقة البشعة التي ذبح بها أباها أمام عينيها: «شدّ رأسه من جبينه، ومرّر سكّيناً صغيرة على عُنُقه» وقبل أن يفكر بالهرب كان خاله عادل، ضابط الشرطة، قد أمسك بكل الخيوط التي تُفضي إلى الجريمتين الفظيعتين اللتين ارتكبهما ابن أخته سامي، الطالب الجامعي الذي يدرس بقسم الحاسبات في كلية العلوم.
تنتظم الرواية تحت ثيمات متعددة من بينها سرقة مال الأخ الميت حينما خاطبته رغد بالمحكية العراقية قائلة: أنتَ «أكلت من لحمه وهو ميت، تدري من يسوّي هيج؟ بس الحشرات». قد تبدو هذه الرواية دراما اجتماعية وهي كذلك فعلاً لكنها تخبّئ تحت أنساقها الاجتماعية كل المشكلات النفسية التي خلّفتها الحروب، والأنظمة المُستبِدة، ومختلف أشكال القمع الأسري، غير أن فساد القضاء يمثل انهياراً صريحاً لمنظومة القيم الأخلاقية والاجتماعية، فحينما يُحكَم على القاتل مؤيد حازم مضر بالسجن لمدة عشرين عاماً وهو يستحق الإعدام شنقاً حتى الموت وفق قانون العقوبات البغدادي تقول رغد متسائلة: «بس شنو نترجّى من هيج بلد إذا حتى قاضي مستقل ما عدنا؟». وسوف يُخلى سبيله نهائياً مع آلاف السجناء قبل بدء 2003، وهو العام الذي سقط فيه النظام الديكتاتوري السابق، وتمّ احتلال العراق من قِبل القوات الأنكلو - أميركية. تكتظ رواية الجريمة بمَشاهد القتل والعنف والسرقة، وإذا ما نحّينا شخصية القاتل مؤيد جانباً الذي ادعى أنه قتل لأسباب مادية فإن سامي لم يكن يفكر بالمادة أصلاً فقد ورث كل ما يملك جده من أموال وعقارات لكنه تصرّف كقاتلٍ متمرِّس، الأمر الذي يستدعي دراسة هذه الشخصية الشابة التي لم تتخوّف من حزّ رقبة أي إنسان حتى وإن كان عمّه. كما أبدى، هو نفسه، سلوكاً عنيفاً تجاه صديقه الجامعي إبراهيم وهدده بتحطيم رأسه بحجر، وفي السياق ذاته ضرب كامل شخصاً آخر على يده بمطرقة حديدية وربما يلجأ الضحية إلى الفصل العشائري الذي شاع في السنوات الأخيرة مع ضعف الدولة وغياب القانون. المداهمات كانت حاضرة، والتهجير القسري أوشك أن يقع لولا قتل العم كامل الذي كان يهدده شخص مجهول.
رواية «حدود متداخلة» تتوفر على ثيمة جيدة ترصد استشراء العنف في المجتمع العراقي، وحبكة قوية تلائم الرواية البوليسية، إضافة إلى الشخصيات المُركبّة التي تكشّفت لنا على مدار الرواية. وربما يكون السؤال الوحيد الذي يجب أن نثيره هنا: لماذا تتحدث كل الشخصيات باستثناء الراوي بالمحكية العراقية علماً بأن غالبيتها متعلمة وتستطيع أن تتحدث بلغة وسطى بين الفصحى والعامية كي تكون هذه الرواية مقروءة في العالم العربي برمته وليس العراق حصراً، لأنها رواية جديرة بالقراءة، ولا يجد كاتبها حرجاً في الإعلان عن نوعها الأدبي المشوِّق.



القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
TT

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

عاماً بعد عام وبدأب وطموح كبيرين يُثبت معرض فن أبوظبي مكانه في خارطة المعارض الفنية العربية، وهذا العام احتفل بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم في مقره بجزيرة السعديات الملتفة برداء الفنون. التجول في أروقة المعرض الفني يحمل الكثير من المتعة البصرية والفنية، نعيد مشاهدة أعمال لفنانين كبار، ونكتشف أعمالاً لم نرها من قبل لفنانين آخرين، ونكتشف في وسط ذلك النجوم الصاعدة. ولم يختلف الوضع هذا العام بل أضاف أقساماً جديدة ليستكشف الزائر من خلالها أعمالاً فنية بعضها عتيق وبعضها حديث، من الأقسام الجديدة هناك «صالون مقتني الفنون» و«فن جريء، فن جديد» و«طريق الحرير، الهويات المتبادلة» إضافة إلى معرض منفصل من مجموعة فرجام عن الفن الحديث والتحرر من الاستعمار سنعود له لاحقاً.

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

صالون مقتني الفنون

يُعد إضافة مميزة لنسخة هذا العام، ويعرض المخطوطات والأسطرلابات والتحف التاريخية والكتب النادرة بتنظيم من روكسان زند. نطلق الجولة من غرفة أنيقة حملت جدرانها خريطة ضخمة أحاط بها من اليمين واليسار قطعتان مثبتتان على الحائط، ونقرأ أنها كانت تُستخدم لحمل العمامة في العهد العثماني، في كوات حائطية نرى أطباقاً من الخزف أحدها يعود للقرن الـ16، ويصور فارساً عربياً على صهوة جواده، وفي أخرى إبريق ذهبي اللون يعود للعهد العثماني. في جناح «شابيرو للكتب النادرة» من بريطانيا نرى نسخاً من مصاحف تاريخية مزخرفة ومذهبة بجمال وحرفة لا تتخطاها العين، ما يجذب الزائر هو أن الكتب والمصاحف كلها في متناول اليد مفتوحة الصفحات ومنتظمة في عرض جميل.

مصاحف أثرية (الشرق الأوسط)

تستعرض القائمة على العرض بعض القطع المميزة، وتقول: «إنها المرة الأولى التي نشارك فيها في معرض أبوظبي. نعرض بعض المخطوطات والكتب النادرة من متجرنا في لندن، منها صفحة من مصحف بالخط الحجازي يعود للقرن السابع، وبعض المصاحف المصغرة أحدها يعود للقرن الـ19». وعن الأسعار تقول إنها تتراوح ما بين آلاف الدولارات لبعض اللوحات التي تعود لعهد الحملة الفرنسية على مصر، أما المصاحف فتتراوح أسعارها حسب تاريخها ونسبة مالكيها السابقين، كمثال تشير إلى نسخة تعود لبلاد فارس في القرن الـ16 سعرها 335 ألف دولار، وصحائف من القرآن تتراوح أسعارها ما بين 20 و30 ألف دولار. هنا أكثر من مثال للمصاحف المصغرة منها مصحف مكتوب بدقة متناهية بالذهب على أوراق خضراء اللون مشكلة على نحو ورق الشجر، وبجانبه نرى مصحفاً مصغراً آخر محفوظاً في علبة ذهبية تتوسطها عدسة مكبرة. الكتابة دقيقة جداً، وهو ما يفسر وجود العدسة المكبرة، تقول: «هذا المصحف ليس مكتوباً باليد مثل المصاحف الأخرى هنا، بل مطبوع من قبل دار نشر في غلاسكو في عام 1900 باستخدام تقنية جديدة للطباعة الفوتوغرافية. ومثل هذا النوع من المصاحف المصغرة كانت تطبع لاستخدام الجنود البريطانيين المسلمين في الحرب العالمية الأولى، وكانوا يرتدونها معلقة في قلائد كتعويذة، يقدر سعر المصحف بـ3.5 ألف دولار أما المصحف على هيئة ورقة الشجر فيقدر سعره بـ40 ألف دولار.

مصحف مصغر مطبوع في غلاسكو عام 1900

نمر على «غاليري آري جان» الذي يعرض لوحات المستشرقين من القرن الـ19، ومنها أعمال جاك ماجوريل، ثم نصل إلى جناح «كتب دانيال كاروش النادرة» الذي يعرض مكتبة تضم أكثر من 500 ألبوم صور تحتوي على صور تاريخية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعالم العربي الأوسع. هنا نرى مجموعة من الصور النادرة المكبرة معروضة على كامل الحائط، من ضمنها صور من الجزيرة العربية قديماً، بعضها لأشخاص مشهورين مثل الرحالة غيرترود بيل ولورانس العرب، وغيرها لأشخاص لا نعرف أسماءهم، نرى أيضاً صوراً للكعبة المكرمة وصوراً عامة لأشخاص يرتدون الزي العربي. في الصدارة مجموعة من المجلدات، يقول عنها المشرف على الجناح إنها المجموعة الكاملة التي تضم 33 ألف صورة من 350 ألبوماً، يقول: «إنَّ المجموعة تعود لسيدة من لندن تُدْعَى جيني ألزوث، وإنها جمعت الصور على مدى 25 إلى 30 عاماً. الشيء المثير للاهتمام في هذه المجموعة هو أنها تعبّر عن لمحات من الحياة اليومية في الجزيرة العربية التقطها زوار أوروبيون بريطانيون على مدار 130 عاماً».

صور تاريخية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعالم العربي

يضيف محدثنا أن الصور لم تنشر من قبل، «نأمل أن تقدم هذه الصور سرداً لتاريخ المنطقة لم يوثقه أحد من قبل»، ويقدر سعرها بمبلغ 2 مليون دولار.

ولفت جناح دار «كسكينار - كنت آنتيكس» الأنظار إليه بمجسم لحصان وضع عليه سرج صُنع للسلطان العثماني سليم الثالث (1789-1807) ومزين بـ1036 شكلاً مذهباً، منها أكثر من 500 نجمة فضية، وكل نجمة يصل وزنها إلى 11 غراماً تقريباً، ويصل سعر السرج إلى 3 ملايين دولار.

«فن جريء، فن جديد»

«فن جريء، فن جديد»، بإشراف ميرنا عياد، يعيد عرض أعمال لفنانين مهمين كان لهم أدوار محورية في تاريخ الفن في المنطقة. من خلاله تستعرض صالات من تونس ومصر وفلسطين ولبنان والمملكة العربية السعودية وإيران وفرنسا، مجموعة ملهمة من أعمال الفن الحديث لفنانين وفنانات رواد من أوائل الستينات، وحتى أوائل الثمانينات»، وفي هذا الإطار نستمتع بنماذج رفيعة لرواد أمثال إنجي أفلاطون من مصر ونبيل نحاس من لبنان وسامي المرزوقي من السعودية وغيرهم. الأعمال المعروضة في هذا القسم لها ألق خاص فهي تعيد فنانين حفروا أسماءهم في تاريخ الفنون في بلادهم، وفي الوطن العربي بعضهم انحسرت عنه أضواء السوق الفنية، وأعادها العرض مرة أخرى لدائرة الضوء.

عمل للفنانة المصرية إنجي أفلاطون (الشرق الأوسط)

في «غاليري ون» نرى أعمالاً للفنانة الأردنية الفلسطينية نبيلة حلمي (1940-2011)، يصف موقع المتحف الوطني الأردني أسلوب الفنانة الراحلة بأنه خليط من «الكولاج والألوان المائية والحبر الصيني. تتميز أعمالها الزيتية بشفافية حالمة وعفوية، فيها تجريد تعبيري يتسم بالغموض والنضج الفني». نرى هنا نماذج لأعمالها، ونتحدث مع المشرف على القاعة عنها، يقول إنَّ الفنانة لها أعمال في متاحف عالمية وعربية، ولكنها قليلة في السوق التجارية. الفنانة الثانية هي إميلي فانوس عازر (فلسطينية، مواليد الرملة عام 1949)، ويعرض لها الغاليري أكثر من عمل منها بورتريه لامرأة تنظر إلى الأمام بينما عقدت ذراعيها أمامها، العمل يجبر الزائر على التوقف أمامه والتأمل فيما يمكن أن تخفيه تلك المرأة خلف نظرتها الواثقة والعزيمة التي تنبعث منها.

بورتريه للفنانة إميلي فانوس عازر (الشرق الأوسط)

من مصر يقدم «أوبونتو آرت غاليري» المشارك للمرة الأولى عدداً من أعمال الفنان المصري إيهاب شاكر (1933-2017)، المألوفة للعين، فالفنان له خطوط مميزة رأيناها في أعمال الكاريكاتير التي نشرها في الصحف المصرية. يقول المسؤول عن الغاليري إن شاكر انتقل للعمل في مسرح العرائس مع شقيقه ناجي شاكر قبل أن يسافر إلى فرنسا في عام 1968 حيث عمل في مجال أفلام الرسوم المتحركة، ونال عدداً من الجوائز عن أحد أفلامه. تلفتنا تعبيرات شاكر التي تحمل عناصر شعبية مصرية يقول عنها محدثنا إنَّها تبعث البهجة، ويشير إلى أن الحس الموسيقي يميز أعمال الفنان أيضاً، ويظهر ذلك في الوحدة والتناغم بين العناصر، ويؤكد أن «لديه خطوطاً مختلفة عن أي فنان آخر».

من أعمال الفنان إيهاب شاكر (الشرق الأوسط)

 

في «غاليري بركات» من بيروت نجد مجموعة من الأعمال المتنوعة ما بين اللوحات والمنحوتات الخشبية والبرونزية، يتحدث معنا صالح بركات مالك الغاليري عن الأعمال المعروضة، ويبدأ بالإشارة لعمل ضخم من البرونز للفنان معتصم الكبيسي يمثل أشخاصاً يتهامسون: «يعكس خلفيات المسرح السياسي، الكل يتهامس، وما لا يقال قد يكون أكثر أهمية مما يقال». للفنان جوزف الحوراني منحوتات خشبية تحمل كتابات بالخط العربي، تنتظم ببراعة، وتتضافر في تشكيلات خشبية مدهشة تجعلنا ندور حولها، ونحاول قراءة الجمل المكتوبة، ومنها «مصائب قوم عند قوم فوائد» و«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ». «عبقرية!» يصفها صالح بركات، ويتحدث عن الخط العربي ونقله للعالم المعاصر: «أنا اليوم يعنيني أن نحافظ على تراثنا بطريقة عصرية. نريد أن نأخذ تراثنا للمستقبل».

من أعمال الفنان العراقي سيروان باران (الشرق الأوسط)

ينتقل إلى عملين للفنان سروان بهما الكثير من الحركة، نرى أشخاصاً يتحركون في اتجاهات مختلفة، يحملون حقائب وأمتعة، ليست حركة مرحة بل متعجلة، يعلق: «الفنان لا يتحدث فقط عمّن يرحل، بل أيضاً عمّن يعود، حالات ذهاب وعودة وضياع».

 

الفن السعودي حاضر

عبر مشاركات في «غاليري أثر» و«غاليري حافظ» نرى عدداً من الأعمال الفنية السعودية المميزة، فيعرض «غاليري أثر» مجموعة من أعمال الفنانة المبدعة أسماء باهميم تفيض بالحيوانات الأسطورية وقصص من الخيال مرسومة على الورق الذي تصنعه الفنانة بيدها. للفنانة باهميم هنا مجموعتان جذابتان: «ملاحظات في الوقت» و«فانتازيا». تستكشف الأخيرة الفروق الدقيقة والتعقيدات في سرد القصص. وتتعمق «ملاحظات في الوقت»، وهي سلسلة أحدث، في الفولكلور العربي، وتفحص الأدوار الجنسانية في الحكايات التقليدية وتأثيرها اللاحق على الهوية الثقافية.

من أعمال الفنانة أسماء باهميم (الشرق الأوسط)

كما يقدم «أثر» عدداً من أعمال رامي فاروق الفنية وسلسلة للفنانة سارة عبدو بعنوان «الآن بعد أن فقدتك في أحلامي، أين نلتقي». أما «غاليري حافظ» فيقدم صالتين تتضمنان أعمال مجموعة من الفنانين المعاصرين والحديثين، فيقدم عدداً من أعمال الفنان سامي المرزوقي تتميز بألوانها وخطوطها التجريدية. وفي قسم الفن المعاصر يعرض أعمال الفنانة بشائر هوساوي، التي تستمد فنونها من بيئتها الغنية وذاكرتها البصرية العميقة، باستخدام مواد طبيعية مثل النخيل، وتعبر عن موضوعات مثل الانتماء، والحنين، والهوية الإنسانية المتغيرة. بجانبها يستعرض سليمان السالم أعماله التي تتعمق في الطبيعة الزائلة للوجود. باستخدام تقنيات الطباعة العدسية والفيديو ووسائط أخرى، تستكشف أعماله التفاعل بين الشعور والإدراك والتواصل الإنساني.