صفقة جديدة في الجنوب السوري... تفكيك التنف مقابل «ابتعاد» إيران

تمسك أميركي بآلية لمراقبة تنفيذ الانسحاب وعدم العودة... وتركيا تستعجل ترتيبات مع روسيا وأميركا للشمال

مدينة درعا كما بدت أمس (أ.ف.ب)
مدينة درعا كما بدت أمس (أ.ف.ب)
TT

صفقة جديدة في الجنوب السوري... تفكيك التنف مقابل «ابتعاد» إيران

مدينة درعا كما بدت أمس (أ.ف.ب)
مدينة درعا كما بدت أمس (أ.ف.ب)

تتسارع الاتصالات للوصول إلى ترتيبات عسكرية إزاء الجنوب السوري تتضمن مقايضة تفكيك قاعدة التنف العسكرية الأميركية في زاوية الحدود السورية - العراقية - الأردنية مقابل إبعاد إيران وميلشياتها عن الجنوب، لكن الخلاف لا يزال قائماً حول الجدول الزمني لتنفيذ بنود «صفقة الجنوب» وعمق انسحاب تنظيمات تدعمها طهران.
وكان مساعد نائب وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد ورقة أفكار جال فيها على الروس والأردنيين والأتراك. وقالت لـ«الشرق الأوسط» مصادر اطلعت على الورقة، إنها نصت على: «انسحاب جميع الميليشيات السورية وغير السورية إلى عمق 20 – 25 كيلومتراً من الحدود الأردنية علماً بأن الاتفاق الأميركي - الروسي - الأردني نص فقط على (عدم وجود القوات غير السورية)، في إشارة إلى ميليشيات إيران، ونقل مقاتلي المعارضة وأسرهم إلى إدلب شمال سوريا وتسليم سلاحهم الثقيل إلى الجانب الروسي (هناك اقتراح بتحويل قسم من الـ12 ألفاً إلى شرطة محلية بالتعاون مع الروس كما حصل في ريف حمص)، عودة قوات الحكومة إلى الحدود الأردنية وعودة مؤسسات الدولة إلى درعا، إعادة فتح معبر نصيب بين سوريا والأردن (عمان تستعجل ذلك للحصول على نحو نصف مليار دولار أميركي عائدات جمركية، وروسيا تريد فتح الطريق وصولاً إلى تركيا)، وانتشار نقاط للشرطة العسكرية الروسية، إضافة إلى تشكيل آلية أميركية - روسية للرقابة على تنفيذ هذه البنود».
وكان لافتاً أن ساترفيلد وضع ضمن سلة أفكاره تفكيك قاعدة التنف التي تحولت إلى قاعدة عسكرية محمية بمنظومة صواريخ بقطر 55 كيلومتراً، وكان يتم تدريب فصائل معارضة على أيدي بريطانيين وأميركيين ونرويجيين. لكن الموقف الأميركي يشترط أن يحصل ذلك بعد التحقق من سحب إيران ميلشياتها السورية وغير السورية عن الحدود. وأفاد دبلوماسي غربي بأن موقف وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتن كان أقرب إلى ضرورة الضغط على روسيا لتنفيذ التزاماتها في اتفاق الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب نهاية العام الماضي، إضافة إلى «تمسك مسؤولين أميركيين بضرورة الإبقاء على ورقة ضغط على روسيا وإيران».
وأمام هذا الواقع الأميركي، جرت مفاوضات إسرائيلية - روسية مباشرة لبحث ترتيبات تتعلق بمنطقة الجولان السوري والجنوب، حيث تبادل وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدرو ليبرمان ونظيره الروسي سيرغي شويغو في موسكو الخرائط. وجرى التفاهم بين الطرفين على إبعاد تنظيمات تدعمها طهران وراء محور دمشق - السويداء مقابل عودة قوات الحكومة إلى ثلاث نقاط: تل الحارة في ريف درعا، وهي أعلى هضبة ذات بعد عسكري، معبر نصيب على حدود الأردن، ومنطقة في بصر الحرير في ريف درعا.
وفي مرحلة لاحقة بعد انتشار قوات الحكومة بينها الفرقة الرابعة في الحرس الجمهوري في الجولان، يمكن إحياء اتفاق فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل لعام 1974 الذي يتضمن منطقة محايدة ومنطقة منزوعة السلاح وأخرى محدودة السلاح يراقبها نحو 1200 عنصر من «قوات الأمم المتحدة لفك الاشتباك» (اندوف).
وقال مسؤول غربي أمس إن هناك أمرين يحددان مصير الصفقة: «الأول، توفير ضمانات بانسحاب الميليشيات الإيرانية وضمان عدم عودتها وإيجاد آلية لمراقبة ذلك سواء كانت أميركية - روسية أو إسرائيلية - روسية. الأمر الثاني، مصير قاعدة التنف الأميركية». وأضاف: «واشنطن لن تفككها قبل التأكد من ابتعاد إيران، فيما بدأت دمشق تشترط تفكيكها قبل سحب الميليشيات». وقال وزير الخارجية وليد المعلم في مؤتمر صحافي في دمشق أمس: «نحن لم ننخرط بعد في مفاوضات تتعلق بجبهة الجنوب. لذلك قلت إن المؤشر هو انسحاب الولايات المتحدة من أراضينا في التنف». وأضاف: «لا تصدقوا كل التصريحات التي تتحدث عن اتفاق بشأن الجنوب ما لم تروا أن الولايات المتحدة سحبت قواتها من قاعدة التنف، ويجب أن تسحب قواتها من قاعدة التنف. عندما تنسحب الولايات المتحدة من التنف، نقول إن هناك اتفاقا».
لكن قاعدة حميميم الروسية أعلنت على صفحتها في «فيسبوك» بعد كلام المعلم: «الاتفاق المبرم جنوب سوريا نص بشكل واضح على انسحاب القوات الإيرانية المساندة للقوات الحكومية السورية في المنطقة وانتقالها إلى العمق السوري بعيداً من الحدود الجنوبية للبلاد، ونتوقع تنفيذ ذلك خلال أيام معدودة».
وكان دبلوماسيون غربيون أفادوا بأن الأيام الماضية شهدت «إعادة انتشار» لتنظيمات تابعة لإيران إذ «عادت الميليشيات وحزب الله بضعة كيلومترات بعيداً من الأردن، وبقيت أقرب إلى الجولان. إذ إن حزب الله تحرك في مواقعه في معسكر البعث وهضبة تل أيوب 4 - 5 كيلومترات إلى بلدتي حمريت ونبع الفوار، كما أن عناصر الحرس الثوري انتقلت من درعا المدينة إلى ازرع لكنها بقيت على جبهات القتال الشمالية، إضافة إلى انتقال لواء القدس الفلسطيني من مخيم اليرموك إلى درعا».
ترتيبات ومقايضات
تكثفت الاتصالات الأميركية - التركية من جهة والتركية - الروسية من جهة ثانية حول ترتيبات تتعلق بمدينتي تل رفعت ومنبج شمال سوريا. وأفيد أمس، بانسحاب عناصر موالية لدمشق من منطقة تل رفعت في ريف حلب الشمالي إلى بلدة نبل. وأفادت وكالة الأنباء الألمانية بأن «عملية انسحاب عناصر القوات السورية من منطقة تل رفعت التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية، بعد تفاهم بين الجيش الروسي وتركيا وقيادة الجيش الحر لاستعادة منطقة تل رفعت التي سيطرت عليها الوحدات الكردية منذ بداية فبراير (شباط) عام 2016، وقامت قبل شهرين بتسليم بعض النقاط في منطقة تل رفعت للقوات الحكومية».
من جهته، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن «عناصر وضباط القوات الإيرانية والقوى الموالية انسحبوا من تل رفعت ومحيطها بعد خلافات روسية - إيرانية، حول مشاورات روسية - تركية، لتسليم تل رفعت إلى القوات التركية والمعارضة السورية، مقابل انسحاب فصائل المعارضة من مثلث غرب جسر الشغور - سهل الغاب - ريف اللاذقية الشمالي الشرقي».
تزامن الانسحاب مع وصول آليات عسكرية روسية مصحوبة بآليات للنظام إلى منطقة تل رفعت، يرجح أنها لتبديل وحدات عسكرية من قوات النظام في المنطقة، في وقت هناك اتصالات لاستكمال فتح طريق غازي عنتاب الذي يصل تركيا برياً بالحدود الجنوبية لسوريا مع الأردن، وإنهاء وجود «الوحدات» الكردية في ريف حلب الشمالي بعد انسحابها من عفرين.
في موازاة ذلك، استمرت الاتصالات بين واشنطن وأنقرة لوضع اللمسات الأخيرة على خريطة طريق خاصة بمدينة منبج الخاضعة لسيطرة التحالف الدولي بقيادة أميركا بعد طرد «داعش» منها، بحيث يعلن الاتفاق خلال لقاء وزيري الخارجية مايك بومبيو ومولود جاويش أوغلو الاثنين.
ونصَّت مسودة الاتفاق على النقاط الآتية: إخراج «وحدات حماية الشعب» الكردية إلى شرق نهر الفرات، تشكيل دوريات أميركية - تركية في منبج بعد 45 يوماً من توقيع الاتفاق، آلية المراقبة وفقاً لحاجات المدينة، تشكيل إدارة محلية في غضون 60 يوماً من توقيع الاتفاق، تشكيل مجلس عسكري ومدني للمدينة، عودة النازحين إلى أراضيهم.
وإذ غادر قياديون غير سوريين من «الوحدات» مدينة منبج إلى الشرق، قال مصدر أمس إن الخلافات بين أنقرة وواشنطن تتناول ترتيب تنفيذ بنود الاتفاق بين رغبة أنقرة في إخراج «الوحدات» بداية مقابل مطالب أميركية بحصول ذلك بعد إجراءات لبناء الثقة، إضافة إلى الخلاف حول الأكراد الذين سيشاركون في المجلس المدني للمدينة ومناطق عودة النازحين.
وأشار إلى وجود نصائح غربية بإجراء مفاوضات مع أنقرة بعد الانتخابات المقبلة لإطلاق عملية سياسية بين الحكومة التركية و«حزب العمال الكردستاني» حول دور الأخير في سوريا وتركيا.



«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
TT

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

عقدت الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس، اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك؛ لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولوية الحكومة وبرنامجها في الإصلاحات، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستكمال استعادة الدولة.

وجاء الاجتماع في وقت يعاني فيه الاقتصاد اليمني ظروفاً خانقة بسبب تراجع الموارد، وتوقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير وتعثر مسار السلام، إثر تصعيد الانقلابيين بحرياً وإقليمياً.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك في عدن (غيتي)

وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء ناقش في الاجتماع المستجدات الاقتصادية والمالية والنقدية والخدمية والمعيشية، وفي المقدمة تقلبات أسعار الصرف، والتحديات المتصلة بالكهرباء، وتقييم مستوى الخطط الحكومية للتعاطي معها.

واستعرضت الحكومة اليمنية في اجتماعها مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي لإثرائها بالنقاشات والملاحظات؛ لتطويرها ومواءمتها مع البرامج والسياسات الحكومية الجاري تنفيذها في مجال الإصلاحات، تمهيداً لإقرارها ورفعها إلى مجلس القيادة الرئاسي.

ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن مجلس الوزراء أجرى نقاشاً مستفيضاً لتقييم الخطة، والتي تتوافق في عدد من جوانبها مع المسارات الرئيسية لأولويات الحكومة والمتمثلة في استكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، وتحقيق السلام، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إضافة إلى الإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية وتوجيهها وفقاً للاحتياجات والأولويات الحكومية.

وبحسب الوكالة، أقرت الحكومة تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير المالية، وعضوية وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والنقل، والخدمة المدنية والتأمينات، والنفط والمعادن، والبنك المركزي اليمني، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب رئيس الوزراء، لدراسة الخطة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليها، وإعادة عرضها على المجلس خلال أسبوعين من تاريخه للمناقشة واتخاذ ما يلزم.

مواءمة الخطة

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس الوزراء كلف اللجنة الوزارية بمواءمة خطة الإنقاذ مع برنامج الحكومة ومصفوفة الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي والخطط القطاعية للوزارات، وغيرها من السياسات التي تعمل عليها الحكومة، وتحديد الأولويات، وما تم إنجازه، ومتطلبات تنفيذ الخطة، والخروج بوثيقة اقتصادية موحدة يتم الاستناد إليها في عمل الدولة والحكومة، بحسب الأولويات العاجلة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وشدد مجلس الوزراء اليمني على تحديد التحديات بما يتناسب مع الواقع والمتغيرات، وسبل معالجتها بطريقة مناسبة والمسؤولية التشاركية والواجبات بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

وركزت نقاشات الحكومة على أهمية مراعاة الخطة لمسببات الوضع الاقتصادي الكارثي الذي فاقمته هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، وتحديد جوانب الدعم المطلوبة من شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة.

وأكد اجتماع الحكومة اليمنية تحديد السياسات التي تم تنفيذها والجاري العمل عليها، والتي تضمنتها الخطة، والتحديات والمعوقات التي حالت دون تنفيذ بعضها، ومقترحات المعالجة.

نقص الوقود

اطلع مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه على تقارير من الوزراء المعنيين، حول الإشكالات القائمة في تزويد محطات الكهرباء بالوقود في العاصمة المؤقتة عدن، والجهود المبذولة لتجاوزها، والإجراءات العاجلة لوضع الحلول لتحقيق الاستقرار النسبي في خدمة الكهرباء، واستمرار إمدادات المياه للمواطنين.

وطبقاً للإعلام الرسمي، تم التأكيد بهذا الخصوص على توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات الكهرباء، وعلى العمل لتأمين كميات أخرى إضافية لضمان استقرار الخدمة.

الحكومة اليمنية تعاني تدهوراً حاداً في الاقتصاد بسبب نقص الموارد وتوقف تصدير النفط (سبأ)

كما وجه الاجتماع الحكومي وزيري المياه والكهرباء بالتنسيق لتأمين احتياجات تشغيل آبار المياه، من الكهرباء والوقود اللازم لاستمرار الضخ، وتفادي توقف إمدادات المياه للسكان في عدن.

وإلى ذلك، استمع مجلس الوزراء اليمني إلى إحاطات حول نتائج حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في عدن والمحافظات المحررة، وضبط أسعار السلع والمتلاعبين بالأسعار، وشدد على مواصلة الحملات والتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة في هذا الجانب، طبقاً لما أورده الإعلام الرسمي.