مصر: مقاطعو كلمة الرئيس... شعر وهتاف ومواقف مُحرجة

TT

مصر: مقاطعو كلمة الرئيس... شعر وهتاف ومواقف مُحرجة

منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، ووصولاً إلى حكم الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، تمكن هتاف «المنحة يا ريس» من البقاء، متجاوزاً ثورتين وأربعة رؤساء، لكن الهتاف الذي أطلقه شخص مجهول في تسعينات القرن الماضي ليقاطع مبارك لتذكيره بعلاوة دورية للعمال، لم يعد سوى كلمة مفتاحية ونادرة في أوساط المصريين عند الحديث عمن يقاطعون الرؤساء في أثناء كلماتهم.
وخلال كلمة السيسي، أمس، أمام أعضاء مجلس النواب، في أثناء مراسم أداء يمين الفترة الرئاسية الثانية، لم تكن حالة المقاطعة واحدة بل ثلاث حالات، غير أنها صدرت من أعضاء في مجلس النواب، إذ أطلقت نائبة برلمانية دعواتها في أثناء كلمة السيسي، وهتفت في وسط القاعة: «ربنا يحميك لمصر ولولا وجودك يا ريس لكنا لاجئين... ربنا يحميك لمصر».
وبدا أن هتاف النائبة أغرى زميلاً لها، لمقاطعة جديدة ألقى فيها نحو ستة أبيات من الشعر تمدح الرئيس وتعرض مميزاته، غير أن الأخير تدخل أمام حالة الثناء عليه بالقول: «طالما ربنا معانا حال البلد هيتصلح... لا السيسي ولا غيره... ربنا يحفظ مصر ويحميها».
مواقف السيسي مع مقاطعي كلمته، لم تكن وليدة أمس فقط، إذ تمكن رجل من قرية المراشدة بمحافظة قنا (جنوب مصر) من لفت انتباه الرئيس خلال احتفالية بافتتاح مشروعات تنموية في محافظات الجنوب المصرية، في مايو (أيار) من العام الماضي، وتحدث الرجل الذي عُرف في ما بعد باسم «الفلاح الفصيح» عن «الظلم الذي تعرض له وأبناء قريته جراء طريقة توزيع الأراضي الخاصة بالمشروعات التنموية لاستصلاحها».
وأمام حديث الرجل المتدفق، دعاه السيسي للوقوف على المنصة الرئيسية للحديث بالتفصيل، وقرر الرئيس الاستجابة لمطالبه، وأصدر توجيهاً للحكومة بمنح أهالي قريته أراضي مجانية لاستصلاحها.
مقاطعة كلمة الرئيس لم تُثمر لأصحابها مواقف إيجابية على طول الخط، بل إن نائباً برلمانياً من محافظة دمياط، تدخل في أثناء افتتاح الرئيس لبعض المشروعات بالمحافظة، في مايو 2017، ليطالبه بتأجيل قرارات رفع الدعم عن المحروقات حتى تتم زيادة الحد الأدنى للأجور، غير أن السيسي انفعل على الرجل بشكل واضح ليسأله مستنكراً: «إنت مين؟»، فرد النائب بقوله إنه عضو في مجلس النواب، ليعقب السيسي مستنكراً: «نواب إيه؟ هل درست الموضوع الذي تتحدث فيه؟ هل تريدون أن تنهض الدولة أم تظل ميتة، إذا سمحتم ادرسوا المواضيع جيداً ثم تحدثوا، والدولة لن تنهض بالعواطف والكلام غير المدروس».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.