ليبيا... ماذا وراء مبادرة ماكرون؟

شكوك حول الانتخابات... وتحذير من «الصوملة»

ليبيا... ماذا وراء مبادرة ماكرون؟
TT

ليبيا... ماذا وراء مبادرة ماكرون؟

ليبيا... ماذا وراء مبادرة ماكرون؟

استضاف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أول مؤتمر الثلاثاء الماضي، من نوعه لقيادات تمثل جانباً من سُلطاتٍ رئيسية في ليبيا، بحثاً عن حل في البلد الذي يعاني من الفوضى منذ مقتل معمّر القذافي. إلا أن عمق الخلافات بين الأفرقاء الليبيين حال دون التوقيع على وثيقة ملزمة. ومع ذلك، حركت المبادرة الفرنسية المياه الراكدة في الملف الليبي، داخلياً وخارجياً. وتمكَّن الرئيس الشاب، من جمع الخصوم الأربعة في غرفة واحدة، لأول مرة، وهم: فائز السراج رئيس «المجلس الرئاسي»، وخالد المشري رئيس «مجلس الدولة»، وعقيلة صالح رئيس البرلمان، وخليفة حفتر قائد «الجيش الوطني».
وتسعى باريس للتوصل لاتفاق تدعمه الأمم المتحدة، ويفضي لإجراء انتخابات، قبل نهاية هذا العام، بيد أن هذه الخطوة من شأنها أن تثير مزيداً من الاحتقان داخل هذا البلد الأفريقي الغني بالنفط، وقد تثير كذلك غيرة أكثر من دولة أوروبية، وبخاصة إيطاليا التي تعتمد على نحو 35 في المائة من إمدادات النفط ونحو 20 في المائة من الغاز من ليبيا، مستعمرتها السابقة.

حضر مؤتمر باريس حول ليبيا ممثلون لحكومات بلدان عدة معنية بالوضع الليبي، ومنظمات إقليمية ودولية. ويرى المحلل الأمني والسياسي النمساوي ولفغانغ بوشتاي، أن معظم الأطراف الليبية التي دعيت إلى العاصمة الفرنسية باريس، ليس لديها سلطة أو نفوذ، باستثناء الجنرال حفتر في شمال إقليم برقة.
بوشتاي عمل في مجالات مختلفة منها الاستخبارات، والشؤون الاستراتيجية والسياسية، وإدارة الأزمات. وهو يقول إن «لا أحدا من (القادة الليبيين) الأربعة، الذين التقوا في العاصمة الفرنسية، يتمتع بالسلطة والنفوذ في داخل البلاد، لإقرار قانون انتخابي مناسب، ولا يمكن لأي منهم - باستثناء حفتر في شمال برقة - أن يكون له تأثير إيجابي حقيقي على الأمن... فالميليشيات في طرابلس، وفي أجزاء أخرى من البلاد، لن تضع أسلحتها فقط؛ لأن هناك لقاء جرى في باريس».

- خلافات عميقة
ورغم ما بدا من تفاؤل أمام كاميرات التصوير، فإن مراقبين محليين وغربيين يرون أن الحل في ليبيا، ربما لن يكون بتلك السهولة. إذ يقول عبد الله ناكر، رئيس حزب «القمة» الليبي ورئيس «مجلس ثوار طرابلس»: «لم تكن هناك ثقة بين الليبيين الذين اجتمعوا في باريس. لقد كان كل منهم يعبّر عن الجهة التي تقف وراءه. نحن في أزمة كبيرة». ويضيف، إنه رغم كل شيء يظل الحل بيد الليبيين عن طريق اللجوء لصناديق الاقتراع... متابعاً «أؤمن بأن الانتخابات ستقول من يحكم ليبيا، وحينها سنلتف حوله».
في الواقع، أظهر مؤتمر باريس عمق المشكلة، وذلك لدى وضع الأمور على طاولة الرئيس إيمانويل ماكرون. فموقف السراج من كل من حفتر وصالح، وحربهما في مدينة درنة، يعد الأقرب لموقف المشري التابع لجماعة الإخوان المسلمين. والمشري لا ينظر إلى مسلحي درنة باعتبارهم «إرهابيين»، بل باعتبارهم «ثواراً». ثم إنه يصف حفتر - المعيّن من قبل البرلمان الذي يرأسه صالح - بأنه «انقلابي ومطلوب للعدالة».
وفي المقابل، تصنف جبهة حفتر، جماعة الإخوان «تنظيماً إرهابياً». وهناك خلافات أخرى بين سلطات مجلس الدولة، وسلطات البرلمان. ولا يوجد أي تفاهم حول مَن يحق له أن يكون القائد الأعلى للقوات المسلحة. وللعلم، يتنازع على هذه الصفة في الوقت الراهن كل من السراج وصالح.
وعلى الأرض، ما زالت طرابلس ممزّقة الأوصال بين ميليشيات متنافسة ومدجّجة بالمدفعية والدبابات. في حين تغذي بعض الأطراف حرباً قبلية في جنوب البلاد. وأما في الشرق، فما زال الجيش يحارب مجموعات ارهابية، في درنة ومناطق صحراوية أخرى.
على خلفية هذه الأجواء، حدّد ماكرون يوم العاشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لإجراء الانتخابات. وبينما شنّت وسائل إعلام إيطالية حملة انتقادات ضد نشاط الفرنسيين في ليبيا، يبدو الموقف الأوروبي ضبابياً من هذا الملف، في حين ابتعدت الولايات المتحدة، إلى حد ملحوظ، عن الخوض في مستقبل الليبيين، وهي تكتفي بين وقت وآخر بتوجيه ضربات لقواعد تخصّ متطرفين في الصحراء الشاسعة.

- قوى خارج التفاوض
من جهة ثانية، تغيب عن لقاء باريس ممثلون لقوى محلية ليبية لا يستهان بها، من بينها تحالف أنصار النظام السابق. ويقول أحد القيادات التي كانت تعمل بالقرب من القذافي: «لم توجه لنا دعوة... ولقاء باريس اقتصر على ممثلي مجموعات عملت في 2011 مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) لإسقاط القذافي». لكن مع هذا، يبدي قادة من النظام السابق حماسة لإجراء الانتخابات، ولا سيما أنهم يعدّون أنفسهم الغالبية.
أيضاً، تغيّب عن المؤتمر الفريق المحسوب على «حكومة الإنقاذ» برئاسة خليفة الغويل، وهي آخر حكومة موحدة حتى 2014، وما زال لها موالون في طرابلس ومصراتة، وتعد نفسها «الحكومة الشرعية» إلى الآن. ويقول المحلل السياسي والاقتصادي الأميركي شريف الحلوة، الذي التقى أطرافاً في هذه الحكومة، إنها «لا تعترف بالسراج، ولا تعترف بحفتر».
ولم يحضر المؤتمر، كذلك، أي من القادة العسكريين من مصراتة، وهي مدينة تمتلك قوات كبيرة، ولعبت دوراً مهماً في طرد تنظيم داعش من سرت في 2016، وهي ليست على وفاق مع حفتر. ويوضح أحد ضباط المدينة إن عسكريي مصراتة تلقوا دعوة للمشاركة في مؤتمر باريس قبل انعقاده بيوم واحد فقط، وهو ما حال دون اتخاذ قرار بشأنه مع باقي الضباط بسبب ضيق الوقت.
في هذه الأثناء، تضاربت عشرات البيانات في الداخل الليبي بخصوص المؤتمر. وأعلنت تشكيلات مسلحة في مناطق بغرب البلاد رفضها له، بينما حظي الاقتراح بإجراء انتخابات على رضا قطاعات قبلية وسياسية أخرى.
ويقول الحلوة، الذي زار مصراتة مرات عدة: «يجب أن نتأكد من أن أي اجتماع بخصوص ليبيا، دون دعوة القوى الثورية، سيواجه بكمية من الاعتراضات في الداخل؛ ما سيفقد فرنسا مصداقيتها على المدى الطويل مع قطاع من القوى الليبية، وهذا من شأنه أن يعطل أي وجود فرنسي في هذا البلد مستقبلاً».

- فرص إجراء الانتخابات
أما بوشتاي، ومع أنه يؤكد على أن لقاء باريس في حد ذاته «شيء إيجابي»، فهو يعتبر أن أي اتفاق بينهم لن يضمن ما هو مطلوب... «حتى لو كانت هناك جولة أخرى لتسجيل الناخبين، فلا يوجد سبب لافتراض أن الكثير من الليبيين الآخرين سيكونون على استعداد للتسجيل والتصويت بالفعل، بنهاية العام».
ويضيف المحلل النمساوي: «علاوة على ذلك، والأكثر أهمية، لا يمكن لأي من هؤلاء (القادة) الأربعة أن يضمن أن نتائج الانتخابات، في ظل هذه الظروف، ستكون مقبولة في جميع أنحاء ليبيا... «الدفع من أجل إجراء انتخابات، أمر سابق لأوانه، وأياً كان السبب، فهذه الخطوة لعبة خطرة للغاية». وحقاً، لا يوجد رئيس لليبيا منذ 2011 حتى الآن. كما أن البلاد تدار بواسطة إعلان دستوري. وهنا يقول ناكر: «الانتخابات ممكنة... فالوضع بهذه الطريقة لم يعد يحتمل». وترتفع أصوات ليبية بإجراء استفتاء على الدستور الجديد أولاً، أي قبل إجراء الانتخابات، بينما توجد إشارات دولية وإقليمية بأنه يمكن إجراء الانتخابات بقانون وفقاً للإعلان الدستوري.
بوشتاي، من جديد، يصف الدعوة لإجراء استفتاء على مسوّدة الدستور، بـ«الأمر الخطير»، موضحاً أنها تركت الكثير من الأسئلة الحاسمة مفتوحة... و«من المستبعد للغاية أن تحصل على أغلبية الثلثين المطلوبة عند التصويت عليها. وحتى لو حصلت على النسبة المطلوبة فإنها، بالتأكيد، لن توفر أساساً مناسباً لتحقيق الاستقرار». ويضيف بوشتاي، إنه يمكن لليبيا «استخدام صيغة معدلة من الدستور القديم (الدستور الملكي، ويعود لمطلع الخمسينات) كأداة مؤقتة لتحقيق الاستقرار في البلاد من القاعدة إلى القمة، على أن يوضع دستور نهائي، فيما بعد، ويُتخَّذ قرار بشأن الشكل المستقبلي لنظام الدولة الذي يريده الليبيون لأنفسهم».
وعن فرص إجراء الانتخابات في ظل الأوضاع الراهنة، يقول المحلل النمساوي: «ليبيا ليست مستعدة، بأي حال من الأحوال، للانتخابات البرلمانية أو الرئاسية، لا على المستوى السياسي، ولا التنظيمي، ولا الأمني». بيد أنه يرى أن «مساهمة الانتخابات في استقرار ليبيا أمر ممكن، في حالة واحدة فقط، هي أن يكون هناك إقبال كبير من جانب الناخبين، وأن يكون هناك فوز ساحق (لمرشح رئاسي بعينه، أو لكتلة برلمانية بعينها).. وكلاهما غير مرجح، وفقا لآخر انتخابات (برلمانية) جرت في 2014».
ولا يخفي بوشتاي مخاوفه من أن تأتي الانتخابات - إذا أجريت - بنتائج كارثية أيضاً. ويشرح: «من المرجح جداً أن يتم الطعن في شرعية النتيجة.. فلنأخذ التطورات في الانتخابات السابقة في الاعتبار، وبالتالي يمكن أن يؤدي ذلك بسهولة إلى تفاقم الوضع. ويمكن أن تتفكك ليبيا بطريقة خارجة عن السيطرة، تسمح لمختلف الإسلاميين الراديكاليين باستخدام أجزاء من البلاد لاستراتيجيتهم التوسعية خارج حدود ليبيا».

- رأي أميركي بالوضع
من جانبه، يرى باراك بارفي، الباحث في «مؤسسة أميركا الجديدة»، بالعاصمة الأميركية واشنطن – وهو يعمل في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما فيها ليبيا التي زارها مرات عدة – أنه «في حال استمرار انقسام البلاد إلى إقطاعيات، سيكون من الصعب إجراء هكذا انتخابات، وبخاصة في الأجزاء الوسطى والجنوبية البعيدة عن المناطق الساحلية». كذلك، يرى شريف الحلوة أن الأجواء في ليبيا لا تساعد راهناً على خوض اقتراع محايد.. فـ«الليبيون في حاجة إلى الشعور بالأمان قبل إجراء الاقتراع»، مشيراً إلى استهداف تنظيم داعش لمقر مفوضية الانتخابات في طرابلس قبل عدة أسابيع.

- مصالح إيطاليا وفرنسا
على صعيد ثانٍ، كلما زاد التنافس الخارجي حول ليبيا، تعقد الموقف داخلها. ويقول المحلل النمساوي بوشتاي، إن المصالح الاستراتيجية المتداخلة جزئياً، هي فقط التي تقود سياسة اللاعبين الأوروبيين الرئيسيين في ليبيا... «ففي حين لدى إيطاليا مصالح اقتصادية وأمنية حيوية، تتعلق في الغالب بغرب ليبيا، بما في ذلك الرغبة في احتواء الهجرة غير الشرعية، تركز فرنسا أكثر على مكافحة الإرهاب، فيما يتعلق باستقرار منطقة الساحل».
ويردف أن «إيطاليا تشعر بالغيرة إزاء أي مبادرة سياسية فرنسية في ليبيا... فإيطاليا تعتبر ليبيا مثل (حكر دبلوماسي) خاص بها... وبعض الإيطاليين يتشك من أي نشاط اقتصادي فرنسي كبير. كما يعتقد بعض الإيطاليين أن الفرنسيين يريدون أن يحلوا محلهم بضفتهم شريكاً اقتصادياً رئيسياً في ليبيا، رغم أن هذا الموضوع، ولأسباب مختلفة، ليس هو القضية الأساسية الآن».
ومما يجدر ذكره هنا، أن هذه ليست المرة الأولى التي يمد فيها الرئيس الفرنسي ماكرون يده إلى الملف الليبي. إذ سبق له استضافة قمة بين السراج وحفتر في يوليو (تموز) الماضي. وجرى حينذاك الاتفاق على إجراء الانتخابات في أوائل 2018، وهو ما لم يحدث. إلا أن تلك الخطوة يبدو أنها شجعت الفرنسيين على تكرار التجربة بشكل أوسع، في مؤتمر الثلاثاء الماضي، وبخاصة أن منافسيه في روما مشغولون هذه الأيام في جدل سياسي – حزبي داخلي بين كتل حزبية في البرلمان لاختيار حكومة جديدة.
ويقول بارفي، إن الإيطاليين «يريدون استقرار ليبيا بأي ثمن، كي يضمنوا تدفق الغاز الليبي إلى إيطاليا، ويريدون استقراراً كافياً، حتى تعود شركة النفط (إيني) إلى ضخ النفط». ويشير إلى أن إيطاليا تنظر إلى ليبيا باعتبارها «رصيفاً استعمارياً سابقاً، بالإضافة إلى أن إيطاليا تتمتع بالكثير من الاستثمارات في ليبيا».

- رؤية البرلمان الأوروبي
أوروبياً، شارك الاتحاد الأوروبي في مساعٍ لإيجاد حلّ للأزمة في ليبيا، كان آخرها اجتماعات مع الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، بالقاهرة. ولدى البرلمان الأوروبي تقرير متكامل أعده أخيرا عن فرص إنقاذ ليبيا.
ويبدو بوشتاي متحمساً لعمل أوروبي جماعي، اعتماداً على التقرير نفسه. ويضيف موضحاً إنه «بإلقاء نظرة على هذا التقرير، يجب أن أقول إنه يتضمن رؤية واقعية بشكل متزايد للحالة على الأرض؛ لأنه يحتوي على بعض الأفكار الجيدة. ومن الأمثلة على ذلك، التأكيد على الحاجة إلى تضمين صيغة للتوزيع العادل للثروة النفطية، وتقسيم واضح للمهام والواجبات، بين المناطق الليبية التاريخية، من جانب، وأي حكومة وطنية، من الجانب الآخر... وأن الدستور الليبي القديم يمكن أن يلعب دوراً (لتحقيق هذا الأمر)».
ويستطرد قائلاً إن ما يوحّد الأوروبيين تجاه ليبيا هو «العمل على ألا تصبح دولة فاشلة». بيد أنه يشير كذلك إلى أن معظم دول الاتحاد الأوروبي الأخرى «تريد فقط احتواء الهجرة غير الشرعية من البحر المتوسط، مع وجود بعض المصالح الاقتصادية المحدودة (نسبياً) لكل منها في ليبيا»؛ ولهذا «تترك معظم الدول الأوروبية قضية حل المشكلة الليبية لإيطاليا، وفرنسا».
ومن جانبه، يرى الحلوة أنه لا بد لأي دولة أوروبية تريد أن تتدخل في الملف الليبي أن تعود إلى الاتحاد الأوروبي، أولاً، مشيراً إلى أن «تعامل فرنسا بمفردها يضعف موقفها كدولة ضمن هذا الاتحاد الذي تعتمد عليه اقتصادياً وسياسياً. بينما يرى بارفي أن الممثلين الأوروبيين الرئيسيين في ليبيا، منذ انتفاضة 2011 هم الإيطاليون والفرنسيون والبريطانيون، بينما لم تشارك ألمانيا في التدخل، أو المشاركة، في تلك الحملة (التي قادها حلف الناتو)، مؤكداً أن «فرنسا وإيطاليا لديهما أهداف متباينة». ومن جانبه يصف بوشتاي رؤية الاتحاد الأوروبي الحالية حول ليبيا، بأنها «ضبابية للغاية»، قائلاً: إن مَن يحرّكها هي دول مثل إيطاليا وفرنسا، ويصف بوشتاي الاتفاق السياسي الليبي الذي أعد في 2015، وتوسّطت فيه الأمم المتحدة، وبمشاركة هذين البلدين، بأنه «اتفاق فاشل».

- الولايات المتحدة.... تراقب
في عام 2011 ظهر تناغم «أوروبي - أميركي»، في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، لإسقاط نظام معمّر القذافي. وفي الوقت الراهن لا يبدو أن الرئيس دونالد ترمب متحمس لمد يده في خضم الفوضى الليبية. ويقول باراك بارفي، إن الولايات المتحدة، لم يكن لديها مشكلة مع ليبيا وقتها، خلافاً لما كان عليه الوضع في السابق مع دولة كالعراق. ثم يوضح قائلاً إن ما حدث في منطقة الشرق الأوسط قبل سبع سنوات، هو أن ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا السابق، ونيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي السابق: «قاما بجر أوباما إلى التدخل في ليبيا... والآن ترمب غير مهتم».
ومن جانبه، يضيف ولفغانغ بوشتاي موضحاً، إن تحرّك الأميركيين يرتبط بمصالحهم الاستراتيجية... «الأميركيون ليس لديهم مصالح استراتيجية حيوية في ليبيا، فيما عدا ما تقوم به حكوماتهم، منذ عام 2012، من عمليات لمكافحة الإرهاب». بيد أنه يقول إن ضعف هذه الاستراتيجية الأميركية، يمكن أن يكون أمراً خطيراً، في حال أصيبت الانتخابات المبكرة في ليبيا بانتكاسة... و«هنا يمكن أن تتحوّل ليبيا إلى صومال جديد، وتندلع فيها حرب أهلية مستمرة. ويمكن للإرهابيين استغلال هذا الوضع بطرق مختلفة. وهذا من شأنه أن يجعل ليبيا نفسها مُهدِّدة لمصالح استراتيجية أميركية حيوية على نطاق واسع».
ويحذر بوشتاي من تنامي وجود المتطرفين في ليبيا، في ظل استمرار غياب رؤية موحدة بين دول أوروبية فاعلة، وغياب استراتيجية أميركية قوية، لإبعاد «شبح الصوملة» عن هذا البلد.



هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
TT

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في النظام العالمي. وبديهي أن ولاية ترمب الثانية لا تشكّل أهمية كبرى في السياسة الداخلية الأميركية فحسب، بل ستؤثر إلى حد كبير أيضاً على الجغرافيا السياسية والاقتصاد في آسيا. وفي حين يتوقع المحللون أن يركز الرئيس السابق - العائد في البداية على معالجة القضايا الاقتصادية المحلية، فإن «إعادة ضبط» أجندة السياسة الخارجية لإدارته ستكون لها آثار وتداعيات في آسيا ومعظم مناطق العالم، وبالأخص في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن. وبالنسبة لكثيرين في آسيا، يظل السؤال المطروح هنا هو... هل سيعتمد في ولايته الجديدة إزاء كبرى قارات العالم، من حيث عدد السكان، تعاملاً مماثلاً لتعامله في ولايته الأولى... أم لا؟

توقَّع المحللون السياسيون منذ فترة أن تكون منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ في طليعة اهتمامات السياسة الخارجية عند إدارة الرئيس الأميركي السابق العائد دونالد ترمب. ومعلومٌ أن استراتيجية ترمب في فترة ولايته الأولى، إزاء حوض المحيطين الهندي والهادئ شددت على حماية المصالح الأميركية في الداخل. والمتوقع أن يظل هذا الأمر قائماً، ويرجح أن يؤثّر على نهج سياسته الخارجية تجاه المنطقة مع التركيز على دفع الازدهار الأميركي، والحفاظ على السلام من خلال القوة، وتعزيز نفوذ الولايات المتحدة.

منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ التي يقطن كياناتها نحو 65 في المائة من سكان العالم، تشكل راهناً نقطة محورية للاستراتيجية والتوترات الجيوسياسية، فهي موطن لثلاثة من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم (الصين والهند واليابان) ولسبع من أكبر القوات العسكرية في العالم. ويضاف إلى ذلك أنها منطقة اقتصادية رئيسية تمثل 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتسهم بنسبة 46 في المائة من تجارة السلع العالمية.

3 محاور

ويرجّح فيفيك ميشرا، خبير السياسة الأميركية في «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، أنه «في ولاية ترمب الثانية، ستوجّه استراتيجية واشنطن لهذه المنطقة عبر التركيز على ثلاثة محاور تعمل على ربط المجالات القارية والبحرية في حيّزها. وستكون العلاقات الأميركية - الصينية في نقطة مركز هذه المقاربة، مع توقع أن تعمل التوترات التجارية على دفع الديناميكيات الثنائية... إذ لا يزال موقف ترمب من الصين حازماً، ويهدف إلى موازنة نفوذها المتنامي في المجالين الاقتصادي والأمني على حد سواء».

إضافة إلى ما سبق، يرى ميشرا أن «لدى سياسة ترمب في حوض المحيطين الهندي والهادئ توقعات كبيرة من حلفاء أميركا الرئيسيين وشركائها في المنطقة، بما في ذلك اضطلاع الهند بدور أنشط في المحيط الهندي مع التزامات عسكرية أكبر من الحلفاء مثل اليابان وأستراليا». ويرجّح الخبير الهندي، كذلك، «أن تتضمن رؤية ترمب لحوض المحيطين الهندي والهادئ الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال تعزيز التجارة والاتصال مع المنطقة، لتعزيز ارتباطها بالمجال البحري لحوض المحيطين الهندي والهادئ».

الحالة الهندية

هناك الكثير من الأسباب التي تسعد حكومة ناريندرا مودي اليمينية في الهند بفوز ترمب. إذ تقف الهند اليوم شريكاً حيوياً واستثنائياً بشكل خاص في الاستراتيجيتين الإقليمية والدولية للرئيس الأميركي العائد. وعلى الصعيد الشخصي، سلَّط ترمب إبان حملته الانتخابية الضوء على علاقته القوية بمودي، الذي هنأه على الفور بفوزه في الانتخابات.

وهنا يقول السفير الهندي السابق آرون كومار: «مع تأمين ترمب ولاية ثانية، تؤشر علاقته الوثيقة برئيس الوزراء مودي إلى مرحلة جديدة للعلاقات الهندية - الأميركية. ومع فوز مودي التاريخي بولاية ثالثة، ووعد ترمب بتعزيز العلاقات بين واشنطن ونيودلهي يُرتقب تكثّف الشراكة بينهما. وبالفعل، يتفّق موقف ترمب المتشدد من بكين مع الأهداف الاستراتيجية لنيودلهي؛ ولذا يُرجح أن يزيد الضغط على بكين وسط تراجع التصعيد على الحدود. ويضاف إلى ذلك، أن تدقيق ترمب في تصرفات باكستان بشأن الإرهاب قد يوسّع النفوذ الاستراتيجي الهندي في كشمير».

كومار يتوقع أيضاً «نمو التعاون في مجال الدفاع، لا سيما في أعقاب صفقة الطائرات المسيَّرة الضخمة التي بدأت خلال ولاية ترمب الأولى. ومع الأهداف المشتركة ضد العناصر المتطرّفة في كندا والولايات المتحدة، يمهّد تحالف مودي - ترمب المتجدّد الطريق للتقدم الاقتصادي والدفاعي والدبلوماسي... إذا منحت إدارة ترمب الأولوية للتعاون الدفاعي والتكنولوجي والفضائي مع الهند، وهي قطاعات أساسية تحتل مركزها في الطموحات الاستراتيجية لكلا البلدين». وما يُذكر أن ترمب أعرب عن نيته البناء على تاريخه السابق مع الهند، المتضمن بناء علاقات تجارية، وفتح المزيد من التكنولوجيا للشركات الهندية، وإتاحة المزيد من المعدات العسكرية الأميركية لقوات الدفاع الهندية. وبصفة خاصة، قد تتأكد العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، في ظل قدر أعظم من العمل البيني المتبادل ودعم سلسلة الإمداد الدفاعية.

السياسة إزاء الصين

أما بالنسبة للصين، فيتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة، ويرى البعض أنه خلال ولايته الثانية يمتلك القدرة على قيادة مسار احتواء أوسع تجاه بكين. بدايةً، كما نتذكر، حمّل ترمب الحكومة الصينية مسؤولية جائحة «كوفيد - 19»، التي قتلت أكثر من مليون أميركي ودفعت الاقتصاد الأميركي إلى ركود عميق. وسواء عبر الإجراءات التجارية، أو العقوبات، أو المطالبة بالتعويضات، سيسعى الرئيس الأميركي العائد إلى «محاسبة» بكين على «الأضرار» المادية التي ألحقتها الجائحة بالولايات المتحدة والتي تقدَّر بنحو 18 تريليون دولار أميركي.

ووفقاً للمحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، فإن دبلوماسية «الذئب المحارب» الصينية، ودعم بكين حرب موسكو في أوكرانيا، والقضايا المتزايدة ذات الصلة بالتجارة والتكنولوجيا وسلاسل التوريد، تشكل مصدر قلق كبيراً لحكومة ترمب الجديدة. ومن ثم، ستركز مقاربة الرئيس الأميركي تجاه الصين على الجانبين الاقتصادي والأمني، مع التأكيد على حاجة الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال التكنولوجيات الناشئة.

آسيا ... تنتظر مواقف ترمب بعد انتصاره الكبير (رويترز)

التجارة والاقتصاد

أما الخبير الاقتصادي سيدهارت باندي، فيرى أنه «يمكن القول إن التجارة هي القضية الأكثر أهمية في جدول أعمال السياسة الأميركية تجاه الصين... وقد تتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل حكم ترمب».

وحقاً، في التقييم الصيني الحالي، يتوقع أن تشهد ولاية ترمب الثانية تشدداً أميركياً أكبر حيال بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنافر بين الاقتصادين. وللعلم، في وقت سابق من العام الحالي، وعد خطاب ترمب الانتخابي بتعرفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أعلى على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على السلع من جميع نقاط المنشأ. ومن ثم، يرجّح أيضاً أن تشجع هذه الاستراتيجية الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين؛ ما قد يؤدي إلى تسريع الشراكات مع دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

ما يستحق الإشارة هنا أن ترمب كان قد شن حرباً تجارية ضد الصين بدءاً من عام 2018، حين فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25 في المائة على مجموعة من السلع الصينية. وبعدما كانت الصين عام 2016 الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، مع أكثر من 20 في المائة من الواردات الأميركية ونحو 16 في المائة من إجمالي التجارة الأميركية، فإنها تراجعت بحلول عام 2023 إلى المرتبة الثالثة، مع 13.9 في المائة من الواردات و11.3 في المائة من التجارة.

وبالتالي، من شأن هذا التحوّل منح مصداقية أكبر لتهديدات ترمب بإلغاء الوضع التجاري للدولة «الأكثر رعاية» المعطى للصين وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق. ومع أن هذه الإجراءات سترتب تكاليف اقتصادية للأميركيين، فإن نحو 80 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى الصين نظرة سلبية.

يتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة إزاء الصين

الشق العسكري

من جهة ثانية، يتوقع أن يُنهي ترمب محاولات الشراكة الثنائية السابقة، بينما يعمل حلفاء الولايات المتحدة الآسيويون على تعزيز قدراتهم العسكرية والتعاون فيما بينهم. ومن شأن تحسين التحالفات والشراكات الإقليمية، بما في ذلك «ميثاق أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة»، وميثاق مجموعة «كواد» الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وتحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، والتعاون المتزايد بين اليابان والفلبين، تعزيز موقف ترمب في وجه بكين.

شبه الجزيرة الكورية

فيما يخصّ الموضوع الكوري، يتكهن البعض بأن ترمب سيحاول إعادة التباحث مع كوريا الشمالية بشأن برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وفي حين سيكون إشراك بيونغ يانغ في هذه القضايا بلا شك، حذراً وحصيفاً، فمن غير المستبعد أن تجد إدارة ترمب الثانية تكرار التباحث أكثر تعقيداً هذه المرة.

الصحافي مانيش تشيبر علَّق على هذا الأمر قائلاً إن «إدارة ترمب الأولى كانت لها مزايا عندما اتبعت الضغط الأقصى الأولي تجاه بيونغ يانغ، لكن هذا لن يتكرّر مع إدارة ترمب القادمة، خصوصاً أنه في الماضي كانت روسيا والصين متعاونتين في زيادة الضغوط على نظام كوريا الشمالية». بل، وضعف النفوذ التفاوضي لواشنطن في الوقت الذي قوي موقف كوريا الشمالية. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا وبعد لقاء الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) 2023، عمّقت موسكو وبيونغ يانغ التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون (رويترز)

مكاسب حربية لكوريا الشمالية

أيضاً، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية كسبت على الأرجح 4.3 مليار دولار من شحنات المدفعية إلى روسيا خلال الحرب وحدها، وقد تكسب أكثر من 21 مليون دولار شهرياً من نشر قواتها في روسيا. وفي المقابل، تستفيد من روسيا في توفير الأسلحة والقوات والتكنولوجيا لمساعدة برامج الصواريخ الكورية الشمالية. وتبعاً لمستوى الدعم الذي ترغب الصين وروسيا في تقديمه لكوريا الشمالية، قد تواجه إدارة ترمب القادمة بيونغ يانغ تحت ضغط دبلوماسي واقتصادي متناقص وهي مستمرة في تحسين برامج الأسلحة وتطويرها.

أما عندما يتعلق الأمر بكوريا الجنوبية، فيلاحظ المحللون أن فصلاً جديداً مضطرباً قد يبدأ للتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويحذر المحللون من أن سياسة «جعل أميركا عظيمة مجدداً» التي ينتهجها الحزب الجمهوري قد تشكل مرة أخرى اختباراً صعباً للتحالف بين سيول وواشنطن الذي دام عقوداً من الزمان، مذكرين بالاضطرابات التي شهدها أثناء فترة ولايته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021. ففي ولايته السابقة، طالب ترمب بزيادة كبيرة في المساهمة المالية لسيول في دعم القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية. وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف كوريا الجنوبية بأنها «آلة للمال» بينما يناقش مسألة تقاسم تكاليف الدفاع، وذكر أن موقفه بشأن القضية لا يزال ثابتاً. وفي سياق متصل، قال الصحافي الكوري الجنوبي لي هيو جين في مقال نشرته صحيفة «كوريان تايمز» إنه «مع تركيز الولايات المتحدة حالياً على المخاوف الدولية الرئيسية كالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، يشير بعض المحللين إلى أن أي تحولات جذرية في السياسة تجاه شبه الجزيرة الكورية في ظل إدارة ترمب قد تؤجل. لكن مع ذلك؛ ونظراً لنهج ترمب الذي غالباً يصعب التنبؤ به تجاه السياسة الخارجية، يمكن عكس هذه التوقعات».

حقائق

أميركا والهند... و«اتفاقية التجارة الحرة»

في كي فيجاياكومار، الخبير الاستثماري الهندي، يتوقع أن يعيد الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب النظر مجدداً بشأن المفاوضات حول «اتفاقية التجارة الحرة»، وكانت قد عُرفت مفاوضات مكثفة في الفترة 2019 - 2020 قبل أن يفقد السلطة، والتي لم يبدِ الرئيس السابق جو بايدن أي اهتمام باستكمالها.وعوضاً عن الضغط على نيودلهي بشأن خفض انبعاثات الكربون، «من المرجح أن يشجع ترمب الهند على شراء النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركي، على غرار مذكرة التفاهم الخاصة بمصنع النفط والغاز الطبيعي المسال في لويزيانا لعام 2019، والتي كانت ستجلب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات من شركة (بترونيت إنديا) إلى الولايات المتحدة، لكنها تأجلت لعام لاحق».ثم يضيف: «بوجود شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي يدعو إلى الابتكار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ليكون له صوت مسموع في دائرة ترمب، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن يشهد تقدماً ملحوظاً. ومن شأن هذا التعاون دفع عجلة التقدم في مجالات مثل استكشاف الفضاء، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة؛ ما يزيد من ترسيخ مكانة الهند باعتبارها ثقلاً موازناً للصين في حوض المحيطين الهندي والهادئ».في المقابل، لا يتوقع معلقون آخرون أن يكون كل شيء على ما يرام؛ إذ تواجه الهند بعض التحديات المباشرة على الأقل، بما في ذلك فرض رسوم جمركية أعلى وفرض قيود على التأشيرات، فضلاً عن احتمال المزيد من التقلبات في أسواق صرف العملات الأجنبية. وثمة مخاوف أيضاً بشأن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في أعقاب موقفها المالي والتخفيضات الأقل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يخلف تأثيراً غير مباشر على قرارات السياسة النقدية في بلدان أخرى بما في ذلك الهند.