الفيتو الأميركي في مجلس الأمن يجهض الحماية للفلسطينيين

واشنطن تفشل في إدانة «حماس» بدل إسرائيل

TT

الفيتو الأميركي في مجلس الأمن يجهض الحماية للفلسطينيين

استخدمت الولايات المتحدة أمس (الجمعة)، حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، فأجهضت منفردة كما كان مرتقباً، مشروع قرار أعدته الكويت بهدف توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال الإسرائيلي، أو في ظل حصاره. بينما أخفق مشروع قرار أميركي أعد على عجل في الحصول على الحد الأدنى من التأييد، علماً أن غايته تحميل حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وغيرهما من الفصائل المسلحة مآسي الفلسطينيين.
وقبيل بدء جلسة التصويت، دخل المندوبون الدائمون للدول الـ15 الأعضاء إلى قاعة جانبية في محاولة أخيرة للتوصل إلى اتفاق على آلية عقد الجلسة، في ظل طلب الولايات المتحدة التصويت أولاً على تعديلات اقترحتها المندوبة الأميركية الدائمة نيكي هيلي، قبل التصويت على مشروع القرار الكويتي. وعندما تعذرت تلبية هذا الطلب من الناحية الإجرائية، أعلنت هيلي تحويل التعديلات الأميركية إلى مشروع قرار منفصل يجري التصويت عليه بعد التصويت على النص الكويتي.
وبعد ساعة من الموعد الأصلي المحدد، عقدت جلسة التصويت، فطلب المندوب الكويتي منصور العتيبي الكلام، قائلاً إن بلاده «سعت بشفافية إلى مشاركة كل الدول في مشروع القرار وأدخلت تعديلات كثيرة عليه»، مشيراً إلى أن الهدف هو توفير حماية للشعب الفلسطيني.
وردت المندوبة الأميركية، محملة «حماس» كل المسؤولية عن مآسي الفلسطينيين، معتبرة أن إسرائيل «تدافع عن نفسها ليس إلا».
وبالتصويت على مشروع القرار الكويتي، حصل على تأييد 10 من الأصوات الـ15 الأعضاء، وهي بالإضافة إلى الكويت، كل من فرنسا والسويد وروسيا والصين وكازاخستان وبوليفيا وبيرو وغينيا الاستوائية وساحل العاج.
وامتنعت عن التصويت كل من بريطانيا وهولندا وبولونيا وإثيوبيا. واعترضت الولايات المتحدة وحيدة، إذ استخدمت حق النقض (الفيتو).
وعلى الأثر، أسف العتيبي، لأن مجلس الأمن «لم يتمكن من تأمين الحماية للمدنيين الفلسطينيين، ولأن إسرائيل تظهر مرة جديدة دولة مستثناة من القانون الدولي والمحاسبة والإدانة».
وأجري التصويت لاحقاً على مشروع القرار الأميركي الذي يقلب «رأساً على عقب» النص الكويتي. فجاء التصويت على النص الأميركي كالآتي: تأييد الولايات المتحدة فقط مع امتناع فرنسا والسويد وكازاخستان وبوليفيا وبيرو وغينيا الاستوائية وساحل العاج وبريطانيا وهولندا وبولونيا وإثيوبيا، واعتراض كل من الكويت وروسيا والصين.
وكان العتيبي رفض هذه التعديلات الأميركية، فأعلنت هيلي صراحة أنها «ستستخدم بلا شك حق النقض الفيتو، لإسقاط النص الكويتي» الذي كان يحظى بتأييد الغالبية.
وتنص تعديلات هيلي على «التنديد بأشد العبارات الممكنة» بقيام «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وغيرهما بإطلاق الصواريخ والقذائف على إسرائيل. وتشطب أي عبارة تشير إلى مقتل عشرات الفلسطينيين وجرح آلاف المدنيين الفلسطينيين بالنيران الإسرائيلية، بل إنها شطبت أيضاً كل عبارات «الاحتلال»، فضلاً عن شطب طلب الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
وكان مشروع القرار الكويتي ينص بصيغته النهائية على أن مجلس الأمن يطالب إسرائيل بأن «تتقيد تماماً بالالتزامات والمسؤوليات القانونية الواقعة على كاهلها بموجب اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب المؤرخة 12 أغسطس (آب) 1949». ويشجب «أي أعمال من شأنها أن تثير العنف وتعرض أرواح المدنيين للخطر، ويدعو جميع الجهات الفاعلة إلى كفالة الحفاظ على الطابع السلمي للاحتجاجات». ويشجب «إطلاق القذائف من قطاع غزة صوب مناطق مدنية إسرائيلية». ويدعو إلى «النظر في التدابير اللازمة لضمان سلامة وحماية السكان المدنيين الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك في قطاع غزة». ويحض على «توفير المساعدة الإنسانية الفورية من دون عوائق للسكان المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، مع مراعاة الحاجات الحاسمة المتعلقة بالمواد الطبية والأغذية والمياه والوقود، ويحض على زيادة الدعم المقدم إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، اعترافاً منه بالدور الحيوي الذي تضطلع به الوكالة، إلى جانب وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، في توفير المساعدة الإنسانية والمساعدة في حالات الطوارئ، لا سيما في قطاع غزة». ويحض على «زيادة مشاركة» الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والمنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف «في المساعدة، بالتعاون مع الشركاء المعنيين، في الجهود المبذولة على الفور لتهدئة الوضع ومعالجة البنية التحتية الأساسية العاجلة والإنسانية، وحاجات التنمية الاقتصادية». كما طلب من الأمين العام أن «ينظر في الوضع الراهن وأن يقدم تقريراً خطياً، في موعد أقصاه 60 يوماً من اعتماد القرار، يتضمن في جملة أمور توصياته بشأن السبل والوسائل الكفيلة بضمان السلامة والحماية (...) للسكان المدنيين الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».