يمني توقف نبضه مرتين يرعب جراحيه في عملية قلب مفتوح

الشاب صادق مفتاح والجراحان د. عماد بخاري ود. راكان ناظر قبيل بدء العملية («الشرق الأوسط»)
الشاب صادق مفتاح والجراحان د. عماد بخاري ود. راكان ناظر قبيل بدء العملية («الشرق الأوسط»)
TT

يمني توقف نبضه مرتين يرعب جراحيه في عملية قلب مفتوح

الشاب صادق مفتاح والجراحان د. عماد بخاري ود. راكان ناظر قبيل بدء العملية («الشرق الأوسط»)
الشاب صادق مفتاح والجراحان د. عماد بخاري ود. راكان ناظر قبيل بدء العملية («الشرق الأوسط»)

في أخطر عملية قلب مفتوح أجراها فريق منظمة البلسم الدولية الطبي خلال زيارته لمدينة المكلا بمحافظة حضرموت، أعاد الفريق الحياة لشاب يمني يعاني تضخماً وتوسعاً شديداً في عضلة القلب، توقف قلبه مرتين أثناء العملية الجراحية.
صادق مفتاح (22 عاماً) يعاني منذ نحو عشرات سنوات آلاماً حادة في الصدر، لا يستطيع القيام بأي مجهود رغم أنه عامل في مؤسسة النظافة بالمكلا، حاول زيارة كثير من المستشفيات والمراكز الطبية في مدينته، إلا أنه لم يجد أي علاج لحالته.
كان صادق ضمن القائمة التي اعتمدت للعلاج في حملة منظمة البلسم الطبية الثانية التي تضم ثمانية جراحين سعوديين وجراحاً باكستانياً، عند إجراء الفحوصات الأولية اكتشف الدكتور عماد بخاري استشاري القلب والمدير التنفيذي للمنظمة أن قلب الشاب يعاني تضخماً وتوسعاً شديداً في عضلاته، ولا خيار أمامه سوى التدخل الجراحي العاجل.
يقول الدكتور عماد لـ«الشرق الأوسط»: «لا خيار أمامنا لن يعيش طويلاً إذا تُرِك دون تدخل جراحي قد يصمد عاماً وربما عامين وحتى إن عاش لن يستطيع القيام بأي مجهود».
سألنا صادق كيف وصل قلبه إلى هذه الحالة المتأخرة، فقال وعلامات الحزن على وجهه بعد سماعه لحديث الدكتور عماد: «ذهبت إلى مستشفى ابن سيناء ولم يفيدوني بشيء ثم ذهبت مركز بازرعة الطبي وطلبوا عمل إشاعة، كل ذلك كان قبل أربع سنوات، ودخلت العناية المركزة مرتين خلال عامين، وتفاقمت حالتي كما ترى».
يتدخل الدكتور عماد بخاري، ويقول: «عضلة قلب صادق تعمل بنسبة 50 في المائة تقريباً، وهناك خطورة عالية عليه، أعتقد أن القلب يعاني منذ عشر سنوات ووصل إلى مرحلة نهائية، والبديل أمامه هو زراعة القلب، وهو أمر مستحيل بالنسبة له ولوضعه المادي».
وتابع: «المريض حالته خطيرة وعليه أجرينا له أشعة صوتية ثلاث مرات قبل العملية من أجل التأكد من ضخامة القلب وضعفه، والتأكد من تأثير الجهة اليسرى للقلب على الجهة اليمنى، ومن الشريان الرئوي».
حدد الفريق الجراحي موعد عملية صادق صباح الأربعاء، وكان كل الفريق متوجساً ومتخوفاً باعتبارها أصعب عملية قلب مفتوح يقومون بها منذ قدومهم المكلا. ويضيف الدكتور بخاري: «تناقشنا كثيراً، وما جعلنا نجري هذه العملية الخطيرة هو أن عمر المريض صغير 22 عاماً، وفي النهاية توكلنا على الله وأخذنا موافقة الأم والمريض، دخلنا غرفة العمليات وأيدينا على قلوبنا، تخيل أنني في الصباح كنتُ أحلم بهذا المريض، وطلبت دعوات زملائي ومدير مركز نبض الحياة بأن يوفقنا الله».
كانت كل مخاوف الفريق الجراحي في محلها، فقبيل بدء العملية الجراحية لصادق، وبعد تعقيمه وتغطيته توقف قلبه فجأة، الأمر الذي استدعى تدخلاً سريعاً من الدكتور عماد وفريقه، وهنا يكمل القصة بقوله: «بعد تعقيمه وتغطيته وقبل أن نفتح الصدر توقف قلب صادق، لذلك قمنا بفتح عظمة الصدر بشكل سريع جداً خلال أقل من خمس ثوانٍ، وفتحت القلب وعملت له صدمة كهربائية وإنعاش قلبي من أجل أن يعمل القلب من جديد، ولأن قلب صادق متوسع ومتضخم جداً حدث له نزيف، فوضعت إصبعي على النزيف لإيقافه، واستعملت شفّاطاً من أجل إبعاد النزيف عن القلب، وباليد الثانية عملت له إنعاش قلبي، وطلبتُ جهاز الصدمات الكهربائية، عادة عندما يكون القلب متمدداً ومتوسعاً لا يعود بسهولة عبر جهاز الصدمات الكهربائية، فقمنا بصدمات متكررة حتى عاد للعمل، وأوقفنا النزيف، ثم واصلنا العملية التي نعتبرها من النوع المخيف».
وقبل أن يلتقط الفريق الطبي أنفاسه، توقف قلب صادق المثقل بسنوات من الألم والمعاناة مرة أخرى، فقام الدكتور عماد بعمل بتكرار الصدمات الكهربائية لإنعاشه، وأردف: «توقف القلب مرة ثانية بعد فتح الصدر وبعد تركيب توصيلات جهاز القلب الصناعي، وقبل تشغيل القلب الصناعي توقف قلب صادق فجأة، وحدثت له رجفة قلبية بحيث لم يعد يضخ الدم، وهو ما يسمى بالرعشة القلبية، فعملنا له صدمات كهربائية متكررة، وأدخلناه على جهاز القلب الصناعي بسرعة، ثم عاد للنبض من جديد».
أنجز الفريق الجراحي العملية المعقدة بنجاح تام، وخرج صادق للعناية المركزة وأفاق بعد ساعة فقط وهو بصحة ممتازة، واستطرد الدكتور عماد بقوله: «الصمام الأول متمدد ومتوسع فوضعنا له أكبر صمام موجود في المركز، والآخر فيه تهريب قمنا بإصلاحه، مررنا بوقت عصيب جداً، ولكن بفضل الله انتهينا من العملية، وبعد ساعة صحا ووضعه ممتاز، وتأكدنا أن الصمام يعمل بشكل ممتاز ولله الحمد».


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.