مدير الأمن اللبناني: عودة اللاجئين باتت قريبة بالتنسيق مع دمشق

مصادر ترجّح اعتماد آلية طوعية للمغادرة

طفلان في مخيم للاجئين السوريين في البقاع (أ.ب)
طفلان في مخيم للاجئين السوريين في البقاع (أ.ب)
TT

مدير الأمن اللبناني: عودة اللاجئين باتت قريبة بالتنسيق مع دمشق

طفلان في مخيم للاجئين السوريين في البقاع (أ.ب)
طفلان في مخيم للاجئين السوريين في البقاع (أ.ب)

أثارت تصريحات المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، أمس، تساؤلات حول قضية عودة اللاجئين السوريين التي لطالما شكّلت مصدر خلاف بين الأفرقاء اللبنانيين، بعد إعلانه أن التنسيق مع النظام السوري متواصل، وعودة النازحين باتت قريبة.
وبينما أكدت كل من مصادر رئاسة الحكومة ومصادر مطلعة على موقف رئاسة الجمهورية، أن الأمر لا يعدو كونه ضمن التنسيق الأمني الذي اعتاد أن يقوم به اللواء إبراهيم، ولا يرتبط بأي خطّة لبنانية رسمية، وضع وزير الدولة لشؤون اللاجئين معين المرعبي كلام مدير الأمن العام في الإطار السياسي العام.
في المقابل، رجّحت مصادر مطّلعة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن يتم في المرحلة المقبلة اعتماد الآلية نفسها التي اتبعت في عودة لاجئي بيت جن في ريف دمشق إلى منازلهم من بلدة شبعا قبل نحو شهرين، وذلك نتيجة التنسيق الأمني الذي تم بين لبنان وسوريا، عبر تسجيل أسماء العائلات التي تنوي العودة، وإعفائهم من كل الرسوم المتوجبة عليهم التي تحول في أحيان كثيرة دون عودتهم.
وفي هذا الإطار، قال المرعبي لـ«الشرق الأوسط»، إنه في الفترة الأخيرة يسمح الأمن العام اللبناني للسوريين الذين يريدون العودة، بعد إعفائهم من الرسوم المتراكمة عليهم، تحت «شرط المغادرة من دون الرجوع إلى لبنان، لمدة لا تقل عن خمس سنوات». وهنا شدّد أن المطلوب وضع خطّة لعودة من يريد من اللاجئين بشكل طوعي، رافضا في الوقت عينه ترحيل أو الضغط على من يرفض ذلك قبل انتهاء الحرب وضمان الأمن، مؤكدا أنه ووفق إحصاء قامت به وزارته، ظهر أن 95 في المائة من اللاجئين في لبنان يريدون العودة إلى بلدهم، بعد أن يضمنوا أمنهم وسلامتهم. وهنا يلفت إلى ضرورة العمل في هذه القضية بما يتناسب مع مصالح السوريين واللبنانيين على حد سواء، مذكرا بأن لبنان يحتاج إلى 300 ألف عامل سوري سنويا في مجال الزراعة والبناء وغيرها.
وفي حين لا يمانع المرعبي أن يتم اعتماد الخطة التي اعتمدت مع لاجئي بيت جن، يلفت إلى أن المأخذ الوحيد على هذه العملية كان غياب رعاية الأمم المتحدة، وهو ما يحمّل الدولة اللبنانية مسؤولية إذا ما تعرض اللاجئون لأي تهديد لأمنهم وحياتهم.
وفي ظل مرحلة حكومة تصريف الأعمال وعدم نجاح اللجنة الوزارية المختصة بملف النازحين في التوافق على خطة لقضية اللاجئين، تؤكد مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان لا يمكنه أن يقدم على أي خطوة في هذا الاتجاه من دون الضوء الأخضر الدولي، خاصة مع الالتزامات اللبنانية في المؤتمرات التي عقدت أخيرا بشأن لبنان. وتقول: «اعتبار أن طرفا لبنانيا يمكنه التصرف بمفرده في هذه القضية، يدل على خفة في التعاطي مع الأمور ومقاربتها».
وكان كلام إبراهيم جاء خلال جولة تفقدية على أقسام المبنى الجديد لمركز المتن الإقليمي للأمن العام، حيث أعلن عن توجه لافتتاح عشرة مراكز للأمن العام في مختلف المناطق اللبنانية، لتسهيل إنجاز معاملات السوريين. وقال في رد على سؤال عما إذا كانت هناك عودة للنازحين مماثلة لتلك التي نفذت من شبعا باتجاه بيت جن في ريف دمشق، أعرب عن اعتقاده أن «الموضوع قريب»، كاشفا عن تواصل مع السلطات السورية حول الآلاف من السوريين الذين ينوون العودة إلى سوريا. وقال: «أنا عادة لا أتحدث عن المواضيع عندما تجري؛ لكنكم لن تلبثوا أن تروهم في الباصات».
ونفى أن افتتاح هذه المراكز يعني إطالة في إقامة النازحين في لبنان، «بل منعا للاكتظاظ في مباني الأمن العام، وضبط وضعهم الإداري والأمني في البلد، وقوننة وجودهم في لبنان لا أكثر».
وشدد على أن «قوننة وجود النازحين السوريين لا تعني بقاءهم؛ بل إن ذلك ينطبق عليهم كما ينطبق على كل زائر للبنان، أقصرت مدة الإقامة أم طالت». وأكد أن «السوريين لن تطول إقامتهم في لبنان»، وقال: «هناك عمل دؤوب تقوم به السلطة السياسية، ونحن نعكس في بعض الأحيان عمليا ما تقوم به السلطة السياسية، للانتهاء من هذا الملف».
وأتى كلام إبراهيم بعد سلسلة تصريحات بشأن اللاجئين، منها تلويح رئيس الجمهورية باعتماد حلّ في هذه القضية بمعزل عن الأمم المتحدة، التي سبق لها أن أعلنت أن الوضع في سوريا غير آمن لعودتهم، بينما دعا أول من أمس البطريرك الراعي من فرنسا الدولة اللبنانية للتنسيق مع النظام السوري قائلا: «المطلوب تشجيع النازحين على العودة إلى بلادهم، ونرفض مبدأ العودة الطوعية، إنما المطلوب مساعدة دولية لإعادة إعمار بيوتهم».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.