«أوروبا الموحدة» تتحدى «أميركا أولاً»

واشنطن فرضت رسوماً على الفولاذ والألمنيوم... وبروكسل تهدد بالرد

TT

«أوروبا الموحدة» تتحدى «أميركا أولاً»

أعلنت الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية عالية على الفولاذ والألمنيوم المستوردين من الاتحاد الأوروبي والمكسيك وكندا، انطلاقا من اليوم، في خطوة تؤكد المخاوف من حرب تجارية دولية بين واشنطن وحلفائها.
وقالت ألمانيا إن «أوروبا الموحدة» ستواجه قرار إدارة الرئيس دونالد ترمب، بعد ساعات من تأكيد الأخيرة فرض الرسوم. وقال وزير التجارة الأميركي ويلبور روس، أمس، إن بلاده ستفرض اليوم رسوما جمركية باهظة على الفولاذ والألمنيوم المستوردين من الاتحاد الأوروبي والمكسيك وكندا. وقررت واشنطن عدم تمديد العمل بالإعفاء المؤقت الذي منحته للاتحاد الأوروبي حتى منتصف ليل أمس، وفرض رسوما جمركية بنسبة 25 في المائة على الفولاذ، و10 في المائة على الألمنيوم.
كما ألغت واشنطن تعليق هذه الرسوم بالنسبة إلى المكسيك وكندا، في الوقت الذي لا تزال فيه إعادة التفاوض حول اتفاق «نافتا» للتبادل الحر بين الدول الثلاث تراوح مكانها منذ انطلاقها قبل عشرة أشهر.

وأدلى روس بتصريحه في مؤتمر صحافي عبر الهاتف، خلال وجوده في باريس للمشاركة في اجتماع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في أوروبا، موضحاً أن الولايات المتحدة لا تريد منح الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي «استثناءً دائماً وغير مشروط من الرسوم الجمركية». وتابع روس: «لقد أجرينا محادثات مع المفوضية الأوروبية، وحتى إذا كنا حققنا تقدماً، إلا أنهم لم يمضوا إلى حد يمكن فيه تبرير تمديد العمل بالاستثناء المؤقت أو منح استثناء دائم».
ولم يتأخر الاتحاد الأوروبي في الرد على الإجراءات الأميركية، وأعلن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، أن الاتحاد «سيعلن في الساعات المقبلة إجراءات مضادة» على فرض رسوم أميركية على واردات واشنطن من الفولاذ والألمنيوم من الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك.
وصرح يونكر في مؤتمر صحافي ببروكسل: «إنه يوم سيئ للتجارة. الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يبقى من دون ردّ. ما يمكنهم (الأميركيون) القيام به، نحن قادرون عليه تماماً». وأوضح يونكر في بيان أن «الولايات المتحدة لا تترك لنا خيارات أخرى، سوى حمل هذا النزاع إلى منظمة التجارة العالمية، وفرض رسوم جمركية إضافية على عدد من المنتجات المستوردة من الولايات المتحدة». ويشير بيان المفوضية إلى أن هذه الآلية التي قد تستغرق سنوات، سيتم البدء بها أمام منظمة التجارة العالمية اليوم.
وذكرت المفوضة الأوروبية للتجارة، سيسيليا مالمستروم، من جهتها في البيان نفسه: «إننا (الاتحاد الأوروبي)، قمنا بكل ما يمكن أن نقوم به من أجل تجنب ذلك»، مضيفة أنها تحدثت في الأشهر الأخيرة في مناسبات مختلفة إلى وزير التجارة الأميركي ويلبور روس.
من جانبها، نبّهت الحكومة الألمانية إلى أن الرد على «أميركا أولاً» سيكون «أوروبا الموحدة». وقال وزير الخارجية هايكو ماس في بيان، إن «ردنا على (أميركا أولاً) سيكون (أوروبا الموحدة)»، مؤكداً أن «لا رابح في الحروب التجارية». فيما وصف وزير الدولة الفرنسي للشؤون الخارجية، جان باتيست لوموان، الرسوم الأميركية على الصلب والألمنيوم بأنها «غير مبررة»، داعياً بروكسل إلى الرد عبر اتخاذ إجراءات «تعيد التوازن».
وصرح للصحافيين على هامش الاجتماع السنوي لمنظمة الأمن والتنمية الاقتصادية في باريس، بأن «فرنسا ترفض هذه الإجراءات غير المبررة»، معتبرا أن الولايات المتحدة «ردت في شكل سيئ» على «ضرورة إعادة تأسيس التجارة الدولية».
وقال: «اليوم، على صعيد التجارة الدولية، نحن على شفير الهاوية»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأكد الوزير الفرنسي على «الحاجة إلى قدر كبير من التحكم، لنظهر للولايات المتحدة أنها تسلك الطريق الخاطئ، وإن من المُلحّ إيجاد ردود جذرية»، معتبراً أن «المستهلكين الأميركيين سيدفعون الثمن». ونبه إلى أن الإجراءات التي سيتخذها الاتحاد الأوروبي «ستشكل ضربة للمنتجات الأميركية (...) لكننا سنقوم بذلك في شكل متكافئ ومدروس (...) لأن التصعيد غير جيد». ولم يأت قرار الإدارة الأميركية مفاجئاً للحلفاء الأوروبيين، إذ جددوا التحذيرات من اندلاع حرب تجارية قبل ساعات من تصريحات روس. وحذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أن الاتحاد الأوروبي سيرد بشكل «ذكي وموحد وحازم» في حال فرض مثل هذه الرسوم، وشددت على أن هذه الرسوم لا تتوافق مع لوائح منظمة التجارة العالمية.
ويطالب الأوروبيون بإعفاء دائم بدلاً من الإعفاء المؤقت الذي منحته لهم واشنطن، والمفترض أن تنتهي مهلته في الأول من يونيو (حزيران)؛ لكن الإدارة الأميركية رفضت هذا الموقف، وتحمّل الأوروبيين مسؤولية اندلاع حرب تجارية. وقال روس في مقابلة نشرتها صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، أمس: «إذا حصل تصعيد، فسيكون لأن الاتحاد الأوروبي قرر الرد».
وحول تأثير فرض الرسوم الجمركية على الواردات الأوروبية ومخاوف الاقتصاديين داخل الولايات المتحدة، استبعد روس حدوث تأثيرات سلبية. وقال إن قرار الإدارة «يخلق كثيراً من فرص العمل في قطاع الصلب والألمنيوم الأميركيين، ولن نرى شركات سيارات تغلق أبوابها أو أخرى تخرج من السوق». وأوضح مسؤولون بوزارة التجارة الأميركية أن التعريفات المفروضة على الألمنيوم والصلب هي مجرد خطوة واحدة في الجهود القوية التي يبذلها الرئيس ترمب لإعادة صياغة السياسات التجارية للولايات المتحدة.
وعلى مدى الشهور الماضية، تفاوض المسؤولون الأميركيون مع نظرائهم من الشركاء التجاريين بالاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك، للتوصل إلى صفقة تعالج المخاوف الأميركية المتعلقة بالواردات الرخيصة من تلك الدول. وأوضحت إدارة ترمب أن واردات المعادن بشكلها السابق تهدد الأمن القومي الأميركي، عن طريق تقويض الإنتاج المحلي. وقد وافق عدد قليل من الشركاء التجاريين، بما فيهم كوريا الجنوبية وأستراليا والأرجنتين والبرازيل، على تحديد حصص صادراتهم إلى الولايات المتحدة بنسب محددة، مقابل الحصول على إعفاءات جمركية.
ولجأت إدارة ترمب أمس إلى تفعيل المادة رقم 232 بالقانون التجاري الأميركي، وهي مادة نادراً ما يتم استخدامها، لفرض تعريفات جمركية على الواردات لحماية الأمن القومي الأميركي. وقد تسعى الإدارة لاستخدام هذه المادة لفرض تعريفات على الواردات الألمانية من السيارات. وبدأت الإدارة الأميركية، الأسبوع الماضي، في تقييم ما إذا كانت الواردات الأوروبية من السيارات تشكل تهديداً للأمن القومي الأميركي، بما يتضمن الأمن الاقتصادي الأوسع.
وتوحي الأجواء بحوار طرشان يمكن أن يتواصل خلال اجتماع وزراء مالية دول «السبع»، الذي انطلق أمس، ويستمر حتى السبت في منتجع ويسلر للتزلج، في شمال فانكوفر غرب كندا، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وهذا التوتر ملموس أكثر من الجانب الأوروبي، خصوصاً أن إيطاليا الدولة الثالثة في منطقة اليورو تمر بأزمة سياسية غير مسبوقة قد تكون لها تبعات تتجاوز حدودها. وأقر أحد الوفود بأن اجتماع وزراء مجموعة السبع، التي تضم ألمانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا واليابان وبريطانيا، سيتم في أجواء «متوترة». وتستورد الولايات المتحدة التي تنتقد الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بأنها لا تفتح أسواقها بما يكفي أمام المنتجات الأميركية، 51.3 في المائة من الألمنيوم و35.8 في المائة من الفولاذ، من شركائها في مجموعة السبع، بحسب بيانات وزارة التجارة الأميركية لعام 2017. ويحاول الأوروبيون اعتماد موقف موحد إزاء الولايات المتحدة، ويدعون إلى حوار يشمل دولاً عدة، بدلاً من المحادثات الثنائية، وهو ما لا يحبّذه الرئيس الأميركي. وفي كندا، ستحظى هذه الدول على الأرجح بدعم اليابان التي فرضت الولايات المتحدة عليها هذه الرسوم التي أعلنها ترمب في مطلع مارس (آذار). وسيتعين على واشنطن الرد خلال قمة مجموعة السبع على التساؤلات حول التقلبات في سياستها التجارية إزاء الصين، إذ عادت الإدارة الأميركية الثلاثاء إلى الهجوم على الصين، بعد الهدنة المعلنة في 19 مايو (أيار) الماضي في حربهما التجارية.
ويتزامن فرض التعريفات الجمركية الأميركية مع زيارة وزير التجارة الأميركي للصين، المقررة خلال الأيام المقبلة، لإجراء مفاوضات تمارس فيها الولايات المتحدة ضغوطاً على بكين للموافقة على عقود طويلة الأجل لشراء النفط والطاقة، قد تضر بالمصدرين في الاتحاد الأوروبي.
وبدت الصين أمس، وكأنها تعبر عن حسن نية بإعلانها خفضاً لرسومها على وارداتها من الملابس والأدوات الكهربائية المنزلية ومستحضرات التجميل، وذلك اعتباراً من يوليو (تموز) المقبل.



أبرز ردود الفعل الدولية على هجوم نيو أورليانز

شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
TT

أبرز ردود الفعل الدولية على هجوم نيو أورليانز

شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)
شرطة نيو أورليانز في مكان الحادث (أ.ب)

أثار هجوم نيو أورليانز، فجر أمس الأربعاء، الذي استهدف محتفلين برأس السنة، وأسفر عن مقتل 15 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات، إدانات دولية.

فيما يأتي أبرزها:

فرنسا

أبدى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تعاطفه «مع الشعب الأميركي الذي نشاطره الألم»، مؤكداً عبر منصة «إكس» أن المدينة التي «ضربها الإرهاب غالية على قلوب الفرنسيين».

وأسس مستعمرون فرنسيون نيو أورليانز، وقد وقع الهجوم في الحي الفرنسي الشهير بالمدينة.

كذلك، قدّم كريستيان إستروسي، رئيس بلدية مدينة نيس الجنوبية التي تعرضت لهجوم دهس عام 2016 أدى إلى مقتل 86 شخصاً، تعازيه.

وقال إن «المأساة التي وقعت في نيو أورليانز، المدينة الشقيقة لنيس، تذكرنا بشكل مؤلم بالمأساة التي شهدناها... أفكارنا مع العائلات والأرواح التي راحت ضحية عملية الدهس في احتفالات منتصف العام الجديد».

المملكة المتحدة

قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، عبر «إكس» إن «الهجوم العنيف الصادم في نيو أورليانز مروع».

وأضاف: «تعاطفي مع الضحايا وعائلاتهم وأجهزة الطوارئ وشعب الولايات المتحدة في هذا الوقت المأسوي».

الصين

قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، خلال مؤتمر صحافي: «صدمنا بهذا الهجوم العنيف»، مضيفة أن «الصين تعارض كل أعمال العنف والإرهاب التي تستهدف المدنيين».

وتابعت: «نحن حزانى على الضحايا، ونعرب عن تعاطفنا مع أسرهم ومع المصابين».

أوكرانيا

قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عبر «إكس» إنه «روّع بالهجوم الذي وقع في نيو أورليانز بالولايات المتحدة الذي أودى بحياة أبرياء وأدى إلى إصابة العديد من الأشخاص».

وأضاف: «نحن على ثقة بأن المسؤولين عن هذا العمل الفظيع سيحاسبون. إن العنف والإرهاب وأي تهديدات لحياة الناس ليس لها مكان في عالمنا، ويجب عدم التسامح معها. نقدم تعازينا الصادقة لأسر الضحايا... أوكرانيا تقف بجانب الشعب الأميركي وتدين العنف».

الاتحاد الأوروبي

عدّت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، عبر منصة «إكس» أن «لا عذر لعنف مماثل»، مبدية «حزنها الكبير».

وأضافت: «نحن نتضامن بشكل كامل مع الضحايا وعائلاتهم خلال هذه اللحظة المأسوية».

الأمم المتحدة

دان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الهجوم «بشدة» و«قدم تعازيه لأسر الذين فقدوا أرواحهم»، «كما تمنى الشفاء العاجل للجرحى» بحسب بيان صادر عن الناطق باسمه.

ألمانيا

قال المستشار الألماني، أولاف شولتس، عبر «إكس»: «إنها أخبار فظيعة من نيو أورليانز».

وأضاف: «أشخاص يحتفلون تؤخذ حياتهم أو يصابون بسبب كراهية لا معنى لها. نحن نحزن مع عائلات الضحايا وأصدقائهم، ونتمنى الشفاء العاجل لجميع المصابين».

إسرائيل

وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، عبر «إكس»: «أشعر بحزن كبير إزاء الهجوم الإرهابي في نيو أورليانز».

وأضاف: «أقدم خالص التعازي لأسر الضحايا. أتمنى الشفاء العاجل للمواطنين الإسرائيليين المصابين وجميع الجرحى... لا مكان للإرهاب في عالمنا».

تركيا

قالت وزارة الخارجية التركية في بيان: «نحن نشعر بحزن عميق جراء الهجوم الذي وقع في نيو أورليانز في الولايات المتحدة».

وأضافت: «نتقدم بتعازينا لأسر وأصدقاء الذين فقدوا أرواحهم... نأمل في أن يتم الكشف عن دوافع الهجوم في أقرب وقت ممكن، وأن تتم محاسبة المسؤولين عنه».