موائد الرحمن تنكمش بعد ارتفاع الأسعار في مصر

أعدادها انخفضت بشكل لافت في المدن الكبرى

«مائدة الشباب» في أحد شوارع منطقة فيصل بالجيزة («الشرق الأوسط»)
«مائدة الشباب» في أحد شوارع منطقة فيصل بالجيزة («الشرق الأوسط»)
TT

موائد الرحمن تنكمش بعد ارتفاع الأسعار في مصر

«مائدة الشباب» في أحد شوارع منطقة فيصل بالجيزة («الشرق الأوسط»)
«مائدة الشباب» في أحد شوارع منطقة فيصل بالجيزة («الشرق الأوسط»)

على الرغم من تنافس القادرين من رجال الأعمال وأصحاب الشركات وأعضاء مجلس النواب المصري على إقامة موائد الرحمن الرمضانية في السنوات والعقود الأخيرة، فإنّ أعدادها تقلّصت العام الجاري بشكل لافت، في معظم المدن المصرية بسبب ارتفاع أسعار السلع الغذائية، ما أدى إلى تزاحم على الموائد القليلة التي استمر القائمون عليها في إقامتها كل عام رغم التحديات الاقتصادية.
وأعلن الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء قبل شهرين، أن تضخّم أسعار المستهلكين السنوي في المدن المصرية تراجع إلى 13.3%، مقابل 14.4% في فبراير (شباط) الماضي، بعدما اقترب في يوليو (تموز) من العام الماضي من مستوى 35%، وذلك بعدما حرّر البنك المركزي المصري سعر صرف الجنيه المصري في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 أمام العملات الأجنبية ليعادل الدولار الأميركي الواحد نحو (17.6 جنيه مصري)، وهو ما أدّى إلى ارتفاع أسعار كل السلع الغذائية والمنزلية.
في شارع العشرين بمنطقة فيصل في محافظة الجيزة، تجذبك لافتة كبيرة مكتوب عليها «مائدة الشّباب ترحّب بضيوف الرحمن»، أسفل اللافتة كان يقف مجموعة كبيرة من الشّباب، تحوطهم مجموعة من الكراسي والموائد التي يعمل البعض منهم على ترتيبها في الجانب الآخر وأعلى الرصيف، وتعمل مجموعة أخرى على شي الدواجن على الفحم للتحضير للإفطار، بينما يجهز آخرون العصائر من التمر وقمر الدين. في تلك الأثناء كان ينادي الشيف أحمد من شرفة منزله «أحتاج بعضكم معي»، خلال ثوانٍ يهرول إليه اثنان من الشباب لإنزال الوجبات التي جهزها أحمد في الشقة التي استأجرها من دون مقابل من صديقه الذي يساعدهم هو الآخر في التجهيز للمائدة.
مشهد متسارع، يعمل فيه الجميع بجد واجتهاد، يسابقون الزمن، حتى لا يفوتهم وقت الإفطار. وسط الأواني ورائحة الطعام، قابلنا الشيف أحمد الذي تحدّث لـ«الشرق الأوسط» عن التحضير للمائدة الرمضانية، ونوع الطعام الموجود، والمساعدات المادية والعينية التي تأتي للمائدة، وكيف أثّر الوضع الاقتصادي على موائد الرحمن هذا العام.
يقول الشيف أحمد، 33 سنة: «اعتدت العمل في الموائد الرمضانية منذ 5 سنوات. كنت أعمل في موائد تابعة لرجال أعمال أو نواب في البرلمان بأجر كامل أتحصل عليه نهاية الشهر الكريم، إلّا أنّ هذا العام لم يطلبني أحد، نظراً إلى قلة عدد الموائد الموجودة في رمضان الجاري مقارنةً بالسنوات السابقة، لذا قرّرت المشاركة في مائدة الشباب هذه، كعمل تطوعي مني، لأنّي تعودت على تجهيز الإفطار في الموائد كل عام». وأضاف: «فكرة (مائدة الشباب)، جذبتني، بعد أن علمت أن ليس لها ممول رئيسي، فهي قائمة على تبرعات الأهالي ومجهودات الشباب». هذا الأمر دفعه إلى التواصل مع القائمين عليها قبل رمضان، لتقديم خدمته لهم من دون مقابل. وتابع: «على الرغم من أنّني أعمل فيها دون مقابل، فإني أشعر هنا بأجواء رمضان الحقيقية، فبعد غلاء أسعار السلع أصبح قيام فرد واحد على إنشاء مائدة بمفرده أمراً صعباً، لذلك فجميع أهالي المنطقة هنا يشاركون في إقامة المائدة، بداية من الشقة التي يملكها صاحب أحد المحلات هنا والتي تركها طوال أيام الشهر لتجهيز طعام الإفطار فيها، والطعام الذي يشارك فيه الأهالي، والأواني التي نجهز فيها الطعام، وصولاً إلى الموائد والكراسي المفروشة في الشارع، فضلاً عن مجهودات الشباب من المساعدات المختلفة.
يضيف أحمد أنّ «مائدة الشباب» صغيرة الحجم، كما أنّه ليس لديها سرادق يُغطيها، نظراً إلى ضيق المساحة وقلة الموارد، ونُجهز يومياً من 100 إلى 150 وجبة فقط، وهو رقم صغير مقارنةً بالموائد الأخرى الكبيرة التي تتخطى الـ1500 وجبة يومياً، وحتى هذه أصبحت محدودة أيضاً، «إلّا أنّ هذه هي إمكاناتنا، ونحاول أن نرضي الجميع، ونقدم خدمة مميزة حتى لا يغضب أحد».
التقط منه طرف الحديث، أحمد مختار، أحد الشباب القائمين على خدمة المائدة، موضحاً أنّ «هذا هو العام الثاني على ولادة فكرة المائدة، وكنّا نفكر في إقامتها بشكل أكبر من العام السابق، إلّا أنّ الإمكانات لم تساعدنا، فكل ما في المائدة من طعام أو مستلزمات هو من تبرع الأهالي والشباب»، مشيراً إلى أنّهم أطلقوا عليها مائدة الشباب، لأن القائمين عليها جميعهم في مرحلة الشباب، وفي كل يوم يأتي إليهم متطوع جديد للمشاركة.
ويضيف مُختار أن «المساعدات لا تتوقف على الماديات، فالكثير من الأهالي يزودوننا بالأرز والمعكرونة وغيرها من المأكولات»، وعلى الرّغم من الإمكانات المحدودة، فإنهم يقدمون يومياً وجبات جيدة، لا تخلو من الفراخ أو اللحم أو السمك، والخضار بمختلف أنواعها، بالإضافة إلى السلطات والعصائر. ويشير إلى أنّ القائمين على خدمة المائدة في معظم الأيام لا يجدون طعاماً لإفطارهم، بسبب كثرة الوافدين إليها أو لقلة الطعام، وبالتالي يكتفون بشرب المياه والعصائر ويفطرون في منازلهم بعد الانتهاء من المائدة.
يشار إلى أنّ أكثر من 27% من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر، وفق ما أكّده اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بعد الانتهاء من التعداد السكاني لعام 2017.
إلى ذلك، يقول الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد أثّرت بشكل واضح على كل مناحي الحياة، وبالتالي أثّرت على عدد موائد الرحمن هذا العام»، ويضيف: «إن أسعار السلع والمستلزمات زادت بشكل كبير عن الأعوام السابقة، فمن كان يُقدم على إقامة مائدة كل عام، عزف عن إقامتها هذا العام، وليس عليه حرج في ذلك، فالظروف هي ما أرغمته».
ويتابع صادق قائلاً: إنّ «الموائد تَقل كل عام بشكل تدريجي، خصوصاً بعد تعويم الجنيه المصري في نهاية 2016، وهناك كثيرون ما زالوا يداومون على إقامتها كل عام، مع تقليل كميات الطعام ونوعه بشكل كبير، فبدلاً من أن يتم تجهيز 1500 وجبة يومياً بدأت الأرقام تقل لتصل لـ1000 أو أقل، وبدلاً من تقديم وجبات دسمة يومياً بدأ تُقدم مرتين أو ثلاثاً كل أسبوع وجبات عادية»، منوهاً بأن القائمين على تلك الموائد هم أصحاب وضع اجتماعي كبير في منطقتهم، وبالتالي الفقير ينتظر موائدهم كل عام.



فعاليات ثقافية وتراثية تستقبل العيد في السعودية

تجمع ساحة قصر المصمك أهالي الرياض للاحتفالات في كل المناسبات (واس)
تجمع ساحة قصر المصمك أهالي الرياض للاحتفالات في كل المناسبات (واس)
TT

فعاليات ثقافية وتراثية تستقبل العيد في السعودية

تجمع ساحة قصر المصمك أهالي الرياض للاحتفالات في كل المناسبات (واس)
تجمع ساحة قصر المصمك أهالي الرياض للاحتفالات في كل المناسبات (واس)

احتفالات تحيي الموروث وتسترجع التاريخ وتعزز من الثقافة المحلية تقيمها وزارة الثقافة في عدد من المدن السعودية بمناسبة عيد الفطر، لإبراز ثقافة المجتمع السعودي، والعادات الاحتفالية الأصيلة المرتبطة به، وتجسيدها في قوالب إبداعية تستهدف جميع شرائح المجتمع.
«حي العيد» أحد هذا الاحتفالات التي تقيمها «الثقافة» في الرياض بدعمٍ من برنامج جودة الحياة - أحد برامج تحقيق «رؤية السعودية 2030» - حيث تقام في 3 مواقع بالمدينة، هي: ساحة المصمك، وسوق الزل، وشارع السويلم، وهي مناطق اعتاد سكان الرياض على التردد عليها؛ كونها تمثل جزءاً مهماً من تاريخ مدينتهم.
وأعدت الوزارة المهرجان بأسلوبٍ مميز يأخذ الزائر في رحلة ثقافية إبداعية تعكس عادات المجتمع السعودي بهذه المناسبة، تبدأ بمنطقة «عيدنا في البيت الكبير» التي تقدم طابع البيوت السعودية المفعمة بالحب والمودة، وممرات العيد التي تشهد «مسيرة العيد» لتُدخِل البهجة على قلوب الزوار، وتنشر الفرحة بينهم بأجوائها العائلية.

يهتم أهالي الطائف بوردهم بشكل كبير ويقيمون له مهرجاناً كل عام للاحتفال به  (واس)

لتنتقل الرحلة بعدها إلى منطقة «عيدنا في جمعتنا»، وهي عبارة عن ساحة خارجية تحتوي على جلسات مميزة بطابع المهرجان متضمنة عدة أنشطة، وهي حوامة العيد التي تقام في شارع السويلم 3 مرات باليوم وتوزع خلالها الحلوى؛ لتُحاكي في مشهدٍ تمثيلي عادة الحوامة القديمة في نجد، بحيث كان الأطفال يحومون انطلاقاً من مسجد الحي، ومروراً بالبيوت، منشدين خلالها أهازيج مختلفة مرتبطة بهذه المناسبة السعيدة.
وفي شمال السعودية، تقيم الوزارة مهرجان «أرض الخزامى» في نسخته الأولى بالتزامن مع العيد ولمدة 15 يوماً في مدينتي سكاكا، ودومة الجندل في منطقة الجوف، لإبراز التاريخ العريق للمنطقة والاحتفاء بعادات وتقاليد سكانها.
وسيتم إحياء المناطق المفتوحة حول قلعة زعبل بمعارض فنية مفتوحة بمشاركة فنانين من المنطقة ومن مختلف مناطق المملكة، إلى جانب إحياء شوارع القلعة بالألعاب الشعبية التي تُقدَّم بمشاركة أطفال المنطقة، كما ستوضع منصات لكبار السن لرواية قصص عن قلعة زعبل على المستوى الاجتماعي والنهضة التي تمت خلال المائة عام السابقة، التي أثرت بشكل عام على المنطقة.
كما سيوفر المهرجان فرصة التخييم للزوار ضمن أنشطة ثقافية مختلفة تتضمن السرد القصصي، والفنون الأدائية، والطهي الحي، في الوقت الذي سيقدم فيه شارع الفنون الشعبية كرنفالاً من الخزامى، يحوي مناطق لصناعة الزيتون وصناعات السدو.
وتحتضن بحيرة دومة الجندل عدة فعاليات، تشمل مقهى حديقة اللافندر، ومنطقة نزهة الخزامى، وسوق الخزامى لبيع مختلف المنتجات المستخلصة من نبتة الخزامى، وكذلك منطقة مخصصة لورش العمل التي تتناول صناعة مختلف منتجات الخزامى، والتعريف بها، وكيفية زراعتها.
كما يستضيف المسرح في مناطق المهرجان عروضاً موسيقية وأدائية لاستعراض تراث الخزامى في منطقة الجوف، والمعزوفات المختلفة باستخدام الناي والطبول والدفوف، إضافة إلى العديد من الأمسيات الشعرية التي ستستضيف نخبة من الشعراء.
وتسعى وزارة الثقافة إلى جعل مهرجان «أرض الخزامى» واحداً من أهم 10 مهرجانات ثقافية، عبر تقديم فعاليات بقوالب مبتكرة ومستوى عالمي، مع تأصيل التراث المادي وغير المادي، بما يضمن تغطية جميع الجوانب الثقافية، والتراثية، والإبداعية للمنطقة، مع إشراك الأهالي من ممارسين، ومثقفين، ومهتمين، في أنشطة المهرجان الرامية إلى إبراز نبتة الخزامى بوصفها هوية حضارية تمتاز بها المنطقة.
وفي غرب السعودية، تبدأ الوزارة بمهرجان «طائف الورد» الذي يهدف إلى تعزيز الهوية الثقافية للمدينة وإبراز مكتسباتها الطبيعية والتاريخية ونشر ثقافة أهاليها وتسليط الضوء على الورد الطائفي وأهميته.
ويصاحب المهرجان مسيرة استعراضية للورد، تضم مؤدِّين، ومركبات مزينة بالورود، ومجسمات ضخمة تعكس هوية المهرجان بالورود تجوب شوارع مدينة الطائف، وصولاً إلى متنزه الردف حيث تقام هناك فعاليات «جبل الورد»، ومعرض «ترانيم الورد»، و«سوق الورد».
وسيكون رواد الأعمال، والشركات المحلية والعالمية، والمنتجون المحليون والمزارعون، على موعد مع ملتقى «مهرجان طائف الورد» الذي يمثل منصة تجمع المزارعين مع رواد العلامات التجارية العالمية، مما يوجِد فرصاً استثمارية، واتفاقيات تعاون كُبرى مع العلامات التجارية العالمية؛ ليكون ورد الطائف ضمن أعمالهم المعتمدة.
وتأتي في مقدمة أنشطة متنزه الردف فعالية جبل الورد التي تعكس قصة ساحرة عبر عرض ضوئي على الجبل وممر الانطباعية الذي يعيد إحياء أعمال فنية بمشاركة فنانين محليين، كما يضم متنزه الردف، سوق الورد المتضمنة مجموعة من الأكشاك المصممة بطريقة عصرية تتلاءم مع طبيعة المهرجان؛ دعماً للعلامات التجارية المحلية والأسر المنتجة التي تحوي منتجاتهم مواد مصنوعة من الورد الطائفي، فيما يستضيف المسرح مجموعة من الفنانين، محليين وعالميين، وتقام عليه عدة عروض فنية وموسيقية ومسرحية تستهدف الأطفال والعائلات وأيضاً الشباب.
وعلى جانب آخر من متنزه الردف، تقام فعالية «الطعام والورد»، بمشاركة نخبة من الطهاة المحليين في أنشطة متخصصة للطهي، بهدف تعزيز المنتجات المستخلصة من الورد الطائفي في الطبخ وتعريفها للعالم، كما خصص مهرجان «ورد الطائف» منطقة للأطفال في متنزه الردف، صُمّمت بناءً على مبادئ التعليم بالترفيه، حيث يشارك المعهد الملكي للفنون التقليدية بمتنزه الردف بورشتي عمل، من خلال حفر نقوش الورد على الجبس، وتشكيل الورد بالخوص في الوقت الذي يقدم «شارع النور» رحلة ثقافية وعروضاً فنية حية تقام على امتداد الشارع بمشاركة فنانين محليين.
وتسعى وزارة الثقافة من خلال تنظيم مهرجان «طائف الورد» إلى إبراز مقومات الطائف الثقافية، والترويج لمنتجاتها الزراعية، وأبرزها الورد الطائفي، والاحتفاء بتاريخها وتراثها بشكلٍ عام، مما يعزز من قيمتها بوصفها وجهة ثقافية جاذبة.