لحظات حاسمة قرب غرف «جراحة القلب» في المكلا

إحدى العمليات الجراحية التي باشرها فريق منظمة البلسم في حضرموت (واس)
إحدى العمليات الجراحية التي باشرها فريق منظمة البلسم في حضرموت (واس)
TT

لحظات حاسمة قرب غرف «جراحة القلب» في المكلا

إحدى العمليات الجراحية التي باشرها فريق منظمة البلسم في حضرموت (واس)
إحدى العمليات الجراحية التي باشرها فريق منظمة البلسم في حضرموت (واس)

«احتمالية الوفاة كبيرة»... «الخطورة عالية»... «قد تدخل في غيبوبة»... «لا يمكنك الحمل بعد العملية»، عبارات اعتاد جراحو القلب قولها لمرضاهم أثناء النقاش معهم وقبل البدء في أي عملية قلب مفتوح يجرونها بغية الوصول للقرار السليم.
يجهل كثيرون المعاناة النفسية التي يمر بها مرضى القلب وعائلاتهم قبيل اتخاذ القرار الصحيح للموافقة على إجراء عمليات القلب المفتوح من عدمه، فكل العبارات التي يسمعونها من الأطباء تبدو مخيفة، بل ومرعبة في أحيان كثيرة، وهو ما رصدته «الشرق الأوسط» لدى مباشرة فريق منظمة «البلسم» الدولية الطبي الذي يجري عشرات العمليات الحساسة في حضرموت.
الدكتور عماد بخاري استشاري القلب والمدير التنفيذي لمنظمة «البلسم الدولية» يوضح فحوى هذه العبارات، وأهميتها في اتخاذ القرار المناسب للمريض وعائلته، وكيف ينطق الجراحون بها بكل سهولة، ويقول: «قول هذه العبارات للمرضى يأتي بعد ممارسة وخبرة وعلم، في عملنا الذي يتصف بالتعقيد لا بد من الصدق والوضوح وإعطاء كل الاحتمالات للمريض وعائلته قبل البدء في العملية».
ويعتقد الدكتور بخاري أن «الأمر يعتمد على مهارة التواصل وكيفية إيصال المعلومة للمريض، نحن نتعامل مع مختلف الجنسيات، ونجري عمليات القلب المفتوح في عدة دول، لكننا ننبه إلى أن الأمل الكاذب قد يؤدي لكارثة».
وأردف: «أكثر من 80 في المائة من إشكالات الجراحة قانونياً تأتي بعد إجراء العملية بسبب عدم التواصل الصحيح مع المريض وعائلته، ولذلك فإن الحوار يساعد المريض على اتخاذ القرار الصحيح حتى وإن كان صعباً».
وعن الحقوق التي يتمتع بها المريض والخيارات التي تبقى أمامه رغم حساسية الحالة، يقول المدير التنفيذي لمنظمة «البلسم» الدولية: «بالطبع، من حق المريض الرفض، لكننا في الوقت نفسه نوضح له أن مخاوف انتشار المرض وتفاقمه والمضاعفات ستكون أكبر، وعليه فإن اتخاذ القرار لا بد أن يكون سريعاً وصحيحاً».
وعن كيفية تحمل مرضى القلب أو عائلاتهم سماع عبارات مخيفة مثل احتمال الوفاة كبير، نسبة الخطورة عالية وغيرها، يرى الدكتور عماد أن الأمر «قد يكون صعباً عليهم، لكن الجميع يتقبل قدره ويضع ثقته في الأطباء بعد الله»، واستطرد قائلاً: «قمتُ بإجراء أكثر من 5 آلاف عملية قلب مفتوح ولم يمر علي أي حالة انهيار».
من جهته، يرى الدكتور راكان ناظر استشاري القلب ورئيس الكادر الطبي لمنظمة «البلسم الدولية» أن الجراح عادة يخبر المريض بطريقة بسيطة توصل المعلومة إليه دون أي تعقيد، إلا أن الحقيقة والحقيقة فقط هي التي تعطى له على حد تعبيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك مصلحة وفائدة من العملية للمريض رغم وجود مضاعفات، والمصلحة دائماً تفوق المضار المتوقعة، وفي أحيان كثيرة قد يحتاج المريض للتشجيع والتحفيز كأن نضرب لهم بعض الأمثلة المشابهة مثل أن يركب المريض طائرة أو سيارة ثم لا يعود، عمليات القلب الأمر ذاته وارد حدوث المضاعفات».
وأردف: «في حالات كثيرة عايشناها بعض المرضى يتخوفون، لكن الأغلبية مدركون للأمر، وأهمية إجراء العملية ويتقبلون ذلك لأنهم يعرفون المصلحة العائدة عليهم، كما أن هناك حالات يظهر الفحص عن مخاوف مستقبلية وليست آنية على قلوبهم نضطر كذلك لإخبارهم، وأهمية التدخل الجراحي لتلافي هذه المشكلات».
يُذكر أن فريق منظمة «البلسم» الدولية وصل إلى مدينة المكلا بمحافظة حضرموت شرق اليمن السبت الماضي لإجراء أكثر من 115 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية، وتشخيصية للمرضى اليمنيين عن طريق مؤسسة «أمراض القلب» الخيرية، في بادرة تطوعية يقوم بها الفريق في عدة دول حول العالم.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».