الهدوء في غزة يحكمه اتفاق 2014 لوقف النار

مصر تدخلت بقوة... «حماس» و«الجهاد» تلتزمان

أضرار تسبب بها قصف إسرائيلي لمواقع قريبة من شاطئ البحر في خانيونس (أ.ف.ب)
أضرار تسبب بها قصف إسرائيلي لمواقع قريبة من شاطئ البحر في خانيونس (أ.ف.ب)
TT

الهدوء في غزة يحكمه اتفاق 2014 لوقف النار

أضرار تسبب بها قصف إسرائيلي لمواقع قريبة من شاطئ البحر في خانيونس (أ.ف.ب)
أضرار تسبب بها قصف إسرائيلي لمواقع قريبة من شاطئ البحر في خانيونس (أ.ف.ب)

سيطر الهدوء على قطاع غزة، أمس، بعدما نجحت مصر في وضع اتفاق لوقف إطلاق النار موضع التنفيذ مع ساعات الفجر الأولى.
وامتنعت الفصائل الفلسطينية عن إطلاق صواريخ على إسرائيل، التي أوقفت بدورها شنَّ غارات على قطاع غزة، بعد يوم طويل ضربت فيه إسرائيل نحو 70 هدفاً في القطاع، وأطلق فيه الفلسطينيون أكثر من 80 قذيفة وصاروخاً تجاه بلدات ومستوطنات إسرائيلية قرب الحدود. وأعلن عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية، أمس «التوصل إلى تفاهمات لوقف إطلاق النار في قطاع غزة»، مؤكداً أن الفصائل الفلسطينية ملتزمة بهذه التفاهمات طالما التزم بها الاحتلال. وقال الحية: «بعد أن نجحت الفصائل في صدِّ العدوان الإسرائيلي، ومنع تغيير قواعد الاشتباك، تدخلت كثير من الوساطات خلال الساعات الماضية، وتم التوصل إلى توافق بالعودة إلى تفاهمات وقف إطلاق النار في قطاع غزة».
وأكد مسؤولون في «الجهاد الإسلامي» التي بدأت المواجهة فجر الثلاثاء، الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار.
وقال داود شهاب المتحدث باسم الحركة: «في ضوء الاتصالات المصرية مع حركتي (الجهاد الإسلامي) و(حماس) تم التوافق على تثبيت تفاهمات وقف إطلاق النار لعام 2014».
وأضاف: «الفصائل الفلسطينية ستلتزم باتفاق التهدئة طالما التزم الاحتلال الإسرائيلي بها».
ويدور الحديث عن استئناف لاتفاق وقف إطلاق النار الذي وقع في عام 2014 ورعته مصر، وانتهت بموجبه الحرب الأطول على غزة، التي استمرت 51 يوماً.
فقد نجحت مصر في تثبيت الاتفاق بعد جولتين من المواجهة، ودخل الاتفاق حيز التنفيذ بعد الرابعة فجراً، بعد محاولتين سابقتين.
وتوصلت مصر إلى الاتفاق الأول في منتصف الليل، لكنه انهار، ثم انهار اتفاق آخر بعد ساعتين، إذ استمر إطلاق الصواريخ من غزة، وتواصلت الغارات الإسرائيلية على القطاع. لكن الجميع التزم الهدوء في وقت لاحق.
وتوقفت بعد الساعة الخامسة فجراً، الغارات الإسرائيلية على غزة، أوقفت الفصائل إطلاق الصواريخ من القطاع، وعادت الحياة إلى طبيعتها. وفيما دبت الحياة في شوارع القطاع بشكل اعتيادي، توجه الأطفال إلى مدارسهم في التجمعات الإسرائيلية قرب الحدود. ولم تُسجَّل حتى مساء الأمس أي خروقات من الطرفين، في إشارة واضحة إلى عدم رغبة الأطراف بالتصعيد.
لكن إسرائيل رفضت القول بوجود تفاهمات مع «حماس» و«الجهاد» اللتين تعتبرهما «إرهابيتين»، واكتفت بالقول إن الهدوء سيقابله هدوء.
ونفى وزير الاستخبارات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، وجود أي اتفاق لوقف إطلاق النار قائلاً: «لا يوجد هناك وقف لإطلاق النار. إن إسرائيل تتبع سياسة واضحة بعدم السماح بإطلاق النار والهجمات الإرهابية ضد إسرائيل»، مضيفاً: «إسرائيل لا تريد تدهور الوضع لكن الجانب الذي بدأ بالعنف يجب أن يتوقف عنه. وستجعل إسرائيل حركة (حماس) تدفع ثمن كل نيرانها عليها». وتابع مهدداً: «كل شيء يعتمد على (حماس) الآن، إذا استمروا، فأنا لا أعرف ماذا سيكون مصيرهم».
كما نفى وزير التعليم نفتالي بينت التقارير عن وجود اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقال بينت لإذاعة الجيش أمس: «لم نتوصل إلى مثل هذا التفاهم، ولا حتى إلى تفاهم غير رسمي». وأضاف: «قد يكون الأمر ببساطة أن الطرف الآخر لم يعد معنياً بالتصعيد».
لكن وزير الطاقة يوفال شتاينتز تحدث عن وجود «تفاهم غير رسمي».
وقال شتاينتز: «أعتقد أن هناك تفاهماً غير مباشر مع حماس لوقف الجولة الحالية من العنف». ولخّصت مصادر كبيرة في إسرائيل الوضع الحالي بأنه وقف غير رسمي لإطلاق النار.
وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الإسرائيلية إن «إسرائيل على استعداد للامتناع عن تنفيذ مزيد من الهجمات ضد غزة، إذا توقفت الفصائل الفلسطينية هي أيضاً عن إطلاق النار»، مضيفاً: «يمكن القول إنه يوجد وقف غير رسمي لإطلاق النار».
وأضاف المسؤول: «إذا تجدد القصف، سيتم تكثيف الهجمات ضد حماس».
وتشير «تقديرات» المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، إلى أن الجولة الحالية من العنف في غزة وصلت إلى نهايتها.
وبذلك تكون انتهت أعنف وأوسع جولة بين الطرفين منذ حرب 2014.وشنَّت إسرائيل في الجولة الأخيرة 3 طلعات على الأقل فوق القطاع، استهدفت خلالها 65 هدفاً لـ«حماس» و«الجهاد» على الأقل، من بينها مواقع تدريب ومخازن أسلحة وبنى تحتية، فيما أطلقت الفصائل الفلسطينية 3 رشقات من قذائف الهاون والصواريخ على إسرائيل (نحو 80 قذيفة وصاروخ) ودوَّت صفارات الإنذار 166 مرة على الأقل في جنوب إسرائيل، محذرة من صواريخ وقذائف. ولم يُصَب أي فلسطيني في القصف الإسرائيلي على غزة يوم الثلاثاء وفجر الأربعاء، وأصيب 5 إسرائيليين بالشظايا بينهم 3 جنود، دون أي إصابات خطيرة. وفسر مراقبون تعمد إسرائيل عدم إيقاع خسائر في غزة وتعمد الفصائل الفلسطينية عدم استهداف مناطق مأهولة في إسرائيل، برغبة لدى الطرفين بعدم جرِّ المنطقة إلى مواجهة جديدة.
وقال مراقبون في إسرائيل إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم يكن راغباً في التصعيد، لأنه لا يريد تسليط الضوء على قضية غزة قبيل توجهه إلى أوروبا. ويخطط نتنياهو لزيارة كل من ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وربما بريطانيا، من أجل مناقشة الملف النووي الإيراني.



المحققون الأمميون يُحمّلون الحوثيين مسؤولية التدهور في اليمن

الحوثيون استغلوا أحداث غزة لتجنيد الآلاف من الأتباع الجدد (إ.ب.أ)
الحوثيون استغلوا أحداث غزة لتجنيد الآلاف من الأتباع الجدد (إ.ب.أ)
TT

المحققون الأمميون يُحمّلون الحوثيين مسؤولية التدهور في اليمن

الحوثيون استغلوا أحداث غزة لتجنيد الآلاف من الأتباع الجدد (إ.ب.أ)
الحوثيون استغلوا أحداث غزة لتجنيد الآلاف من الأتباع الجدد (إ.ب.أ)

حَمَّلَ التقرير الجديد لفريق خبراء مجلس الأمن الدولي المعني باليمن، الجماعة الحوثية المدعومة من إيران مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن، وعرقلة جهود تحقيق السلام وإنهاء الحرب، واتهم الجماعة بتسخير الموارد الضخمة للأغراض العسكرية.

ووفقاً للتقرير الذي يغطي الفترة الممتدة من 1 سبتمبر (أيلول) 2023 إلى 31 يوليو (تموز) 2024، فإن التهديدات والهجمات المنتظمة التي يشنها الحوثيون على السفن المبحرة عبر البحر الأحمر، منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تسببت في تعطيل التجارة الدولية والاقتصاد اليمني.

مزاعم الحوثيين بنصرة غزة أدت إلى عرقلة جهود السلام في اليمن (إ.ب.أ)

وأدت الهجمات -وفق التقرير- إلى زيادة تكاليف الشحن والتأمين وتأخير وصول البضائع إلى اليمن، وهو ما ترجم بدوره إلى زيادة في أسعار مختلف السلع، ولا سيما السلع الأساسية.

وأوضح الخبراء في تقريرهم المقدم إلى مجلس الأمن أن استمرار الحظر الذي يفرضه الحوثيون على تصدير النفط الخام تسبب في خسارة في الإيرادات بنسبة 43 في المائة؛ ما أدى إلى انخفاض قيمة الريال اليمني، وارتفاع حاد في معدلات التضخم، وأثر على قدرة الحكومة على تزويد الشعب بالخدمات الأساسية مثل دفع الرواتب وتوفير الكهرباء والمياه والتعليم.

وذكر التقرير، أن عبث الحوثيين بالاقتصاد طال المؤسسات الحكومية التي استغلوها لتمويل أغراضهم وأنشطتهم العسكرية، حيث اعتمدوا عدداً من التدابير غير القانونية لخلق موارد كبيرة لأغراضهم العسكرية، واستغلوا سيطرتهم على قطاع الاتصالات والمدارس في مناطق سيطرتهم؛ لطلب الأموال من السكان من أجل تعزيز قوتهم الجوية عبر الطائرات المسيّرة والدفاع الساحلي.

شبكات مختلفة

وتطرق التقرير الأممي إلى العمليات المالية الحوثية الخارجية، وأشار إلى أن تحقيقاً أجراه الفريق كشف عن أن الحوثيين يستخدمون شبكات مختلفة من الأفراد والكيانات التي تعمل في ولايات قضائية متعددة بما في ذلك إيران وتركيا وجيبوتي والعراق واليمن؛ لتمويل أنشطتهم من خلال الاستعانة بعدد من البنوك والشركات الوهمية وشركات الصرافة والشحن والميسرين الماليين، لافتاً إلى تورط قيادات حوثية بارزة وكيانات في تسهيل الدعم المالي للحوثيين وتوفير احتياجاتها من العملة الأجنبية لشراء الواردات.

وعرض التقرير، صوراً من أنشطة الحوثيين المشبوهة في ميناء الحديدة، وأساليب تجنب عمليات التفتيش التي تقوم بها آلية الأمم المتحدة من خلال المناقلة بين السفن أو إيقاف تشغيل النظام الآلي لتحديد هوية السفن للحد من كشف المواني التي تزورها والطرق التي تسلكها.

ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين يعيشون تحت سطوة القمع (أ.ب)

وأكد فريق الخبراء أن ميناء الحديدة كان مركزاً لعمليات تهريب منظمة لمواد غير مشروعة؛ مثل الأسلحة، والمخدرات، ومعدات الاتصالات، والمبيدات، والعقاقير المحظورة، والقطع الأثرية، وقال الفريق إن الهجمات الحوثية على خطوط النقل الأساسية أدت إلى زيادة إعاقة وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن.

انتهاكات في كل اتجاه

وأشار المحققون الأمميون إلى تأثير الانتهاكات الحوثية وعمليات الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري التي نفذتها الجماعة بحق العاملين في المجال الإنساني في مناطق سيطرتها، التي أدت بمقدمي الخدمات الإنسانية إلى تجنب مناطق سيطرة الجماعة؛ بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.

واتهم التقرير الجماعة باستغلال الأحداث الإقليمية، وتحديداً أحداث غزة، لتعزيز استقرار نظامها واكتساب الشعبية، خصوصاً في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية وانتشار السخط في مناطق سيطرتها، وأكد أن ادعاء الجماعة بأنها تستهدف السفن المرتبطة بإسرائيل غير صحيح، وأنها تستهدف بشكل عشوائي السفن المبحرة في البحر الأحمر وخليج عدن.

زعيم الجماعة الحوثية يحصر المناصب على المنتمين إلى سلالته (إ.ب.أ)

وتطرق التقرير إلى المساعي التي قام بها المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى اليمن لدفع عملية السلام قدماً من خلال الإعلان عن خريطة الطريق للسلام في اليمن في ديسمبر 2023، مؤكداً أن هذه المحاولة اصطدمت بهذه التطورات الإقليمية.

وأورد المحققون الأمميون أنه لا يمكن توقيع اتفاق خريطة الطريق إلا عند استقرار الوضع الإقليمي وتوقف الحوثيين عن مهاجمة السفن في البحر الأحمر.

وتناول التقرير انتهاكات الحوثيين للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، التي شملت الهجمات العشوائية على المدنيين، والاحتجازات التعسفية، وحالات الاختفاء القسري، والتعذيب والعنف الجنسي المرتبط بالنزاع والعنف الجنساني، وانتهاكات الحق في المحاكمة العادلة، وتجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاع، واضطهاد الأقليات، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.

وجاء في التقرير أن مصادر سرية أبلغت فريق التحقيق عن زيادة في تجنيد الفتيات من قِبَل ما يسمى «الزينبيات» (ذراع الحوثي النسوية) وإدماجهن في صفوف الجماعة عن طريق الاختطاف والتهديد، واستغلال بعض المختطفات في العمل المنزلي القسري، ووقوع أخريات ضحايا للعنف الجنسي.

المحققون الأمميون اتهموا الحوثيين بالتسبب في تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

كما اتهم المحققون الأمميون الجماعة الحوثية باستهداف الكيانات التجارية والأفراد المعارضين من خلال تجميد أصولهم ومصادرتها والاستيلاء عليها بشكل منتظم تحت مسمى نظام «الحارس القضائي».

وأشار التقرير إلى قيام الحوثيين باستغلال منصات التواصل الاجتماعي وانتهاك الجزاءات المفروضة بموجب القرار 2140 لبيع الأسلحة والتماس الدعم المالي والآيديولوجي والدعوة إلى الكراهية القومية أو العرقية أو الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز والعداء والعنف، داعياً كيانات ووسائل التواصل الاجتماعي ذات الصلة إلى اتخاذ تدابير عاجلة ومناسبة لضمان منع هذا الانتهاك.