الميليشيات تواجه هزائم الساحل الغربي بإرهاب السكان وتصعيد الانتهاكات

مساجد تتحول إلى ثكنات حوثية لتحشيد القاصرين نحو الحديدة

TT

الميليشيات تواجه هزائم الساحل الغربي بإرهاب السكان وتصعيد الانتهاكات

حولت الميليشيات الحوثية عددا من مساجد العاصمة صنعاء، إلى ثكنات لاستقطاب القاصرين من أتباعها وتحشيدهم باتجاه الساحل الغربي، في الوقت الذي لجأت إلى ترهيب السكان بحملات الاعتقال وإلى التصعيد من الانتهاكات وأعمال البطش بالمعارضين، ردا على هزيمتها الوشيكة في جبهة الساحل الغربي مع اقتراب القوات المشتركة من انتزاع مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي.
وفي هذا السياق، أفاد شهود في أحياء متفرقة من صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن عناصر الميليشيات حولوا نحو عشرة من أكبر المساجد في صنعاء إلى ثكنات لاستقبال وتجميع المجندين من أتباعهم وأغلبهم من القاصرين والأطفال، في مسعى لتعويض النقص المتصاعد في صفوفهم في جبهة الساحل الغربي.
وذكر الشهود، أن الميليشيات الحوثية، منعوا صلاة التراويح في هذه المساجد، نهائيا، وخصصوها في الأيام الماضية إلى نقاط لتجميع المجندين القصر، وإخضاعهم لدورات بدنية وطائفية قصيرة، قبل الزج بهم إلى خطوط النار.
وشوهد في الأيام الأخيرة، طبقا للشهود - المئات من المراهقين والقصر الذين استقطبتهم الميليشيات، في سياق عملية الاستنفار الأخيرة للدفاع عن الحديدة، وهم يتقاطرون نحو هذه المساجد الخاضعة للجماعة، في أحياء سعوان والروضة ومذبح والجراف وحدة وشعوب، ودار سلم، قبل أن تقوم عناصر الميليشيات بنقلهم في حافلات معتمة النوافذ إلى ضواحي العاصمة، حيث تنتظرهم هناك، على حد قول الشهود - عربات عسكرية (أطقم) وأخرى مدنية لنقلهم بالتجزئة على دفعات، عبر الطريق الرابطة بين صنعاء والمحويت والحديدة».
وفي السياق نفسه، أفادت مصادر أمنية مناهضة للجماعة لـ«الشرق الأوسط» بأن قادة الميليشيات في صنعاء فرضوا على أتباعهم من أبناء سلالتهم والقبليين، إرسال أبنائهم للقتال تنفيذا لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، بغض النظر عن أعمارهم، مما يشير إلى شدة المأزق الذي باتت تواجهه الجماعة في جبهات القتال لجهة تناقص عناصرها خلال المعارك بسبب سقوطهم قتلى أو جرحى أو فرارهم أمام الضربات التي توجهها القوات المشتركة المسنودة من تحالف دعم الشرعية.
وذكر السكان في حي «الجراف» شمالي العاصمة أنهم لاحظوا اختفاء الكثير من أبناء جيرانهم الموالين للحوثيين، ممن لا يزالون في الصفوف المتوسطة والثانوية، وعند السؤال عنهم، من باب الاطمئنان على صحتهم، أكد أقاربهم أنهم التحقوا بالجبهات. وفي الوقت الذي لا تلقي فيه الجماعة الحوثية أي اعتبار للمواثيق الدولية والإنسانية التي تجرم تجنيد الأطفال، كانت منظمات حقوقية دولية وأخرى محلية ذكرت في تقاريرها الأخيرة أن 33 في المائة من المقاتلين في صفوف الميليشيات الحوثية هم من القاصرين والأطفال.
في غضون ذلك، صعدت الميليشيات من أعمالها القمعية المتنوعة بحق السكان في مناطق سيطرتها، وبخاصة في صنعاء وذمار والحديدة، بالتوازي مع تشديد القبضة الأمنية وتكثيف نقاط التفتيش في الشوارع الرئيسة، وتنظيم الحملات المختصة بأعمال الجباية للأموال من أصحاب المتاجر والمحلات والمزارعين.
وأفادت مصادر في حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء بأن الميليشيات الحوثية اعتقلت اثنين من قيادات الحزب في صنعاء، ليل الثلاثاء، بعد خروجهما من قاعة للعزاء الذي أقامته قيادات الحزب جنوب صنعاء في وفاة كنعان يحيى صالح، حفيد الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، الذي كان توفي قبل أيام بسلطنة عمان جراء أزمة قلبية.
وفرض مسلحو الجماعة الحوثية - بحسب المصادر - طوقا أمنيا على قاعة العزاء، وعينوا مراقبين داخل القاعة خشية أن تتحول المناسبة إلى فعالية مناهضة للجماعة من قبل قيادات الحزب وأنصار الرئيس السابق، في حين أقدم عناصر الميليشيات على اعتقال رئيس الدائرة الفنية في الحزب، خالد أبو عيدة، ونائب رئيس فرع الحزب في مديرية شعوب، عامر رفيق، بعد خروجهما من العزاء، واقتيادهما إلى مكان مجهول.
وكانت الميليشيات الحوثية منعت ليل الأحد الماضي طباعة الصحيفة الأسبوعية الصادرة عن حزب «المؤتمر» (الميثاق)، بسبب تضمنها صورة للرئيس الراحل صالح، ولم يشفع لها في الصدور أنها صارت منذ مقتله متبنية بالإكراه للخطاب الإعلامي الحوثي.
إلى ذلك، صعدت الميليشيات من أعمال الاختطاف للمواطنين وقمع الموظفين في مدينة الحديدة، في محاولة لإرهاب السكان من القيام بأي انتفاضات داخلية بالتزامن مع المعارك التي وصلت الضواحي الجنوبية للمدينة حيث تتقدم القوات المشتركة بإسناد من قوات تحالف دعم الشرعية لتحريرها من قبضة الميليشيات.
وأفادت مصادر أمنية وشهود لـ«الشرق الأوسط» بأن عناصر الميليشيات في الحديدة، داهموا في اليومين الأخيرين عشرات المنازل واعتقلوا الكثير من الأشخاص، في مناطق وأحياء الحالي وبيت الفقيه والميناء والحسينية، فيما اعترفت المصادر الرسمية للجماعة باعتقال ستة مواطنين بينهم جندي، زاعمة أنهم من العناصر الذين يقدمون معلومات استخباراتية لقوات الشرعية والتحالف بخصوص رصد تحركات الميليشيات وقادتها.
ونشرت الميليشيات، بحسب المصادر - فرق القناصة فوق أسطح المباني الحكومية في المدينة وفوق العمارات السكنية والفنادق، استعدادا لمنع تقدم القوات المشتركة إلى أحياء الحديدة ومينائها الاستراتيجي، كما قاموا بتشديد الرقابة على تحركات قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الخاضعة لهم، خوفا من انشقاقهم والتنسيق مع القوات المشتركة لتسهيل مهمة اقتحام المدينة. وفي سياق متصل، أفادت المصادر، بأن عربة عسكرية حوثية قتلت امرأتين وسط الحديدة دهسا في ظل استهتار عناصر الجماعة بأرواح السكان، وقالت إن قياديا محليا خاضعا للميليشيات، حاول أن يسترضي أقارب المرأتين بدفع تعويض مالي، وهو الأمر الذي رفضه أقاربهما.
وفي مسعى لاحتواء الكم المتصاعد من القتلى والجرحى في صفوف الميليشيات الحوثية، أرسلت الجماعة وزير صحتها المعين حديثا، طه المتوكل، إلى الحديدة، للإشراف على تحويل المنشآت الصحية في المحافظة إلى مستشفيات ميدانية، وغرف للطوارئ.
وبحسب ما ذكرته المصادر الرسمية للميليشيات، شدد القيادي المتوكل، الذي يعد من أكثر معممي الجماعة تطرفا وطائفية، على المنظمات الدولية من أجل تقديم الدعم اللازم للمستشفيات في المحافظة على صعيد تجهيز غرف الطوارئ وتقديم عربات الإسعاف والمحاليل الطبية والأدوية الخاصة بمداواة الجرحى.
وبينما كانت مصادر الإعلام الحربي التابعة للقوات اليمنية المشتركة، أفادت بمقتل وجرح المئات من عناصر الميليشيات الحوثية منذ بدأت معركة الساحل الغربي باتجاه الحديدة شمالا،، شيعت الميليشيات، الثلاثاء، ثلاثة من كبار قادتها الميدانيين في الساحل الغربي، وهم يحيى عبد الجبار الشامي وعبد العزيز صالح المراني ومطهر إسماعيل محمد المتوكل.
وكثفت الجماعة في شوارع صنعاء من نقاط التفتيش، كما نشرت فرقا لجباية الأموال من التجار وملاك المتاجر في الشوارع الرئيسية والأسواق، تحت مسمى الزكاة والضرائب والمجهود الحربي، وبحسب شهود تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أقدم مسلحو الجماعة ليل الثلاثاء على اقتياد عدد من ملاك المتاجر في شارع جمال وسط العاصمة إلى السجون، بعد رفضهم دفع المبالغ التي طلبتها الميليشيات.
وبينما استمرت الميليشيات الحوثية في إصدار القرارات غير القانونية بتعيين أتباعها أعضاء في نسختها الخاصة من مجلس الشورى في صنعاء، أرسلت وزيرها للصحة المعين حديثا طه المتوكل إلى محافظة الحديدة للضغط على المنظمات الإنسانية من أجل تحويل المرافق الصحية إلى مستشفيات ميدانية لقتلاها وجرحاها.
وعلى صعيد متصل بأعمال القمع والانتهاكات الحوثية في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، أقدمت الميليشيات هذا الأسبوع على فصل أكثر من 30 أكاديميا من جامعة ذمار، ضمن سياسة التصفية الطائفية للموظفين وكوادر الخدمة في المؤسسات الحكومية، بحسب ما أفادت مصادر جامعية وحقوقية.
كما ذكرت مصادر قبلية في مديرية عتمة الواقعة غرب محافظة ذمار، أن الجماعة الحوثية شنت حملة دهم واعتقالات، في صفوف المواطنين، على خلفية اتهامها لهم بتبني أعمال للانتفاض ضدها بالتزامن مع معارك الساحل الغربي.
وعلى الرغم من اختفاء الرئيس الجديد لمجلس حكم الجماعة مهدي المشاط، عن الأنظار، منذ نحو أسبوعين، خشية استهدافه جويا، فإنه واصل إصدار القرارات اليومية غير الشرعية بتعيين عناصر جماعته الطائفيين في المناصب المختلفة، وآخرها تعيين ثمانية من القيادات أعضاء في النسخة الحوثية من مجلس الشورى.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.