إسرائيل تمنع أول رحلة بحرية لكسر الحصار

انطلقت بهدف {تأكيد حق الغزيين في الحياة ورفضهم للحصار}

مئات الغزيين في وداع زورق أبحر صباح أمس باتجاه أوروبا في محاولة لكسر الحصار (رويترز)
مئات الغزيين في وداع زورق أبحر صباح أمس باتجاه أوروبا في محاولة لكسر الحصار (رويترز)
TT

إسرائيل تمنع أول رحلة بحرية لكسر الحصار

مئات الغزيين في وداع زورق أبحر صباح أمس باتجاه أوروبا في محاولة لكسر الحصار (رويترز)
مئات الغزيين في وداع زورق أبحر صباح أمس باتجاه أوروبا في محاولة لكسر الحصار (رويترز)

منعت القوات البحرية الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، أول رحلة تنطلق من قطاع غزة باتجاه العالم، من الإبحار عبر البحر المتوسط إلى ميناء «ليماسول» القبرصي، واعتقلت من شاركوا بها من مرضى وطلاب، اقتادتهم إلى ميناء أسدود الإسرائيلي، قبل أن تطلق سراح معظمهم مساء أمس.
وانطلقت السفينة التي كان على متنها 17 فلسطينيا من المرضى، بينهم مصابة بالسرطان، وجرحى سابقون بحاجة للعلاج، إلى جانب عدد من الطلاب، مخترقة عرض البحر الأبيض المتوسط، في محاولة لتجاوز مساحة 6 - 9 أميال التي حددها الاحتلال الإسرائيلي للصيادين الفلسطينيين من قبل. وتمكنت السفينة التي رافقتها سفن صغيرة ترفع الأعلام الفلسطينية، من الإبحار لمسافة 12 ميلا بحريا، قبل أن تقوم القوات البحرية الإسرائيلية بإطلاق النار حولها من دون استهدافها مباشرة، وتحاصرها وتطالب من على متنها بالتوقف وتسليم أنفسهم.
وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي، إن قواته تمكنت من السيطرة على السفينة من دون حدوث أي مشكلات أمنية. مشيرا إلى أنه تم اعتقال جميع من كانوا على متنها، واقتيادهم مع السفينة إلى ميناء أسدود.
وأشار إلى أنه سيجري تقديم العلاج من قبل طواقم طبية للجرحى الذين كانوا على متنها، ومن ثم سيجري إعادة الجميع إلى قطاع غزة بعد التحقيق معهم. وأعلن ناشطون فلسطينيون إطلاق سراح 14 من المحتجزين، فيما استمر اعتقال قائد السفينة ونائبه وشخص ثالث.
من جانبه، حمل أدهم أبو سلمية المتحدث باسم الهيئة الوطنية العليا لكسر الحصار، الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن حياة المرضى والطلاب ممن كانوا على متن السفينة. معتبرا ما جرى «قرصنة»، داعيا المجتمع الدولي للتدخل.
وذكر أن الاحتلال بعد أن حاصر السفينة، أطلق النار، تجاهها ما تسبب بأضرار فيها من دون أن يصيب من كانوا على متنها، مشيرا إلى أنه لجأ لقطع الاتصالات عنها بشكل كامل.
وبين أبو سلمية خلال مؤتمر صحافي من ميناء غزة، أن قيادة الهيئة الوطنية لكسر الحصار، اجتمعت مع مسؤولي الصليب الأحمر في غزة، وطالبتهم بالتدخل الفوري لضمان أمن المواطنين الفلسطينيين الذين كانوا على ظهر السفينة. وقال إن هؤلاء خرجوا من غزة يحملون رسالة إلى العالم للتأكيد على حقهم في الحياة ورفض الحصار الإسرائيلي المشدد على القطاع والذي يطال كافة مناحي الحياة. مشيرا إلى الظروف الصعبة التي يعيشها السكان جراء الحصار، ووجود أكثر من 13 ألف حالة من مرضى السرطان بحاجة ماسة للعلاج.
ولفت أبو سلمية إلى أن ما جرى لن يمنع الهيئة من مواصلة فعالياتها، لافتاً إلى أنه سيجري الإعداد لتسيير رحلة جديدة خلال الأيام المقبلة، داعيا الفلسطينيين لتسجيل أسمائهم للمشاركة فيها.
وتُعتبر هذه الرحلة هي الأولى من نوعها، حيث تنطلق من غزة لكسر الحصار ولا تأتي إليها من الخارج، كما في المحاولات السابقة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.