تكتل سياسي عراقي جديد يضم ائتلاف «الوطنية» وشخصيات سنية بارزة

TT

تكتل سياسي عراقي جديد يضم ائتلاف «الوطنية» وشخصيات سنية بارزة

اجتمع عدد من الشخصيات السنية البارزة في منزل رئيس مجلس النواب سليم الجبوري مساء أول من أمس من أجل «تشكيل كتلة وطنية قادرة على مواجهة تحديات المرحلة المقبلة»، كما ذكر بيان صادر عن مكتب الجبوري.
وذكر البيان أن الاجتماع ضم ائتلاف «الوطنية» الذي ينتمي إليه سليم الجبوري مع عدد من النواب والشخصيات والكيانات السياسية «الراغبة في بناء تفاهمات واتفاقات مشتركة»، مشيرا إلى أن المجتمعين ناقشوا «المستجدات على الساحة العراقية وإفرازات العملية الانتخابية وما رافقها من مشاكل وتزوير والسبل الكفيلة بتصحيح مساراتها، والعوامل التي من شأنها أن تمكن الكتل السياسية من تشكيل حكومة وطنية قوية تمتلك كل عوامل النجاح».
وكشف البيان عن أن الاجتماع يهدف إلى تحقيق الأهداف العامة لائتلاف «الوطنية» والقوى الموقعة معها المتمثلة في «إعادة النازحين ودعم الإعمار والاستثمار في المدن المنكوبة جراء الحرب على الإرهاب خاصة وبقية المحافظات عامة، وحصر السلاح بيد الدولة، وضرورة انفتاح العراق على محيطه الإقليمي بالشكل الذي يعزز سيادته وعمقه العربي». وأكد الموقعون أيضا على «فتح قنوات التعاون مع جميع الكتل في إطار العمل لبناء الدولة المدنية العادلة». ولم يذكر البيان العدد الكلي للتكتل السياسي الجديد، لكن بعض المصادر تشير إلى أنه مؤلف من 27 نائبا معظمهم من السنة.
وضم الاجتماع إلى جانب عضوي ائتلاف «الوطنية»، سليم الجبوري وصالح المطلك، عضو «التحالف العربي» في كركوك ووزير التربية السابق محمد تميم وعضو تحالف «تمدن» في نينوى أحمد الجبوري وعضو ائتلاف «ديالى هويتنا» رعد الدهلكي ورئيس تحالف «عابرون» في الأنبار وزير الكهرباء قاسم الفهداوي وشخصيات سنية أخرى تنتمي إلى كتل فائزة بعدد قليل من الأصوات، ولم يحضر الاجتماع شخصيات عن تحالف «القرار» المدعوم من نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي ورئيس «المشروع العربي» خميس الخنجر، كما غاب عن الاجتماع ائتلاف «الحل» الذي يقوده الإخوان جمال ومحمد الكربولي.
ورغم الطابع الوطني والمدني الذي طغى على بيان المجتمعين وتمسك الجبوري بانتمائه إلى ائتلاف «الوطنية» الذي يتزعمه إياد علاوي، فإن الملاحظ أن الاجتماع اقتصر على حضور الشخصيات السياسية السنية التي تنتمي لكتل وائتلافات مختلفة، الأمر الذي قد يعزز ما يذهب إليه بعض المراقبين من أن أقطاب «التكتل السياسي» الجديد يسعون إلى بلورة «نواة كتلة سنية» أكبر، وأخذ المبادرة من تحالف «القرار» الفائز بـ13 مقعدا و«الحل» الفائز بنحو 10 مقاعد، بهدف التفاوض مع القوى الشيعية والكردية على شكل الحكومة المقبلة وطبيعة المناصب السياسية التي سيحصل عليها المكون السني. كما قد يشير تأسيس التكتل الجديد إلى انفراط عقد ائتلاف «الوطنية» لصالح زعامات سنية كما حدث عام 2010 مع ائتلاف «العراقية» الذي تزعمه علاوي وضم أغلب الشخصيات السياسية السنية.
لكن هاشم الحبوبي، نائب الأمين العام لحزب «الوفاق» الذي يتزعمه علاوي، يستبعد أن يؤدي التكتل الجديد إلى انفراط عقد ائتلاف «الوطنية»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «ربما يؤدي التكتل الجديد إلى تقوية وتعزيز موقف ائتلاف الوطنية وليس العكس».
على أن الحبوبي يقر بصعوبة الحفاظ على الائتلافات الانتخابية في أوضاع سياسية معقدة مثل القائمة في العراق، ويضيف: «التحالفات القائمة اليوم هي تحالفات انتخابية بالدرجة الأولى وليس عقائدية أو مبدئية، وبالتالي هي قابلة للتفتت في أي لحظة». ويعتقد الحبوبي أن «مشكلة أغلب الشخصيات والقوى السنية هي بحثها عن المناصب الوزارية، وذلك هو المحرك الأول لأغلب تحركاتها».
ونفى مصدر مقرب من اجتماع مساء أول من أمس أن يكون قد خصص لتشكيل «نواة كتلة سنية كبيرة قادرة على التفاوض مع القوى الشيعية للحصول على مناصب وزارية في الحكومة المقبلة»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «التكتل حصل على تخويل رئيس الوطنية إياد علاوي، ويهدف إلى بلورة تفاهمات وطنية مع بقية الكتل، وهو لا يقتصر على الشخصيات التي حضرت الاجتماع، وهناك جهات خارج المكون السني رحّبت بالفكرة وأبدت استعدادها للانضمام إلى التحالف».
وحول عدم حضور ممثلين عن تحالف «القرار» و«الحل» في الاجتماع، يؤكد المصدر، الذي يفضّل عدم الإشارة إلى اسمه، أن «التكتل الجديد لا يستهدف أي تحالفات أخرى، ومنها الحل والقرار، وعدم حضور ممثلين عنهم في الاجتماع لأسباب تتعلق بهم وهم من يجيبون على ذلك».
بدوره، يرى المرشح عن تحالف «القرار» جبار المشهداني أن أي «تكتل سياسي ترعاه وتأسس له شخصيات سنية، يمثل نواة لكتلة سنية، هدفها الحديث باسم السنة بهدف التفاوض للحصول على حصة في الحكومة المقبلة». ويستبعد المشهداني في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون «هدف التكتل الجديد هو تطويق القوى السنية الفائزة الأخرى مثل القرار والحل وسحب البساط من تحت أقدامها، خاصة مع عدم وجود كتلة سنية فائزة بعدد كبير من الأصوات يؤهلها إلى لعب دور محوري في مفاوضات تشكيل الحكومة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم