إردوغان لبوتين: سوريا ليست ساحة صراع بين طهران وتل أبيب

TT

إردوغان لبوتين: سوريا ليست ساحة صراع بين طهران وتل أبيب

جدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تأكيده على أن العملية السياسية في سوريا يجب أن لا تشمل المجموعات الخاضعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وذراعه العسكرية (وحدات حماية الشعب الكردية)، وأن لا تتحول سوريا إلى ساحة صراع بين إيران وإسرائيل.
وبحث إردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في اتصال هاتفي أمس، التطورات في الملف السوري، إلى جانب العلاقات بين البلدين والتعاون الاقتصادي وبخاصة في مجال الطاقة، بحسب مصادر الرئاسة التركية.
وقالت المصادر إن إردوغان وبوتين شددا خلال الاتصال الهاتفي بينهما على أهمية الإنجازات المنبثقة عن محادثات آستانة الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية.
وأضافت المصادر أن الرئيسين التركي والروسي أكدا ضرورة أن يبدي النظام السوري والمعارضة اهتماما للتصرف بطريقة بناءة، من أجل تحقيق تقدم سليم لمرحلة الحل السياسي في إطار الأمم المتحدة، وشددا على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
وكانت تركيا لمحت مؤخرا، على لسان وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، إلى أن مسار آستانة يمكن أن يكون بديلا أمثل عن مفاوضات جنيف التي تجرى تحت رعاية الأمم المتحدة في حل الأزمة السورية، خاصة أن مفاوضات جنيف لم تحرز أي تقدم كما أن الدول الغربية لا تتوقع خروجها بنتائج، على حد قوله.
في سياق متصل، عبر إردوغان عن رفضه للمقاربات التي يتبناها نظيره الأميركي دونالد ترمب بشأن شمال سوريا وانتقد إردوغان، في مقابلة تلفزيونية ليل الاثنين - الثلاثاء، قيام أميركا بتأسيس نحو 20 قاعدة عسكرية في المناطق الشمالية من سوريا المتاخمة للحدود التركية، متسائلا عن الهدف من إقامتها هناك.
وأضاف: «لم أجد إرسالهم (أي الأميركيين) لخمسة آلاف شاحنة محملة بالسلاح والذخيرة إلى هناك (الشمال السوري) أمرا صائبا، فلمن يرسلونها؟ ولمحاربة من؟». وتابع: «نحن من لنا حدود مشتركة مع سوريا يبلغ طولها 911 كلم... والولايات المتحدة لها ما يقرب من 20 قاعدة عسكرية هناك، فيا ترى لمن قاموا بتأسيسها؟ فتركيا هي الموجودة على الحدود، وأنتم تدعمون الإرهابيين (في إشارة إلى الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية واعتبارها حليفا في الحرب على تنظيم داعش الإرهابي) للنيل من حدودنا ومواطنينا».
ويغضب الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية تركيا التي تحارب ضدها في عفرين، شمال سوريا، منذ انطلاق عملية غصن الزيتون في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، وطالبت مرارا بسحب هذه العناصر من مدينة منبج إلى شرق نهر الفرات وإلا فإنها ستوسع عملية غصن الزيتون لتشمل منبج ومناطق أخرى في الشمال السوري.
والأسبوع الماضي عقدت لجنة تركية أميركية اجتماعا في أنقرة تمخض، بحسب الخارجية التركية، عن خريطة طريق للتنسيق بين الجانبين في منبج التي سبق أن قال جاويش أوغلو إنها ستكون نموذجا للتعاون بين أنقرة وواشنطن سيتم تطبيقه في مختلف المناطق الخاضعة للسيطرة الكردية، لا سيما في شرق الفرات.
ويلتقي جاويش أوغلو نظيره الأميركي مايك بومبيو في واشنطن في 4 يونيو (حزيران) المقبل لبحث تطبيق خريطة الطريق في منبج.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.