أنقرة طوّقت إدلب... وعين دمشق على غرب حلب

تفاهمات روسية ـ تركية قد تؤدي إلى فتح طرق شمال سوريا

على مدخل عفرين شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
على مدخل عفرين شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

أنقرة طوّقت إدلب... وعين دمشق على غرب حلب

على مدخل عفرين شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
على مدخل عفرين شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)

يستعد النظام السوري لكسر خطوط تماس الجبهات الغربية من حلب عبر شن هجوم واسع باتجاه مناطق محددة لا تثير حفيظة تركيا وروسيا وإيران ضامني مسار آستانة، وذلك بغية تأمين «هامش أمان» للمدينة، في وقت انتهى الجيش التركي من نشر 12 نقطة مراقبة حول إدلب، من جهة أرياف حلب وحماة واللاذقية.
وأكدت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» قدوم تعزيزات لجيش النظام من دمشق إلى حلب تزامن وصول طلائعها مع التعزيزات التي أرسلت إلى جبهات درعا مع تكتم إعلامي ومن دون إثارة أو افتعال ضجة باعتبار أن المنطقة تندرج تحت جبهات حلب ضمن اتفاقات آستانة.
وقالت المصادر إن الوجهة المقبلة للنظام هي القوس الغربي لحلب بعد الانتهاء من موضوع درعا التي قد يطول مداها أو تلغى بشكل نهائي بعد حصول النظام على «مكاسب» من المفاوضات الروسية - الأميركية التي لا بد وستعقد بشأنها لتخفيف التوتر والحفاظ على الجبهة الجنوبية الحيوية بعيداً من تجاذبات الأطراف الإقليمية وأجندة دمشق وطهران التي ترى في التلويح بها أحد مخارج الضغوطات التي أثارها انسحاب الإدارة الأميركية من الاتفاق النووي الإيراني.
وأضافت المصادر أن معركة غرب حلب ربما تسبق معركة درعا لتحقيق «إنجازات» إضافية للنظام بعد ظفره بالغوطة الشرقية والحجر الأسود ومخيم اليرموك جنوب دمشق وريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، نظراً لأهمية حلب الاقتصادية وثقلها الديموغرافي والحضاري.
ورأت أن أي تغيير في «معادلة» حلب يتطلب رجوع دمشق إلى موسكو، الآمر الناهي في ملفها، وإلى ضوء أخضر تركي لعملية عسكرية «محدودة» لا تعدل موازين القوى بشكل جذري لصالح النظام، وتفيد في تهيئة الأرضية المناسبة لضم جبهات حلب الغربية والشمالية إلى مناطق «خفض التصعيد» وخلق واقع ميداني مستقر على المدى المتوسط بدل الاشتباكات التي تحدث بين الحين والآخر وتعكر صفو تطبيق مقررات «آستانة» على أرض الواقع.
ورجحت مصادر مقربة من فصائل مسلحة معارضة في ريف حلب الغربي لـ«الشرق الأوسط» أن تقتصر معركة النظام غرب حلب على جبهة جمعية الزهراء والمعروفة بـ«غرب الزهراء» شمال غربي المدينة، والتي طالما شكلت تهديداً جدياً لها خلال السنوات التي سبقت انسحاب الفصائل المسلحة من أحيائها الشرقية نهاية، لكن التحصينات المنيعة التي أقامتها «جبهة النصرة» و«الحزب الإسلامي التركستاني» فيها قد يطيل أمدها الذي يتوقعه النظام والذي يحضر لعملية «خاطفة»، خصوصاً مع احتوائها على أنفاق عديدة من طرف الفصائل الإسلامية، والتي تعول على تواصلها مع خطوط الإمداد نحو ريف حلب الغربي وأرياف إدلب في كسب الرهان على إفشال مخططات جيش النظام وميليشيات إيران وحزب الله المتحالفة معه.
ولفتت المصادر إلى أن الضغوط «الشعبية» التي يمارسها سكان أحياء غرب حلب لا سيما الواقعة على تخوم جبهة الزهراء مثل شارع النيل والخالدية والشهباء الجديدة، لعبت دوراً في اتخاذ قرار الإسراع بشن العملية العسكرية فيها عدا عن الحسابات العسكرية والسياسية التي تصب في مصلحة النظام، ومنها تأمين مدخل طريق غازي عنتاب من جهة حلب، والذي جرى التوافق بين موسكو وأنقرة في «آستانة 9» على فتحه أمام حركة التبادل التجاري بين مناطق النظام ومناطق الفصائل المسلحة المعارضة شمال حلب وصولاً إلى الحدود التركية.
وبينت أن باقي جبهات ريف حلب الغربي هادئة ومستقرة ولا تستدعي شن عمليات عسكرية مثل مناطق البحوث العلمية غرباً والراشدين الرابعة والخامسة، حيث أقامت تركيا نقطة مراقبة في الأخيرة في قرى أطفال SOS بخان العسل، بينما تحول نقطتي المراقبة التركية في بلدة العيس والروسية في بلدة الحاضر في ريف حلب الجنوبي الغربي دون حدوث أي مواجهة بين جيش النظام وحلفائه وفصائل المعارضة المسلحة.
وكانت مصادر إعلامية تابعة للنظام روجت أن اجتماعات «آستانة 9»، التي عقدت يومي 14 و15 الجاري، قضت باتفاق الدول الضامنة وقبول النظام والمعارضة على تولي تركيا مسألة «إقناع» الفصائل المرابطة شمال غربي حلب في جبهات الزهراء وصالات الليرمون الصناعية وقرية الليرمون على الانسحاب منها على أن يتدخل جيش النظام للحسم عسكرياً فيها في حال فشل الجهود التركية من دون تحديد مدة زمنية للانسحاب.
وربما يكون الهدف من وراء ذلك، في حال صحة المعلومات، تأمين مدخل طريق غازي عنتاب المؤدي إلى اعزاز في الحدود التركية من جهة المدخل الشمالي لمدينة حلب بعد تردد أنباء عن صفقة روسية - تركية تقضي بفتح الطريق أمام حركة المرور والحركة التجارية بعد الاتفاق على نشر نقاط مراقبة روسية في مناطق سيطرة النظام على طول الطريق ونقاط تركية في مناطق سيطرة المعارضة المسلحة، على أن ينسحب النظام والمعارضة من ضفتي الطريق إلى مسافة 10 إلى 12 كيلومتراً.
وأعرب مراقبون عن اعتقادهم بأن الأولوية فيما يخص جبهات غرب حلب، إعطاء الأولوية والفرصة الكافية لجهود التسوية بين موسكو وأنقرة لإيجاد حل مرضٍ لطرفي النزاع بعد نجاح جهود وقف العمليات العسكرية من الجانبين على طول الجبهات الغربية للمدينة منذ انسحاب قوات المعارضة المسلحة من أحيائها الشرقية، وذلك بدل تحكيم الحل العسكري في مثل هذا التوقيت الذي تريد فيه روسيا إعطاء زخم للعملية السياسية في جنيف بعد تشكيل اللجنة الدستورية التي أرسل النظام الأعضاء المقترحين فيها من جانبه وإلا «سيكون الطبل في درعا والعرس في حلب»، بحسب قول أحدهم لـ«الشرق الأوسط».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.