مبادرة «غوغل للصحافيين» تصقل مهارات أهل المهنة في الدول العربية

بدأت المرحلة الأولى للمبادرة مطلع مايو  وشارك بها آلاف الصحافيين من الدول العربية
بدأت المرحلة الأولى للمبادرة مطلع مايو وشارك بها آلاف الصحافيين من الدول العربية
TT

مبادرة «غوغل للصحافيين» تصقل مهارات أهل المهنة في الدول العربية

بدأت المرحلة الأولى للمبادرة مطلع مايو  وشارك بها آلاف الصحافيين من الدول العربية
بدأت المرحلة الأولى للمبادرة مطلع مايو وشارك بها آلاف الصحافيين من الدول العربية

قال إعلاميون ومسؤولون عن التدريب في مبادرة «غوغل للصحافيين» إنها «تهدف إلى صقل المهارات التقنية للصحافيين في المنطقة العربية، من خلال توفير التدريبات المكثفة التي تُمكنهم من استخدام الأدوات التقنية المختلفة للحصول على نتائج بحث أكثر دقّة»، وأكدوا وجود مبادرات مستقبلية لتدريب الصحافيين، تستهدف عدداً كبيراً من الدول، وزيادة عدد المدربين، وتطوير المواد التدريبية التي يتم تقديمها.
ودشنت شركة «غوغل»، في مارس (آذار) الماضي، مبادرة لدعم الصحافة ومساعدتها على النجاح في العصر الرقمي، وقالت إنها تخطط لاستثمار 300 مليون دولار على مدار 3 سنوات، سيتم إنفاقها على مبادرات محلية ومنتجات متنوعة لدعم المؤسسات الصحافية، وتحسين جودة محتوى الصحافة في العصر الرقمي، ومكافحة انتشار الأخبار المفبركة، بالإضافة لمساعدة مواقع الأخبار على النمو وتطوير نموذج الأعمال، وإنشاء أدوات جديدة لمساعدة الصحافيين على أداء وظائفهم.
وقالت مادونا خفاجا، مسؤول المركز الدولي للصحافيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لـ«الشرق الأوسط» إن «مبادرة غوغل» تهدف إلى صقل المهارات التقنية للصحافيين في المنطقة العربية، من خلال توفير التدريبات المكثفة التي تُمكنهم من استخدام الأدوات التقنية المختلفة للحصول على نتائج بحث أكثر دقة، والتحقق من المعلومات والمصادر، بالإضافة إلى تزويد الصحافيين بالمهارات التي تساعدهم في إعداد التقارير، وكتابة القصص والتقارير الإخبارية بشكل أكثر عمقاً وتأثيراً، وذلك من خلال توظيف رسوم الإنفوغرافك المعلوماتي، وتقنيات السرد القصصي، والخرائط التفاعلية، فضلاً عن تعلم الأدوات الرقمية المجانية التي سوف تساعدهم في تأدية أعمالهم بشكل أكثر تطوراً، وهو ما سيغير مسار الصحافة الإلكترونية إلى الأفضل.
وأضافت أن البرنامج التدريبي سيديره «المركز الدولي للصحافيين»، والنسخة العربية من «شبكة الصحافيين الدوليين»، التي تعتبر أحد أهم المواقع المتخصصة للصحافيين في العالم العربي.
وبدأت المرحلة الأولى للمبادرة مطلع مايو (أيار) الحالي، وشارك بها آلاف الصحافيين من الدول العربية، وقدم الكاتب الصحافي والمدرب الإعلامي خالد البرماوي الندوة الرقمية المجانية الأولى التي استغرقت ساعة، وتناولت موضوعات متنوعة، مثل: طرق جمع المعلومات وتوثيقها، وتعزيز الثقة والتحقق. وتطرق أيضاً إلى الأدوات التي تساعد الصحافيين في اكتشاف المعلومات المضللة.
أما الندوة الرقمية الثانية، فقدمها على غملوش، رئيس التحرير بمجموعة «إم بي سي» في لبنان، وتناول مجموعة متنوعة من الموضوعات، مثل: صحافة البيانات، والسرد القصصي المبني على الواقع الافتراضي، وتطرق إلى برنامج «Google Earth Pro»، وهو برنامج خرائطي جغرافي معلوماتي يظهر المناطق بتقنية ثلاثية الأبعاد وفقاً للصور التي تم الحصول عليها من الأقمار الصناعية.
وأشارت مادونا إلى أن المرحلة الثانية للبرنامج هي مرحلة اختيار 9 صحافيين من المشاركين في الوبينار لحضور ورشة عمل لمدة يومين في مكاتب «غوغل» في دبي، لاكتساب المهارات اللازمة ليصبحوا «سفراء الإعلام الرقمي» في الدول العربية.
وفي المرحلة الثالثة للبرنامج، سيقود سفراء الإعلام الرقمي ورش عمل ودورات تدريبية في غرف الأخبار في بلدانهم، مع استمرار التدريب والمشورة التي سيقدمها لهم الموجهون الخبراء، كما سيعقد أفضل السفراء التدريبات في الفعاليات الإعلامية والرقمية الإقليمية لإيصال المعارف والخبرات لأكبر عدد من المحترفين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وذكرت مادونا أنه «سيقوم المدربون بتدريب الصحافيين العرب على أنواع كثيرة ومتقدمة من التدريبات التحريرية والرقمية، منها (تقنيات السرد القصصي)، و(رسوم الغرافيك المعلوماتية)، و(إنشاء خرائط تفاعلية)، و(الأدوات الرقمية لغوغل)، و(طرق التحقق من الصور والأخبار والفيديوهات)... وهذه التقنيات سيستفيد منها جميع طاقم الجهاز التحريري داخل غرف الأخبار، مثل: المحرر، والمراسل، والمصور، إلى جانب القيادات الصحافية».
ونوهت إلى وجود مبادرات مستقبلية لتدريب الصحافيين، تستهدف عدداً كبيراً من الدول، مضيفة: «ونحرص أيضاً على زيادة عدد المدربين، وتطوير المواد التدريبية التي نقدمها، وسيقوم المركز الدولي للصحافيين بتوفير زمالة، بالتعاون مع شبكة (أريغ)، وسيتم الإعلان عنها قريباً في موقعنا».
من جهته، قال غملوش لـ«الشرق الأوسط»: «يتمثل دوري في الإشراف والتوجيه لسفراء الإعلام الرقمي الذين سنختارهم، وسيتم تدريب 9 سفراء على الموضوعات التي تطرقنا إليها في الويبنار باستفاضة، وتزويدهم بالأدوات التقنية، وآليات تطوير العمل الصحافي المعتمدة على التقنيات التكنولوجية، وذلك حتى يكتسبوا الخبرات الكافية ليصبحوا مدربين على قدر عال من الخبرة والكفاءة، ويقومون بدورهم بنقل الأدوات الرقمية التي تعلموها إلى زملائهم الصحافيين، سواء داخل غرف الأخبار أو عقد ورش ودورات تدريبية في الجامعات».



المنتدى الروسي الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» لمواجهة هيمنة الغرب

أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
TT

المنتدى الروسي الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» لمواجهة هيمنة الغرب

أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)
أحد المتكلمين في المنتدى (الشرق الأوسط)

«إحدى الوظائف الرئيسية لوسائل الإعلام الجديدة تتمثّل في القدرة على توحيد الناس وكسر الحواجز الموجودة بين الثقافات» اختتم المنتدى الأول لـ«الثقافة والإعلام والرقمنة» أخيراً أعماله في موسكو، مطلِقاً آليات لتعزيز التواصل مع المؤسسات الثقافية والإبداعية في عشرات البلدان، بهدف تحويل المنتدى -كما قال منظموه- إلى «منصة فريدة لتبادل الخبرات وتطوير أساليب الابتكار والإبداع في عالم متعدد لا تهيمن عليه الثقافة الغربية وحدها بأساليبها القديمة».

جمع المنتدى، عبر النقاشات التي دارت خلال ورشات العمل «قادة الصناعات الإبداعية من روسيا ودول أخرى، لمناقشة آفاق تطوير الصناعة والمخاطر والفرص التي أحدثها التقدم السريع للتكنولوجيا الجديدة في حياة الناس وإبداعهم».

عاصمة عالمية للإعلام والثقافة

ووفقاً لحكومة العاصمة الروسية موسكو، التي رعت تنظيم المنتدى، فإن من بين أهداف إطلاقه «تحويله إلى فعالية تُنظّم بشكل دوري وتكريس رؤية جديدة للتعاون الثقافي والإعلامي والإبداعي تقودها موسكو». ومن جهتها، رأت رئاسة المنتدى أن موسكو «عزّزت عبره مكانتها بين عواصم الثقافة في العالم، وباتت تجذب انتباه الخبراء في الصناعات الإبداعية والمتخصصين المشهورين من مختلف أنحاء العالم، من الولايات المتحدة وفرنسا إلى الهند والصين». وبهذا المعنى فإن روسيا «ما زالت تحتفظ بهويتها الثقافية، على الرغم من العقوبات والتحديات المعاصرة، بل تمضي قدماً أيضاً نحو تطوير أشكال جديدة من التفاعل في مجالات السينما ووسائل الإعلام الجديدة وغيرها من الصناعات الإبداعية».

وحقاً، جمع منتدى «الثقافة والإعلام والرقمنة» في دورته الأولى متخصصين في مجالات السينما، والألعاب، والإعلام، والتكنولوجيا، والصناعات الإبداعية؛ للبحث عن توازن جديد بين الأهداف التجارية والمصالح العامة، وإمكانيات الآلات وقدرات البشر.

ولمدة يومين، تواصل المشاركون من مختلف دول العالم في ورشات عمل لبحث المواضيع الرئيسة المطروحة التي توزّعت على عدة محاور؛ بينها: اقتصاد وسائل الإعلام الجديدة، والتأثير المتبادل بين وسائل الإعلام الجديدة والسينما، والاتصالات، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن تطوير ألعاب الفيديو، والمساحات الافتراضية، والرياضات الإلكترونية.

تقارب وأرضية مشتركة

رؤية المنتدى تقوم، بالدرجة الأولى، على محاولة تعزيز التقارب والتنسيق من أجل «إيجاد أرضية مشتركة وتطوير أساليب جديدة وفريدة للإبداع بين روسيا ودول مجموعة (بريكس+)» والدول العربية، لا سيما في مجال منصات الثقافات وتشابكها. وبذا لا يُخفي المنظمون الهدف الأساسي المتمثل في محاولة «كسر» الحصار الغربي، والعمل على تشكيل منصة فريدة تُسهم في تطوير حوار دولي بين روسيا وشركائها في الدول العربية والبلدان الأخرى التي تعمل مثل روسيا لإيجاد روابط جديدة للتعاون في ظل التغيّرات السريعة على بيئة المعلومات العالمية.

لذا، رأى المنتدى في جلسات الحوار أن إحدى الوظائف الرئيسة لوسائل الإعلام الجديدة تتمثّل «في القدرة على توحيد الناس، وكسر الحواجز الموجودة بين الثقافات واللغات المختلفة عبر استخدام الشبكات الاجتماعية، والمدوّنات، ومحتوى الفيديو». وعدّ أن تأثير مساحة الإعلام الجديدة يتمثّل أيضاً في إمكانية إنشاء مبادرات مشتركة - مشاريع مشتركة، وأحداث ثقافية، وبرامج تعليمية تهدف إلى تعزيز الروابط وتوسيع آفاق التعاون المتبادل.

برنامج اليوم الأول تضمّن جلسة رئيسة بعنوان «مستقبل التواصل والتواصل من أجل المستقبل»، شاركت فيها نخبة من كبار المخرجين العالميين؛ مثل: أمير كوستوريكا، وأوليفر ستون، استعرضوا خلالها دور السينما في تجاوز الحواجز الثقافية وتعزيز التفاهم بين الشعوب. وفي كلمته، شدّد كوستوريكا على أن «السينما لا تُقاس بقيمتها المالية بقدر ما تحمله من مضامين وأفكار عميقة»، مشيراً إلى تأثير أفلام المخرج أندريه تاركوفسكي التي على الرغم من محدودية مشاهدتها عند إصدارها، اكتسبت قاعدة جماهيرية واسعة على مر الزمن، بفضل طرحها أسئلة جوهرية عن الحياة.

أما ستون فأكد أن «السينما اليوم في مرحلة تطور مستمر، تتضمّن رؤى فنية جديدة وإمكانيات إبداعية متاحة حتى في المدن الصغيرة»، داعياً إلى احتضان هذا التغيير وتقدير الماضي في الوقت ذاته.

الحضور العربي

وفي الجلسات عن العالم العربي، شارك لوبو سيوس مقدم البرامج الحوارية في دبي، وعلي الزكري رئيس قسم التحرير الرقمي في صحيفة «البيان» في دبيّ، وعلا الشافعي رئيسة تحرير صحيفة «اليوم السابع» المصرية، والصحافي اللبناني نبيل الجبيلي. وأكد المنتدى تعزيز الروابط بين الشعوب، كونها تُسهم في خلق أرضية مشتركة وتقديم طرق مبتكرة للإبداع. ورأى المشاركون أن العلاقات بين روسيا ودول «بريكس» لا سيما الدول العربية تستند إلى التفاعل الثقافي وتشابك الثقافات؛ مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون والإبداع المشترك.

وعن دور السينما، بين وسائل هذا التعاون، فإنها عُدّت جسراً فعّالاً يربط بين العالمين الروسي والعربي. إذ إن الأفلام لا تكتفي بعرض جوانب من حياة شعوب معينة، بل تساعد أيضاً على تجاوز الحواجز اللغوية والثقافية؛ مما يخلق قصصاً عالمية قادرة على التأثير في قلوب المشاهدين في كل مكان.

ومن ثم، تناول المنتدى دور الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة واعدة في عملية التأليف والإنتاج السينمائي، بجانب بحث الفرص التي توفرها المنصات الرقمية لتمكين المواهب الشابة.

جانب من الحضور يسجلون اللحظة بهواتفهم الجوّالة (الشرق الأوسط)

منصة مهمة لتبادل الخبرات

مع مشاركة أكثر من 70 متحدثاً من 10 دول، شكّل المنتدى منصة مهمة لتبادل الخبرات وتعزيز التواصل الثقافي بين روسيا والعالم، بما يُسهم في دفع عجلة الابتكار والتنوع في قطاعي الإعلام والسينما العالميين. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال جورجي بروكوبوف، رئيس شركة موسكينو - مركز موسكو السينمائي، إن المنتدى -الأول من نوعه- يُنظّم «في لحظة محورية؛ إذ تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي والابتكارات الرقمية على إعادة تشكيل الصناعات الإبداعية بشكل أساسي». وأردف أن «الملعب العالمي بات أكثر توازناً... وظهرت مناطق جديدة، أو عزّزت مناطق، كانت موجودة أصلاً في هذه الصناعة، مكانتها لتتحول إلى مراكز لإنتاج الأفلام والتلفزيون».

وأوضح بروكوبوف أن موسكو استثمرت، بمبادرة من رئيس بلديتها سيرغي سوبيانين، بكثافة في «بناء مجموعات إبداعية عالمية المستوى» في المدينة وإنشاء شبكات تعاون مع مراكز إبداعية مماثلة في جميع أنحاء العالم. ولقد انصب أحد البرامج الأساسية على تطوير صناعة السينما. وتابع أن «مجموعة صناعة الأفلام الروسية وصلت إلى حجم مماثل (من حيث مرافق الإنتاج ومعداتها المتطورة) لتلك الموجودة في كاليفورنيا أو مومباي (...) تتغيّر صناعة الأفلام العالمية بسرعة، ولم يعد الأمر يقتصر على (هوليوود)، النموذج القديم؛ حيث تُملى ثقافة واحدة، والأذواق العالمية تتلاشى». ثم كشف عن أن عدد الأفلام الروائية المنتجة في دول «بريكس» تضاعف أكثر من ثلاث مرات على مدى العقدين الماضيين، في حين ظل عدد الإنتاجات في الغرب ثابتاً إلى حد كبير.

داخل القاعة (الشرق الأوسط)

التطور في «بريكس» ودول الخليج العربي

ومن ثم، أفاد بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي تسمح بتكييف المحتوى المتنوع مع السياقات المحلية بسلاسة. وبالنسبة إلى دول مجموعة «بريكس» فإنها، مثل روسيا، «تتطلّع إلى تعزيز التعاون مع القطاع الإبداعي المزدهر في الخليج العربي، بما يمثّل فرصة مثيرة لاستكشاف أسواق جديدة».

وزاد المسؤول أن الأوساط الروسية «تتابع باهتمام كبير ما يحدث في المملكة العربية السعودية. إن تفاني الحكومة في رعاية المواهب وجعل المملكة واحدة من المراكز الإبداعية الرائدة في العالم أمر رائع حقاً. ومن الملهم أن نرى كيف تتحوّل المملكة بسرعة إلى قوة إبداعية عالمية مع الحفاظ على تراثها الثقافي الغني».