زلازل المريخ... «ناسا» في مهمة كونية جديدة

لدراسة أعماق الكوكب الأحمر وتشكيلاته البركانية

زلازل المريخ... «ناسا» في مهمة كونية جديدة
TT

زلازل المريخ... «ناسا» في مهمة كونية جديدة

زلازل المريخ... «ناسا» في مهمة كونية جديدة

أطلقت وكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) ناسا الشهر الحالي المسبار «إنسايت»، وهو أول مسبار لها لدراسة أعماق المريخ والزلازل في أعماقه. وسيقطع 484 مليون كيلومتر وصولاً إلى الكوكب الأحمر، في رحلة تستمر ستة أشهر.
وسيقضي «إنسايت»، الذي يعمل بالطاقة الشمسية، عامين، أي ما يساوي عاماً واحداً على المريخ، للغوص في أعماق الكوكب بحثاً عن معلومات تساعد على معرفة كيفية تشكل المريخ، إضافة إلى أصل الأرض وغيرها من الكواكب الصخرية.

مسبار المريخ

على الأرض، نسمّي الزلازل هزّات أرضية، وعلى القمر، تعرف بالهزّات القمرية. أما على المريخ فلا شك أن اسمها سيكون هزّات مريخية، باستثناء أن أحداً لا يعرف عدد الهزّات والارتجاجات التي يشهدها هذا الكوكب، أو كم يمكن لحجم الهزّة المريخية أن يكون.
وقد نتمكن قريباً من معرفة عدد الهزات التي تحصل على الكوكب الرابع من حيث البعد عن الشمس، بعد انطلاق «إنسايت»، أحدث سفن «ناسا» لاستكشاف كوكب المريخ من قاعدة «فاندينبيرغ للقوات الجوية» في كاليفورنيا في 5 مايو (أيار)، وفي أول رحلة تنطلق من الساحل الغربي. ومن المخطّط أن تسير المركبة الفضائية في النظام الشمسي ستة أشهر لتصل إلى المريخ في 26 من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وعلى عكس الكثير من البعثات التي زارت المريخ في السابق، لن يعمل «إنسايت» على استكشاف سطح الكوكب، بل ستركز كما يوحي اسمها، على البحث في أعماق الداخل المريخي، وستسعى لرسم صورة توضح كيفية عمل هذا الكوكب الغريب من الداخل إلى الخارج؛ ما قد يساعد في فهم ما يحصل في عوالم فضائية أبعد.
• موقع الهبوط. بعد التجوال في غلاف المريخ الجوّي، سيركن المسبار نفسه في منطقة «إيليزيوم بلانيتيا» التي اختيرت خصيصاً؛ لأن موقعها غير لافت، ولأنها تقع على خط الاستواء، الذي يتلقّى حصة كبيرة من أشعة الشمس، تساهم في شحن المركبة التي تعمل بالطاقة الشمسية.
ولن يتوجه المسبار إلى أي مكان، فعلى عكس الطواقم السابقة التي تعثّرت، وتدحرجت، وتسلّقت طريقها في وسط البحيرات المتبخّرة وفي قلب فوهات البراكين، تعتزم «إنسايت» البقاء في مكان واحد؛ لأن مهمّتها تتركز بشكل رئيسي على البقاء لأطول فترة ممكنة لرصد حركة كوكب المريخ نفسه.
مجسات مراقبة

• كيف سينجح المسبار في مراقبة الكوكب؟ سيعتمد المسبار على أدوات مختلفة لرصد الأرضية المريخية، من بينها مسبار سيغوص على عمق يتراوح بين 10 و16 قدماً، يقيس الحرارة المشعة في داخل الكوكب، بالإضافة إلى مقياس زلازل عالي الدقة طوّرته الوكالة الفضائية الفرنسية، ومصمم لرصد أخف الهزّات المريخية.
ويقول رينيه ويبر، من مركز «مرشال للبعثات الفضائية» التابع لوكالة «ناسا»: «يتميّز مقياس الزلازل بحساسية عالية إلى درجة أنّ تحرّك أجزائه عند الاحتكاك بالغلاف الجوّي يصدر ضجّة نسعى للقضاء عليها». وبسبب حساسيته الشديدة، يتطلّب مقياس الزلازل حجرة فارغة ومقفلة بإحكام للتخلّص من الاهتزازات الناتجة من الرياح أو أي أحداث سطحية أخرى تصدر ضجيجاً في البيانات. وكان تسرب في هذه الحجرة الفارغة قد أدى إلى تأخير الموعد الأول لانطلاق المركبة 26 شهراً، إلا أن الفريق يبدو اليوم واثقاً بأن هذه الأداة الضرورية جاهزة للعمل.
بعد مرور بضعة أشهر على سطح المريخ، ستسقط «إنسايت» مقياس الزلازل مباشرة على سطح الكوكب، في ترتيب يأمل العلماء أن يساعد في تفادي بعض المشكلات التي أدت إلى فشل اختبار مشابه قامت به إحدى بعثات برنامج «فايكينغ» الفضائي في السبعينات. وإن سارت الأمور على ما يرام، ستتابع المركبة الفضائية وأدواتها تحركات المريخ واهتزازاته لسنتين أرضيتين قادمتين، أو ما يعادلهما بالسنة المريخية.
• أدوات رصد. تحمل المركبة الفضائية أيضاً بعض الكاميرات، وراديو للتجارب العلمية، وعاكس ليزر خلفي، وبعض أجهزة الاستشعار للأرصاد الجوية، إلى جانب بعض الأجهزة والأدوات الأخرى. وسيتم تعقّب المركبة من خلال قمري «كيوب ساتس» صناعيين سيعملان على تقديم المعلومات مع دخول «إنسايت» في الأجواء المريخية، وانخفاضها، وهبوطها.

زلازل المريخ

• وماذا عن الهزات المريخية... كيف تتولد ؟ تجيب مجلة «ناشيونال جيوغرافيك» بأن هذا السؤال وجيه؛ إذ على الأرض، تحصل الهزّات نتيجة النشاط التكتوني أو نشاط القشرة الأرضية، وتحدث غالبيتها عندما تنزلق أو تنقسم صفائح كبيرة من القشرة الأرضية واحدة تحت الأخرى، أو بسبب النشاط الصهاري المرتبط بالبراكين.
لكن على عكس كوكب الأرض، لا تمرّ القشرة المريخية بحالات تكسّر تحوّلها إلى صفائح (أو على الأقل لا يوجد دليل على ذلك). لكنها في المقابل تشهد نشاطاً تكتونياً؛ ما يعني أن فوالق أو صدوع تتكوّن في الأماكن التي تتعرّض فيها القشرة المريخية للالتواء أو الطيّ. كما يعيش كوكب المريخ حالات ارتفاع لمواد حارقة من قلب القشرة تؤدي إلى تكوّن أكبر البراكين في النظام الشمسي، التي تعرف ببراكين «ثارسيس» القائمة منذ مليارات السنوات.
وتشير سوزان سميركر من مختبر «جيت بروبولجن» التابع لوكالة «ناسا» إلى أن الأرض لا تمتلك منظومة بركانية يمتد عمرها مليارات السنوات. وتجدر الإشارة إلى أن القمر، الذي يفتقر أيضاً إلى الصفائح التكتونية، يعاني من هزات قمرية دائمة. وتنتج هذه الهزات غالباً من جاذبية قوة المدّ والجذر على القمر، في حين تنتج ارتجاجات أخرى عن تأثيرات النيازك.

• كم يبلغ حجم الهزّات المريخية؟ لا أحد يعلم بعد. يرتكز أحد أهم أهداف هذه البعثة على اكتشاف مدى النشاط التكتوني المريخي، وعدد الهزّات والارتجاجات التي يمرّ بها الكوكب، وحجمها، ومصدرها. وكما هو الحال على القمر، يتوقّع الفريق بأن يستشعر المسبار الارتجاجات التي تسببها التأثيرات النيزكية، إلى جانب الهزات التي تحصل عند انخفاض درجة حرارة الكوكب، والارتجاجات الناتجة عن صهارة البراكين البعيدة.
سيتم قياس الهزّات المريخية بحسب حجمها، كما يحصل على الأرض، على الرغم من أن الإحساس بهزّة بشدة 5 درجات مثلاً قد لا يكون شبيهاً بما نشعر به على الأرض، بسبب اختلاف الجاذبية والتكوين الصخري بين الكوكبين. ويقول ويبر: «نعتقد أن تصنيف زلزالية المريخ سيقع في مكان ما بين تصنيف زلزالية الأرض والقمر».

خريطة أعماق المريخ

• لمَ الاهتمام بالهزات المريخية؟ لا يزال سيناريو بناء مستعمرات على المريخ جزءاً من خطط المستقبل. وفي الوقت الحالي، لن يساهم التعرّف على عدد الهزات المريخية ودرجة قوتها في الكشف عن نشاط الكوكب التكتوني فحسب، بل أيضاً سيقدم أدلة حول تطوّره. كما ستتيح الهزّات المريخية للفريق البحثي أن يرسم خريطة مباشرة لقلب الكوكب. خلال انتقالها، تمرّ الموجات الزلزالية بمواد ذات كثافة وتركيبة مختلفتين، تُقذف أحياناً خارج حدودها بين الطبقات، وتحمل معلومات حول الأوضاع التي مرت بها قبل أن تصل إلى مقياس الزلازل.
يقول ويبر شارحاً: «بعد التمكّن من تحديد مكان الحدث، سنتمكّن من معرفة أن تركيبة الكوكب تتسع على امتداد مسار الموجة. إن كل ما نحتاج إليه فعلاً عندما نبلغ الكوكب الأحمر هو تسجيل بعض الهزّات».



«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية
TT

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

في المستقبل، يمكن تغطية سيارتك الكهربائية بألواح شمسية -ليس فقط على السطح، ولكن في جميع أنحاء الجزء الخارجي من السيارة- بفضل طلاء خاص.

وسواء كنت تقود السيارة أو كانت متوقفة، يمكن لهذا الطلاء الشمسي حصاد الطاقة من الشمس، وتغذيتها مباشرة في بطارية السيارة الكهربائية. وربما يبدو الأمر وكأنه شيء من كتاب خيال علمي، إلا أن الباحثين في شركة «مرسيدس بنز» يعملون بالفعل على جعله حقيقة واقعة.

عجينة لطلاء شمسي

يقول يوشين شميد، المدير الأول لشركة «مستقبل القيادة الكهربائية» Future Electric Drive، للبحث والتطوير في «مرسيدس بنز» الذي يستكشف تقنيات السيارات الكهربائية في مرحلة مبكرة: «نحن ننتج مئات السيارات يومياً، وسطح السيارة مساحة كبيرة جداً. فلماذا لا نستخدمها لحصاد طاقة الشمس؟».

إن المادة الكهروضوئية التي تبحثها شركة مرسيدس تشبه العجينة التي يمكن وضعها على الجزء الخارجي للسيارة. يبلغ سمك الطلاء 5 ميكرومترات فقط (يبلغ متوسط ​​سمك شعرة الإنسان نحو 100 ميكرومتر)، ويزن 50 غراماً لكل متر مربع.

وقود شمسي لآلاف الكيلومترات

في سيارة رياضية متعددة الأغراض SUV متوسطة الحجم، ستشغل العجينة، التي تطلق عليها مرسيدس أيضاً طلاءً شمسياً، نحو 118 قدماً مربعة، ما ينتج طاقة كافية للسفر لمسافة تصل إلى 7456 ميلاً (12000 كم) في السنة. ويشير صانع السيارة إلى أن هذا يمكن أن يتحقق في «ظروف مثالية»؛ وتعتمد كمية الطاقة التي ستحصدها هذه العجينة بالفعل على قوة الشمس وكمية الظل الموجودة.

طلاء مرن لصبغ المنحنيات

ولأن الطلاء الشمسي مرن، فيمكنه أن يتناسب مع المنحنيات، ما يوفر فرصاً أكبر للطاقة الشمسية مقارنة بالألواح الشمسية الزجاجية التي لا يمكن ثنيها، وبالتالي لا يمكن تثبيتها إلا على سقف السيارة أو غطاء المحرك. يُعدّ الطلاء الشمسي جزءاً من طلاء متعدد الخطوات يتضمن المادة الموصلة والعزل والمادة النشطة للطاقة الشمسية ثم الطلاء العلوي لتوفير اللون (يشكل كل ذلك معاً عمق بـ5 ميكرونات).

لن تكون هذه الطبقة العلوية طلاءً قياسياً للسيارات لأنها لا تحتوي على صبغة. بدلاً من ذلك، ستبدو هذه الطبقة أشبه بجناح الفراشة، كما يقول شميد، وستكون مادة شديدة الشفافية مليئة بجسيمات نانوية تعكس الأطوال الموجية من ضوء الشمس. كما يمكن تصميمها لتعكس أطوال موجية محددة، ما يعني أن السيارات الكهربائية يمكن أن تأتي بألوان أخرى.

وسيتم توصيل الطلاء الشمسي أيضاً عن طريق الأسلاك بمحول طاقة يقع بجوار البطارية، الذي سيغذي مباشرة تلك البطارية ذات الجهد العالي.

تأمين أكثر من نصف الوقود

ووفقاً للشركة فإن متوسط سير ​​السائق هو 32 ميلاً (51.5 كم) في اليوم؛ هناك، يمكن تغطية نحو 62 في المائة من هذه الحاجة بالطاقة الشمسية من خلال هذه التكنولوجيا. بالنسبة للسائقين في أماكن مثل لوس أنجليس، يمكن أن يغطي الطلاء الشمسي 100 في المائة من احتياجات القيادة الخاصة بهم. يمكن بعد ذلك استخدام أي طاقة إضافية عبر الشحن ثنائي الاتجاه لتشغيل منزل شخص ما.

على عكس الألواح الشمسية النموذجية، لا يحتوي هذا الطلاء الشمسي على أي معادن أرضية نادرة أو سيليكون أو مواد سامة أخرى. وهذا يجعل إعادة التدوير أسهل. وتبحث «مرسيدس» بالفعل عن كيفية جعل إصلاحه سهلاً وبأسعار معقولة.

يقول شميد: «قد تكون هناك مخاوف من أن سيارتي بها خدش، فمن المحتمل أن لوحة الباب معطلة»، وتابع: «لذا اتخذنا احتياطاتنا، ويمكننا بسهولة القول إن لدينا تدابير مضادة لذلك».

ومع تغطية المركبات الكهربائية بالطلاء الشمسي، لن يكون هناك الكثير من القلق بشأن شبكات الشحن، أو الحاجة إلى قيام الناس بتثبيت أجهزة الشحن في منازلهم. ويقول شميد : «إذا كان من الممكن توليد 50 في المائة أو حتى أكثر من قيادتك السنوية من الشمس مجاناً، فهذه ميزة ضخمة ويمكن أن تساعد في اختراق السوق».

ومع ذلك، فإن حقيقة طلاء سيارتك الكهربائية بالطاقة الشمسية لا تزال على بعد سنوات، ولا تستطيع مرسيدس أن تقول متى قد يتم طرح هذا على طرازاتها، لكنها شركة واثقة من تحقيقها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً