ارتفاع عدد ضحايا مسيرات غزة... وشعارات تطالب الفصائل المسلحة بالرد

«حماس» تؤكد عدم وجود عروض جادة للهدنة

قوات الاحتلال الإسرائيلي تصوب قنابل الغاز المسيل للدموع نحو متظاهرين فلسطينيين خلال مواجهات أول من أمس في غزة (إ.ب.أ)
قوات الاحتلال الإسرائيلي تصوب قنابل الغاز المسيل للدموع نحو متظاهرين فلسطينيين خلال مواجهات أول من أمس في غزة (إ.ب.أ)
TT

ارتفاع عدد ضحايا مسيرات غزة... وشعارات تطالب الفصائل المسلحة بالرد

قوات الاحتلال الإسرائيلي تصوب قنابل الغاز المسيل للدموع نحو متظاهرين فلسطينيين خلال مواجهات أول من أمس في غزة (إ.ب.أ)
قوات الاحتلال الإسرائيلي تصوب قنابل الغاز المسيل للدموع نحو متظاهرين فلسطينيين خلال مواجهات أول من أمس في غزة (إ.ب.أ)

ارتفع عدد الضحايا الفلسطينيين، الذين سقطوا خلال المسيرات الحدودية لقطاع غزة منذ 30 مارس (آذار) الماضي إلى 116 قتيلاً، وذلك بعد الإعلان فجر أمس عن وفاة جريح، هو الرابع الذي جرى الإعلان عن وفاته في غضون 24 ساعة.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة وفاة حسين عويضة (41 عاماً) متأثراً بجروحه، التي أصيب بها منذ نحو أسبوع شرق مدينة غزة خلال مشاركته في المسيرات الحدودية، التي تحمل اسم «مسيرات العودة الكبرى ورفع الحصار».
كما تم الإعلان في وقت سابق عن وفاة 3 شبان في مستشفيات داخل وخارج قطاع غزة. فيما سمحت السلطات الإسرائيلية بنقل جثماني اثنين منهم، كانا يتلقيان العلاج في مستشفيات الخليل والقدس، إلى القطاع بعد وفاتهما متأثرين بجروحهما الخطيرة.
ونقل عدد كبير من جرحى المواجهات، التي شهدتها حدود شمال وشرق القطاع، إلى مستشفيات مصرية وأردنية وفلسطينية بالضفة والقدس لتلقي العلاج بسبب جروحهم الخطيرة.
فيما قالت وزارة الصحة في غزة إن عدد الجرحى بلغ 13 ألفاً، منهم 330 ما زالوا يعانون من جروح خطيرة.
وشيع مئات الفلسطينيين أمس جثامين الضحايا الأربعة من مناطق مختلفة بقطاع غزة، حيث رفع العلم الفلسطيني وأعلام الفصائل، وسط ترديد شعارات تطالب الفصائل المسلحة بالرد على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة بحق المتظاهرين على طول الحدود.
وتزامن ذلك مع إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي النار تجاه مجموعات من الشبان، حاولوا التسلل إلى الحدود قبالة مناطق شرق خان يونس والبريج والمغازي ومدينة غزة، دون أن تقع أي إصابات في صفوف الشبان.
كما نجح شبان فلسطينيون في عدة مناطق حدودية من قص السياج الأمني، إلا أنهم لم يتمكنوا من التسلل بعد إطلاق النار تجاههم.
وقال الجيش الإسرائيلي إن إحدى تلك المجموعات نجحت في التسلل إلى موقع عسكري شرق مخيم المغازي إلى الشرق من وسط قطاع غزة، وأضرموا النيران في إطارات مطاطية بالمكان. فيما قالت مصادر فلسطينية محلية إنهم أضرموا النيران في موقع للقناصة الإسرائيليين للمرة الثانية خلال يومين.
وأطلق شبان طائرات ورقية حارقة تجاه عدة كيبوتسات إسرائيلية مجاورة للحدود، ما أدى إلى اندلاع حرائق، ودفع طواقم الإطفاء الإسرائيلية إلى الهروع إليها بهدف إخمادها بسرعة.
وتقدر الخسائر الإسرائيلية الناجمة عن الحرائق، التي شبت في الأراضي الزراعية بسبب الطائرات الورقية الحارقة، بملايين الدولارات، حيث كبدت المزارعين الإسرائيليين خسائر فادحة بعد أن التهمت النيران حقولاً شاسعة منها.
وكانت عدة دول عربية ودولية قد دانت «مذبحة غزة»، وطالبت بتحقيق دولي، حيث استدعت بلجيكا سفيرة إسرائيل لديها، إثر إدلائها بتصريحات عن قمع المتظاهرين الفلسطينيين في قطاع غزة، ودعت إلى تحقيق دولي تشرف عليه الأمم المتحدة حول المواجهات الدامية.
كما استدعت آيرلندا سفير إسرائيل في دبلن، زئيف بوكر، للاحتجاج على مقتل 59 فلسطينياً برصاص الجيش الإسرائيلي خلال المواجهات التي جرت على حدود قطاع غزة، تزامناً مع تدشين السفارة الأميركية في القدس.
وبدورها، طلبت تركيا من سفير إسرائيل في أنقرة مغادرة البلاد مؤقتاً، احتجاجاً على مقتل عشرات الفلسطينيين برصاص الجنود الإسرائيليين في قطاع غزة، وفق ما أفاد مسؤول تركي.
ومن جهتها، دعت بريطانيا إلى التحقيق في العنف على حدود قطاع غزة، إذ قال أليستر بيرت، وزير شؤون الشرق الأوسط بالخارجية البريطانية للبرلمان، إنه «يتعين إجراء تحقيق في هذا الأمر... وبريطانيا كانت واضحة في الدعوة العاجلة لمعرفة حقائق ما حدث، بما في ذلك لماذا جرى استخدام هذا الكم من الذخيرة الحية». كما دعا بيرت إلى تخفيف القيود على الحركة في غزة، وتقديم دعم دولي لمشروعات البنية الأساسية والتنمية هناك. وبدوره، قال متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمس، إن العنف في غزة يدمر عملية السلام... ونحن نشعر بقلق بالغ من حجم العنف... ومثل هذا العنف مدمر لجهود السلام.
سياسياً، أكدت حركة حماس ما نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» الخميس الماضي عن أن الحركة لم تتلقَ أي عروض جادة بشأن الهدنة، موضحة أنه توجد بعض التحركات العربية والدولية لذلك.
وأكد خليل الحية، عضو المكتب السياسي للحركة ونائب قائدها بغزة، أن حركته جاهزة لدراسة أي مقترح من شأنه أن يرفع الحصار عن قطاع غزة.
وقال الحية في حديث لصحيفة الرسالة التابعة لحركة حماس، إن «هناك كثيراً من التحركات والأحاديث الإعلامية، وحتى خلف الكواليس، من أجل تخفيف الحصار»، مضيفاً: «نحن جاهزون لدراسة أي مقترح يقدم لنا لنعرضه على الكل الوطني، كي نقول نعم أو لا. لكن حتى الآن لا توجد فكرة متكاملة تستحق الدراسة».
وجدد الحية موقف حركته على الاستمرار في المظاهرات على طول الحدود، مشيراً إلى أن تلك المسيرات أعادت الوهج للقضية الفلسطينية، وخصوصاً فيما يتعلق بالعودة إلى جوهر القضية، كما أعادت فرض قضية حصار غزة على طاولة زعماء العالم، حيث بدأ التحرك من أجل تخفيف هذا الحصار خشيةً من الانفجار في وجه الاحتلال.
وأوضح الحية أن المسيرات الشعبية لون من ألوان المواجهة مع الاحتلال، معتبراً أنها «أعادت قضية فلسطين بمجملها إلى الواجهة العالمية، وصفعت الاحتلال والولايات المتحدة ومحاولاتهما تمرير صفقة القرن».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.