عباس يلتقي مسؤولين ويمارس عمله من المستشفى

بقاؤه فترة طويلة في العلاج يثير تساؤلات حول مستقبل رئاسة السلطة الفلسطينية

الرئيس الفلسطيني محمود عباس
الرئيس الفلسطيني محمود عباس
TT

عباس يلتقي مسؤولين ويمارس عمله من المستشفى

الرئيس الفلسطيني محمود عباس
الرئيس الفلسطيني محمود عباس

بقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، في المستشفى لليوم السابع على التوالي، لكنه استقبل المبعوث الصيني للشرق الأوسط غونغ شياو شينغ، الذي جاء للاطمئنان على صحته، وناقش معه عملية السلام.
وأثار بقاء عباس كل هذه الفترة في المستشفى مخاوف حول صحته، بعدما أعلن مسؤولون في البداية أنه لن يمكث أكثر من يومين إلى ثلاثة أيام. ويزيد القلق على وضع عباس الصحي بسبب عمره المتقدم أيضاً (83 عاماً)، وأيضاً لأن صحته تراجعت أخيراً، وهذه هي المرة الثالثة التي أدخل فيها إلى المشفى خلال أسبوع واحد فقط.
وكان عباس قد أدخل أول مرة إلى المستشفى يوم الثلاثاء قبل الماضي، وخضع لجراحة صغيرة في الأذن الوسطى، ثم خرج بعد ذلك بساعات، لكنه أعيد إلى المستشفى يوم الجمعة، ثم عاد إليه الأحد الماضي وبقي هناك. لكن رغم القلق على وضع عباس الصحي، فإنه لا يبدو أن ثمة خطراً يتهدد حياته. وقد ظهر عباس سابقاً وهو يتمشى في أحد أروقة المشفى، وقال طبيبه سعيد السراحنة إنه «ليس هناك موعد محدد لخروجه من المستشفى».
ورغم ما أشيع عن تدهور صحة الرئيس، فقد استقبل عباس أمس المبعوث الصيني، الذي نقل له تحيات الرئيس الصيني شي جين بينغ، متمنياً له موفور الصحة والعافية، وتطلعه لاستقبال الرئيس في أقرب فرصة في الصين. وأكد المبعوث الصيني موقف بلاده الداعم للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وفق القانون الدولي والشرعية الدولية.
وأعرب عباس عن شكره للمبعوث الصيني على هذه اللفتة الكريمة، وتمنياته للصين، شعباً وقيادة، بدوام التقدم والازدهار، مشدداً على التقدير والثقة في مواقف الصين الدائمة والثابتة في دعم القضية الفلسطينية في كل المحافل حتى نيل حقوق الفلسطينيين المشروعة.
وهذه أول مرة يستقبل فيها عباس مسؤولين من خارج فلسطين في المستشفى، لكنه مطلع أولاً بأول على أي تحديثات متعلقة بالسياسة، حسب مصادر مطلعة. وقد بدا عباس بصحة جيدة في أثناء استقباله الضيف الصيني. كما أنه يتلقى خلال وجوده في المستشفى اتصالات من معظم الزعماء، ويجتمع بالمسؤولين الفلسطينيين، بما في ذلك مسؤولين في الأمن، وفي حركة فتح، والرئاسة والحكومة.
وقال مستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي إن «زيارة المبعوث الصيني هدفت إلى تقديم التضامن مع الشعب الفلسطيني، في مواجهة ما تقوم به الإدارة الأميركية من إجراءات في مدينة القدس، خصوصاً قرارات الرئيس ترمب، وإعلانه القدس عاصمة للاحتلال، ونقل سفارة بلاده إليها»، مؤكداً عمق العلاقات التي تربط بين فلسطين والصين.
وأضاف الخالدي موضحاً: «إننا نطمح لأن يتعاظم دور الصين، ويكون أكثر فاعلية، خصوصاً أن هناك فرصة لتشكيل آلية دولية متعددة الأطراف لرعاية المفاوضات، وفق الخطة التي اقترحها الرئيس محمود عباس في مجلس الأمن، والتي يمكن أن تشكل من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، إضافة إلى آخرين».
ورغم التصريحات المطمئنة حول صحة الرئيس عباس، فإن ذلك لم يمنع من استمرار الاجتهادات المتعلقة بمستقبل السلطة الفلسطينية. وأكثر ما يثير القلق في رام الله ودول قريبة أنه لا يوجد خليفة معروف لعباس، في حين يوجد خلاف كبير سياسي وقانوني بين حركة فتح وحماس حول المجلس التشريعي المعطل، الذي يفترض أن يحل مشكلة أي فراغ رئاسي.
وينص القانون الفلسطيني الأساسي على أن يتولى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني رئاسة السلطة بشكل مؤقت، لمدة لا تتجاوز 60 يوماً، لحين إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية. وتقول حركة حماس إن رئيس المجلس التشريعي عبد العزيز الدويك، وهو «حمساوي» نال هذا المنصب بعدما فازت «حماس» بالانتخابات التشريعية عام 2006، هو الذي يفترض أن يحل محل عباس، لكن حركة فتح تعتبر المجلس برمته بحكم المعطل، ولا تعترف برئاسة المجلس الأخيرة، باعتبار أن المجلس يحتاج إلى دعوة من عباس لانعقاده، ومن ثم انتخاب هيئة رئاسية جديدة. ويعد المجلس الآن بحكم «غير القائم».
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الوطني، بصفته مرجعية السلطة وينوب عن «التشريعي»، سيقرر في حالة حدوث أي مفاجآت.
وأضافت هذه المصادر موضحة: «في حال أي غياب قهري للرئيس، سيتولى رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون المهمة لحين إجراء انتخابات، باعتبار المجلس الوطني أعلى مرجعية تشريعية للفلسطينيين، ويضم المجلس التشريعي».
ولم تعلن حركة فتح، التي تسيطر على منظمة التحرير والسلطة، عن اختيارها خليفة محتملاً لعباس، وتجنبت الخوض في الموضوع بشكل مباشر.
وكان عباس قد عين قبل نحو عام محمود العالول، عضو مركزية حركة فتح، نائباً له في الحركة، ويتوقع أن يواجه العالول تنافساً شرساً على المنصب.



الحكومة المصرية ترفض اتهامات بتوسيع الاقتراض الخارجي

وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)
وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)
TT

الحكومة المصرية ترفض اتهامات بتوسيع الاقتراض الخارجي

وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)
وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)

رفضت الحكومة المصرية اتهامات برلمانية وحزبية وُجّهت لها بتوسيع الاقتراض الخارجي، معلنةً انخفاض الدَّين الخارجي للعام المالي الحالي بواقع 3 مليارات دولار حتى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ووافق مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، خلال جلسته العامة، الاثنين، على اتفاقيات حصول وزارة المالية على تسهيلات تجارية بقيمة ملياريْ دولار أميركي من خلال بنك «الإمارات دبي الوطني كابيتال ليمتد»، وبنك «ستاندرد تشارترد»، وبنك «الإمارات دبي الوطني (ش.م.ع)» وبنوك أخرى.

وقال وزير المالية المصري، أحمد كجوك، خلال الجلسة العامة: «نرفض الاتهامات الموجهة للحكومة بتوسيع الاقتراض»، مؤكداً أن مؤشر الدين العام في انخفاض.

وسجَّل الدين الخارجي لمصر بنهاية الربع الثاني المنتهي في يونيو (حزيران) الماضي نحو 152.9 مليار دولار، نزولاً من 160.6 مليار دولار بنهاية الربع الأول، بعد أن وصل إلى ذروته البالغة 168 مليار دولار في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2023، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.

برلمانيون مصريون خلال جلسة مناقشة حصول وزارة المالية على تسهيلات تجارية بقيمة ملياريْ دولار أميركي (مجلس النواب المصري)

وقال وزير المالية إن «الاتجاه تنازلي، والقول بعكس ذلك كلام غير دقيق»، متابعاً: «سددنا 7 مليارات ونصف المليار دولار أقساطاً، والاقتراض كان 5 مليارات ونصف المليار دولار». وتابع: «لا يخفى على أحد تخفيض الاقتراض الخارجي، نخّفض الدين الخارجي قدر المستطاع، ونُسدد أكثر من الاقتراض، والدين يقل ولا يزيد».

ولجأت مصر إلى الاقتراض الخارجي خلال السنوات الأخيرة، في ظل أزمة اقتصادية، وتبني الحكومة برنامج إصلاح اقتصادي.

وعقّب وزير المالية على الموافقة على تسهيلات تجارية بقيمة ملياريْ دولار أميركي، قائلاً: «كان الرقم أكبر من ذلك، إلا أننا أخذنا قراراً بتخفيض الرقم»، مشيراً إلى أن الأمر يخضع لتوازنات داخلية ومستلزمات الإنتاج.

وكان مجلس النواب، قد وافق، الأحد، على قرار رئيس الجمهورية بشأن اتفاق تسهيل القرض الخاص بآلية مساندة الاقتصاد الكلي، وعجز الموازنة بين مصر والاتحاد الأوروبي بقيمة مليار يورو كمرحلة أولى، إلا أن اعتراضات واجهت هذه الموافقات، حيث أبدى نواب انتقادهم معلنين رفضهم هذه القروض.

ورأى النائب ضياء الدين داود، عضو مجلس النواب، في بيان، أن قرض الـ2 مليار دولار بمثابة «الكارثة»، مشيراً إلى أن «الحكومة تغامر وتقامر بمستقبل الشعب المصري»، على حد وصفه، مؤكداً أن «الاقتراض الخارجي يرتهن القرار السياسي والاقتصادي للدولة المصرية»، عادّاً ذلك «يهدد سلامة الدولة».

كما أعلن النائب أحمد فرغلي، عضو المجلس، رفضه للقرض، منتقداً الحكومة لتوسُّعها في الاقتراض، متسائلاً: «هل تَوَقَّفَ عقل الحكومة عن سد عجز الموازنة على الاقتراض فقط؟ مش شايفين (لا يرون) أي حاجة من الحكومة إلا الاقتراض فقط؟».

في المقابل، دافع النائب محمد سليمان، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، خلال الجلسة العامة، عن لجوء الحكومة للاقتراض، قائلاً: «عندما تتم مناقشة هذه الأمور نجد البعض يصيبه الذعر ولا داعي ذلك». وأضاف: «لماذا تلجأ الدول للاقتراض، لأسباب عدة وهي؛ إطالة عمر الدين العام، وتخفيض تكلفة الأموال المقترضة، وتمويل عجز الموازنة، ودعم الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري، وتخفيض الدين العام».

وأجرت بعثة «صندوق النقد الدولي» زيارة لمصر، الشهر الماضي، لإتمام المراجعة الرابعة من برنامج التمويل الموسع الذي يسمح بصرف الصندوق 1.3 مليار دولار للحكومة المصرية من قيمة قرض الـ8 مليارات دولار، الذي تحصل عليه مصر عبر دفعات، بينما لم يقر مجلس «الصندوق» صرف الشريحة الجديدة حتى الآن.

ويرى الدكتور عصام خليل، رئيس حزب «المصريين الأحرار»، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاقتراض ليس أمراً سيئاً، فكثير من الدول الكبرى والنامية تقوم بالاقتراض، لكن الأهم هو وجهة هذه القروض، فمن الضروري استخدامها وتوجيهها لصالح مشروعات تنموية، فما كان يعيب القروض في العهود السابقة هو استغلالها استغلالاً سيئاً، وتخصيصها من أجل دعم السلع الغذائية أو دعم المحروقات، وهو ما أدى إلى تراكم الديون على مصر».

وتابع: «توجيه الاقتراض يجب أن يكون إلى المشاريع التنموية التي تدر عائداً، ومع عملها وإنتاجها أسدد من عائدها القروض، مع مراعاة أن تكون نسبة الفوائد بسيطة، مع مراقبة المصروفات في هذا القرض من جانب البرلمان».

وعن الانتقادات بشأن رؤية الحكومة للاقتراض، قال: «الأجدر بالمعارضين للقروض أن يرشدوا ويقدموا وسائل أخرى للحكومة من وجهة نظرهم، فنحن في وطن واحد يجب أن نتكاتف جميعاً فيه في ظل الظروف المحيطة بنا».

في المقابل، يرفض ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» «الاقتراض الخارجي بأي صورة وبأي شكل من الأشكال»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «التنمية يجب أن تكون بالاعتماد على الذات، وتجنُّب تلقي المنح والمعونات، مع ترشيد الإنفاق العام، فالقروض الخارجية وصلت إلى مستوى لا تتحمله الموازنة العامة للدولة، وخدمة الدين تلتهم الميزانية».

وأضاف: «يتوجب على الحكومة الحالية أن تستجيب لما طالب به الرئيس عبد الفتاح السيسي من ترشيد الاقتراض الأجنبي، وعدم التوسع فيه، لكن الموافقات الأخيرة، هي مبلغ ضخم يأتي عكس ما طالب به الرئيس، وبالتالي الحكومة تحمِّل الأجيال الجديدة عبء عدم قدرتها على إدارة أمور البلاد؛ لذا نرفض هذه السياسة الحكومية شكلاً وموضوعاً، وإذا كان وزير المالية يقول إننا نُسدد أكثر من الاقتراض، فنحن نطالب الحكومة بأن نسدد ولا نقترض».