باسيل: شروط القانون السوري رقم 10 قد تعيق عودة النازحين

أعلن في رسالتين للمعلم وغوتيريش أن لبنان «سيقوم بإجراءات فورية»

جبران باسيل، وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية ورئيس «التيار الوطني الحر»
جبران باسيل، وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية ورئيس «التيار الوطني الحر»
TT

باسيل: شروط القانون السوري رقم 10 قد تعيق عودة النازحين

جبران باسيل، وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية ورئيس «التيار الوطني الحر»
جبران باسيل، وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية ورئيس «التيار الوطني الحر»

حذّر جبران باسيل، وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية ورئيس «التيار الوطني الحر»، من تداعيات شروط تطبيق القانون السوري رقم 10 الذي سبق أن أصدره النظام السوري، لكنه أثنى في الوقت عينه على أهميته لعودة النازحين إلى سوريا. وجاء هذا الموقف عبر رسالتين أرسلهما إلى كل من وزير الخارجية السوري وليد المعلم وإلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وكان عدد من المسؤولين اللبنانيين قد نبّهوا من هذا القرار الذي صدر في بداية شهر أبريل (نيسان) الماضي والرامي إلى وضع مخطط تنظيمي عام في المناطق التي هدّمت بفعل الحرب السورية، داعيا السوريين إلى تسجيل أملاكهم خلال شهر واحد وإلا ستقوم الدولة بمصادرتها. وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري قد قال عن هذا الإجراء: «هذا القانون يقول للنازحين ابقوا في لبنان».
في رسالته التي وجهها إلى المعلم أكد باسيل على «أهمية القانون في تشجيع الكثير من النازحين السوريين على العودة إلى مناطقهم»، إلا أنه عبّر عن خشية لبنان من أن تعيق شروط تطبيق هذا القانون عودة عدد غير قليل من هؤلاء النازحين إلى مناطقهم»، داعيا مفوضية شؤون اللاجئين إلى حض النازحين لإجراء ما يلزم ليثبت النازحون ملكياتهم والعودة إلى سوريا، وحملها في الوقت عينه مسؤولية عدم تشجيع النازحين للعودة، في الرسالة التي وجّهها إلى أمين عام الأمم المتحدة.
ما يستحق الذكر أن قضية التواصل مع النظام السوري بشأن قضية النازحين لطالما شكّلت محور خلاف بين الأفرقاء اللبنانيين بين من يرفض التطبيع معه ومن يدعو إلى التنسيق معه في هذه القضية. وفي هذا الإطار، قال معين المرعبي وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال لـ«الشرق الأوسط» معلقاً على موقف وزير الخارجية: «فليتحمل باسيل تبعات ما قام به ونحن لم ولن نعترف بنظام فاقد للشرعية»، مذكرا بأنها ليست المرة الأولى التي يتواصل بها باسيل مع المعلم، حيث سبق له أن التقاه في نيويورك عام 2017.
وفي رسالتيه أعلن باسيل «أن السلطات في لبنان تعتزم العمل بشكل فوري وحازم لاعتماد سياسة لبنانية مترافقة مع إجراءات عملية تؤدي إلى تأمين العودة المرغوبة للنازحين السوريين وتشجيعها». وفي حين رفضت مصادر وزارة الخارجية إعطاء المزيد من التفاصيل حول الإجراءات التي تحدث عنها باسيل، مشيرة إلى أنه سيتم الإعلان عنها في وقت لاحق، حمّل المرعبي الوزير باسيل مسؤولية عدم إقرار خطة للاجئين في اللجنة الوزارية التي كانت مخصصة للبحث في هذا الملف. ورأى المرعبي أن هذا القانون هو تهجير قسري ومقصود للنازحين الذين يتخوف عدد كبير منهم من الذهاب إلى سوريا بعدما تركوها خوفا من القصف والملاحقة، وهي الظروف التي لا تزال قائمة في بلدهم. وأردف: «لمسنا تخوفا كبيرا لدى هؤلاء من خسارة كل ما يملكون إذا مضى النظام قدما في هذا القرار». ولفت إلى أنه كان أول من حذر من خطورة هذا القانون وتداعياته على لبنان والدول الأوروبية وطرحها في اللقاءات التي عقدها خلال مؤتمر بروكسل للنازحين الأخير.
باسيل أوضح أيضاً في رسالته إلى المعلم «أن إجراءات الإعلان والنشر المتعلقة بالمراسيم التطبيقية للقانون رقم 10 ومهلة الثلاثين يوما التي تليها والمعطاة لمالكي العقارات للإدلاء بما يثبت ملكيتهم، غير كافية لإعلام أصحاب العلاقة من النازحين خلال الوقت المناسب»، محذرا من أن يتسبب هذا الأمر في خسارة أملاكهم ويحرمهم من حوافز العودة. وجدد تمسك لبنان بحقه المكرس دستوريا بمنع التوطين وعلى موقفه المبدئي من ضرورة عودة النازحين الآمنة والكريمة إلى المناطق الممكنة داخل سوريا مع احترام عدم الإعادة القسرية وعدم ربط العودة بأي أمر آخر، مثل الحل السياسي».
أما في رسالته إلى غوتيريش، فدعا باسيل الأمم المتحدة إلى «إجراء ما يلزم لحماية حق النازحين السوريين في الحفاظ على أملاكهم وإلى التواصل والتنسيق مع السلطات السورية لهذه الغاية». وحث المنظمة الدولية على «تحمل مسؤولياتها كاملة لناحية إبلاغ كل السوريين في لبنان بهذا القانون وحضهم على إجراء ما يلزم لإثبات ملكياتهم وعلى العودة إلى سوريا». وقال وزير الخارجية «إن لبنان يواجه صعوبات جمة تحول دون إمكان إبلاغ النازحين السوريين بهذا القانون، بسبب النتائج السلبية للسياسة العقيمة التي جرى اعتمادها من قبل منظمات الأمم المتحدة العاملة في مجال النازحين السوريين في لبنان، والتي تقوم على حجب المعلومات التي تطلبها الحكومة اللبنانية من هذه المنظمات وغياب الشفافية المطلوبة، وعلى تعقيد عملية التواصل الفعالة مع عموم النازحين السوريين، إضافة إلى غياب قاعدة معلومات واضحة عنهم وعن أماكن وجودهم».
وفي هذا الإطار، دعا باسيل الأمم المتحدة إلى «إجراء مراجعة سريعة وشاملة لسياستها حيال النازحين»، وانتقد «التأثير السلبي المستمر الذي تسببه سياسة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لناحية تخويف النازحين الراغبين بالعودة إلى المناطق التي توقفت فيها العمليات القتالية في سوريا»، داعيا إياها إلى «الامتناع الحازم عن كل ما من شأنه إثارة هذا الخوف لديهم».
على صعيد آخر، كان الائتلاف الوطني السوري قد حذّر بدوره من تبعات القانون رقم 10، واعتبر رئيسه عبد الرحمن مصطفى أنه يشكل خدمة كبيرة للمشروع الإيراني للتغلغل داخل سوريا، معتبرا أنه يقضي بمصادرة منازل وأملاك مئات آلاف المدنيين المهجرين قسراً داخل سوريا وفي دول اللجوء، ويحرمهم من حقهم في العودة لمنازلهم التي هجروا منها بعد الحصار والعمليات العسكرية من النظام والميليشيات الإرهابية الإيرانية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.