الحوثيون يشطبون 70 ألف موظف حكومي لرفضهم الانقلاب

استقطاب للمجندين من بوابة الرياضة... وحملات طائفية وأخرى للجباية

TT

الحوثيون يشطبون 70 ألف موظف حكومي لرفضهم الانقلاب

واصلت الميليشيات الحوثية الكشف عن تصرفات وصفتها أوساط مناهضة لها بأنها «الأكثر إقصاءً وطائفية» في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، على خلفية شطب أكثر من 70 ألف موظف من سجلات الخدمة المدنية، وحرمانهم من نصف راتب كانت قد وعدت به الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتها بعد توقفها عن دفع رواتبهم منذ ما يربو على 19 شهراً.
وجاء التصرف الانتقامي من قبل الجماعة الحوثية التي أطلقت عليه عملية «تنظيف كشف الراتب» في الوقت الذي صعّدت فيه الجماعة الانقلابية من تحركاتها لحشد المجندين وتعميم الأمسيات الطائفية على المديريات الخاضعة لها، والاستمرار في جباية الإتاوات للمجهود الحربي، والتضييق على الطقوس الدينية للمواطنين خلال رمضان.
وفي هذا السياق، أفاد موظفون خاضعون للجماعة الحوثية في الخدمة المدنية لـ«الشرق الأوسط» بأنها قامت عبر عناصرها المعينين في الخدمة المدنية بإسقاط أكثر من 70 ألف موظف من سجلات الخدمة المدنية، تمهيداً لإحلال عناصر موالين لها في وظائفهم، وحرمانهم من نصف راتب كانت قد وعدت بمنحه للموظفين في مناطق سيطرتها بمناسبة شهر رمضان.
وقالت المصادر، التي طلبت عدم كشف هويتها خوفاً من بطش الميليشيات، إن عناصر الجماعة أطلقوا حملة واسعة لفصل آلاف الموظفين الحكوميين في سياق ما سموه عملية «تنظيف كشف الراتب» من المعارضين والمبعدين من أعمالهم والفارين من سطوة الجماعة ومن المنتمين إلى المحافظات الجنوبية.
وفي حين تواصل الجماعة عمليتها تمهيداً لإحلال موالين لها، ذكرت المصادر أن تبرير العناصر الحوثية إزالة الموظفين تمثّل في قولهم «إنهم لا يستحقون الحصول على نصف الراتب، إذ إن أغلبهم من المناهضين لحكم الميليشيات ومن الرافضين للدوام في وظائفهم تحت سلطتها».
وتعد الخطوة تعدياً غير مسبوق على السجلات الرسمية لموظفي الخدمة المدنية في البلاد، ومحاولة للعبث بقاعدة بيانات الموظفين الحكوميين، التي كانت قد سيطرت عليها الجماعة بعد الانقلاب في مبنى وزارة الخدمة المدنية بصنعاء.
واعترفت الجماعة الحوثية في بيان رسمي لعناصرها المعينين في الخدمة المدنية بأنها تمكنت حتى الآن من شطب أسماء الموظفين في 83 جهة حكومية، مضيفةً أنها بانتظار أن تقدم إليها بقية الجهات الحكومية الخاضعة لها أسماء الموظفين لكي تقوم بإخضاعها لحملة التطهير الوظيفي بحق المعارضين والرافضين للعمل معها والموجودين خارج مناطق سيطرتها.
وأكدت الميليشيات أن الموظفين الذين سيحصلون على نصف الراتب الموعود هم فقط من لا يزالون يعملون معها في وظائفهم حتى الآن، وذلك تنفيذاً للتوجيهات التي كان قد أمر بها زعيمها عبد الملك الحوثي، ورئيس مجلس حكمها الانقلابي مهدي المشاط، والتي نصت على تطهير المؤسسات الحكومية ممن يرفضون الوجود الحوثي أو لا يعلنون ولاءهم الصريح للجماعة.
وطلبت الجماعة الحوثية، أول من أمس (الجمعة)، في بيان بثته النسخة الخاضعة لها من وكالة «سبأ» من بقية الجهات الحكومية الخاضعة لها الإسراع بتقديم لوائح بموظفيها من أجل «تنظيفها» والمصادقة عليها تمهيداً للسماح بصرف نصف الراتب الموعود.
يشار إلى أن مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين لا يزالون في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، ولم يستطيعوا الانتقال إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية التي تصرف بدورها الرواتب لموظفي المناطق المحررة، ولمن يتمكن من الوصول إلى العاصمة المؤقتة عدن.
وكانت النقاط الأمنية الحوثية المنتشرة بكثافة على الطرق بين صنعاء ومناطق سيطرة الحكومة الشرعية، قد اعتقلت في الأسابيع الماضية المئات من الموظفين الحكوميين الذين قرروا المغادرة باتجاه عدن ومأرب من أجل الحصول على رواتبهم، واتهمتهم بأنهم يريدون الالتحاق بصفوف القوات الحكومية.
في غضون ذلك، استمرت الجماعة في محاولات الاستقطاب والحشد للمجندين، في صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لها، كما استمرت في إقامة الأمسيات الطائفية على مستوى المدن والمديريات والأحياء والقرى، بخاصة في صنعاء والمحويت وعمران وذمار وحجة وريمة وإب.
وذكرت مصادر محلية في محافظة ذمار، أن عناصر الجماعة أجبروا زعماء القبائل والمواطنين في مناطق قبائل عتمة وآنس والحد وعنس، على دفع تبرعات للمجهود الحربي بالإكراه، حيث يقدر إجمالي ما تمت جبايته بمئات الملايين من العملة المحلية (الريال).
إلى ذلك، أفاد ناشطون في القطاع الرياضي، لـ«الشرق الأوسط»، بأن القيادي الحوثي المعيَّن وزيراً للشباب والرياضة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، حسن زيد، وهو أحد المطلوبين لتحالف دعم الشرعية ضمن لائحة الأربعين حوثياً، أمر بإقامة مسابقات رياضية محلية خلال شهر رمضان، بين أوساط الشباب والمراهقين، من أجل استغلالها لبث أفكار الجماعة ومحاولة تجنيد الرياضيين في صفوف الميليشيات.
وأطلق القيادي الحوثي حسن زيد، على هذه المسابقات التي شملت ألعاباً رياضية متنوعة، اسم الرئيس الصريع لمجلس حكم الميليشيات صالح الصماد، الذي قُتل قبل نحو خمسة أسابيع في ضربة لطيران تحالف دعم الشرعية في أثناء وجوده في مدينة الحديدة الساحلية.
وجراء رفض اثنين من أعيان الأحياء (عقال الحارات) في مدينة ذمار تعليمات الميليشيات من أجل الاستقطاب والحشد، أقدم عناصر الجماعة على اختطافهما، الجمعة، إلى مكان مجهول، حسب ما أفادت مصادر تابعة لحزب «المؤتمر الشعبي».
وفي سياق متصل بأعمال القمع الحوثية وإجبار التجار على دفع الإتاوات، كشفت الميليشيات أنها بصدد إطلاق حملة في صنعاء خلال أسبوعين، على كبار التجار والمستوردين، تستهدف دهم مستودعاتهم ومخازن بضائعهم، تحت ذريعة التأكد من مطابقة السلع للمواصفات ومعايير الجودة.
وذكر عدد من التجار لـ«الشرق الأوسط» أن الحملة الحوثية التي يعتزم تنفيذها القيادي المنتمي إلى سلالة الحوثي، إبراهيم المؤيد، المعين من قبل الجماعة رئيساً لهيئة المواصفات والمقاييس، هدفها إجبار المستوردين والتجار على دفع المزيد من الإتاوات إلى جانب ما يدفعونه من ضرائب وجمارك مضاعفة، وإتاوات متنوعة باسم المجهود الحربي وباسم نظافة المدن وباسم الزكاة.
وعلى نحو متصل، بأعمال الجباية الحوثية، أطلقت الميليشيات هذا الأسبوع، أتباعها في مناطق سيطرتها كافة، لجباية الزكاة من المواطنين والتجار والمزارعين، في ظل تشديد من القيادات المحلية في الجماعة على ضرورة مضاعفة الأموال المحصَّلة هذا العام بعد أن أصدرت قانوناً يتيح لزعيمها وعناصر سلالته الحصول على الخُمس من أموال الزكاة وعائدات الثروات الطبيعية المستخرجة من الأرض والبحر.
وعلى صعيد القمع الطائفي، أفاد سكان في صنعاء بأن عناصر الميليشيات الحوثية أقدموا على منع صلاة الجمعة في أحد مساجد العاصمة، بعد أن رفض المصلون ترديد الصرخة الخمينية، كما أقدموا على منع إقامة صلاة التراويح في مسجدين آخرين في حي مسيك شرقي المدينة. وفي مدينة حجة (شمال غربي صنعاء) أفاد السكان بأن الجماعة الحوثية، منعت إقامة صلاة التراويح في «الجامع الكبير» الواقع في منطقة حورة، وعوضاً عن ذلك فتحت عبر مكبرات الصوت في المسجد الخطبة الطائفية اليومية لزعيمها الحوثي خلال شهر رمضان.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.