فن صناعة «السيفيان»... أهم وجبة في الهند خلال شهر رمضان

وسط دعوات للتعايش السلمي والتصدي لمكافحة العنصرية

امرأة تجفّف الشعيرية تحت أشعة الشمس
امرأة تجفّف الشعيرية تحت أشعة الشمس
TT

فن صناعة «السيفيان»... أهم وجبة في الهند خلال شهر رمضان

امرأة تجفّف الشعيرية تحت أشعة الشمس
امرأة تجفّف الشعيرية تحت أشعة الشمس

تعمل شابانا بانو مدة 14 إلى 15 ساعة يومياً لتلبية الطلب الكبير على الشعيرية المصنعة يدوياً (والمعروفة محليا باسم سيفيان)، وهي من المأكولات الضرورية خلال شهر رمضان في الهند.
وفي كل مساء، تعجن شابانا بانو من 6 إلى 6 كيلوغرامات من القمح الكامل وبعض عجينة السميد، بمشاركة زوجها وابنتها، وهي تستيقظ في الصباح الباكر لإعداد السيفيان. كل ما تفعله هو تمزيق وضرب وسحق العجين، ثم تحويله إلى خيوط رقيقة من الشعيرية التي تُترَك معلقة لتجف على حبال مربوطة من طرف إلى آخر.
قالت بانو: «تعلّمت فن تحويل العجين البسيط إلى الشعيرية من والدتي عندما كنت في 12 من عمري».
تُصنع الشعيرية الناعمة باليد بالكامل. وهي عملية رائعة. وتقرع بانو أجزاء من العجين بأداة في يدها وتعيد تكرار العملية حتى يصبح العجين مرناً للغاية. ثم تسحبه وتمسكه بكلتا يديها، وتلفه للداخل والخارج حتى تصنع 12 شريطاً موحداً. ثم تجذبها وتسحبها كالشرائط المطاطية – في أقل من 30 ثانية، تظهر الشعيرية الناعمة الرفيعة للغاية، لتضعها، بعد ذلك، على قضيب خشبي يعلقه زوجها تحت المروحة لتجف. وفي غضون دقائق قليلة، يبدأ بلفّها على راحة يديه ويضعها على سطح مستوٍ لتجفّ تماماً.
تعد الشعيرية طعام الإفطار التقليدي للمسلمين خلال شهر رمضان في شبه القارة الهندية. وهي تُعرف أيضاً باسم «الشعيرية السريعة»، إذ يمكن إعدادها في دقائق معدودة وهي مغذية للغاية. وكل ما تحتاج إليه هو غمسها في قدح من الماء أو الحليب الدافئ مع السكر لتكون الوجبة جاهزة.
وقبل شهور من بداية شهر رمضان، تبدأ النساء في مختلف مناطق الهند بصنع الشعيرية المصنعة يدويّاً، التي لا تزال مفضلة في الهند على الأنواع الحديثة المصنعة آليّاً.
تقول موشتابا وهي تتنهد من الإرهاق: «إنّها تتطلب عملاً كثيراً، وفي بعض الأحيان أعد الأيام حتى مجيء العيد لارتاح، على الرغم من أنّني أستمتع بذلك كثيراً». وهناك قواعد معينة غير مكتوبة عندما يتعلق الأمر بصناعة الشعيرية. إذ يجب ألّا تتغير الأيادي التي تصنع العجين كما تقول موشتابا: «أذكر والدتي وهي لا تسمح لي أبداً بلمس العجين عندما كنت طفلة صغيرة. وكانت تقول إن كل يدٍ تضع لمسة خاصة على العجين وإنّه لا يجب العبث به أبداً». وكنتُ آخذ قطعة من العجين خلسة عنها وأذهب إلى غرفتي كي أتمرّن بنفسي. وتماسك العجين هو كل شيء، وكذلك مزاج الشخص الذي يصنعه. وتضيف موشتابا قائلة: «إن كنتَ غاضباً على سبيل المثال، وبدأت في صناعة العجين فلن تخرج الشعيرية من بين يديك جيدة أبداً. لقد تخلصت من عدة كيلوغرامات من العجين عندما فسدت بسببي».
ومن أفضل الحلويات المشهورة في موسم رمضان هي «الشعيرية الحلوة». وهناك أيضاً (شير خورما)، وهي الشعيرية المخفوقة بالحليب مع الفواكه المجففة والتّمر، تُصنع في الهند، وهي محبوبة ومرغوبة في جميع أنحاء العالم لا سيما في باكستان وبنغلاديش. ويعتبر إنتاج الشعيرية بالطريقة اليدوية فنّاً من الفنون الجميلة في الهند. وهو ليس خاصّاً بالمسلمين فحسب، وإنما تتقن صناعته أيضاً نساء الهندوس.
تجلس سيتا ديفي (45 سنة)، على كرسي خشبي مغطى بالطحين، وكانت تصنع الشعيرية خلال الثلاثين عاما الماضية أو نحوها. ومع التألق الذي لا تشوبه شائبة، فهي تحوّل العجين إلى شرائط ناعمة تشبه خصلات الشعر الأبيض الرقيقة، التي تتركها كي تجفّ على حبال الغسيل أو فروع الأشجار تحت أشعة الشمس، ثم تُخبز في الفرن وتعرض للبيع.
تقول ديفي: «إن مذاق الشعيرية اليدوية أفضل من الشعيرية الآلية بكثير. هذه نتركها لتجف تحت حرارة الشمس، فيما يُجفّفون الشعيرية الآلية بالمواقد الحرارية. والشعيرية الآلية رفيعة للغاية، أمّا المنزلية فتكون سميكة بعض الشيء وأفضل مذاقاً. ولا يمكن لأي أحد أن يصنعها في المنزل. وهناك اثنان من أولادها، بعيداً عن بقية أفراد البيت، يساعدونها في هذه الصناعة المنزلية».
وتضيف ديفي أنّ فن صناعة الشعيرية المنزلية هو من التقاليد العائلية الذي ينتقل من جيل إلى جيل. ولا يعرف أسرارها إلّا حفنة قليلة من بنات العائلات وأبنائها في كل منزل. وتابعت: «تعلمت جدتي هذا الفن من والدها وعلمته إلى والدي الذي علمه لأمي وهي نقلته لي ثم إلى إخوتي الخمسة». وتقول إن كثيراً من الزبائن المسلمين يطلبون كثيراً من الشعيرية قبل بداية شهر رمضان، وبعضهم يسأل عن نوعية الدقيق، والبعض ممّن يهتمون بصحتهم يطلبون صناعتها من القمح الكامل، والبعض يطلبها من السميد. ولدينا صناعة شبه كاملة بسبب أن الأعياد الدينية الهندوسية لديها أيضاً (الفينيان) وهي الشعيرية الحلوة والمالحة الخاصة بهم.
وعلى الرغم من تغير العادات والتقاليد وطوفان الشعيرية المصنعة آليّاً وقد غمرت البلاد، لا يزال الطلب على الشعيرية اليدوية مرتفعاً ولا تزال مطلوبة ومحتفظة بمكانتها في قلوب الناس، على الرّغم من ارتفاع أسعارها.
جاءت أمانة حسن خصيصاً إلى منزل إحدى النساء الشعبيات لشراء الشعيرية يدوية الصنع، بعد رحلة سفر استمرت ساعة ونصف الساعة، وهي تقول: «لقد اشتريتُ 20 علبة من اليدوية لأجل شهر رمضان. وسأرسل منها هدايا العيد إلى بناتي. إنّها من العادات القديمة التي يتميز بها مجتمعنا».
وقالت نورين ضياء: «في كل عيد أُعدّ الخورما بهذه الشعيرية الخاصة لعائلتي والأقارب والأصدقاء، لأن المصنعة آليّاً لا تمنحن اللون والشّكل المطلوب للأطباق التي أعدها لهم».
افتتحت مصانع صغيرة في المناطق السّكنية حيث تعمل النساء على صناعة المعكرونة الآلية وفق الوصفات التقليدية. وتبدأ السيدة روكسانا العمل في أحد المصانع المنزلية بعد صلاة الفجر مباشرة، ويجب عليها إنتاج أكثر من 1000 كيلوغرام في اليوم، ولقد استعانت ببعض العاملات من الحي حيث تقيم، لمعاونتها في ذلك. وهي تقول: «علينا التأكد من أنّ الشعيرية تخرج باللون المناسب إذ إن الناس لا يفضلونها داكنة». وهناك نوعان من الشعيرية تُنتجها النسوة: الشعيرية الثخينة والشعيرية الرفيعة. وتوضح روكسانا أنّه «علينا مواصلة تغيير القوالب في الماكينة مرّات كثيرة لصناعة نوعين من الشعيرية في كل يوم».



أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.