التعاقد مع إيمري... ثورة في آرسنال لم تخطر على البال

رحيل فينغر كان متوقعاً بعد بداية رائعة ونهاية حزينة في مسيرة استمرت 22 عاماً

إيمري وفينغر في مواجهة بين آرسنال وباريس سان جيرمان بدوري أبطال أوروبا في سبتمبر 2016 (أ.ف.ب)
إيمري وفينغر في مواجهة بين آرسنال وباريس سان جيرمان بدوري أبطال أوروبا في سبتمبر 2016 (أ.ف.ب)
TT

التعاقد مع إيمري... ثورة في آرسنال لم تخطر على البال

إيمري وفينغر في مواجهة بين آرسنال وباريس سان جيرمان بدوري أبطال أوروبا في سبتمبر 2016 (أ.ف.ب)
إيمري وفينغر في مواجهة بين آرسنال وباريس سان جيرمان بدوري أبطال أوروبا في سبتمبر 2016 (أ.ف.ب)

بدا من الواضح أن المدير الفني الجديد لنادي آرسنال، أوناي إيمري، يركز على الإيقاع السريع وحثّ لاعبيه على تقديم أفضل ما لديهم، حيث بدأ المدير الفني الإسباني يومه الأول مع «المدفعجية» بالاجتماع بلاعبيه وتوجيه التحية لهم، وكان من الواضح أنه يرغب في نقل الشعور بالحماس الشديد إلى اللاعبين. وفي الطابق العلوي من صالة المديرين بملعب الإمارات، حاول إيمري توضيح الأسباب التي جعلته يوافق على قيادة الفريق خلفاً للفرنسي آرسين فينغر. وكان من الواضح أن إيمري يعطي أهمية كبرى للتواصل مع لاعبيه بأفضل طريقة ممكنة.
وبدا من الواضح أيضاً أن إيمري سيكون شخصية مختلفة تماماً عن فينغر، وظهر ذلك من خلال الطريقة التي تحدث بها - بذل جهداً كبير للتعبير عن نفسه باللغة الإنجليزية بصوته الواضح - والطريقة التي ركز بها على بعض الأشياء التي يريد من الفريق القيام بها، وعينيه اللتين تتحركان لرؤية كل شيء في الغرفة في محاولة لعدم تفويت أي شيء. لقد كان فينغر أكثر ميلاً للتركيز على الجانب الذهني وتوجيه اللاعبين بدلاً من دفعهم للأمام، لكن الكاريزما التي يتمتع بها إيمري تنبع من كونه شخصية مفعمة بالحيوية والنشاط والحركة والتعامل المباشر.
وبدأ المدير الفني الإسباني في دراسة الشخصيات التي سيبدأ العمل معها خلال الصيف. ولا يشارك عدد كبير من لاعبي آرسنال مع منتخبات بلادهم في كأس العالم المقبلة، وهو ما يعني أنه لن يغيب عدد كبير من اللاعبين عن الفريق خلال الفترة المقبلة، ولذلك سيحاول إيمري قريباً أن يتواصل مع لاعبي الفريق من أجل توضيح الفلسفة التي سيعتمد عليها خلال الفترة المقبلة. وعلى الرغم من احترام إيمري لـ«حب الاستحواذ على الكرة» الذي يُعتبر جزءاً من تاريخ وإرث النادي، فإنه يؤكد أيضاً على أن أسلوبه المثالي في كرة القدم يركز على اللعب بكل قوة والضغط على الفريق المنافس.
ويعد هذا اختلافاً آخر بينه وبين فينغر الذي كان يركز على اللعب الجمالي، وسيكون من المثير الاهتمام أن نرى مدى السرعة التي يمكن لإيمري أن يغير بها طريقة لعب الفريق. وقال المدير الفني الإسباني: «أحب أن أستعيد الكرة في أسرع وقت ممكن، ويتوقف هذا الأمر على أمرين: الاستحواذ والضغط». وأضاف: «كرة القدم هي رياضة صعبة وتتطلب بذل الكثير من الجهد. ما نريد القيام به هو ألا نخاف من أي فريق، سواء هنا في الدوري الإنجليزي الممتاز أو في أوروبا، وهدفنا هو أن نكون من بين الأفضل وأن نفوز على أفضل الفرق. أنا من نوعية المديرين الفنيين الذين يعملون دائما بجد - ليس لأنني أقوم بذلك أفضل من أي شخص آخر ولكن لأن هذا هو ما اعتقد أنه أهم شيء». وتحدث إيمري عن الرغبة في أن يكون الأفضل دائما، مضيفاً: «أنا لم أرَ أي شيء يحصل عليه المرء مجاناً في كرة القدم». وبدا المدير الفني الإسباني البالغ من العمر 46 عاماً هادئاً وواثقاً في نفسه وفي قدراته، ومؤمناً بأنه يملك الخبرات التي تجعله يؤدي هذا العمل بشكل جيد. وعندما بدأ فينغر عمله في آرسنال (في نفس عمر إيمري الآن) وصف نفسه بأنه «مفعم بالأمل، ولديه إيمان كامل في قدراته»، وهو نفس الشيء الذي ركز عليه إيمري في بداية عمله مع الفريق. وكما كان تعيين آرسنال لفينغر مدرباً جديداً للفريق قبل 22 عاماً بمثابة ثورة في كرة القدم الإنجليزية لأنه كان من النادر آنذاك التعاقد مع مدير فني أجنبي للعمل مع فريق إنجليزي، فإن الإعلان عن التعاقد مع إيمري يعد بمثابة لمحة عن كيفية التغيير الهائل الذي طرأ على عالم كرة القدم، بعدما تعاقد النادي اللندني مع رجل قادم من بلاد الباسك إثر مقابلة معه من قبل فريق من مديري كرة القدم بآرسنال يضم شخصيات من جنوب أفريقيا وألمانيا وإسبانيا، لكي يعرضوا نتيجة اللقاء على مالك النادي الذي يحمل الجنسية الأميركية، لكي يعمل إيمري في استاد يحمل اسم شركة طيران شرق أوسطية في يوم وقع فيه النادي عقد رعاية قياسي مع رعاة من رواندا!
وقد أمسك إيمري بخيوط اللعبة كلها في يده، حيث دخل في مفاوضات مع مسؤولي آرسنال بينما كان لا يزال مسؤولاً عن باريس سان جيرمان، وحضر المقابلة الأولى مع مسؤولي آرسنال بعد يومين من المباراة النهائية لكأس فرنسا، وبينما كان يتبقى مباراتان لباريس سان جيرمان في الدوري الفرنسي.
وقد سارت الأمور بشكل جيد للغاية خلال الاجتماعات الثلاثة التي عقدها مع مسؤولي آرسنال، مما جعله الخيار الأول بإجماع الآراء. وسوف يعقد إيمري المزيد من الاجتماعات خلال الفترة المقبلة من أجل وضع الأسس لعمله مع النادي وشرح فلسفته فيما يتعلق بالتعاقدات الجديدة التي يعتزم إبرامها من أجل تدعيم صفوف الفريق. وفي ظل حديث المدير التنفيذي لآرسنال، إيفان غازيديس، عن هيكل جديد للنادي بمسؤولية مشتركة، فإن إيمري سيكون مسؤولاً بلا شك عن تحسين نتائج الفريق ووضعه على المسار الصحيح، بعد رحيل فينغر الذي عمل مع النادي لمدة 22 عاماً. لقد رحل فينغر على نحو كان متوقعاً بعد بداية رائعة حقق فيها بطولات ونهاية حزينة غابت عنها الألقاب في مسيرة استمرت 22 عاماً.



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».