ما الذي يجدر ترقبه من وزير الخارجية اليمني الجديد؟

TT

ما الذي يجدر ترقبه من وزير الخارجية اليمني الجديد؟

ما بين استراتيجية تفاوضية جديدة، وبين تحديات واسعة أبرزها وجود كادر دبلوماسي كبير ما زال في صنعاء، ووجود صراع خفي داخل أروقة الشرعية، والقصور السياسي، حامت أفكار معلقين على الشأن اليمني، ودبلوماسي مخضرم، استمزجت «الشرق الأوسط» آراءهم حول ما يجدر ترقبه من وزير الخارجية اليمني الجديد خالد اليماني، الذي لم يباشر بعد عمله رسمياً، ويترقب أن يبدأ مهامه وسط الأسبوع المقبل بعد أداء اليمين الدستورية.
يقول مصطفى نعمان، الوكيل الأسبق للخارجية اليمنية، «إن الوزير الجديد سيواجه صعوبات كبيرة، أغلبها إدارية، بسبب تشتت الجهاز الدبلوماسي بين عدة مراكز. الأكثر تعقيداً هو وجود أغلبية الكادر الدبلوماسي المحترف داخل صنعاء بحكم استحالة نقلهم إلى أي مكان، بعيداً عن سلطة الحوثيين، لكن الأخ خالد دبلوماسي منذ بدايات عمله في الدولة ويعلم عن أدق تفاصيل الوزارة الكثير، ويستطيع إن أتيحت له الفرصة استعادة ولو جزء من مكانة الوزارة في تسيير أمورها وأمور البعثات، هذا بالطبع مرتبط بالموارد المالية واستقلالية قرار الوزارة الإداري على الأقل»، ويضيف نعمان: «بالنسبة للشق المتعلق بالسياسة الخارجية، فأي وزير خارجية هو مرآة لأوضاع بلاده ومعبر عن سياسة تضعها الحكومة. أي لا مجال للاجتهاد أو التوهم بأن الوزير - أي وزير - قادر على صنع ما عجز عنه سابقوه»، متمنياً له التوفيق.
من ناحيته، يقول الباحث السياسي البحريني في مركز «سمت» للدراسات عبد الله الجنيد، إنه «رغم أن الإبهام ما زال يحيط بأسباب إقالة عبد الملك المخلافي، إلا أن التعيين يشير إلى حالة عدم استقرار على توافقات قابلة للاستدامة في قمة الهيكل السياسي للدولة». ويضيف: «سرعة تعيين خالد اليماني في منصب وزير الخارجية تشي بأن القيادة الشرعية مهمومة بنقل رسائل داخلية أكثر منها خارجية، لكن من الواضح أننا سوف نشهد بروزاً أكثر لمراكز القوى المتصارعة في الخفاء الآن مع انتهاء العمليات العسكرية وتطهير الحديدة».
ويعتقد الكاتب اليمني هاني مسهور أن اليماني يعتبر «من الجيل السياسي الجديد الذي برز في السنوات الخمس الأخيرة. ويحسب لتجربة اليماني احتكاكه بشخصيات سياسية مؤثرة منها المندوب السعودي الدائم في الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، واحد من مهندسي القرار 2216، وكذلك المندوبة الأميركية نيكي هيلي، وغيرهما من الشخصيات. هذا الاحتكاك يمكن النظر له في تطور أداء خالد اليماني في العديد من جلسات مجلس الأمن الدولي»، مضيفاً أن ما يراه «قصوراً سياسياً» كان واحداً من أكثر الملفات التي عانى منها الملف اليمني، والحديث لمسهور: «لطالما اعتبرنا التجربة الكويتية بعد غزو العراق في 1990 وأداء الشيخ صباح الأحمد الذي كان يشغل منصب وزير خارجية الكويت هي التجربة الأفضل الذي يجب أن تعمل عليها الدبلوماسية اليمنية، بفتح قنوات اتصال واسعة مع مختلف القوى الدولية لشرح ما يمكن أن تساهم فيه دول العالم لاستعادة الشرعية وكشف انتهاكات الحوثيين تجاه المدنيين واعتدائهم على دول الجوار»، وزاد أن الدبلوماسية اليمنية لها تاريخ عريق مثَّلها طويلاً عبد الكريم الإرياني الذي عرفت له مواقفه برغم ما كان يعاني منه اليمن سياسياً واقتصادياً، وهذا ما على خالد اليماني أن يتمتع به من خلال شخصيته الذاتية، وأن يقدم اليمن للمجتمع الدولي بشكل مؤثر، حتى في التعاطي مع العملية السياسية للسلام، فالمطلوب هو المناورة السياسية مع تمكين تحقيق هدف إسقاط الانقلاب وعودة الشرعية.
وبدوره، يعتقد الصحافي السعودي المهتم بالشأن اليمني نايف الراجحي، أن اليماني يواجه تحدياً كبيراً بعد تسلمه منصبه الحالي في مرحلة حاسمة من مراحل استعادة الشرعية في اليمن. ويتمثل التحدي، الذي يتحدث عنه الراجحي، في ضرورة أن يعكس تقدم القوات الموالية للشرعية على الأرض، بمشاركة قوات موالية للرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، تحقيق مكاسب موازية على المستوى الدبلوماسي.
وأشار الراجحي إلى أن الوضع الراهن مواتٍ جداً للدبلوماسية اليمنية لإطلاق حراك دبلوماسي نشط تجاه جميع القوى الدولية والإقليمية، لا سيما بعد الإجراءات القوية والحازمة التي اتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد إيران و«حزب الله» اللبناني، الداعمين الرئيسين للانقلابيين الحوثيين، التي كان التدخل الإيراني في اليمن بتزويد الانقلابيين بالصواريخ الباليستية وغيرها من الأسلحة من أبرز مبرراتها.
ورأى في هذا الصدد أن الخارجية اليمنية بحاجة إلى تنشيط سفاراتها في الخارج للتواصل مع القوى السياسية والمنظمات الدولية والهيئات الحقوقية والإنسانية الدولية ووسائل الإعلام العالمية، لنقل صورة أكثر وضوحاً ودقةً عن واقع الانقلاب على الشرعية، ودور التحالف العربي في دعم الحكومة الشرعية.
وأضاف الراجحي: «على الدبلوماسية اليمنية في المقابل أن تفضح بجلاء الدور التخريبي لإيران وحلفائها بدعمها الانقلابيين، الذي أدى إلى إطالة أمد الصراع، وإلحاق الضرر بالشعب اليمني، فضلاً عن فضح سوء إدارة الانقلابيين لمناطق سيطرتهم، وتسخيرهم موارد الدولة في دعم ميليشياتهم المسلحة»، مشيراً إلى ضرورة الاستفادة من هذه المتغيرات في إعداد استراتيجية تفاوضية جديدة تدخل بها الحكومة الشرعية أي مفاوضات محتملة مع الانقلابيين في الفترة المقبلة.


مقالات ذات صلة

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)

وزير الدفاع الإيراني في دمشق لبحث «قضايا الأمن والدفاع»

لقاء وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده والرئيس السوري بشار الأسد (سانا)
لقاء وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده والرئيس السوري بشار الأسد (سانا)
TT

وزير الدفاع الإيراني في دمشق لبحث «قضايا الأمن والدفاع»

لقاء وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده والرئيس السوري بشار الأسد (سانا)
لقاء وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده والرئيس السوري بشار الأسد (سانا)

في الوقت الذي يتزايد فيه الحديث عن مساعٍ دولية لتحجيم الدور الإيراني في سوريا، ومع اشتداد حدة الضربات الإسرائيلية على دمشق، نشطت زيارة المسؤولين الإيرانيين إلى العاصمة السورية.

فبعد أقل من يومين على حمل كبير مستشاري المرشد الإيراني علي لاريجاني رسالة للرئيس السوري بشار الأسد من المرشد علي خامنئي، بالتزامن مع غارات إسرائيلية على دمشق وريفها، استهدفت قياديين في حركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية، وضربات في حي المزة وضاحية قدسيا، وموقعاً في محيط مطار المزة العسكري، لم تكشف أسباب استهدافه، بدأ وزير الدفاع الإيراني العميد عزيز نصير زاده زيارة إلى دمشق يوم السبت للقاء عدد من المسؤولين السياسيين والعسكريين السوريين؛ تلبية لدعوة وزير الدفاع السوري علي محمود عباس.

وقال بيان رئاسي سوري مقتضب إن الوزير الإيراني والوفد المرافق التقى، الأحد، الرئيس السوري بشار الأسد، وجرى بحث «قضايا تتعلق بالدفاع والأمن في المنطقة، وتعزيز التعاون بين البلدين لمواجهة الإرهاب وتفكيك بنيته بما يخدم استقرار المنطقة وأمنها». وأكد الأسد -وفق البيان- أن «القضاء على الإرهاب مسؤولية إقليمية ودولية، لأن أخطاره تهدد شعوب العالم كله».

ونقلت وسائل الإعلام الرسمية أن مباحثات وزير الدفاع الإيراني والوفد الرسمي الذي يرافقه مع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين ستشمل «آخر المستجدات في المنطقة بشكل عام، وتعزيز التنسيق والتعاون بين الجيشين الصديقين، بما يسهم في مواصلة محاربة الإرهاب، وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة».

لقاء وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده والرئيس السوري بشار الأسد (سانا)

مساعٍ روسية

وربط متابعون في دمشق بين زيارات المسؤولين الإيرانيين إلى دمشق وتزايد مساعي موسكو في دفع مسار تقارب دمشق مع محيطها العربي، وتحييدها عن معركة إسرائيل مع «حزب الله» و«حماس» لتجنب توسع الحرب، وقالت مصادر متابعة لـ«الشرق الأوسط» إنه من الصعب فك ارتباط دمشق بمحور «المقاومة» أو تحجيم الوجود الإيراني في سوريا؛ حيث ترتبط دمشق بطهران عبر عدد من اتفاقيات التعاون والتعاون الاستراتيجي طويل الأمد.

وأفادت وكالة «مهر» الإيرانية في وقت سابق بأن الوزير الإيراني عزيز نصير زاده التقى، صباح الأحد في دمشق، نظيره السوري، كما التقى أيضاً رئيس الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة السورية عبد الكريم محمود إبراهيم.

ونقلت «مهر» عن وزير الدفاع الإيراني إشارته إلى أن سوريا لديها «مكانة استراتيجية» في السياسة الخارجية لبلاده، وقال إنه سيبحث مع المسؤولين السياسيين والعسكريين عدة مسائل مشتركة في مجال الدفاع والأمن، لتوسيع وتطوير العلاقات في هذا المجال بين البلدين، مؤكداً أنه «بناءً على توصيات قائد الثورة الإسلامية، مستعدون لتقديم كل وسائل الدعم لسوريا الصديقة».

ووفق الوكالة الإيرانية، بحث نصير زاده في دمشق «تعزيز وتوطيد العلاقات الدفاعية الثنائية، والدور المركزي لدول المنطقة في توفير الأمن، وضرورة سحب القوات الأجنبية، ومواصلة التعاون الثنائي لمواجهة مختلف أشكال الإرهاب، فضلاً عن دراسة التطورات في المنطقة وجبهة المقاومة».

قوات أمن سورية في موقع غارة إسرائيلية استهدفت حي المزة في دمشق (إ.ب.أ)

رسالة لاريجاني

وتأتي زيارة وزير الدفاع الإيراني إلى دمشق بعد يومين من نقل كبير مستشاري المرشد الإيراني علي لاريجاني رسالة من المرشد علي خامنئي إلى الرئيس بشار الأسد، قالت مصادر إعلامية سورية إنها رسالة خاصة تتعلق بتنسيق عالي المستوى على الصعيد العسكري، بعد تصاعد الاستهدافات الإسرائيلية، كما نقل تلفزيون «الميادين» اللبناني عن لاريجاني، قوله خلال زيارته بيروت بعد دمشق، إنه حمل رسالتين إحداهما للرئيس السوري، والأخرى لرئيس مجلس النواب اللبناني.

وأكد لاريجاني أن الرسالتين من خامنئي شخصياً، مشيراً إلى أن بلاده «ستدعم أي قرار تتخذه (المقاومة) حول مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل»، وفقاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

وكان لافتاً تنفيذ إسرائيل سلسلة ضربات في دمشق وريفها، بالتزامن مع زيارة لاريجاني، استهدفت مبنيين في حي المزة ومبنى آخر في ضاحية قدسيا بريف دمشق، كما تم استهداف محيط مطار المزة العسكري، ومعبر غير شرعي على الحدود السورية - اللبنانية في منطقة الزبداني - سرغايا. وقوبل ذلك بصمت رسمي وإعلامي، في حين لم تُكشف أي تفاصيل عن الهجومين الأخيرين.

وأوقعت غارتا يوم الخميس الماضي خسائر كبيرة في الأرواح؛ إذ قتل نحو 15 شخصاً بينهم أطفال ونساء، وأصيب أكثر من 16 آخرين في المزة، في حين نعت حركة «الجهاد الإسلامي»، السبت، القيادي عبد العزيز الميناوي، عضو المكتب السياسي في الحركة، ورسمي يوسف أبو عيسى، مسؤول العلاقات العربية مع «ثلة من كوادر الحركة، إثر الاستهداف الإسرائيلي لمكاتب مدنية وشقق سكنية، وجرى إخراج جثمانيهما من تحت الأنقاض فجر السبت»، وفق بيان النعي.