فستان زفاف ماركل... يثير جدلاً ويقسم الآراء

يعكس تغيرات العصر أم مغرق في البساطة إلى حد الملل؟

TT

فستان زفاف ماركل... يثير جدلاً ويقسم الآراء

تكلف فستان زفاف ميغان ماركل ما لا يقل عن 200.000 جنيه إسترليني، وصممته «جيفنشي»، دار فرنسية عريقة ارتبطت بالنجمة الرقيقة والأنيقة أودري هيبورن، ومع ذلك لا يزال يثير جدلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي. فقد قسم الناس بين معجب وبين من قال إنه ممل، ولا يحمل جديداً، بل ومن اتهم المصممة باستنساخه من تصميم ظهرت به أميرة الدنمارك ماري لدى زواجها من الأمير فريدريك في عام 2004.
لم ينجح حتى الأمير هاري، الذي لم يقاوم تأثره وهو يراها فيه لأول مرة قائلاً: «إنك تبدين رائعة»، أن يُبدد هذا الرأي ويُقنعهم بالعكس. بمجرد أن ظهرت به اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي. وجاء في إحدى التغريدات أن «فستان ميغان ماركل كان نسخة رديئة عن فستان الأميرة ماري... فهو غير جديد ولا يضفي عليها الجمال، كما أنه لم يكن على مقاسها بشكل جيد». هذه الشريحة تتساءل كيف حصل هذا رغم أنه فستان من المفترض أنه فُصل على مقاسها.
في خضم كل هذا الجدل، فإن المؤكد أن ماركل تعرف تماماً ما يرمز له الفستان ومدى أهميته. فعدا أنه سيبقى في الذاكرة وسجل الموضة إلى الأبد، هو أيضاً واحد من أهم عناصر الجذب في الأعراس الملكية، بدليل التكهنات والرهانات التي تسبق ظهور أي عروس بأسابيع إن لم نقل أشهراً. ونظراً لأهمية الفستان، لن نبالغ إذا قلنا أن بعض المصممين يسربون أسماءهم عن قصد على أساس أن الخيار رسا عليهم أملاً في جني دعاية مجانية تُعرف العالم بهم وبأعمالهم. هذه المرة، ورغم كل التكهنات والرهانات لم يخطر اسم «جيفنشي» على البال ولا مرة، ربما لأن كلير وايت كيلر مصممة لا تحب إثارة الأنظار.
المشكلة التي أثارت حفيظة من لم يعجبهم التصميم، أنه لم يتوفر أولاً على عنصر أساسي في قانون الـ«هوت كوتير»، ألا وهو أن يكون مفصلاً على الجسم، وثانياً لم تدخل به أي تطريزات تميزه عن أي فستان جاهز، وقد يكلف 10 في المائة فقط من 200.000 جنيه إسترليني.
المعجبون في المقابل قالوا إنه كان خياراً موفقاً. فالفخامة ليست هي ما تميز الـ«هوت كوتير»، بل الأناقة والراحة، والأهم من كل هذا أن يعكس شخصية صاحبته، ويُشعرها بالثقة والسعادة، وهو ما كان واضحاً على ملامح ومشية ميغان ماركل يوم السبت الماضي. فعندما أبدى الأمير إعجابه بها، كان ردها بكل ببساطة ابتسامة مفعمة بالثقة. ففي حين أن ماركل تُجسد بالنسبة للعديد من الناس نُسخة حديثة ومعاصرة من قصة «سندريلا»، يبدو واضحاً من جهتها أنها لم تكن تريد أن تلعب على هذه النقطة باختيار فستان «سندريلا» بتنورته المستديرة الواسعة وكشاكشه التي تحمل بين طياتها وزخرفاتها الكثير من الفانتازيا والخيال. في المقابل اختارت فستاناً منحوتاً منحها حرية الحركة، وجعلها مركز الجذب الأول والأخير. فبالنهاية هي التي أضفت عليه الجمال والرومانسية وليس العكس.
أما ما افتقده من تطريز وتفاصيل، فعوضت عنه الطرحة. كانت حالمة ورومانسية ومطرزة برموز سياسية وشخصية على حد سواء. الطرحة كانت الوحيدة، إلى جانب المجوهرات، التي أجمع الكل أنها كانت موفقة ولا نقاش عليها. استعملت فيها المصممة 5 أمتار من حرير التول وطرزتها بشعارات 53 دولة من «الكومونولث» على هيئة زهور ونباتات. كما استُلهم بعضها أيضاً من ورود تنبت في قصر كينسغتون كلفْتَةٍ للراحلة ديانا، وبعضها الآخر في لوس أنجليس، مسقط رأس ميغان ماركل.
ما يؤكد عليه المدافعون عن الفستان أيضاً، أن ميغان كانت متألقة فيه، وهذا يكفي، فضلاً عن أنها كانت مرتاحة فيه وهو ما تقدر ميغان أهميته جيداً، بحكم أنها ليست المرة الأولى التي تخوض فيها تجربة الزواج، وتلبس فيها فستان زفاف. باختيارها تصميماً عصرياً حداثياً، ومن تصميم امرأة، له دلالاته أيضاً، فهي كمن تحتفل ولو بشكل غير مباشر، بالمرأة العصرية المستقلة، لا سيما أنها لم تستعن بكلير وايت كيلر فحسب، بل ارتدت في حفل المساء فستاناً لا يقل جمالاً بتوقيع ستيلا ماكارتني. مصممة بريطانية أخرى معروفة بتبنيها القضايا الاجتماعية من حماية الحيوانات إلى الموضة المستدامة.
وحسب بيان صادر من القصر، فإن ماركل التقت المصممة كلير وايت كيلر أول مرة في بداية 2018، وعملت الاثنتان معاً للحصول على تصميم يعكس شخصية العروس. ورغم أن اسم كيلر لم يخطر على بال أحد، فإن اختيارها له ما يُبرره. فهي بريطانية متزوجة من أميركي من جهة، كما أنها أول امرأة تدخل دار «جيفنشي» كمصممة فنية من جهة ثانية. تشكيلتها الأخيرة أكدت أنها قادرة على جمع الذوقين البريطاني والفرنسي برقي، وأن أسلوبها هادئ بالمقارنة مع غيرها من المصممين، بمن فيهم الإيطالي ريكاردو تيشي، الذي خلفته في الدار، والذي سبق وصمم فستان زفاف كيم كردشيان في عام 2011. طبعاً هناك فرق كبير بين التصميمين رغم أنهما يحملان توقيع الدار نفسها. بعد تسلمها المشعل منه، غاصت كيلر في أرشيف الدار، ودرست أسلوب المؤسس هيبار جيفنشي. وكانت النتيجة تشكيلة راقية قدمتها في باريس في شهر فبراير (شباط) الماضي، وأعادت فيها إلى الأذهان صور زبونات الدار من مثيلات جاكلين كينيدي، وغرايس كيلي، وطبعاً أودري هيبورن، التي قالت في العديد من المناسبات إن تصاميم السيد جيفنشي تمنحها الكثير من «الأمان والثقة... إنها تحميني في بعض المواقف الغريبة التي أتعرض لها أحياناً». وهذا ما أرادت ميغان ماركل أن تشعر به حتماً في يوم عرسها، خصوصاً أن مراسيمه تمت على مرأى العالم أجمع. من هذا المنظور، كان لا بد أن يجمع تصميم الفستان التقاليد العريقة بالمعاصرة، والأناقة الراقية بالعملية حتى يتيح لها حرية الحركة. وهذا ما ناقشته كل من المصممة والعروس منذ البداية، من طول الأكمام، ثلاث أرباع، إلى ذيل الفستان مروراً بالياقة. في المساء من اليوم نفسه، فاجأت المهتمين بفستان آخر لا يقل إثارة. كان أكثر أنوثة ورقة، ويستحضر جمال نجمات هوليوود في الخمسينات من القرن الماضي بكل تفاصيله. صحيح أنه يستحضر مارلين مونرو أكثر من أودري هيبورن، ملهمة الراحل هيبار جيفنشي، إلا أنه لم يكن جريئاً إلى حد كسر الأعراف والتقاليد.
ومع أنه يعتبر جزءاً من القصة التي تابعنا أحداثها في الأسبوع الماضي، فإن السبق سيبقى لكلير وايت كيلر، التي دخلت تاريخ الموضة من باب فساتين الزفاف الملكية، بغض النظر عما إذا كانت تفوقت ووفِقَت أم لا. ففي آخر المطاف، يبقى السؤال الأهم ليس عن جمال التصميم بقدر ما هو تأثيره على العروس. ببساطته ومخالفته لكل التوقعات، نجح في تسليط الضوء على شخصية ماركل كما في تغيير بعض ملامح المؤسسة البريطانية. على الأقل أكد أنها، أي ماركل، ليست من النوع التي يساير التيار، مثل كنتها دوقة كامبريدج، كيت ميدلتون. فهي تعرف ما تريد وتعمل بنعومة لتحقيقه حسب هواها. والدليل أنها امتلكت حفل الزفاف إلى حد الشعور بأن الكل كانوا مجرد ضيوف لديها. السبب أنها فرضت رأيها على الكثير من تفاصيله، بدءاً من اختيارها قسيساً أميركياً أسود ألقى كلمة عن الحب بطريقة جديدة لم يتعود عليها البريطانيون من قبل، وفرقة إنجيلية غنت أغنية «ستاند باي مي» إلى كل غرزة في الفستان. كان من الضروري إرضاء الناس لأن الحدث ليس عادياً، والعائلة المالكة البريطانية عوَّدت الناس أن تكون حفلاتها وأعراسها مسرحية وضخمة، إلا أنها أيضاً أرضت نفسها باختيار ما يناسبها من دون أن تحاول التشبه بغيرها. حتى بساطة فستانها كانت إشارة إلى التغيير الذي ظهرت بوادره على المؤسسة البريطانية منذ إعلان خطوبتها على الأمير هاري.


مقالات ذات صلة

بقناصة ورشاش... شاهد الأمير ويليام يجري تدريبات عسكرية مع الحرس الويلزي

أوروبا الأمير ويليام يصوب باتجاه الهدف من بندقية قناصة (إكس)

بقناصة ورشاش... شاهد الأمير ويليام يجري تدريبات عسكرية مع الحرس الويلزي

انضم ويليام، أمير ويلز، إلى تدريب إطلاق الذخيرة الحية مع الحرس الويلزي، مرتدياً زيه العسكري و«البيريه».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سيغلق قصر باكنغهام أبوابه أمام الزيارات الرسمية (موقع باكنغهام)

قصر باكنغهام يخضع لعملية تجديد بتكلفة 369 مليون جنيه إسترليني

سيغلق قصر باكنغهام أبوابه أمام الزيارات الرسمية لمدة ثلاث سنوات، يخضع خلالها القصر التاريخي لعملية تجديد ضخمة بتكلفة 369 مليون جنيه إسترليني.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأمير ويليام خلال تسجيل أول فيديو عبر منصة «تيك توك» (اندبندنت)

حاور طالبة تأخرت عن محاضرتها... الأمير ويليام يقتحم عالم «تيك توك» (فيديو)

ظهر الأمير ويليام لأول مرة على تطبيق «تيك توك» خلال زيارة إلى مركز حرم مدينة بلفاست.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الملك البريطاني تشارلز يلوّح بقبعته (أ.ف.ب)

بعيده الـ76... الملك تشارلز يحتفل عبر افتتاح مركزين لتوزيع الطعام

يحتفل الملك تشارلز ملك بريطانيا، اليوم (الخميس)، بعيد ميلاده السادس والسبعين بافتتاح مركزين لتوزيع الإمدادات الغذائية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الرياض تستعد لرحلة في أساطير ألف ليلة مع المصمم العالمي إيلي صعب

إيلي صعب (رويترز)
إيلي صعب (رويترز)
TT

الرياض تستعد لرحلة في أساطير ألف ليلة مع المصمم العالمي إيلي صعب

إيلي صعب (رويترز)
إيلي صعب (رويترز)

حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع لنجوم عرب توافدوا على الرياض لحضور عرض أزياء استثنائي للمصمم اللبناني العالمي إيلي صعب ونشرت صفحة المصمم على «إنستغرام» لقطات من حفل العشاء الذي أقيم الليلة الماضية وحضره العديد من النجوم، منهم النجمة يسرا وكنده علوش وأمينة خليل وسلافة معمار وسيرين عبد النور وهند صبري وماريتا ودانا الحلاني وأندريا طايع، ومن المتوقع أن تغني نانسي عجرم وعمرو دياب وأسماء كبيرة من النجوم العالميين لم تتأكد أسماؤهم بعد، ولكن الجمهور سيشاهد كل التفاصيل عبر البث المباشر للعرض على منصة المصمم على «إنستغرام» وغيرها من المنصات العربية.

ويتوقع الجميع أن يتحول عرض إيلي صعب ضمن موسم الرياض 2024 إلى احتفالية بمسيرة عمرها 45 عاماً لمصمم وضع الموضة العربية على قائمة الخريطة العالمية فاتحاً الأبواب للعديد من المصممين الشباب. بعنوان «1001 موسم من إيلي صعب» خلال موسم الرياض 2024، سيشمل العرض الضخم، عروضاً ترفيهية وموسيقية حية على الهواء. فمنذ أن تم التوقيع على الشراكة بين المصمم ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه المستشار تركي آل الشيخ، وبالتنسيق مع وزارة الثقافة ممثلة بهيئة الأزياء، بالتوقيع على مذكرة التعاون، والنية كانت تنظيم حدث يتكلم عنه كل العالم، ويتجاوز كونه مجرد عرض أزياء ضخم إلى ليلة لا تنسى تحتفل بمدينة الرياض بوصفها حاضنة للفنون كما لصناعة الأزياء.

من أحد عروض المصمم العالمي إيلي صعب (رويترز)

من المتوقع أن يبدأ العرض في الساعة 8 مساءً في «ذا ڤينيو»، إحدى المناطق الجديدة في موسم الرياض. وقد تعاون المصمم مع أشهر الخبراء الإبداعيين من جميع أنحاء العالم لتنسيق مجموعة من العروض الفنية وعروض الأداء والموسيقى ليدخل الحضور تجربة غامرة لا مثيل لها. كان واضحاً أنه أراد أن يحتفل العرض بعالم الأزياء، كما برؤية المملكة لتطوير صناعة الأزياء، وتعزيز مكانة الرياض بصفتها وجهة عالمية للفخامة والإبداع واستضافة أكبر الفعاليات التي تجمع بين التراث الأصيل والتوجهات العصرية. كما تساهم الفعالية في تعزيز جهود المملكة في تنويع مصادر الاقتصاد من خلال دعم قطاعي الترفيه والأزياء.

ثم لا ننسى أن لتزامن إطلاق مجموعة إيلي صعب لخريف وشتاء 2025، مع مرور 45 عاماً على بدايته دوراً كبيراً في طريقة تنظيم هذا الحدث، أو بالأحرى تقديمه، وكأنه رحلة عابرة للمواسم، استوحيت تفاصيلها من عالم ألف ليلة وليلة، حيث تعيد تقديم الحكايات وقصص الأساطير بلمسة عصرية تبرز براعته في سرد القصص بلغته الخاصة.