«مجموعة السبع» تندد بانتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا

واشنطن تلوّح بعقوبات أخرى وفرض حظر نفطي قد تكون عواقبه مدمرة

مبنى السفارة الأميركية في كراكاس التي يغيب عنها السفير من 2010 (أ.ف.ب)
مبنى السفارة الأميركية في كراكاس التي يغيب عنها السفير من 2010 (أ.ف.ب)
TT

«مجموعة السبع» تندد بانتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا

مبنى السفارة الأميركية في كراكاس التي يغيب عنها السفير من 2010 (أ.ف.ب)
مبنى السفارة الأميركية في كراكاس التي يغيب عنها السفير من 2010 (أ.ف.ب)

طالب قادة الدول الصناعية السبع حكومة رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو بـ«إعادة الديمقراطية الدستورية»؛ ما يتيح إجراء «انتخابات حرة وعادلة». ورفض رؤساء الدول والحكومات في المجموعة بالإجماع أمس (الأربعاء) نتيجة الانتخابات الرئاسية. وندد قادة الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، وإيطاليا، واليابان، وكندا في بيان أصدرته كندا التي تتولى رئاسة المجموعة بالانتخابات و«نتيجتها ما دامت لا تمثل الإرادة الديمقراطية للمواطنين الفنزويليين». وأضافوا: إن «حكومة فنزويلا فوّتت فرصة إجراء تصحيح سياسي ملح». وقالت المجموعة «نحن متضامنون مع شعب فنزويلا، وندعو نظام مادورو إلى إعادة الديمقراطية الدستورية لفنزويلا، وضمان إجراء انتخابات حرة وعادلة تعكس فعلياً الإرادة الديمقراطية للشعب»، داعية أيضاً إلى «الإفراج فوراً عن جميع السجناء السياسيين».
وفاز الاشتراكي مادورو في الانتخابات الرئاسية الأحد بـ68 في المائة من الأصوات مع نسبة امتناع بلغت 54 في المائة وفي ظل مقاطعة المعارضة. وأكدت المجموعة «عزمها على تشجيع عملية سلمية تفاوضية وديمقراطية» و«دعم الشعب الفنزويلي عبر المساعدة الإنسانية». وتعقد مجموعة السبع قمتها المقبلة في الثامن والتاسع من يونيو (حزيران) في كيبيك.
وأشار القادة إلى «تداعيات» ذلك على الدول المجاورة لفنزويلا، وخصوصاً «تنامي نزوح» الفنزويليين. وتواجه فنزويلا كارثة، ففيما كانت أغنى بلد في أميركا اللاتينية بفضل احتياطاتها النفطية الهائلة، باتت تكافح التضخم الكبير والنقص الحاد للمواد الغذائية والأدوية. وقد دفعت الأزمة حتى الآن مئات آلاف الفنزويليين على مغادرة البلاد إلى الخارج. وتفيد تقديرات بأن 400 ألف إلى 500 ألف شخص غادروا هذا البلد في العامين الأخيرين. لكن مادورو يؤكد أن السبب هو «الحرب الاقتصادية لليمين» المدعوم من واشنطن. ووعد بـ«ثورة اقتصادية» تؤدي إلى الازدهار خلال ولايته الثانية.
وعلى صعيد متصل، أعلنت واشنطن أنها قد تتخذ تدابير انتقامية جديدة بعد قرار مادورو طرد أرفع ممثلين لها في كراكاس، رداً على العقوبات الأميركية الأخيرة. وأعلنت كراكاس القائم بأعمال الولايات المتحدة تود روبنسون شخصاً غير مرغوب فيه، وأنه سيغادر خلال 48 ساعة. كما أعلن مادورو طرد المسؤول الثاني في البعثة الدبلوماسية الأميركية براين نارانجو، الذي اتهمه بأنه يمثل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في كراكاس. وليس هناك تمثيل دبلوماسي على مستوى السفراء بين البلدين منذ 2010.
ويرد مادورو بهذا القرار على مرسوم وقعه نظيره الأميركي دونالد ترمب الاثنين، للحد من قدرة كراكاس على بيع أصولها. إلا أن واشنطن يمكن ألا تكتفي بذلك. فقد قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة يمكن أن تتخذ «تدابير مماثلة ملائمة» عندما «نتسلم التبليغ من الحكومة الفنزويلية عبر القنوات الدبلوماسية».
النتائج المعلنة التي وصفها الأميركيون بأنها «مهزلة»، رفضتها أيضاً مجموعة ليما المؤلفة من 14 بلداً أميركاً، ومن الكاريبي التي تضم الأرجنتين، والبرازيل، وكندا، وكولومبيا، والمكسيك. واستدعت هذه الدول منذ الاثنين سفراءها في فنزويلا.
ورفعت بروكسل أيضاً نبرتها الثلاثاء. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في بيان، إن «الاتحاد الأوروبي ينظر في (فرض) عقوبات»، منددة بـ«تجاوزات كثيرة تخللت يوم الانتخابات بما فيها شراء أصوات». وسجن القضاء العسكري الفنزويلي الثلاثاء أحد عشر ضابطا من القوات المسلحة الفنزويلية، بتهمة التآمر للقيام بتحركات تسيء إلى استقرار عهد الرئيس مادورو.
وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت محامية منظمة فورو بينال غير الحكومية للدفاع عن حقوق الإنسان، ماريا توريس، إنهم اتُهموا «بالتمرد والتحريض على التمرد، وبجرائم ضد الانضباط العسكري وخيانة الأمة». وأعلنت منظمة جوستيسيا فينيزولانا غير الحكومية، أن 92 عسكرياً قد أوقفوا منذ 2003 بتهمة التآمر، منهم 34 في 2018.
من جهة أخرى، اتخذ «تدبير عقابي إداري» الثلاثاء في حق موقع صحيفة «آل ناسيونال» الفنزويلية اليومية المرموقة؛ لأن مديرها تحدث عن «انتقام سياسي». فقد أمرت اللجنة الوطنية للاتصالات موقع الصحيفة «بالامتناع عن نشر أخبار يمكن أن تهدد طمأنينة المواطنين واستقرارهم». وانتقدت النقابة الوطنية للعاملين في الصحافة تصعيد «هجومات» الحكومة ضد وسائل الإعلام، منددة «بسياسة منهجية لخنق فضاءات حرية التعبير والنقد والمعارضة ومصادرتها».
وذكرت منظمة «اسباسيو بوبليكو» غير الحكومية، أن 51 وسيلة إعلامية قد توقفت عن العمل في فنزويلا العام الماضي (46 محطة إذاعية وثلاث محطات تلفزيون وصحيفتان) بسبب العقوبات والمشكلات الاقتصادية ونقص الورق واحتكار الدولة.
واعتبر المحلل دييغو مويا - اوكامبوس من مركز «آي إتش إس ماركيت» البريطاني، أن «ما يلوح في الأفق هو مزيد من العزلة الدبلوماسية والتجارية ومزيد من الصعوبات للوصول إلى الاعتمادات والتمويل». وتلوح الولايات المتحدة بفرض حظر نفطي يمكن أن تكون عواقبه مدمرة على فنزويلا التي تبيعها ثلث نفطها الخام، وأدرجتها وكالات التصنيف الائتماني في خانة العجز عن السداد الجزئي.
وقال خبير العلاقات الدولية، كارلوس روميرو، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «فنزويلا بدأت تتعرض لمقاطعة اقتصادية من الولايات المتحدة وحلفائها، وهذا سيكون مؤلماً لبقاء النظام».
ومساء الثلاثاء، أعلنت «أسيركا» إحدى أبرز الشركات الجوية في البلاد، وقف نشاطاتها بعد ثلاثة أسابيع على وقف شركة «سانتا بربارا»، إثر قائمة طويلة من الشركات الدولية التي توقفت عن العمل في فنزويلا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».