جدل في تونس حول ملفات حقوقية

TT

جدل في تونس حول ملفات حقوقية

طلبت الحكومة التونسية من هيئة الحقيقة والكرامة تسليم أرشيفها، الذي جمعته خلال أربع سنوات من عملها إلى مؤسسة الأرشيف الوطني (مؤسسة حكومية)، وفق ما ينص عليه الفصل 68 من قانون العدالة الانتقالية، وتسليم تقريريها الإداري والمالي إلى الرئاسات الثلاث (رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان)، مع نهاية شهر مايو (أيار) الحالي، تاريخ نهاية مدة السنوات الأربع المخصصة لعمل هذه الهيئة المكلفة مسار العدالة الانتقالية.
ومن المنتظر أن تستأنف كل الأطراف المتابعة لمسار العدالة الانتقالية النقاشات الحادة، التي انطلقت مع إقرار هيئة الحقيقة والكرامة، والتمديد في عملها إلى نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وفي هذا الصدد، قال عادل المعيزي، رئيس لجنة حفظ الذاكرة الوطنية بهيئة الحقيقة والكرامة، إن الهيئة راسلت رئاسة الحكومة لنشر قرار التمديد في عمل الهيئة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية. غير أن الحكومة اعتذرت عن النشر نظراً لورود مراسلة سابقة من رئاسة البرلمان على خلفية التصويت، الذي جرى في 26 من مارس (آذار) الماضي، والذي أقر بعدم التمديد في عمل الهيئة.
وأوضح المعيزي أن الأعمال التي ستقوم بها الهيئة في هذه الفترة، ستقتص على إنجاز الأعمال الختامية، مثل استكمال إعداد التقرير النهائي ونشره، وإنهاء إعداد الأرشيفات التي تكونت لدى الهيئة، وتوجيهها إلى مؤسسة الأرشيف الوطني، فضلاً عن التحضير لتسليم مهامها إلى المؤسسات التي ستواصل الاهتمام بأعمال العدالة الانتقالية.
بدوره، قال كمال بن مسعود، أستاذ القانون الإداري، إن هيئة الحقيقة والكرامة مطالبة بتسليم كل الوثائق التي حصلت عليها خلال الأربع سنوات الأخيرة إلى مؤسسة الأرشيف التونسي، وتقديم تقرير شامل يتضمن كل الانتهاكات لحقوق الإنسان، وتحديد المسؤوليات، علاوة على صياغة التوصيات المناسبة.
في غضون ذلك، انطلقت أمس في مدينة المظيلة بولاية (محافظة) قفصة (جنوب غرب) الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات البلدية، بعد تأجيلها في السادس من مايو الحالي إلى 27 منه، وذلك بسبب وجود أخطاء في القائمات الانتخابية دفعت مجهولين إلى تكسير وتحطيم عدد من صناديق الاقتراع داخل مكتبين في مركز الاقتراع، وهو ما جعل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تقر باستحالة إجراء الانتخابات في هذه الدائرة البلدية، في انتظار الإعلان عن موعد جديد للانتخاب.
وعلى صعيد غير متصل، قرر البرلمان حرمان النائب فيصل التبيني عن حزب صوت الفلاحين (حزب معارض)، من أخذ الكلمة في الجلسات البرلمانية العامة لمدة ثلاث جلسات متتالية، وذلك بعد أن قال خلال جلسة أول من أمس في البرلمان إن محمد الناصر، القيادي في حزب النداء، هو «أكبر كارثة موجودة في مجلس النواب». ودخل النائب عن حزب صوت الفلاحين في تلاسن حاد مع رئيس البرلمان على خلفية ما اعتبره تحاملاً على النواب، الذين لا ينتمون لكتل برلمانية، من قبل رئاسة المجلس، كما اتهمه بخدمة أطراف سياسية على حساب أطراف أخرى.
واتخذ البرلمان هذا القرار بعد الاستماع إلى وجهة نظره، حسب ما ينص عليه الفصل 131 من النظام الداخلي للبرلمان. كما أثارت مداخلة التبيني حفيظة أعضاء حزب النداء، الذين احتجوا على ما طال رئيس المجلس من إهانات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.