تواصل الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات النيابية مساعيها الرامية إلى الاتفاق على شكل الحكومة المقبلة وطبيعتها، وفيما يميل بعض القوى إلى تشكيل «حكومة أغلبية وطنية» بعيدة عن المحاصصة الطائفية والقومية، تطالب جهات أخرى بإعطاء كل كتلة فائزة حصتها من الحكومة المقبلة بما يتناسب مع حجمها الانتخابي، ما يعود بالبلاد إلى نموذج الحكومات السابقة التي أخفقت في كثير من الملفات.
وفي وقت يرى مراقبون أن الدخان الأبيض للحكومة العتيدة أمامه الكثير من الوقت ليراه العراقيون خارجاً من «المنطقة الخضراء» الرئاسية، يرصد آخرون رغبة غالبية الأطراف السياسية في الحصول مواقع متقدمة في الحكومة المقبلة، والابتعاد بأقصى طاقة عن «خانة المعارضة» السياسية والزهد فيها.
ويرى نائب الأمين العام لحزب «الوفاق» هاشم الحبوبي أن «الجميع يتكلم اليوم عن المعارضة، وكأنها من حصة الطرف الآخر»، لكنه يستثني من ذلك زعيم حزبه إياد علاوي ورئيس «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، إذ إن «الرجلين تحدثا قبل إجراء الانتخابات عن إمكانية ذهابهما إلى المعارضة التي سماها علاوي بالمعارضة الإيجابية السلمية».
وقال الحبوبي لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك من سيُدفع للذهاب إلى خانة المعارضة دفعاً في هذه الدورة، فالمشهد السياسي بات لا يحتمل الجميع في ظل الشعارات المرفوعة، وفي ظل الحديث عن حكومة تضم جميع المكونات وليس جميع الكتل بالضرورة».
وأشار إلى «حجة» تتذرع بها غالبية الكتل السياسية وتمنعها من الوقوف في الجانب المعارض للحكومة، مفادها أنها تخاف «خوفاً شديداً من المعارضة لأنها لن تمكنها من خدمة جمهورها التي يوفرها المنصب الإداري». لكنه اعتبر أن «تلك مجرد ذريعة تغطي على الرغبة في الحصول على مغانم شخصية وحزبية».
ولفت إلى أن غالبية الكتل السياسية تتجاهل كون المعارضة هي «السلطة الأكبر والمسؤولة عن تقويم أداء الحكومة وأنها الأقرب إلى ضمير الناس، وكذلك هي الترفع عن السعي وراء السلطة من خلال البقاء قريباً من هموم الناس».
ويقدم القيادي في تحالف «سائرون» جاسم الحلفي تفسيراً آخر للعزوف عن المعارضة مضمونه أن «الزاهدين فيها لا ينطلقون من برنامج سياسي واضح ويكافحون من أجل نجاحه، إنما ينطلقون من أجل السلطة التي هي عبارة عن مغانم وامتيازات وصفقات مالية».
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «شخصيات كثيرة تدخل في صناعة كتل وتحالفات من أجل السلطة فقط... المعارضة بالنسبة إليهم مسألة غير مغرية ولا تقدم لهم شيئا ويعتبرونها استثماراً فاشلاً».
وعن إمكانية اتخاذ تحالف «سائرون» قراراً بالذهاب إلى المعارضة، يقول الحلفي: «نسعى إلى تشكيل حكومة وطنية تستند إلى الكفاءة والتكنوقراط هدفها إنقاذ البلاد من المأزق الطائفي والإثني، وإن لم يتفقوا معنا على ذلك فسنكون أول معارضة رسمية في البرلمان المقبل».
أما رئيس «المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية» واثق الهاشمي فيستبعد بروز جهة معارضة في الدورة البرلمانية المقبلة. ويرى أن «الخطأ الذي ارتكب في العراق منذ 2003 حتى الآن هو استقتال الجميع على السلطة، رغم معارضتهم لنظام صدام حسين سابقاً». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أتصور أن لا وجود لثقافة المعارضة حتى الآن في العراق، وهو أمر تشتد الحاجة إليه في إطار عملية بناء الدولة ومؤسساتها الرسمية».
وأشار الهاشمي إلى أن «غالبية الشخصيات تعتقد أن إعلان الذهاب إلى المعارضة لن يجلب لها ناخبين، لأن الناس تفكر بالتعيينات والوظائف الحكومية التي يوفرها المنصب التنفيذي». وقال: «ذات مرة سألت إحدى الشخصيات السياسية الكبيرة عن تمسكه بالمواقع الرسمية والابتعاد عن ساحة المعارضة، فأجاب: قضينا العمر كله في المعارضة وذلك يكفي».
ويعتبر المرشح الفائز عن تحالف «بيارق الخير» محمد الخالدي أن المغانم التي يوفرها المنصب التنفيذي هي الدافع الرئيسي لهذه الظاهرة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يزهد الجميع بالمعارضة، لأنهم يفكرون بالمغانم والاستثمارات والتعيينات التي يوفرها المنصب التنفيذي».
وعن الوجهة المقبلة لتحالف «بيارق الخير» المتحالف مع «ائتلاف النصر»، يؤكد الخالدي على «عدم قبول التحالف بأن يكون الجميع في الحكومة، ونحن عازمون على وضع بعض الكتل في خانة المعارضة السياسية». وكشف عن «اتفاقيات مهمة بين ائتلاف النصر وسائرون والوطنية والتحالف الكردستاني لتشكيل حكومة متوازنة وكفؤة».
8:18 دقيقة
غالبية الكتل العراقية «زاهدة» في المعارضة
https://aawsat.com/home/article/1278061/%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%C2%AB%D8%B2%D8%A7%D9%87%D8%AF%D8%A9%C2%BB-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%B6%D8%A9
غالبية الكتل العراقية «زاهدة» في المعارضة
غالبية الكتل العراقية «زاهدة» في المعارضة
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة