«من الصعب ألا أفكر في ذلك»؛ قالها آندي روبرتسون بينما كان يتطلع نحو نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا بعد أن ظل ظهير ليفربول الأيسر يسرد على امتداد 45 دقيقة قصته المثيرة وكيف انتقل من لاعب منبوذ من جانب سيلتيك وهبط مع هال سيتي منذ عام واحد مضى، إلى الوقوف في مواجهة كريستيانو رونالدو وريـال مدريد في كييف، السبت المقبل. وأضاف: «عندما أستلقي على الفراش، لا يسعني سوى التساؤل: ماذا لو؟».
وسرعان ما ارتسمت ابتسامة عفوية على وجه روبرتسون الذي ناضل بشدة للوصول إلى هذه المرحلة. ومع هذا، يمنح اللاعب الاسكوتلندي البالغ 24 عاماً نفسه فرصة الاستمتاع بالتفكير للحظة في إمكانية تتويج ليفربول بطلاً لأوروبا للمرة السادسة مع وجود روبرتسون في صفوفه واحدا من أبطاله الجدد. وقال اللاعب أثناء وقت الاستراحة داخل معسكر تدريب ليفربول في ماربيلا: «هذا أمر طبيعي. لقد سبق لريـال مدريد اللعب في النهائي 3 مرات خلال السنوات الأربع الماضية. وبعد غد، سيفعل الأمر ذاته».
واستطرد قائلاً: «لكن الرأس الجزء الأسوأ من الجسد لأنه يدفعك نحو التساؤل. وتتمثل المهمة الأولى أمامك في تحويل مثل هذه الأفكار السعيدة إلى واقع. بالطبع، لدينا إيمان بأن استطاعتنا الفوز بالبطولة - إلا أننا نعي في الوقت ذاته حجم صعوبة المهمة التي نواجهها».
كان نجم روبرتسون قد تأكد صعوده باعتباره يجسد واحدة من قصص النجاح البارزة هذا الموسم، أثناء مشاركته أمام مانشستر سيتي في دور الثمانية.
كان ليفربول قد نجح في سحق مانشستر سيتي خلال مباراة الذهاب، مع إبداء روبرتسون قدراً هائلاً من الالتزام والتفاني على امتداد مباراتي الذهاب والإياب. ونجح ليفربول نهاية الأمر في ضمان الفوز بنتيجة إجمالية بلغت 5 – 1، كما قدم أداء مميزاً، على أرضه وخارج أرضه، خلال الدور قبل النهائي أمام روما. وأضاف روبرتسون: «يشعر الجميع بالتوتر أثناء مثل هذه المباريات، لكن النقطة المهمة استغلال توتر أعصابك على النحو الصحيح. البعض يخجل من هذا التوتر، بينما ينجح آخرون في استغلاله على نحو إيجابي للغاية. أمام مانشستر سيتي على ملعب ليفربول، وقف جميع أفراد فريقنا نحن الـ11 ببسالة في مواجهة الضغوط. وفي المباراة الثانية، أظهرنا جانباً لا نبديه دوماً. وبعد أسوأ بداية ممكنة للمباراة (بعد أن اخترق هدف شباك الفريق) قدمنا أداء دفاعياً جيداً ولم نوفر للخصم أي فرصة لتسجيل أهداف أخرى».
بوجه عام، يبدو روبرتسون من الشخصيات اللطيفة لدى عقد مقابلات معها لأنه في خضم التوتر الشديد بخصوص بطولة دوري أبطال أوروبا، ظل محتفظاً برباطة جأشه ومليئاً بالأمثلة الطريفة حول حجم الاختلاف الذي طرأ على حياته عن سنوات قليلة مضت. عام 2013، وأثناء مشاركته هاوياً في صفوف كوينز بارك، عمل جزءا من الوقت لدى اتحاد الكرة الاسكوتلندي في «هامبدين بارك»، حيث كان يتولى تدوين حجوزات عبر الهاتف للمباريات والحفلات الغنائية. كما كان يعمل في أيام المباريات.
وقال: «ذات يوم، توليت توصيل فنسنت كومباني إلى المقعد المخصص له». وأثناء حديثه، فكر كيف أنه كان سيبتهج في تلك اللحظة لو أنه علم حينها أنه في غضون 4 سنوات ونصف، سيصبح هو، وليس اللاعب الدولي البلجيكي وقائد مانشستر سيتي، من يشارك في نهائي دوري أبطال أوروبا. وأضاف: «خاضت اسكوتلندا مباراة أمام بلجيكا وجرى تكليفي بتوصيل فنسنت (الذي كان مصاباً حينها) إلى المقعد المخصص له وإعطائه نسخة من البرنامج. لا أعتقد أنه سيتذكر مثل هذا الموقف».
ورغم فوز محمد صلاح بجائزة أفضل لاعب هذا الموسم، فإن روبرتسون يمثل هو الآخر صفقة مربحة للغاية. بعد أن شارك روبرتسون في صفوف هال سيتي وتعرض النادي للهبوط مرتين أثناء مشاركته، ونجح النادي في الصعود خلال موسمه الأوسط، انتقل روبرتسون إلى ليفربول الصيف الماضي مقابل مبلغ مبدئي بلغ 8 ملايين جنيه إسترليني. ولم تكن استجابة مشجعي ليفربول تجاه انضمامه إلى الفريق مشجعة. وبعد 11 شهراً، أصبح روبرتسون من اللاعبين المفضلين في ليفربول، بجانب صلاح، ويرتبط الاثنان بالفعل بعلاقات مودة خاصة.
عن هذا، قال روبرتسون: «تعاملت أسرة محمد صلاح وأصدقاؤه بلطف مع أسرتي. في الواقع، ننتمي نحن الاثنين إلى خلفيتين مختلفتين أشد الاختلاف، ومع هذا سارت الأمور بين الجانبين على نحو جيد. وقد التقطت أسرتي صورة مع صلاح أثناء دخوله الملعب (بعد فوز صلاح بجائزة الحذاء الذهبي)».
يذكر أن روبرتسون وزوجته راشيل رزقا بروكو «الذي يكمل شهره التاسع يوم النهائي. كانت راشيل أصغر مني بعام في المدرسة، لكن كنا نخرج مع المجموعة ذاتها من الأصدقاء. وبدأ ارتباطنا العاطفي عندما كنت في الـ19. ودائماً ما يروق لها استفزازي على سبيل الدعابة. كانت هناك ذكرى عبر موقع (فيسبوك) منذ 8 أعوام عندما تمنيت لها عيد ميلاد سعيدا بعد منتصف الليل مباشرة. اليوم، تقول لي: (هذا عندما كنت تحاول التقرب إلي بادئ الأمر). وبصفتي رجلا معتدا بنفسه، أنكر ذلك، لكن ربما كانت صائبة».
من ناحية أخرى، شدد روبرتسون على أنه: «لطالما آمنت بقدراتي. كان لزاماً علي العمل بدأب فحسب والتحلي بالصبر. وفي بعض الأحيان بالفعل، لم يبدُ ما تحقق ممكناً. ومع أن المرء يظل بحاجة إلى أن يحالفه بعض الحظ، تظل الحقيقة أن كل فرصة سنحت أمامي سارعت إلى استغلالها».
يذكر أن روبرتسون تعرض للطرد من أكاديمية سيلتيك لكونه شديد الضآلة في سن الـ15. وعن هذا الأمر، قال اللاعب: «عندما تتعرض للطرد من سيلتيك، النادي الذي تشجعه، وتنتقل إلى كوينز بارك، يظن الناس أن هذا بمثابة كارثة. لا أتذكر أني بكيت حينها، لكنني كنت مستاءً للغاية باعتباري كنت لاعباً صغيراً يرى حلمه يختطف من بين يديه. في الوقت ذاته، كان هناك أناس جيدون حولي، واتضح لاحقاً أن هذا ربما أفضل شيء حدث لي».
بعد 3 سنوات، كان روبرتسون يلعب في صفوف كوينز بارك في أدنى أدوار كرة القدم الاسكوتلندية للمحترفين. وقال عن هذا: «في كوينز بارك، تحصل على نفقات انتقالك فحسب. لذا، عثرت على فرصة عمل في (إم آند إس) في غلاسجو». من ناحيتها، نشرت إحدى الصحف منذ وقت قريب تغريدة أطلقها روبرتسون قبيل ذلك الوقت في أغسطس (آب) 2012، قال فيها: «الحياة في مثل هذا العمر دون مال عصيبة للغاية. أنا بحاجة لعمل». ولدى تذكيره بهذه التغريدة، بدا الحرج على وجه روبرتسون، لكنه أوضح أنه: «هذه الحال تنطبق على كثير من الشباب».
كان روبرتسون قد شارك للمرة الأولى في صفوف كوينز بارك في مواجهة بيرويك رينجرز في إطار بطولة كأس اسكوتلندا في يوليو (تموز) 2012، وذلك أمام جمع لم يتجاوز 372 شخصاً. وقال: «كان رينجرز في مجموعتنا في ذلك الوقت، لذا لعبنا أيضاً على أرض ملعب إيبروكس بكامل جماهيره، 50 ألفاً، وكانت تجربة رائعة. وقد تعرضنا للهزيمة بنتيجة 2 - 0، لكن ظلت المنافسة محتدمة بين الجانبين حتى الدقيقة 87 - وقد أهدرت فرصة رائعة دائماً ما يذكرني بها زملائي القدامى. حصلت على أول عقد احتراف في حياتي مع دندي يونايتد (عام 2013). وكان المدرب جاكي مكنمارا الذي كان ظهيرا رائعا (في سيلتيك) وقدم لي عوناً كبيراً».
في يوليو 2014، انتقل روبرتسون إلى هال سيتي مقابل 2.85 مليون جنيه إسترليني. وقال في هذا الصدد: «شاركت في البداية ثم تعرضت لإصابة في الكاحل. ولم أتمكن من العودة إلى صفوف الفريق وتعرضنا للهبوط. إلا أن الموسم الذي خضناه في دوري الدرجة الأولى كان رائعاً. وقد أولاني ستيف بروس ثقة كبيرة وتعلمت منه الكثير. إلا أن المعلم المخضرم رحل عن النادي وصعدنا إلى الدوري الممتاز بـ12 لاعباً فقط. بعد ذلك، في يناير (كانون الثاني)، خضنا مرحلة تحول عندما انضم إلينا ماركو سيلفا. ورغم ذكائه، فإنه لم يتمكن من إبقائنا في الدوري الممتاز».
في يوليو، انتقل روبرتسون إلى ليفربول وأعرب عن اعتقاده بأن المدرب الألماني يورغن كلوب كان له تأثير كبير عليه. وقال: «عندما تلتقي مدرباً جديداً، تشعر بالتوتر ويزداد التوتر عندما يكون هذا المدرب عالمياً، لكنه احتضنني وشعرت معه بالاسترخاء منذ اليوم الأول. بالنسبة لكلوب، فإنه يحمل بداخله رغبة حقيقية في معرفة اللاعب. وقد جلست معه وحدثني عن ماضيه وأخبرته عن حياتي السابقة. وقد خضنا نحن الاثنين في حياتنا كثيرا من المعارك. وقد راقت له قصتي، الأمر الذي عاونني على التعامل معه».
يذكر أنه خلال مباراته الأولى أمام كريستال بالاس، فاز روبرتسون بلقب أفضل لاعب في المباراة، ما أكسبه ود الجماهير. وعن ذلك قال: «كان الناس يشكون في قدراتي، لكنني قدمت أداء جيداً للغاية، وأعتقد أن الجماهير أحبتني. إلا أن مشكلتي كانت أن الظهير الأيسر الآخر الإسباني ألبرتو مورينو يلعب بصورة جيدة للغاية. ورغم أن هذا الأمر كان محبطاً للغاية، فإنه تعين علي مراقبة ما يحدث والتعلم منه».
وتشير الأرقام إلى أن روبرتسون شارك في 3 مباريات فقط من الـ12 الأولى بالدوري الممتاز، وغالباً ما غاب عن الفريق. وعن ذلك أوضح: «قال المدرب: (لدينا جيمس ميلنر على مقعد البدلاء، وهو لاعب قادر على الاضطلاع بأدوار متنوعة للغاية، وعليك تعلم كيفية اللعب وتحسين أدائك دفاعياً). وقد ساعدني للغاية هذا المستوى الجيد من التواصل. وكان من سوء حظ ألبرتو أنه تعرض للإصابة، وخلال فترة أعياد الميلاد أصبحت أنا الظهير الأيسر الوحيد بالفريق. وقدمت أداء رائعاً أمام بورنموث خارج أرضنا (في منتصف ديسمبر/ كانون الأول)، وانتهت المباراة بالفوز بنتيجة 4 – 0، وكان المدرب سعيداً للغاية بأدائي».
بعد ذلك، سافر ليفربول ليواجه آرسنال وانتهت المباراة بالتعادل 3 - 3 بعدما نجح الفريق الزائر في إحراز 3 أهداف خلال 5 دقائق فقط. ورغم إبداء غاري نيفيل تحفظات بخصوص روبرتسون، فإنه بعد 6 أشهر اختار الناقد الرياضي الشهير عبر شاشة قناة «سكاي سبورت» روبرتسون بين عناصر الفريق الأفضل خلال الموسم. وفي تعليقه على هذا الأمر، قال روبرتسون: «إنه معلق رياضي عظيم، واختياره لي في صفوف الفريق الأفضل خلال الموسم يعني أنه غير رأيه بخصوصي».
إضافة إلى ذلك ضمت قائمة الـ11 لاعبا الأفضل في دور الثمانية من النسخة الحالية لدوري أبطال أوروبا البرازيلي أليسون حارس مرمى روما، والبرازيلي رافينيا مدافع بايرن ميونيخ، والكرواتي ديان لوفرين مدافع ليفربول، واليوناني كوستاس مانولاس مدافع روما، وآندي روبرتسون مدافع ليفربول، والألماني توني كروس لاعب وسط ريـال مدريد، ودانيلي دي روسي لاعب وسط روما، والبوسني ميرالم بيانيتش لاعب وسط يوفنتوس، ومحمد صلاح جناح ليفربول، والبوسني إدين ديزيكو مهاجم روما، والبرتغالي كريستيانو رونالدو هداف الريـال.
من ناحية أخرى، يشارك روبرتسون مدربه كلوب في وعيه الاجتماعي، لكنه شعر بعدم ارتياح لتركيز الأضواء على بادرة شخصية منه تجاه مشجع صغير السن. عندما سمع روبرتسون أن مشجعا صغيرا من مشجعي ليفربول لا يتجاوز عمره السابعة تبرع بمصروفه لأحد بنوك الطعام، كتب روبرتسون خطاباً إلى المشجع الصغير وبرفقته قميص له يحمل توقيعه الشخصي. وفي عيد ميلاده الـ21، طلب روبرتسون من أسرته وأصدقائه التبرع لأحد بنوك الطعام المحلية بدلاً من شراء أي هدايا له. واللافت أن روبرتسون طلب مني عدم التركيز على قصة بنك الطعام. في الواقع، يبدو أن العطف والرحمة خصال طبيعية في قلب لاعب ليفربول لا تحتاج لمجهود كي تبدو للعالم من حوله.
آندي روبرتسون: مشكلة ريـال مدريد أن كل لاعبيه رائعون
مدافع ليفربول تحول من لاعب هاوٍ في اسكوتلندا إلى نجم يتطلع لحصد لقب دوري الأبطال
آندي روبرتسون: مشكلة ريـال مدريد أن كل لاعبيه رائعون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة