سودانيون في الغربة يتلمسون عبق بلدهم في رمضان

سودانيون في الغربة يتلمسون عبق بلدهم في رمضان
TT

سودانيون في الغربة يتلمسون عبق بلدهم في رمضان

سودانيون في الغربة يتلمسون عبق بلدهم في رمضان

نقلت شركات الترحيل العالمية الأيام الماضية، للمغتربين السودانيين الذين هاجروا لمختلف بقاع العالم، طروداً عزيزة تحمل عبق ورائحة أيام وتقاليد الصيام في السودان.
يحتفي أولئك السودانيون بتلك الطرود التي تحمل ما يسمونه بـ«موية رمضان» وأساسها مشروب «الحلومر» الذي يعتبر أهم مشروب يتسيد المائدة الرمضانية، ولدقة أسس وتقاليد وطريقة صنع الحلومر فإنه نادرا ما يصنع خارج السودان.
وبالطبع لا تخلو طرود موية رمضان من زهور «الكركديه» المجففة و«عرديب» (تمر هندي) وبعض لفائف «رقاق»، بالإضافة لكور صغيرة من «خميرة العجين»، وأهم شيء ألا تخلو من بهارات لا سيما الشمر (fennel)، فالشمر السوداني له نكهة مميزة، لا تضاهى ويعتبر زينة صحن الفول.

- الحلومر وأسراره
تبدأ التجهيزات لتحضير الحلومر أياما قبل حلول رمضان، وأحيانا تبدأ ما أن يبدأ شهر شعبان، وذلك لكونه عملية تمر بأكثر من مرحلة، بدءا من تزريع الذرة بفرشها فوق جوالات خيش مختارة، ورشها بالماء لبضعة أيام حتى تنبت، ومن ثم سحنها كدقيق ناعم.
يعجن الدقيق بالماء في أوانٍِ ضخمة، ويترك مغطى ليكتسب طعما مميزا، ثم يبهر ببهارات خاصة أهمها الجنزبيل والحبهان والقرفة.
يرق ذاك العجين بسمك معين على شكل طبقات في مهارة وصبر على صاج فوق نار حارة، وما أن تجف تلك الطبقات حتى تحفظ، ومنها ما يوزع وما يسافر ليصل «المغتربين».
منذ أول يوم في رمضان وحتى آخر يوم، ومنذ الصباح الباكر تبل طبقات من الحلومر في كمية مقدرة من الماء، ثم تصفى وتحلى بالسكر، وتقدم كمشروب بارد يطفئ ظمأ الصائم.

- مشروب التمر هندي
من محتويات الطرود التي تصل السودانيات ثمار «العرديب» أو التمر هندي الذي ينقع لا لشربه كعصير مميز وحسب، وإنما يدخل منقوعه لطعمه «الحلو المزز» في كثير من الأطباق كالضلمة العراقية، وصينية السمك الليبية، والمحمرة السورية، بالإضافة للسلطات اللبنانية سواء فتوش وباذنجان وتبولة.
وللعرديب فوائد صحية جمة، إذ يحتوي على الكثير من المعادن والبروتين والفيتامين والأحماض، كما يفتح الشهية وينظف المعدة ويقي من العطش.
ومن مكونات تلك الطرود بالغة الأهمية ثمار القنقليز المسمى إنجليزيا بـ«روباب» ويعرف شجره في السودان بـ«التبلدي»، وهو شجر معمر وضخم يستخدم كحافظات لمياه الأمطار في مناطق غرب السودان، حيث تصب الأمطار بغزارة في فصل الخريف.
والتبلدي شجر شامخ وسامق ومعطاء. وحسب تقارير يتداولها مواطنون ليس من مناطق إنتاجه فحسب ممن ظلوا يعيشون على خيراته منذ قديم الزمان، بالإضافة لتقارير حديثة نسبيا لعلماء باحثين يؤمنون بالعلاج البديل وبأهمية الاستفادة من ثروات السودان الطبيعية، فإن ثمار التبلدي تحتوي على كميات مقدرة من فيتامين A ومن فيتامين C كما تؤكل أوراقه «العفوص» طازجة كسلاطة وهي صغيرة جميلة خضراء اللون كالجرجير، ومعروف عنها علاج أمراض البطن مثل الدوسنتاريا.

- رمضان والعصيدة والكسرة
إن كان الحلومر هو سيد مشروبات موائد رمضان، فالعصيدة والكسرة هما سيدا أطباقها، إذ لا تخلو مائدة من أيهما أو كليهما. وسابقا كان للعصيدة شكل معروف بينما أمست تقدم أخيرا بمختلف الأشكال، وكأنها قوالب حلو أو كيك، فيما لا تزال الكسرة محافظة على هيئتها كطبقات، بينما تستخدم السودانيات في بلاد الغربة مختلف أنواع الدقيق.
وغالبا ما قد تخلو مائدة رمضان السودانية من الحساء أو الشوربة لكنها لن تخلو من طبق عصيدة أو كسرى وملاح.
أما الملاح فهو الأدام أو «الصوص» الذي يرافق العصيدة تماما كما يصحب الكسرة وهي طبقات خفيفة تصنع أساسا من عجين الذرة وتعاس رقيقة، وتحتاج لما يخمرها قليلا لتكسب طعمها المحبب. وهذا هو سر إرسال كور العجين التي تجوب العالم وتستخدم كـ«خميرة» تكسب عجين العصيدة والكسرى طعما مميزا ودونه تأتي فطيرة لا تستساغ.

- وللسحور الرقاق
الرقاق بدوره من لوازم رمضان، وهو عبارة عن طبقات رقيقة من عجين دقيق القمح الذي يعجن بالماء وتضاف إليه مقادير محسوبة من الخميرة «باكنج باودر» ولبن جاف وبدرة كاسترد أو كورن فلور ثم يعاس كطبقات رقيقة.
يؤكل الرقاق وقت السحور مع الحليب المسكر كوجبة خفيفة لا تسبب تخمة.

- موية رمضان أم العريس
بالإضافة لطرود موية رمضان التي تسافر بعيدا خارج السودان هناك موية رمضان أخرى، وتلك حقيقة ذات خصوصية بالغة، إذ لا ترسل بريديا داخل صناديق كرتون وبكميات محدودة بل تصل منقولة بسيارات وهي مزخرفة ومزينة ومصحوبة بزغاريد، كما تستقبل بكرم ضيافة وترحيب، وبالطبع يصورها المرسل والمرسل إليه لتحظى بما تستأهله من نشر.
تلك هي موية رمضان التي تبعث بها أمهات الفتيات اللائي تمت خطوبتهن لأمهات عرسانهم الموعودين قريبا. وتلك عادة سودانية متأصلة، وتعتبر من العادات الجميلة.
تقليديا، كانت موية رمضان أم العريس تقدم كهدية بسيطة تقتصر على حلومر ونوع آخر يسمونه ابري أبيض وهو بدوره رقائق تصنع من دقيق ذرة مبشور مع نشا وبعض البهار الذي يكسبه نكهة دون أن يغير لون الذرة الأبيض.
بالإضافة للحلو مر والابري الأبيض تشمل موية أم العريس رقاقا وبلحا وبهارات مسحونة مثل الشطة والكزبرة والشمر.



«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
TT

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

أسدل مهرجان «القاهرة السينمائي الدولي» الستار على دورته الـ45 في حفل أُقيم، الجمعة، بإعلان جوائز المسابقات المتنوّعة التي تضمّنها. وحصدت دول رومانيا وروسيا والبرازيل «الأهرامات الثلاثة» الذهبية والفضية والبرونزية في المسابقة الدولية.

شهد المهرجان عرض 190 فيلماً من 72 دولة، كما استحدث مسابقات جديدة لأفلام «المسافة صفر»، و«أفضل فيلم أفريقي»، و«أفضل فيلم آسيوي»، إلى جانب مسابقته الدولية والبرامج الموازية.

وكما بدأ دورته بإعلان تضامنه مع لبنان وفلسطين، جاء ختامه مماثلاً، فكانت الفقرة الغنائية الوحيدة خلال الحفل لفرقة «وطن الفنون» القادمة من غزة مع صوت الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وهو يُلقي أبياتاً من قصيدته «على هذه الأرض ما يستحق الحياة».

وأكد رئيس المهرجان الفنان حسين فهمي، أنّ «الفنّ قادر على سرد حكايات لأشخاص يستحقون الحياة»، موجّهاً الشكر إلى وزير الثقافة الذي حضر حفلَي الافتتاح والختام، والوزارات التي أسهمت في إقامته، والرعاة الذين دعّموه. كما وجّه التحية إلى رجل الأعمال نجيب ساويرس، مؤسِّس مهرجان «الجونة» الذي حضر الحفل، لدعمه مهرجان «القاهرة» خلال رئاسة فهمي الأولى له.

المخرجة السعودية جواهر العامري وأسرة فيلمها «انصراف» (إدارة المهرجان)

وأثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعالياته؛ فقالت الناقدة ماجدة خير الله إنّ «عدم حضوره قد يشير إلى وقوع خلافات»، مؤكدةً أنّ «أي عمل جماعي يمكن أن يتعرّض لهذا الأمر». وتابعت لـ«الشرق الأوسط» أنّ «عصام زكريا ناقد كبير ومحترم، وقد أدّى واجبه كاملاً، وهناك دائماً مَن يتطلّعون إلى القفز على نجاح الآخرين، ويعملون على الإيقاع بين أطراف كل عمل ناجح». وعبَّرت الناقدة المصرية عن حزنها لذلك، متمنيةً أن تُسوَّى أي خلافات خصوصاً بعد تقديم المهرجان دورة ناجحة.

وفي مسابقته الدولية، فاز الفيلم الروماني «العام الجديد الذي لم يأتِ أبداً» بجائزة «الهرم الذهبي» لأفضل فيلم للمخرج والمنتج بوجدان موريشانو، كما فاز الفيلم الروسي «طوابع البريد» للمخرجة ناتاليا نزاروفا بجائزة «الهرم الفضي» لأفضل فيلم، وحصل الفيلم البرازيلي «مالو» للمخرج بيدرو فريري على جائزة «الهرم البرونزي» لأفضل عمل أول.

وأيضاً، حاز لي كانغ شنغ على جائزة أفضل ممثل عن دوره في الفيلم الأميركي «قصر الشمس الزرقاء»، والممثل الروسي ماكسيم ستويانوف عن فيلم «طوابع البريد». كما حصلت بطلة الفيلم عينه على شهادة تقدير، في حين تُوّجت يارا دي نوفايس بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم البرازيلي «مالو»، وحصل الفيلم التركي «أيشا» على جائزة أفضل إسهام فنّي.

الفنانة كندة علوش شاركت في لجنة تحكيم أفلام «المسافة صفر» (إدارة المهرجان)

وأنصفت الجوائز كلاً من فلسطين ولبنان، ففاز الفيلم الفلسطيني «حالة عشق» بجائزتَي «أفضل فيلم» ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، ولجنة التحكيم الخاصة. وأعربت مخرجتاه منى خالدي وكارول منصور عن فخرهما بالجائزة التي أهدتاها إلى طواقم الإسعاف في غزة؛ إذ يوثّق الفيلم رحلة الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة داخل القطاع. ورغم اعتزازهما بالفوز، فإنهما أكدتا عدم شعورهما بالسعادة في ظلّ المجازر في فلسطين ولبنان.

وكانت لجنة تحكيم «أفلام من المسافة صفر» التي ضمَّت المنتج غابي خوري، والناقد أحمد شوقي، والفنانة كندة علوش؛ قد منحت جوائز لـ3 أفلام. وأشارت كندة إلى أنّ «هذه الأفلام جاءت طازجة من غزة ومن قلب الحرب، معبِّرة عن معاناة الشعب الفلسطيني». وفازت أفلام «جلد ناعم» لخميس مشهراوي، و«خارج التغطية» لمحمد الشريف، و«يوم دراسي» لأحمد الدنف بجوائز مالية قدّمتها شركة أفلام «مصر العالمية». كما منح «اتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي»، برئاسة الإعلامي عمرو الليثي، جوائز مالية لأفضل 3 أفلام فلسطينية شاركت في المهرجان، فازت بها «أحلام كيلومتر مربع»، و«حالة عشق»، و«أحلام عابرة».

ليلى علوي على السجادة الحمراء في حفل الختام (إدارة المهرجان)

وحصد الفيلم اللبناني «أرزة» جائزتين لأفضل ممثلة لبطلته دياموند بو عبود، وأفضل سيناريو. فأكدت بو عبود تفاؤلها بالفوز في اليوم الذي يوافق عيد «الاستقلال اللبناني»، وأهدت الجائزة إلى أسرة الفيلم وعائلتها.

وفي مسابقة الأفلام القصيرة التي رأست لجنة تحكيمها المخرجة ساندرا نشأت، فاز الفيلم السعودي «انصراف» للمخرجة جواهر العامري بجائزة لجنة التحكيم الخاصة. وقالت جواهر، في كلمتها، إن المهرجان عزيز عليها، مؤكدة أنها في ظلّ فرحتها بالفوز لن تنسى «إخوتنا في فلسطين ولبنان والسودان». أما جائزة أفضل فيلم قصير فذهبت إلى الصيني «ديفيد»، وحاز الفيلم المصري «الأم والدب» على تنويه خاص.

كذلك فاز الفيلم المصري الطويل «دخل الربيع يضحك» من إخراج نهى عادل بـ4 جوائز؛ هي: «فيبرسي» لأفضل فيلم، وأفضل إسهام فنّي بالمسابقة الدولية، وأفضل مخرجة، وجائزة خاصة لبطلته رحاب عنان التي تخوض تجربتها الأولى ممثلةً بالفيلم. وذكرت مخرجته خلال تسلّمها الجوائز أنها الآن فقط تستطيع القول إنها مخرجة.

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

كما فاز الفيلم المصري «أبو زعبل 89» للمخرج بسام مرتضى بجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة، بالإضافة إلى تنويه خاص ضمن مسابقة «أسبوع النقاد». ووجَّه المخرج شكره إلى الفنان سيد رجب الذي شارك في الفيلم، قائلاً إنّ الجائزة الحقيقية هي في الالتفاف الكبير حول العمل. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «النجاح الذي قُوبل به الفيلم في جميع عروضه بالمهرجان أذهلني»، وعَدّه تعويضاً عن فترة عمله الطويلة على الفيلم التي استغرقت 4 سنوات، مشيراً إلى قُرب عرضه تجارياً في الصالات. وحاز الممثل المغربي محمد خوي جائزة أفضل ممثل ضمن «آفاق السينما العربية» عن دوره في فيلم «المرجا الزرقا».

بدوره، يرى الناقد السعودي خالد ربيع أنّ الدورة 45 من «القاهرة السينمائي» تعكس السينما في أرقى عطائها، بفضل الجهود المكثَّفة لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا، وحضور الفنان حسين فهمي، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الدورة حظيت بأفلام ستخلّد عناوينها، على غرار فيلم (هنا) لتوم هانكس، والفيلم الإيراني (كعكتي المفضلة)، و(أبو زعبل 89) الذي حقّق معادلة الوثائقي الجماهيري، وغيرها... وكذلك الندوات المتميّزة، والماستر كلاس الثريّة».