كتاب مصريون: أدب الطفل يعاني من العشوائية

أدب الطفل... هل يحسن الكبار صناعة الصغار؟

كتاب مصريون: أدب الطفل يعاني من العشوائية
TT

كتاب مصريون: أدب الطفل يعاني من العشوائية

كتاب مصريون: أدب الطفل يعاني من العشوائية

حسب الكتاب والنقاد والمهتمين، الذين استفتيناهم هنا، من الصعب القول إن هناك «أدب أطفال»، كنوع أدبي بالمعنى الكامل للكلمة، في البلدان العربية لأسباب كثيرة، منها عوامل موضوعية متعلقة بدرجة التطور الاجتماعي والثقافي للمجتمعات العربية، ومنها الذاتية، ومنها وربما على رأسها، «النظرة الدونية» لكتاب هذا النوع من الأدب، مع أنه قد يكون الأصعب، وغياب المحفزات المعنوية والمادية، وكذلك ندرة الدور المتخصصة بنشر أدب الطفل، وما يتطلبه من مواصفات فنية خاصة، بالإضافة إلى قلة الكتاب القادرين، المتسلحين بالمعرفة التربوية والسيكولوجية والفنية واللغوية، اللازمة للوصول إلى عالم الطفل، ومخاطبة مداركه، بعيداً عن الأسلوب التعليمي الجاف، الذي تتغلب أضراره على منافعه. وبالطبع هناك أسباب أخرى تتعلق عموما بالكتاب، أي كتاب، ونشره وتسويقه. هنا آراء عدد من المهتمين بأدب الطفل وكتابه في عدد من البلدان العربية:

من مصر، يقول جار النبي الحلو: «إن كاتب أدب الطفل تطوقه حزمة من الإشكاليات تتمثل أولاً في معاملته على أنه كاتب من الدرجة الثانية، وذلك للاستهانة بموضوع أدب الطفل نفسه، وكذا بحثه الدائم عن دار نشر تتبنى أعماله وتنشرها، وإن وجدها غالباً ما يستغله الناشر ويبتزه، وفيما يخص المبتدئين من الكُتَّاب فالموضوع صعب جداً بالنسبة لهم، ذلك لأن كاتب الطفل يتميز بموهبة خاصة جداً تجعله يستطيع أن يلعب مع الطفل لعبة الحواديت والحكي.
إن الكتابة للطفل أمر شاق ما يعكس ندرة في عدد الكتاب في هذا المجال، ويتضح ذلك الأمر في مجلات الطفل في العالم العربي، حيث إنها تقدم الكثير من الكتابة المتواضعة للطفل، لأن المشكلة أساسها أن بعض الكتاب يتعاملون مع الموضوع أيضاً على أنه من الدرجة الثانية فيكتبون باستسهال لأنهم ينتظرون المقابل المادي أولاً.
وحول مشكلات المجلات المتخصصة في هذا الأدب، يقول الحلو: «بالطبع توجد مجلات متخصصة للطفل، لكنها لا تغطي كل السوق العربية، ولا تصل أحياناً للطفل، خصوصاً أن تأثير المجلات في اعتقادي ضعيف جداً من ناحية الشكل والمضمون، علينا بذل الكثير من الجهد حتى ننقذ هؤلاء الأطفال المشردين على القنوات الفضائية، التي بها من الإسفاف والتخلف الكثير. في حال ارتفاع عدد المطبوعات سيكون في إمكاننا إنقاذ عدد من العقول التي يجب أن نحافظ عليها. فكاتب الأطفال هو من يبني مستقبل هذه الأمم، وهذه الأوطان، ولا يمكن أن ننسي أن الكتابة للطفل تتكون من: الكاتب، والرسام، والورق، والألوان، فإنها عملية كاملة الإبداع، لأن عقل الطفل يستحق بذل كل شيء». وحول واقع هذا الأدب حالياً، يقول: «يوجد الكثير من الكتابة غير الصالحة للطفل، والكثير من الثرثرة والادعاء، والقليل من أدب الطفل هو المتيقظ لهذه المسؤولية الضخمة تجاه المستقبل. أدب الطفل يعاني من عشوائية في الكتابة والرسم، ولا أعتقد أن التخصص هو الحل، لأن كاتب الرواية والقصة يستطيع أن يكتب للطفل، الفارق بين كاتب وبين آخر هو الموهبة، والأداء، وإجادة اللعب مع الطفل، وأن يكون على مستوى ذكاء عال، لأن الأطفال أذكياء بطبيعة الحال، ولا يجب التعامل معهم على أنهم من الأغبياء، خصوصاً أن كاتب الطفل هو من يرى بعين طفل، ويكون قادراً على السباحة في خياله، هو المثقف الذي يدرك أن الكتابة للطفل في واقع الأمر نضال من أجل المستقبل».

غياب النظرة النقدية

ومن جانبه، يقول الكاتب محمد المطارقي: «إن أدب الطفل يفتقد إلى مواكبة نقدية تبرز النصوص الجيدة، وتسلط الضوء على صاحبها، بالقدر الذي يليق، وتعلن أن ثمة أدب طفل جيداً يستحق الاهتمام، في المقابل تطفو تلك النصوص الرديئة، التي تبدو كالحشائش الضارة بين الزروع الناضجة. وللأسف، الواقع النقدي المتعلق بأدب الطفل يكاد يكون معدوماً، إلا من بعض النقاد الذين يؤمنون بأهمية الأدب كعنصر هام ورئيسي في تنشئة الطفل، وهم قلة بالقياس إلى ما يتم إنتاجه من إصدارات.
ويعتقد المطارقي أننا لم نصل بعد إلى الحد الذي يمكننا من القول بوجود كتاب أطفال متخصصين، مشيراً إلى أن «أغلب كتاب الطفل يمارسون ألواناً أخرى من الفنون، والكتابة للطفل تمثل لهم مرحلة تالية، حتى ولو كان هناك من الكتاب من يجعل الكتابة للطفل همه الأول، فإنه لن يكون الوحيد لكن هذا لا يمنع وجود أقلام تجتهد وتحاول أن تطور من أدواتها، لتبلغ المهارة التي تمكنها من صنع عالم قريب من عوالم الأطفال».
ويلفت المطارقي إلى ضرورة أن يكون كاتب الطفل محباً للعالم الطفولي، مؤمناً بقضاياه، مدافعاً عنها، شغوفاً بقراءة كل ما يهم الطفل ويمتلك قلباً رهيفاً، أقرب إلى قلوب الأطفال، ويحاول أن ينظر إلى العالم بعين طفل ويحترم عقليته، ويسعى لتقديم القيم النبيلة والمعلومات النافعة بصورة شائقة وممتعة.
ويرى عبد الرحمن بكر، أحد كتاب أدب الطفل، أن كاتب الطفل غالباً ما تهمشه الدولة، وأيضاً وزارة الثقافة. يقول: «لم أسمع مثلاً أن هيئة الكتاب أصدرت الأعمال الكاملة لأحد كتاب أدباء الطفل، أسوة بما تفعله مع الشعراء والروائيين، رغم أن لدينا رموزاً في هذا الأدب الرفيع، لا يمكن أن نغفلها، حتى وإن كانوا لا يجدون مكاناً لضيق ساحات النشر.
ويذكر بكر أن كاتب الأطفال يتعامل مع قارئ لن يهتم باسمه، ولا يبحث عن الشهرة الإعلامية، «فالطفل يشتري القصة لأنها قصة ممتعة الشكل والألوان، وليس لأن كاتبها يعرفه كما يفعل الكبار، وكل ما يحركه ويجعله يستمر في هذا العمل هو عشقه للكتابة وللقضية التربوية التي تدفعه». ويقول أحمد العباسي، وهو أحد كتاب الأطفال أيضاً: «الطفل في أول حياته هو صفحة بيضاء يمكن كتابة المستقبل عليها. ولذلك تهتم الدولة في الغرب، وكذلك القطاع الخاص، بأدب الطفل وهو لا يزال جنيناً. أما في مصر فالكاتب يخجل أن يوصف بكونه كاتب أطفال، لأنه يشعر أن كاتب الأطفال أقل شأناً من أي كاتب آخر. للأسف، كثير من الكتاب يتعالون على كتاب الطفل والبعض الآخر يتعامل معهم باستهانة، في حين أن كاتب أدب الطفل عليه أن يمتلك ثقافة واسعة ببعض العلوم، خصوصاً علم النفس، حتى يتمكن من اختيار الموضوعات التي تتلاءم مع سن الطفل الذي يخاطبه.
وعن المعايير التي يتم على أساسها اختيار كتاب أطفال للنشر، يري الشاعر عبده الزراع، أحد كتاب أدب الطفل، ورئيس التحرير الأسبق لمجلة «قطر الندى»، أن «في مقدمة هذه المعايير أن يمتلك الكاتب موهبة الكتابة للأطفال أولاً، لأنها صعبة وتحتاج موهبة خاصة واستثنائية، وأن تكون كتابته للطفل لا عن الطفل، لأن ثمة خلطاً كبيراً بينهما، وأن تكون هذه الكتابة بأسلوب سهل وبسيط يتناسب والقاموس اللغوي للمرحلة العمرية التي يكتب لها، وأن تكون محركة لعقل ومخيلة الطفل، وأن تدور في فلكه وعالمه».



موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

TT

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)
رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك، يوم الأربعاء، حيث جاء العرض الأعلى من رجل أعمال بارز في مجال العملات الرقمية المشفرة.

تحول التكوين الذي يطلق عليه «الكوميدي»، من صناعة الفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان، إلى ظاهرة عندما ظهر لأول مرة في عام 2019 في معرض أرت بازل في ميامي بيتش، حيث حاول زوار المهرجان أن يفهموا ما إذا كانت الموزة الملصقة بجدار أبيض بشريط لاصق فضي هي مزحة أو تعليق مثير على المعايير المشكوك فيها بين جامعي الفنون. قبل أن ينتزع فنان آخر الموزة عن الجدار ويأكلها.

جذبت القطعة الانتباه بشكل كبير، وفقاً لموقع إذاعة «إن بي آر»، لدرجة أنه تم سحبها من العرض. لكن ثلاث نسخ منها بيعت بأسعار تتراوح بين 120 ألف و150 ألف دولار، وفقاً للمعرض الذي كان يتولى المبيعات في ذلك الوقت.

بعد خمس سنوات، دفع جاستن صن، مؤسس منصة العملات الرقمية «ترون»، الآن نحو 40 ضعف ذلك السعر في مزاد «سوذبي». أو بشكل أكثر دقة، اشترى سون شهادة تمنحه السلطة للصق موزة بشريط لاصق على الجدار وتسميتها «الكوميدي».

امرأة تنظر لموزة مثبتة للحائط بشريط لاصق للفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان في دار مزادات سوذبي في نيويورك (أ.ف.ب)

جذب العمل انتباه رواد مزاد «سوذبي»، حيث كان الحضور في الغرفة المزدحمة يرفعون هواتفهم لالتقاط الصور بينما كان هناك موظفان يرتديان قفازات بيضاء يقفان على جانبي الموزة.

بدأت المزايدة من 800 ألف دولار وخلال دقائق قفزت إلى 2 مليون دولار، ثم 3 ملايين، ثم 4 ملايين، وأعلى، بينما كان مدير جلسة المزايدة أوليفر باركر يمزح قائلاً: «لا تدعوها تفلت من بين أيديكم».

وتابع: «لا تفوت هذه الفرصة. هذه كلمات لم أظن يوماً أنني سأقولها: خمسة ملايين دولار لموزة».

تم الإعلان عن السعر النهائي الذي وصل إلى 5.2 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو مليون دولار هي رسوم دار المزاد، وقد دفعها المشتري.

قال صن، في بيان، إن العمل «يمثل ظاهرة ثقافية تربط عوالم الفن والميمز (الصور الساخرة) ومجتمع العملات المشفرة»، ولكنه أضاف أن النسخة الأحدث من «الكوميدي» لن تدوم طويلاً.

وأضح: «في الأيام القادمة، سآكل الموزة كجزء من هذه التجربة الفنية الفريدة، تقديراً لمكانتها في تاريخ الفن والثقافة الشعبية».

ووصفت دار مزادات سوذبي كاتيلان بأنه «واحد من أكثر المحرضين اللامعين في الفن المعاصر».

وأضافت دار المزادات في وصفها لتكوين «الكوميدي»: «لقد هز باستمرار الوضع الراهن في عالم الفن بطرق ذات معنى وساخرة وغالباً ما تكون جدلية».